Al-Quds Al-Arabi

تساؤلات حول أسباب تخطي الشركات الأمريكية مثيلاتها الأوروبية في مجال الصناعات الدفاعية

-

■ باريس - أف ب:مع إعلان الاندماج بين العملاقين الأمريكيين للصناعات الجوية الدفاعية «يوناتد تكنولوجيز كوربوريشــ­ن )يو تي ســي)» و»رايثيون»، تواجه أوروبا تســاؤلات حول ضعفها في هذا المجال بمواجهة الشــركات الضخمة الأمريكية، وقريبا الصينية التي يغذيها الطلب العام.

ورأى فيليب بلوفييه، المدير المشــارك لمكتب الدراسات «بوسطن كونســالتي­نغ غروب» ان «هنــاك اختلال متزايد فــي التوازن بين الطريقة التي تُبنى فيها الصناعات الجوية والفضائية والدفاعية في أوروبا، وما تفعله الكتلتان اللتان ســتواجهان­ها، الولايات المتحدة والصين».

وتابــع «في الولايــات المتحدة، والصين التي تســير على النمط ذاته، لدينا صناعــة دفاعية في غاية الازدهــار )...( ازداد حجمها ثلاثة أضعاف على صعيد الإنفاق خلال بضع سنوات».

ومن المتوقع أن يصل الإنفاق الدفاعي الأمريكي هذه السنة بعدما قامــت إدارة الرئيس دونالد ترامب بزيادته، إلى «مســتوى مرتفع للغاية قدره 700 مليار دولار مقابل 200 مليار عام 2002».

وعلى ســبيل المقارنة، فإن مجموع الإنفاق الدفاعي لأكبر خمس دول أوروبية )ألمانيا وفرنســا وبريطانيا وإيطاليا وإســبانيا( بلغ العــام الماضي حوالي 200 مليار دولار، حســب مكتب «آي إتش إس ماركيت».

وفــي ظل هذه الأوضاع، أعلنت «يو تي ســي» و»رايثيون» امس الأحد، قبل أسبوع من افتتاح معرض لو بورجيه الدولي للصناعات الجوية والفضائية في فرنســا، عن اتفاق اندماج سيولّد واحدة من أكبر المجموعات العالمية في قطاع الطيران والدفاع.

وأعلــن غريغوري هايز، رئيــس «يونايتــد تكنولوجيز»، الذي ســيترأس المجموعة الجديدة ان «الانصهار بين يونايتد تكنولوجيز ورايثيون سيحدد مستقبل الصناعات الفضائية والدفاعية».

وستبلغ إيرادات الكيان الجديد المشتركة نحو 74 مليار دولار عام 2019. وسيتمكن من جني ثمانية مليارات دولار سيولة في السنة، ما سيسمح له بالاستثمار في البحث والتطوير اللذين يشكلان جوهر هذا القطاع.

وســلكت المجموعات الأوروبيــ­ة الكبرى أيضا طريق الشــراكة والتقــارب، فاســتحوذت شــركة «ســافران» علــى «زوديــاك أيروسبيس»، فيما اشترت «تاليس» شركة «جيمالتو».

فــي المقابل، فشــلت عــام 2012 محاولة تقارب بــن «إيرباص» الأوروبية والبريطاني­ة «بي إيه إي سيســتمز»، كانت ستنبثق عنها شركة عملاقة تتوزع أعمالها بالتساوي بين المدني والعسكري، وذلك بسبب معارضة ألمانيا.

وأوضح نيكــولا بوغران، خبيــر صناعات الطيــران في مكتب «أليكس بارتنرز» الاستشــار­ي «لدينا سلســلة قَيِّمة في طور إعادة التشــكيل» مضيفا أقــول «إن ترقــب تراجع عدد البرامــج الكبرى للطيران التجاري يدفــع الأطراف إلى البحث عن مصادر نمو أخرى )...( ومقاومة الضغوط على النفقات»، ما يشجع على تعزيز القطاع.

لكن بلوفييــه قــال «إذا قارنتم إيربــاص وســافران وتاليس بالشــركات الأمريكية الكبرى، سترون أن شركاتنا تسجل المزيد من النمو، وفي نهاية المطاف المزيد من الأرباح، لكنها في المقابل لا تتمكن من تحقيق سيولة. فهي تستخدم كل السيولة لديها من أجل نموها».

فعلى سبيل المثال تجني «إيرباص» 4 مليارات دولار من السيولة في السنة، مقارنة مع 12 مليار دولار لشركة «بوينغ» الأمريكية.

وقحســب بلوفييه فإن «المشــكلة تتمثــل في أنه إذا لــم تتوافر الســيولة، فلا يمكن التحديث، أي أن هناك قدرات أقل على التمويل الذاتي للتوظيف في البحث والانتقال الرقمي، وبالتالي لا نســتعد كما ينبغي للمستقبل».

كما أن الشــركات الكبرى فــي الولايات المتحــدة تعيد توظيف الســيولة المقتطعة من أنشــطتها الدفاعية في القطاع التجاري، ما يتيح لها عرض منتجات «ذات قدرة تنافسية كبيرة جدا على صعيد الكلفة في السوق»، حسب بلوفييه، الذي

ولفت في المقابل إلــى أن الميزانيات الدفاعية في أوروبا ليســت جزءا يســيرا من الميزانية الأمريكية فحسب، بل هي «تشكل مخاطر على صناعيينا».

واضطرت «إيرباص» إلى التفاوض على مدى ســنتين مع الدول التي قدمت طلبات لشــراء طائرتهــا «إيــه 400 إم» لوقف النزيف المالي حول برنامج طائرة النقل العسكرية بسبب دفتر شروط بالغ التعقيد.

وأكد الخبيــر «لا تصادفون مثل هذا الأمر فــي الولايات المتحدة )...( ترون أن هناك حماية لهامش الصناعيين بنسبة 15%». وتابع «هذا يؤدي إلى وضع )في أوروبا( تضطر معه الشركات إلى تموين قاعدتها الصناعية ليس عبر الدفاع، بل مــن خلال الفرع التجاري. نسير على قدم واحدة مستندين إلى صناعاتنا التجارية»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom