طلبة كليات الطب المغربية يصعدون احتجاجاتهم ويعلنون تنظيم مسيرة
بعد أن رفضت الحكومة الاستجابة إلى بعض مطالبهم وهددتهم بالترسيب أو الطرد
صعد طلبة كليات الطب في الجامعات المغربية الحكوميــة احتجاجتهم ضد الحكومــة وأعلنوا خوض مســيرة احتجاجية وطنية في العاصمة الرباط بعدما رفضت الحكومة الاستجابة لبعض مطالبهــم وهددتهم بالترســيب أو الطــرد بعد مقاطعتهم الامتحانات، في ظل تضامن واســع مع الطلبة من منظمات حقوقية وسياســية وأهلية، خاصة بعد أن أصبغت الحكومة طابعاً سياســياً علــى مطالب الطلبــة واتهمــت جماعــة العدل والإحســان ذات المرجعية الإســامية بالوقوف وراء الاحتجاجات.
وأعلنــت التنســيقية الوطنيــة لطلبة الطب بالمغرب، إلى جانب قرار المســيرة الاحتجاجية، أن طلبة الســنة السابعة ســيقاطعون التداريب الاستشفائية بالمستشــفيات الجهوية والإقليمية والامتحانــات الســريرية، ابتــداءً مــن اليوم الإثنين، إضافــة إلى مقاطعة امتحانــات الدورة الاستدراكية.
وطالبت الحكومة بـ»احترام المواثيق الوطنية والدولية المتعلقة بحقــوق التظاهر والتعبير بما في ذلك الدستور، والســعي للعمل معاً مع شباب الوطــن وأطره من أجــل الرقي بواقــع التكوين والتعليم بدل نهج سياسة القمع والترهيب».
واعتبر طلبة الطب والصيدلة وطب الأســنان، في بيان أرســل لـ«القدس العربــي»، أن «تهديد الحكومة لـ18 ألف طالب بالترســيب أو الطرد هو إقرار ضمني بتوجه الدولة نحو الســنة البيضاء بدل العمل على إيجاد حلول جادة ومعقولة ترمي إلى تحصين الجامعة العمومية أمام تغول القطاع الخاص».
ويخــوض طلبــة الطب فــي مختلــف كليات الغربإضرابــاً منــذ ثلاثة أشــهر، واســتجابت الحكومة لبعض مطالبهم، فيما تركت بعض النقط المتعلقة بالإقامة والداخلية والســنة السادســة من الدراســة دون اســتجابة، وهو ما دفعهم إلى مقاطعة الامتحانات الربيعية بنسبة 100 في المئة.
ودعا الطلبة المســؤولين إلى «فتح باب الحوار والتســريع بإيجاد حلول عاجلة للأزمة الحالية، آخذيــن بعين الاعتبــار المصلحة العليــا للوطن وأبنائه ونخبه».
ورداً على اتهام الحكومة لهم بتحريكهم من قبل جماعة العدل والإحســان، أكد الطلبة في بيانهم أن «تنســيقيتهم هيئة مستقلة تســتمد قراراتها مباشــرة من الجموع العامة الطلابية عبر آليات ديمقراطية وبعد نقاش جاد ومســتفيض»، وأن «تعنت الحكومة مع المطالب المشروعة والعادلة لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون حلاً لأزمة كليات الطب والصيدلة؛ ولن يزيد إلا من درجة الاحتقان والسخط داخل قطاع حيوي يميل إلى الانفجار».
ومن المقرر أن تعقد التنسيقية ندوةً صحافيةً، اليــوم الإثنين في الربــاط، للإعــان عن موعد المسيرة الاحتجاجية الوطنية، إضافة إلى تنظيم أشــكال احتجاجية بالتــوازي مع مــا تبقى من امتحانات السداسية الثانية.
وأكد آباء وأولياء طلبة الطــب أنهم «تفاجأوا وبأســى عميق من موقف الحكومــة الصادر في بلاغها ليوم 13 حزيران/ يونيو الجاري، والقاضي بالإمعــان في إدخال الملف إلــى أنفاق مظلمة غير محســوبة العواقب»، وقال الآباء في بلاغ أرسل لـ»القدس العربي» إنه «عوض أن تبادر الحكومة إلى إيجاد حلول منصفة وعادلة، اختارت العودة وبشكل رديء إلى أســاليب قمعية تذكرنا بالعهد البائد، مســخرة في ذلك أدواتهــا التي لجأت إلى ترويع العائــات وترهيب الطلبــة وقطع أرزاق كل المتضامنين الشــرفاء وخلــط الأوراق بطرق احتيالية تروم إلصاق تهم واهيــة للطلبة بربط حركتهم بأجندات سياســية». واتهموا الحكومة بـ»التورط في الدفاع الأعمى عن مصالح جماعات الضغط الخصوصية على حساب القطاع العمومي ومصلحة المواطن البسيط».
وشــدد الآباء على أن مطالب أبنائهم «عادلة ومشــروعة وتحمي وتحصن الجانــب العلمي والبيداغوجي في تكوينهــم وترمي في أبعادها العامة إلى حماية المرفــق العمومي من الهجوم الشــرس الذي يســتهدفه والذي ستكتوي منه فئــات عريضة من الشــعب المغربــي»، وأدانوا «كل أســاليب الترهيب والترويع والإشــاعات المغرضة وتسخير أدوات وزارة الداخلية، بهدف النيل من عزيمة أبنائنا وكسر وحدتهم وتسفيه مطالبهم المشــروعة»، وناشــدوا كل «المتدخلين في هــذه القضية للعمل على إيجاد مخرج عاجل يضمــن الحقــوق والمطالــب العادلــة لأبنائنا ويجنب الوطن نتائج كارثية تعصف بجامعاتنا العمومية وكفاءات المســتقبل، على أن يشــارك في صياغته ممثلو الطلبة في إطار تنســيقيتهم الوطنية». ورفض اَباء وأمهات الطلبة وبشــكل قاطــع الإجــراءات التهديديــة والعقابية التي أعلنتها الحكومة وباشــرتها وزارة الداخلية في حملة مسعورة بمحاولة طرد أبنائنا من الأحياء
من تظاهرات طلبة كلية الطب الجامعيــة ورفــض تســجيلهم بها للســنوات القادمة وتهديد الأســر والطلبة من طرف أعوان السلطة».
واتهمت السلطات جماعة العدل والإحــسان )شبه محظورة( أقوى الجماعات ذات المرجعية الإسلامية بالمغرب، أنها تقف وراء احتـجاجات الطلبة وقــررت توقيف أســاتذة قالـــت إنهم ينتمون للجماعــة ويتولون تأطير الطــــلبة. وأصــدرت وزارة التربيــة الوطنيــة والتعليم العالي والبحث الــعلمي، يوم الثلاثاء الماضي، قراراً بتوقيف الأساتذة: ســعيد أمال/ مراكش، وإســماعيل رموز/ أكادير، وأحمــد بالحوس/ الدار البيضاء، عن العمل وتوقيف أجرتهم، نظراً لـ »الإخلال بالتزاماتهم المهنية .»
وأعلــن أســاتذة الطــب في الـــــجامعات المغربية تضامنهم مع الأساتذة الثلاثة الموقوفين، ونظمــت في الــدار البيضاء وقفــة احتجاجية بمشــاركة أســاتذة كلية الطب والصيدلة وطب الأســنان بدعوة من النقابة الوطنيــة للتعليم العالــي، وبمشــاركة هيئات سياســية، وطلبة الطب، وأولياء أمورهم.
وعبر المشــاركون في الوقفة عــن تضامنهم المطلق مع الأســاتذة الموقوفين، ونــددوا بقرار التوقيــف، كمــا رفعــوا شــعارات تعبــر عن استنكارهم للوضعية التي تعيشها كليات الطب، وحملوا المســؤولية لوزارة التربيــة الوطنية والتعليــم العالــي والبحث العلمــي ولوزارة الصحة، لما آل إليه الوضع بكليات الطب.
وقال أحمد بلحوس، أســتاذ الطب الشرعي في كلية الطــب والصيدلة في الدار البيضاء، إن الوقفة الاحتجاجية رســالة تضامن ومساندة للأساتذة الثلاثة المظلومين، و«المغرب فيه ثلاثة أســاتذة للطب الشــرعي فقط، وها أنتم أزلتم الثلث، بينما ذهب آخر إلى كندا.»
وقال صبري عــز الدين، الأســتاذ الجامعي وعضــو مجلس التدبيــر الجامعــي، إنه تلقى قرار التوقيف كالصاعقة، مشــيراً إلى أنه خالف الأعراف الجامعية، وتحدث عن تسلط الحكومة وهيمنتها.
وتعقد نقابات وهيئات حقوقية وسياســية مدنية اجتماعاً موســعاً يوم بعــد غد الأربعاء في الرباط، من أجل اتخــاذ الإجراءات العملية للتصــدي للقــرارات التــي تســتعد الحكومة لاتخاذها اتجــاه طلبــة الطــب المضربين عن الدراسة والمقاطعين للامتحانات.
وكان اجتمــاع أولي عقد أول أمس الســبت، ضــم مجموعــة مــن النقابــات والجمعيــات والفعاليات وبعــض آباء وأوليــاء طلبة كلية الطــب والصيدلة وطب الأســنان؛ للتداول في التطورات الأخيــرة التي يعرفهــا ملف هؤلاء الطلبة والتداعيــات المترتبة عليــه»، وأعلنوا في بلاغ لهم عن «مســاندته اللامشــروطة لكل الموقوفين مــن الأطــر الطبية )ثلاثة أســاتذة فــي كليــات الطب وطبيــب في القطــاع العام ببركان( بشــكل تعســفي عن العمل والمطالبة بالسحب الفوري لقرار التوقيف»، واستنكاره لـ«التضييقات التي يتعــرض لها آباء وأولياء الطلبة المضربين »، مؤكدين «دعمهم لطلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأســنان فــي مطالبهم العادلة والمــــشروعة .»