Al-Quds Al-Arabi

في الضفة: ملثمو الحق التاريخي ومدعو «العرق المتفوق»... هل يستويان مثلاً؟!

يحرقون حقول الفلسطينيي­ن ويمنعونها عنهم... بحماية الجيش الإسرائيلي

- عميره هاس هآرتس 2019/6/2

■ عندما يكون الملثمون من اليهــود، مثل أولئك الذين داهموا قرية جالوت في 5 حزيران، فإنهم يكونون قبيحين وحقيرين. وعندما يكون الملثمون فلســطينيي­ن يتظاهرون عند الجدار في غــزة أو كفر قدوم أو النبي صالح، يكونون جميلين ومؤثرين. لا يوجد أي شــبه بين هاتين المجموعتين رغم التشــابه الخارجي والآني في إخفاء الوجه. المجهول الإســرائي­لي يعرف أنه لن يصيبه أي ضــرر حتى لو كان مكشــوف الوجه. ملف التحقيق ســيغلق لعــدم اهتمام الجمهور. تغطية الوجه جزء من فرض الخوف. الفلسطيني الذي يغطي وجهه يظهر المفهوم ضمنــاً: تصعيب اعتقاله على الشــرطة والجيش والشــاباك الانتقاميي­ن حتى بعد عشر سنوات من تظاهره عندما كان فتى.

عندما يقوم شــاب من شــبيبة التلال برشق الحجارة على المزارعين الفلســطين­يين والسيارات الفلسطينية فهو مخالف للقانون ويسير في أعقاب جرائم الدولة. هذه هي الجرائم التي أقامت الفيلا لوالديه في المستوطنة، وتضمن سلامة البؤرة الاستيطاني­ة التي ســتولد من البؤرة التي يعيش فيها بسعادة. وعندما يقوم شاب فلسطيني برشق الحجــارة على الجنود والشــرطة وعلى موقع عســكري محصــن وعلى ســيارات إســرائيلي­ة فهــو يعكس الحق والواجب التاريخي للاحتجاج علــى كل مخالف للقانون وكل مســتبد أينما كان. أيضاً إذا كان ما فعله يثير الشفقة ويائــس، وأحياناً ينبع من نــزوة وجــاء كتقليد، والآن أصبح غير ناجع لأنه لا يعتبر جزءاً من انتفاضة شــعبية جماهيرية.

عندمــا قام الملثمــون اليهــود الذين داهمــوا جالوت وأحرقوا حقل قرب المدرســة، فقد عبروا بالصورة الوقحة والمميزة بأنهم محميون من أي عقاب. الشــرطة والجيش وحلفاؤهم ســيحصلون على جوائز على شــكل تبييض بؤرتهم الاستيطاني­ة، ودعم لكروم الزيتون التي يزرعونها في أراضي ســلبت من الفلســطين­يين بطرق الخداع. النار الحقيقية والمجازية التي يقومون بإشعالها كل يوم لا تمس الجمهور الإســرائي­لي في الدولة. هذا الجمهور سيشتري ويثني علــى النبيذ والزيــت الذي يتم صنعــه من كروم العنف وحقول الزيتون الذي يزرعونه في أراض ليســت لهم. عندما يطلق الغزيون البالونات الحارقة على البلدات والكيبوتسـ­ـات التي تقع خلف جدار معســكرات الاعتقال التي يعيشــون فيها فهم يعبرون بذلك عن اليأس والخنق وإبداعية الضعيف. وهم يعرضون حياتهم للخطر. والنار التــي يشــعلونها تؤجج المشــاعر الحزينة التــي دبرتها إسرائيل ثم تتجاهل أسبابها بشكل عنيد.

الملثمون الإســرائي­ليون من يهودا والســامرة هم في الطيف العنصــري ـ المرضي الذي يوجد فيه الكوكلوكس كلان في أمريكا. هؤلاء أيضاً عملوا على تعزيز وتشــجيع أجهزة القمع الحكوميــة. إخفاء الوجــه والعنف في هذا الطيــف يهدف إلى زيــادة النجاعة الماديــة التي تنبع من مكانتهم كعرق متفــوق. أما الملثمون الفلســطين­يون ففي التواصل التاريخي لمقاتلي الحرية ـ ســواء عملوا بشكل سري أو علني. الأنصار في يوغســافيا وكتاب الكتابات المناوئــة للإمبراطور­يــة الســوفييت­ية ومــن ينظمــون الإضرابــا­ت من أجل يوم عمل من ثماني ســاعات والذين يناضلون من أجل حق الاقتراع.

مقابــل كل متظاهر فلســطيني ملثم ثمــة مئات الآلاف الذين يناضلون من أجل عــدم قيام الحكومة وممثليها في الإدارة المدنية وفي المستوطنات بسلب قطعة الأرض التي ورثوها من الأجداد وأجداد الأجداد. هم أبطال حقيقيون، مثل فوزي إبراهيم الحاج محمد مــن قرية جالوت، البطل الــذي توفي قبل ســنتين. لقــد كان مريضــاً بالقلب، لكن الألم هزمه على أرضه التي ســلبها اليهود وطمعوا بها من يهودا والســامرة، لقد هزم قلبه من حقيقة أنه من أجل منع الاحتكاك مع المســتوطن­ين العنيفين، فقد منعه الجيش من دخول أرضه وفلاحتها في الأعوام 2000 ـ 2007، وســمح له بالدخول إليها مرتين في الســنة فقط. لقد أورث أبناءه البطولة رغم أنفه وأنفهم.

«في كتلة شيلو اعتبروا إبراهيم شخصاً مستفزاً وخدم المنظمات اليسارية في محاولاتها الكثيرة من أجل التنكيل بســكان المســتوطن­ات اليهود»، هذا ما كتب عند موته في «الصوت اليهــودي». موقع إنترنت للقوزاق المســروقي­ن. وذلــك لأنه لم يتوقف عــن العمل، وأحيانــاً بنجاح، على استرجاع أرضه )بمساعدة مستمرة ومخلصة من المحامية قمر مشــرقي أسعد(. في «ســروغيم»، موقع قوزاقي آخر، قيل فــي 6 حزيران الحالي بــأن إرهابيين عرباً أشــعلوا النــار في موقعين قرب مســتوطنة «أحيــا». وإن الحقيقة بأن الأغلبية الساحقة من الأضرار التي حصلت في حقول فلســطينية وذلك الحريق الذي اندلــع عندما قام ملثمون يهود باقتحام مدرسة في جالوت، لم تذكر في الخبر.

التقرير في «سروغيم» يبين لماذا يسارع المصدر المشترك المجهــول لموقعهــم ولوســائل الإعلام الأخرى إلى نشــر المعلومات المشــوهة. في الخبر الذي نشر هناك كتب: «في مســتوطنة «أحيا» قالوا إن الحريق حدث بســبب معرفة مشــعلي النار للمنطقة». وحسب أقوال سكان المستوطنة: «قبل شــهر دخل ســكان عرب من جالــوت بحماية قوات الأمــن للحراثة قــرب موقــع الحريــق، والآن يتبين مرة أخرى أن كل دخول كهذا له ثمن». هذا بســيط جداً. سكان البؤرة الاســتيطا­نية «أحيا» يؤلمهم أن بقي للفلسطينيي­ن خمســة أيام لفلاحة أراضيهم. وهــم يطلبون من الجيش أن يمنع بشــكل كامل أبناء فوزي إبراهيم بشــكل خاص والفلسطيني­ين بشــكل عام من فلاحة الأراضي التي توجد بملكية العائلة منذ أجيال كثيرة. وبهذا الشــكل لن يعرفوا أراضيهــم، ومن ثم سيســيطر عليهــا اليهود فــي يهودا والسامرة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom