Al-Quds Al-Arabi

الحكومة مشغولة بالمستثمر الأجنبي على حساب الوطني والعرب سيدفعون الفاتورة الباهظة للحرب بين أمريكا وإيران

اقتحام حصون الفساد وثلاثة مليارات وأربعمئة مليون جنيه قضايا غسيل الأموال العام الماضي فقط

- القاهرة ـ «القدس العربي» من حسنين كروم:

اســتحوذت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيســي للمنتخب المصري لكرة القدم المشارك في بطولة كأس الأمم الإفريقية، التي ستنطلق يوم الجمعة المقبل، من اســتاد الدفاع الجوي، ومطالبته لهم بإسعاد الناس على أخبار الصحف المصرية الصادرة يومي السبت والأحد 15 و16 يونيو/حزيران، ووزير الداخلية يكشف تفاصيل خطة الوزارة لتأمين مباريات كأس الأمم الإفريقية ويتوعد من يحاولون القيام بأعمال شغب أو عمليات إرهابية.. كما خصصت الصحف مساحات واسعة لهذه المناسبة وحظوظ الفرق المشاركة في الفوز.

كما أبرزت الصحف أيضا، نفي المركز الإعلامي لمجلس الوزراء شائعات بيع الحكومة للقطاع العام، أو زيادة الضرائب أو رفع أسعار الوقود. إلا أن الرســام عمرو ســليم في «المصري اليوم» أخبرنا أنه شــاهد رجلا ممسكا بيد طفله الممســك بيده بالونة وفوقهما بالونة كبيرة مكتوب عليها إشاعة رفع سعر الوقود فقال للطفل عنها: لأ طبعا مش زي اللي معاك دي بالونة اختبار.

وأكدت الحكومة أن حقن البنسلين طويل المفعول متوافرة. وأنها حققت الاكتفاء الذاتي من الغاز وستحققه في إنتاج المواد البترولية بعد ثلاث سنوات، بعد إكمال التوسعات التي تجريها وزارة البترول في معامل التكرير. كما اهتمت الصحف بظاهرة الفساد ومكافحته بمناسبة منتدى إفريقيا لمكافحة الفساد، وغلب على المقالات والتعليقات روح التفاؤل بتحقيق قدر معقول من المكافحة تتم منذ مدة. أما اهتمامات الأغلبية فلم يطرأ عليها أي تغيير وهي امتحانات الثانوية العامة والجامعات، وانخفاض أســعار الليمون والطماطم، وبعض أنواع الخضروات. والمقالات كان عدد كبير منها عن الفيلم السينمائي «الممر» عن حرب الاستنزاف ضد إسرائيل، والرغبة العارمة لدى الشــباب والفتيان بالذات لمعرفة ما حدث بعد هزيمة يونيو/حزيران من معارك ضد القوات الإســرائي­لية في شرق قناة السويس، التي مهدت لحرب أكتوبر/تشــرين الأول عام 1973. وإشــادة واســعة بخطط الدولة لمكافحة الفســاد الذي انتشــر كالوباء منذ عهد مبارك. ومطالبة بإصدار قوانين جديدة لاسترداد الأموال والممتلكات المنهوبة. واستمرار الموجة الهائلة للدفاع عن السوريين في مصر، وتحذير من امتدادها للعراقيين والســودان­يين واليمنيين، وتوجيه اللوم للحكومة لعدم اصدارها بيانا يدافع عنهم. وذهب الجميع للدفاع عنهم، والإشــادة بهم، وأواصــر الأخوة معهم وهي ظاهرة جميلة تؤكد على أن روح العروبة لا تزال ســائدة رغم ما حــدث في العالم العربي. وإلى ما عندنا....

السوريون في مصر

ونبدأ بردود الأفعال الصاخبة ضد الذين يهاجمون اللاجئين السوريين في مصر بعــد أن تقدم المحامي ســمير صبري الملقب بمحامي الشــهرة، ببــاغ إلى النيابة ضد الســوريين في مصــر واتهمهم بتهريــب الأموال والعمل لحساب تركيا والإخوان، وشــارك في هذه الحملات كثيرون من اتجاهات سياســية مختلفة، وكشــفت عن عمق علاقة المصريين بسوريا وشــعبها وبالشــعوب العربية ففي «الأهرام» حذّر فــاروق جويدة من تمادي البعــض وامتداد حملاتهم إلــى باقي اللاجئين العــرب في مصر وقال: «منذ حدثت مأســاة الشعب الســوري تدفق مئات الآلاف منهم إلى مصــر، وأقاموا بيننا في هدوء وســكينة، خاصة أننا كنا في يوم شــعبا واحدا، وتداخلت العائلات في زمن الوحــدة، وتزوجت أعداد كبيرة من المصريين من عائلات ســورية، وللإنصاف فقد احتضن المصريون الشعب السوري، وهم ليســوا غرباء عنا في كل شيء. واختار السوريون مدينة 6 أكتوبر، وعاشــوا فيها وقدموا نموذجا فريدا في العمل والإنتاج، خاصة محــات الأطعمة والحلوى، بينما اتجه فريق منهــم إلى الأعمال اليدوية ونجحوا في ذلك نجاحا كبيرا، ومنهم من حقق ســمعة طيبة. الغريب في الأمر أن هناك حملات على الفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي، تدعو لخروج السوريين من مصر، وهي دعوات مشبوهة لأنها تقوم على مشاعر عدوانية غريبة تجاه الســوريين، الذين أحبهم المصريون دائما أن معظم الفنانين السوريين انطلقوا من القاهرة في عصور مختلفة في الفن والغناء والإبداع، بكل ألوانه وعلى المستوى السياسي والعسكري، فقد اختلطت دماء أبناء مصر وســوريا في معارك طويلة مع العدو الإسرائيلي، وكان هناك تنســيق دائم بين البلدين على المستوى السياسي. إن مصر الشعب والدولة لا يمكن أن تتخذ موقفا ضد أبناء سوريا، الذين يعيشون بيننا في بلدهم وإذا كانوا قد حققوا نجاحات فــي العمل داخل مصر فهذا جهدهم، وعلينا أن نقدر دورهم في الاقتصاد المصري، هناك دعوات مشبوهة وربما انتقلت من الســوريين إلى الليبيين أو اليمنيين والعراقيين، وهؤلاء كانوا دائما يشعرون بأنهم يعيشــون في بلدهم والشعب المصري يدرك معنى الإخوة ولن يسمع هذه الأصوات.»

الأزمة السورية

«ما جرى في مصر خلال الأيام القليلة الماضية من تخليق هجمة وتصنيع احتقان ضد السوريين المقيمين في مصر، وغالبيتهم المطلقة ليست مصنفة «لاجئين»، ينبغي، حســب رأي أمينة خيري في «المصري اليوم»، أن يفتح الباب للتفكير في مســتقبل من نزحوا خارج سوريا منذ اندلاع الأحداث. وإذا كانت الدول المعنية والدول المهتمة بســوريا )لأسباب مختلفة لا تمت بصلة لســواد عيون سوريا أو رهافة قلوبها تجاه السوريين( غرقت حتى الثمالــة على مدى الســنوات الماضية في هوامش الأزمــة، فإن الوقت قد حان للالتفات إلى الأزمة نفســها. فبين عقد مؤتمرات أممية لتوفير الدعم المادي اللازم لإعاشــة اللاجئين في المخيمات فــي دول الجوار، والتأرجح بين فتح الأذرع تحت بند الإنســاني­ة وسياســة «الباب المفتوح» للجموع التي دقت أبواب دول غربية، وتنظيم فعاليات لدرء خطر الجموع نفسها، بعدما انتهت فترة الاستغلال السياسي والتكتيكي للمشاهد اللاإنساني­ة بين الرضيع «إيلان»، الملقى على الشــاطئ، والشابة يسرا مارديني بطلة السباحة وغيرهما، لم تتطرق الغالبية لما بعد انتهاء الصراع. السوريون يشــكلون اليوم ثلث عدد اللاجئين والنازحين في العالم، ويكفي مثلا أن ما يزيد على أربعة في المئة من ســكان تركيا باتوا سوريين، وهو ما يعني تغيرات سياسية وديموغرافي­ة ضخمة، لن تظهر آثارها اليوم أو غدا، لكنها ســتبقى معنا لعقود وربما قرون. وتركيا - وإن كانت تســتضيف العدد الأكبر- لكنها ليســت وحدها التي باتت تحوى مكونا ســكانيا ذا صفات ومتطلبات مختلفة. وحين ينزح نحو 13 مليون مواطن ســوري يشكلون نحو ٪60 من تعداد ســوريا قبــل الأحداث الدامية )ســتة ملايين منهم نزحوا داخليا(، فإن هذا يعني الكثير ويستدعي التخطيط. والسؤال هنا لا يدور حول مستقبل اللاجئين أو النازحين السوريين في مصر أو لبنان أو ألمانيا أو تركيا، لكن ما هو مســتقبل أكثر من نصف التعداد السوري الذي نزح أو لجأ أو هاجر أو اســتقر هنا وهناك؟ وما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لسوريا الدولة؟ لا أتحدث هنا عن السياسة، وإن كان الرئيس بشار الأسد باقيــا أو راحلا، أو كانت «المعارضة المعتدلة المســلحة» أو «الميليشــي­ات الإسلامية المتقاتلة» أو «البقايا الداعشية المشتتة» أو «المجموعات المقاتلة المحسوبة على دول هنا وهناك» ستنشط سياسيا، وما إلى ذلك من ملفات وقضايا ستظل تشغل المنظمات الأممية والقوى الدولية والدول الإقليمية. لكن ماذا عن المكون البشرى لسوريا؟ وما مصيره؟ هل تعود النسبة الأكبر مــن النازحين إلى ديارها بعد هدوء الأوضاع؟ أم تعود النســبة الأصغر؟ وكيف يؤثر ذلــك على كيان ومصير الدولة؟ هل يتحول الســوريون إلى قصة شــتات جديدة تضاف إلى الشــتات الفلســطين­ي نغني لها ونبكي عليهــا عقودا إلى أن يظهر شــتات جديد؟ وهل تدشــن المنظمات الأممية جناحا جديدا يعنى باللاجئين السوريين مثل «أونروا»؟ وهل العالم لديه آلية للاستماع إلى النازحين الســوريين أنفسهم وعن خططهم وأحلامهم للعودة أو عدم العودة؟».

خطيئة كبرى

ونبقى فــي «المصري اليوم» ومحمد الســيد صالــح رئيس تحريرها الأســبق الذي روى لنا الحكايــة التالية: «حكت لــي زوجتى وكانت في صحبة والدتها في فرع لأحد البنوك شرق القاهرة الشهر الماضي، أن رجلا مصريّا يبدو من هيئته أنه ميسور الحال، تطاول على شاب سوري، فنال ما يســتحقه. جلس المصري على مقعد داخل البنك كان يشــغله السوري قبل أن يقوم للاستفســا­ر عن أمر ما، وكانت هناك مقاعد أخرى شاغرة لم تجد كلمات التوضيح والشرح من الشاب السوري أي صدى عند المصري، الذي بدأ في الســب والتطاول بحق الشاب، كل ذلك وسط صمت وضيق من الحضور وموظفــي البنك، ولكن عندما وصــل لمعايرته بترك بلده أو الهروب منها وأنهم- السوريين- حِمل ثقيل علينا، بدأ قصفه من الجميع، اعتذر الحضور للســوري الذي لم يبادر بالرد ولو بكلمة واحدة. تدخلت إدارة البنك طلب الحضور من المصري المغادرة من الفرع ردا على أسلوبه الخشــن، وعرفت الدموع طريقها لعيون عديــدة تابعت الواقعة، خاصة من الســيدات. تذكرت هذه الواقعة التي تكررت كثيرا للأسف في الفترة الأخيرة، وأنا أراقب بســعادة حملات القصف المليونية للمحامي ســمير صبري بسبب بلاغه الغريب للنائب العام حول مصدر مليارات السوريين التي يســتثمرون­ها في مصر. خطورة مثل هذا البلاغ أنه يأتي في توقيت حســاس تركز فيه الحكومة على جــذب الاســتثما­رات الأجنبية وتترك محاميا محبا للشــهرة يفعل عكــس ذلك، أمر آخر يتمثــل في أن البعض يحســب نفسه على الدولة الرسمية أو أجهزة معينة فيها يقدمون بلاغات عند الطلب، يستهدفون أسماء ومؤسسات وجهاتٍ بعينها لأهداف محددة عند الضرورة. عانيت شــخصيا من هؤلاء. البلاغ ضد السوريين تم فهمه من البعض وفقا لهذا الســياق، وكان ينبغي أن يصدر أي تعليق رسمي أو شبه رسمي يمنع هذا الخلط الصمت في هذه الحالة خطيئة كبرى.»

دقت ساعة العمل

الدكتور عمرو عبد السميع في «الأهرام وجدها فرصة ليعود بهجماته في أوقات متفاوتة على الطبقة التي ســرقت أراضي وأموال الدولة وقال: «اللــه أكبر توالت الضربات للفســاد فــي الأيام الفائتة، فهــا هي وزارة الداخلية تعلن عن أحد الأرقام المروعة في ســاحة وفضاء اختراق النظام والتهتك القانوني والمالي والإداري في هذا البلد، وهو رقم ثلاثة مليارات وأربعمئة وواحد مليون جنيه في قضايا غسيل الأموال العام الماضي فقط )يونيو/حزيران 2018 إلى الشــهر الماضي من هذا العــام(. يعنى قضايا وزارة الداخلية في هذا المجال فحســب خلال عام واحد دارت في فلك ذلك الرقم المذهل، على الرغم من أن عمليات غســيل الأموال خفت وقلت حدتها هذه الفترة، مقارنة بفترات ســابقة بلغت فيها ذروتها خلال عملية يناير/ كانــون الثاني 2011 وبعدها حــن قام الكثيرون من أثريــاء هذا الوطن بتهريب أطنان من أموالهم إلى الخارج، فيما أداروا ظهورهم للبلد. هؤلاء هم الذين استولوا على أراضى الدولة ضمن المنظومة الجهنمية التي سمح بها النظام في نصف القرن الماضــي )الأراضى + القروض + التوكيلات( التي كانت أساســا لنشــأة طبقة من المتمولين لم تمــر بالطريق الطبيعي لظهور وتكون الرأســمال­ية اليوم أيضا يتساقط لصوص الأراضي وحان وقت استرداد حق الدولة منهم ودقت ساعة العمل».

الأجهزة الرقابية

وفي «الوفد» عبر محمود غلاب عــن تفاؤله بنجاح الدولة في مكافحة الفساد إلى حد بعيد وقال:

«الطريقــة الأولى التي طبقتها الدولة في محاربة الفســاد هي اقتحام حصونه بتوجيهات من الرئيس السيســي للأجهــزة الرقابية المختصة تحت شــعار لا أحد فوق القانون، أو فوق المحاســبة، ولا فرق بين حرامي صغير ولا كبير، ولا بين مســؤول كبير أو موظف صغيــر، يمد يده للمال الحرام، والضرب بيد من حديد على كل من تســول له يده المساس بالمال العام. وأشــارت التقارير الرســمية إلى تحجيم ظاهرة الرشوة وإعادة مليارات الجنيهات إلى خزانة الدولة، وســحب مســاحات شاســعة من الأراضي استولى عليها شخصيات ومواطنون بدون وجه حق، ولم ينتهِ الفساد بشكل نهائي ولكنه تحت الســيطرة، ونقول على الأقل إننا قلمنا أظافره وجعلناه «يكن» ويتخلى عن ظاهرة الفجور التي كان يمارس بها إجرامه .»

ما قصة العشرة آلاف جنيه؟

نشرت صحيفة عربية كبيرة عنوانا بالبنط العريض يقول إن القاهرة سوف تمنح الجنسية المصرية للمستثمر الذي يودع عشرة آلاف دولار في بنك مصــري! والقصة بدأت، كما يرويها لنا ســليمان جودة في «المصري اليوم»، قبل أيــام عندما وافقت لجنة الدفاع والأمــن القومي في البرلمان على مشــروع قانون تقدمت به الحكومة لجذب المزيد من الاســتثما­رات.. وكان منح الجنسية من بين إغراءات كثيرة تضمنها مشروع القانون، على سبيل إغراء المستثمر الأجنبي بالمجيء! والقضية في عمومها تحمل شيئين مهمين، أولهما أن الحكومة منشغلة بالمستثمر الأجنبي، ومنشغلة بالبحث عن كل طريقة يمكن أن تجعل هذا المســتثمر يفضل السوق المصرية، على ســواها من أســواق المنطقة لاســتثمار أمواله.. ولا خــاف مع الحكومة على هذا الهــدف.. ولكن الخلاف هو على الطريقــة التي يمكن أن نحققه بها! ذلك أن الطريقة الأســرع نحو تحقيقه هي البدء بالمســتثم­ر الوطني وحل مشــاكله، إذ يكفي أن يكون لدى مستثمرنا الوطني إحساس مكتمل بالأمان، وبأن القانون العادل هو الفيصل بينه وبين أي طرف آخر، عندها سوف تصل الأصداء إلى المستثمر الأجنبي، وسوف يشعر بها ويسمعها، وعندها أيضا ســوف يأتي بــدون أن يكون في حاجة إلى لجنة يشــكلها رئيس مجلس الــوزراء لجذبه مــن كل مكان! لقد ســبق أن تناولت هذا الموضوع، وهذه اللجنة، وضربت مثلا بالمســتثم­ر أشرف محمود.. الذي بالمناســب­ة لا أعرفه ولم يحــدث أن رأيته في حياتــي.. غير أنني فوجئت برســالة منه بعد نشــر موضوعه، ملخصها أن الصمت التام هو رد الفعل على قضيته في وزارة الاســتثما­ر! الصمت التام رغم أنه لا يطلب شــيئا سوى إنصافه، وسوى أن يستدعيه الذي يعنيه الأمر في الوزارة فيعطيه حقه إذا كان صاحب حــق، أو يبلغه بأنه ليس صاحب حق، وأن يتم ذلك كله بأمانة، وموضوعية، ورغبة حقيقية فــي إنصاف كل مظلوم، هذا كل ما في الأمر.. لا أكثر أبدا ولا أقل. أما الشــق الثاني في مســألة الجنســية التي يجرى التلويح بها أمام المســتثمر الأجنبي، فهو أنني أتمنى أن تهتم الحكومة التي قدمت مشــروع القانون، ومعها لجنــة الأمن القومي، التي وافقت عليه، بشــرحه جيدا أمام الرأي العــام، حتى يتبين للجميع أن في مشــروع القانون بنودا أخرى بخلاف العشرة آلاف دولار، وأن هذا البند مجرد شيء من أشياء، وأن المستثمر الذي سيحصل على جنسيتنا سوف يســتفيد منها كذا وكيت، وأننا لا نبيع الجنسية المصرية في مقابل فلوس وفقط، وإنما في مقابل اســتثمارا­ت محددة نريدها على أرضنا، جنسيتنا ليست رخيصة في سوق الجنسيات.. ويجب أن لا تبدو هكذا.. ويجب أن لا تكون .»

«خراب بيت أم مصرية»

وفي الموضوع نفســه كتب الدكتور الشــافعي محمد بشير في «الوفد» قائلا: «ورد في الصحــف يوم الاثنين الماضي أخبار تشــير إلى أن )دفاع النواب تقر منح الجنســية مقابل الاســتثما­ر( وورد في تفاصيل الخبر ما يوضح أبعاد الموضوع، حيث يقول «وافقت لجنــة الدفاع والأمن القومي في مجلــس النواب على مشــروع قانون بتعديل القانون رقم 26 لســنة 1975 بشــأن الجنســية المصرية، حيث نصت المادة الثانية من المشــروع على ســلطة رئيس مجلس الوزراء على منح الجنسية لكل أجنبي اشتري عقارا مملــوكا للدولة، أو لغيرها من الأشــخاص الاعتباريـ­ـة العامة، أو بإنشاء مشروع استثماري وفقا لأحكام قانون الاستثمار، أو بإيداع مبلغ بالعملة الأجنبية، الذي يصــدر بتنظيمه قرار من رئيس مجلس الوزراء. والجنســية المصرية أغلى كثيرا من شــراء عقار أو إيــداع مبلغ من المال للحكومة المصرية ولا يعرف هذه الغلاوة إلا من كافحوا من أجل الجنسية المصرية، مثلما حدث معنا عندما نشــرنا مقالا في جريدة« الوفد» يوم 16 يوليو/تمــوز 2003 بعنوان «خــراب بيت أم مصريــة» اذ تزوجت ناظرة مدرسة من شاب فلســطيني وأنجبت منه ثلاثة أبناء كانوا محرومين من اكتساب جنسية أمهم المصرية، واعتبرتهم الدولة أجانب، ما سبب مشاكل عديدة للأم المصرية الغلبانة، إذ حصل الأبناء على بكالوريوس الطب من جامعة الإســكندر­ية وحرموا من العمل في المستشفيات المصرية، ما جعل الثلاثة يهاجرون إلى الدولة العربية التي هاجــر إليها الأبناء، واكتملت المأســاة بوفاة الأم المصرية والأب الفلسطيني، وشعرنا بالأسي والحزن عندما مررنا على شــقتهم في حي الإبراهيمي­ة في الإسكندرية ووجدناها خرابــا والعياذ بالله، فنشــرنا مأســاتهم تحت عنوان «خــراب بيت أم مصرية». ثــم تابعنا جهادنا لمنح الأم المصرية الحــق في تجنيس أبنائها بجنســيتها المصرية، ونشرنا في سبيل ذلك مقالا ثانيا في 14 يوليو 2004 بعنوان «حلال عليىالمرأة الإســرائي­لية وحرام علــى الأم المصرية»، حتى استجاب لنا ولغيرنا المشــرع وأصدر القانون رقم 154 لسنة 2004 ينص على أن )يكون مصريا من ولد لأب مصري أو لأم مصرية( وسجل دستورنا عام 2014 هذا الحق في المادة السادسة بقوله )الجنسية حق لمن يولد لأب مصري أو لأم مصرية(، وقد عالج ذلك النص الكثير من الحالات الإنسانية للمصريات اللاتي تزوجن من أجانب، خصوصا من الإخوة العرب، كما لا يدرك غلاوة الجنســية المصرية إلا من حاربوا من أجل مصر واستشهدوا في سبيلها، أي بذلوا الروح في سبيل الوطن، الذي لا يُشتري بثمن عقار، كما قال التعديل الجديد لقانون الجنســية، الــذي نطالب مجلس النواب بعدم اعتماده، كما نطالب سيادة الرئيس برفضه فوطننا مصر وجنسيته أغلى كثيرا جدا من حفنة من الجنيهات.»

لا تخسروا الطليعة الشابة

ياســر عبــد العزيز فــي «المصري اليــوم» يقول: «لعلــك لاحظت أن الجيل الجديد من أبنائنا بات لديه نســق قيم قائــم بذاته، ولغة تخاطب مختلفة، ورموز نجهل معظمها، واهتمامات لا تشــغل الأجيال الأكبر سنا. ورغم أن هذا الجيــل يتوزع على بيئات اجتماعيــة واقتصادية متباينة، وتتفاوت المســتويا­ت التعليمية والثقافية لأبنائه تفاوتا كبيرا، فإن تلك الســمات الجامعة، التي تتصل تحديــدا بالقيم العالمية الســائدة، تبدو عاملا مشــتركا بين قطاعات كبيرة فيه. نحن نتابع ما يجري من تطورات سياسية متســارعة ومهمة في هذه الآونة، ونختلف أو نتفق مع أطرافها ومع الممارسات الصادرة عنها، لكن الأجيال اليافعة والشابة، وخصوصا هؤلاء الذين تلقوا أنواعــا جيدة من التعليم، يظهرون رد فعل مختلفا عن ردود أفعالنا على تلك التطورات. يبدو لي أن الجيل اليافع والأصغر ســنا أكثــر ابتعادا عن تقبل الأخطــاء التي نرتكبهــا أو نتعايش مع وجودها، وأقــل قدرة على فهمها أو إيجــاد ذرائع لها، وأنه ينصــرف إلى حالة من الغضب والذهول والشــعور بالعجز حيالها، وللتحايــل على ذلك، فإنه يلجأ إلى الســخرية منها وتحويلها لمادة للضحك. سيحدث التصادم بين تلك الأجيال الأصغر ســنا بتصوراتها والأنســاق الجامدة التي نريد أن نفرضها عليهم، وعبر هذا التصادم ســيحدث التغيير، الذي ســيؤثر في القيم الســائدة في المجتمع، ويجعلها أكثر اتســاقا مع التقاليد والنزعات العالمية. حدث هــذا الصدام في أوروبا أيضا في أوقــات خلت، واندلعت الثورات والاحتجاجا­ت، وظهرت النتائج: عندما يخفق نظام ما في قراءة التطور الحاصل فــي بيئة القيم والرموز للقطــاع الحيوي من مواطنيه، فإنــه يتخذ خطــوات أو ينتهج سياســات لا تحظى بالتأييــد والتفهم، وبالتالي، فهو يســتفز طاقة المعارضة، ويدخل في صدامات، يصعب جدا أن يربــح نتائجها، بالنظر إلى أنه يدافع عن أمــور تنتمي إلى الماضي ولا تحظــى بتأييد أو وجاهة على الصعيد العالمــي، بينما يدافع خصومه عن مبادئ تحظى بتوافــق واحترام دوليين. من المؤكد أن ذرائع الاحتجاج أو التمرد لدى هذه القطاعات الشــابة تتصل بصورة مباشرة بالصعوبات والتحديات الاقتصادية والتنموية، وكثيرا ما ترى هذه القطاعات الشابة أن ما يجرى راهنا في الحياة السياسية والمجال العام لا يتسق مع الرموز والقيــم والأدبيات العالمية، التي اطلعت عليها أو قرأت عنها أو درســتها. ثمة قرارات يجب أن تتخــذ لصيانة الأمن الوطني، وهي قرارات قد تكون صعبة ومتجاوزة لمواجهة تحديات ضخمــة وخطيرة، لكن تلك القرارات يجب أن تســعى إلى الاتساق مع القانون والدســتور من جانب، والقيم العالميــة المعتبرة من جانب آخــر بقدر الإمكان. عندمــا تعجز الدولة عن ذلك، فإن الأضرار تقع، وســتكون الأضرار الداخلية متناســبة طرديا مع حالة الإدراك والاهتمام بتلك القيــم والرموز العالمية. فإذا كانت قطاعات مؤثرة في الجمهور تعرف عن الديمقراطي­ة وتداول السلطة، وتتابع أنباء استقالة رئيســة وزراء بريطانيا لعجزها عن حل موضوع «بريكسيت»، وتقرأ ما جرى فــي الانتخابات الفرنســية والأمريكيـ­ـة، فإنها لن تكون متفهمة لفكرة الاســتبدا­د أو الديمقراطي­ة الشــكلية. يقرأ هؤلاء الشباب روايات أجنبية، ويشــاهدون أفلاما عالمية، ويصادقــون نظراء أجانب، وينخرطون في تفاعلات مهولة على «السوشــيال ميديا»، ويســافرون إلى الخارج، ويمتلكــون نطاق معلومات لا يحده ســقف، ولذلك يصعب جدا إقناعهم بقبــول أي جور أو افتئات على حق إنســاني أصيل أو مبدأ من مبادئ الحكم الرشيد. هي طليعة شابة حية، متمردة وصعبة المراس، والمســتقب­ل بين يديها، لذلك، ليس من صالح أي نســق نظامي أن يخسر ثقتها واحترامها وولاءها».

استعدادات كأس الأمم

وإلى اســتعدادا­ت الدولة لمباريات كأس الأمم الإفريقية، التي ســتبدأ في الواحد والعشــرين من الشــهر الحالي، حيث انفردت مجلة «الإذاعة والتلفزيون» بنشر تحقيق لســمير العبد عن تفاصيل استعدادات وزارة الداخليــة لتأمين الاحتفال والمباريات وجاء فيــه نقلا عن وزير الداخلية اللواء محمود توفيق وجهات أخرى في الــوزارة: «الخطة الأمنية ترتكز علــى تأهب القــوات للدرجة القصــوى، والتواجد الأمني في الشــوارع والميادين والمنشــآت المهمة والحيوية، مع نشــر قوات التدخل الســريع والدوريــا­ت الأمنية، وعناصر البحــث الجنائي بكل الطــرق والمحاور، وتعزيز قــوات الحمايــة المدنية وخبــراء المفرقعات، ونشــر الخدمات المرورية لتســيير الحركة المرورية وســرعة التعامل مع المواقف الطارئة. موضحــا أن الخطة تضمنت نشــر الأقوال والارتــكا­زات الأمنية، والدفع بقوات التدخل والانتشــا­ر السريع بكل المحاور والمناطق المهمة والحيوية وتجهيزهــا بالعناصر المدربة على التعامل الفوري مع كل المواقف للحفاظ على الأمن والنظام، والتعامل بكل حزم وحسم مع كل من تسول له نفسه تكدير الســلم والأمن. كما تم تكثيف الخدمات المرورية في جميع الشوارع ومختلف الميادين والطرق، وعلى المحاور الرئيسية لتسيير حركة المرور. وذكر أنه في مجال المرور يستعد المجندون من حملة المؤهلات العليا للعمل في إدارات مرور )القاهرة الجيزة الإســكندر­ية( للانتشــار والإسهام في تيســير الحركة المرورية خلال فعاليات بطولة كأس الأمم الإفريقية، عقب تلقيهم الدورات التدريبية التي تمكنهــم من القيام بالمهام المنوطة بهم في تحقيق الانضبــاط المروري، ومعاونــة المواطنــن، وتم دعمهم بالآليات الحديثة، التي تمكنهم من ســرعة الانتقال والعمل على تحقيق الســيولة المروريــة في كل الشــوارع والمياديــ­ن. كما أوضحت المصــادر أن الخطة تشمل أيضا نشــر الإدارة العامة للحماية المدنية، بالاشتراك مع الحماية المدنية في مديريات الأمن، وخبراء المفرقعات مدعومين بأجهزة الكشــف عن المفرقعات، والكلاب البوليســي­ة في محيط مناطــق المباريات، فضلا عن الاســتعان­ة ببوابات كشف المعادن للتعقيم الجيد للملاعب من الداخل ومحيطها الخارجي. كما تشــمل الخطة الربط المباشــر بين غرف عمليات المديريات والغرفــة المركزية في الــوزارة، فضلا عــن منظومة كاميرات مراقبة الشوارع وسيارات النجدة المتطورة، لمواجهة المستجدات ومتابعة الأحداث أولا بــأول، وتحريك القوات حال رصــد أي حالة إخلال بالأمن العام، ووضــع خدمات أمنية نظامية وســرية ثابتــة، وتنظيم دوريات أمنية تتولى تأمين المنتخبات في مقار إقامتها حتى وصولها إلى الاســتاد ورجوعها مرة أخرى، حرصا على ســامتها. مشيرين إلى أن أبرز ملامح الخطة ترتكز على مشاركة 100 ألف شرطى من قطاعات الأمن العام والأمن المركــزي، وإدارات البحــث الجنائي والحماية المدنيــة والنجدة والمرور والمرافــق والتموين، بالإضافة إلــى500 مجموعة قتاليــة و 100 وحدة تدخل ســريع و400 تشــكيل أمني مركزي احتياطي للتدخل في الحالات الطارئة، بالإضافة إلى شن قطاع الأمن الوطني حملات تفتيشية موسعة في محيط إقامة الفرق، لفحص الشقق المفروشة وفحص العناصر المشتبه فيهم. وتتولى عناصر البحث الجنائي توســيع دوائر الفحص والاشتباه الجنائي والسياسي في محيط الملاعب، بخلاف مناطق تجمعات المواطنين لضبط مثيري الشغب».

الصدام العسكري

«هل يريد ترامب الصدام العســكري مع إيران؟ يتســاءل عماد الدين أديب في «الوطــن» قائلا، حاملات الطائرات كانت على بعد 250 كيلومترا من حادث ضرب الناقلتين في خليج عمان، وأجهزة الرادار والاســتطل­اع بالتأكيد قادرة علــى رصد الحادث. وضرب الناقلتــن حدث فيه اقتراب مرتــن، وليس مرة واحدة خلال ســاعتين، وكان من المعــروف أنها على بعد 35 كيلومترا من الميــاه الدولية الإيرانية. الأقمار الصناعية الأمريكية كانــت تصور ليــل نهار بدليــل فيديو القــارب المطاطــي الإيراني الذي قام بنــزع لغم عن إحدى الناقلتــن. مركز المتابعــة الإقليمي في قاعدتي «العيديد» و«الســيلية» فــي قطر والمزود بأحدث وأفضــل أجهزة مراقبة واســتطلاع، لمســاندة العمليات الجوية، الذي يغطي منطقة خليج عمان وبحر العرب والبحر الأحمر كاملة، ترصــد التحركات الإيرانية، بما فيها حركة الصواريخ الباليســت­ية الإيرانية، التي يستخدمها الحوثيون ضد الأراضى السعودية. طائرات الاســتطلا­ع الأمريكية القادرة على تصوير أكبر وأصغر الأهداف الأرضية والبحرية تطير في دوريات على مدار الـ24 ســاعة فوق المنطقة. مراكز الاستطلاع والخدمات والتسهيلات العسكرية في، الســعودية والإمارات والبحرين وعُمان والكويت والعراق، التي تم الإعلان عن تفعيلها رســميا منذ 4 أســابيع، تتابع كل ما يدور في المنطقة. قيادة الأســطول الخامس الأمريكي في البحرين الفاعلة والمؤثرة للغاية لديهــا القدرة الكاملة على كشــف الســواحل والمجال الجــوي الإيراني بكفاءة شــديدة. إذن، نحن أمام 3 أسئلة جوهرية يســتدعيها أي محلل لحدث اســتراتيج­ي، حينما يحــاول فهم واســتقراء الموقف، وهي - هل يعرف صانع القــرار الأمريكي بالحــدث؟ هل هو قادر علــى التعامل مع الحدث؟ بعد المعرفة والقدرة هــل هو راغب في التحرك؟ بالتأكيد: ترامب يعرف، بما لا يدع مجالا للشــك، مــاذا يفعل الحرس الثــوري الآن، وهو اســتدعاء المواجهة ضد حلفــاء أمريكا، ولكن بدون المســاس بأهداف أو مصالح أمريكية مباشــرة. بالتأكيد - أيضا- ترامب قادر بكل الأساطيل والقواعد والتســهيل­ات والأسلحة المتقدمة أن يدخل في مواجهة عسكرية محدودة أو واســعة ضد إيران أو ضد وكلائها. الأمر الذي يتعدى المعرفة أو القــدرة هو الرغبة فــي اتخاذ القرار. خيارات ترامــب صعبة ودقيقة، وتتلخــص في 3 احتمــالات: الأول: ضربة محدودة علــى أهداف منتقاة على السواحل ومراكز ســيطرة على الأراضي الإيرانية، أو ضرب قواعد لإيران في ســوريا أو العراق. الثاني: هو الصمت الكامل، وابتلاع «شفرة الحلاقــة»، وتأجيل الأمور حتى 6 أشــهر أخرى، على أســاس أن كل يوم يشــكل ضغطا عنيفا ومؤلما على الوضع الداخلي الاقتصادي والاجتماعي للشعب الإيراني. الثالث: هو تشجيع دول التحالف العربي على مواجهة شاملة مع وكلاء إيران في المنطقة، بحيث تصبح المواجهة بين طرفين هما: حلفاء أمريكا ووكلاء إيــران، وبالتالي تصبح حربا بالنيابة بامتياز. هذا الخيار يمنح لترامب مزيدا من ابتزاز دول المنطقة، والمزيد من قوائم طلبات شراء أســلحة أمريكية، والمزيد من طلب مساعدات أمريكية، ويجعل قرار دول المنطقة أكثر ارتباطا بواشــنطن. هذا الخيــار لا يكلف ترامب دولارا واحدا من موازنــة الدولة، ولا يضع الرئيس دســتوريا في اضطرار عند إعلان حالة الحرب للحصول علــى موافقة الكونغرس لدفع الفاتورة. في التسوية وفي الحرب هناك فاتورة باهظة في الحالتين نحن العرب الذين سوف ندفعها .»

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom