Al-Quds Al-Arabi

البحرية الإسرائيلي­ة... في غزة: تقليص ميل عن كل بالون يطلق... وعينا سعيدي «قيد الفحص!»

يصادرون قواربهم ويختطفونهم ويطلقون عليهم النار من مسافة صفر

- جدعون ليفي هآرتس 2019/6/2

■ الجيدون بالفعل كانــوا يذهبون ذات يوم إلى سلاح البحرية، السلاح الصغير والمتواضع، بعيــداً عــن مراكــز المدن وحقــول القتــل. خفر الســواحل لمن يحبــون البحر والمغامــر­ات، بين فينــة وأخرى، عمليــة مجهولة في مينــاء بعيد، زائدة وخاسرة بشــكل عام. ولكن هؤلاء ليسوا الطياريــن الذيــن يقومــون بقصــف الأحياء، وليســوا جنود المشــاة الذين يطلقون النار على ظهور الشباب. أغبياء ســفن، لكن هذه السفينة اقتلعــت. يدور الحديث الآن عن ســاح البحرية الذي أصابه العفــن ـ ليس فقط في القيادة التي أصابتها قضية الغواصات، بل أيضاً آخر الملاحين. جنود سلاح البحرية نفذوا في السنوات الأخيرة عدداً من العمليات الدونيــة التي يفعلها الجيش الإسرائيلي. هم مقاولو التنفيذ لسياسة الحصار البحري علــى قطاع غزة، الســجانون بالملابس البيضاء، الأبطال على الضعفاء.

عدوهم هم الصيادون. نحو 3 آلاف صياد بقي من الـ 10 آلاف صياد الذين كانوا في غزة قبل بدء التنكيل بهم. كل يوم وكل ليلة يخرجون بقواربهم البائســة إلى البحر غيــر المفتوح، فــي محاولة لكسب رزقهم في البلاد القاســية التي ليس فيها مصدر لكســب الرزق. إذا كان يوجد مكان يصرخ فيه العقاب الجماعي حتى عنان السماء أو البحر، فهو شــواطئ قطاع غزة. هنا وبعيــداً عن النظر يتم تنفيذ الجرائم بشــكل يومي. جريمة العقاب الجماعــي وجرائــم الجنــود الصغيــرة، الذين ينكلون بشكل وحشي بضحاياهم العاجزين.

السياسة إجرامية. إســرائيل عشقت الحصار البحــري. هــذا هــو الرد الأســهل علــى إطلاق البالونــا­ت. في الأشــهر الثلاثــة الأخيرة غيرت إســرائيل 12 مرة منطقة الصيد المسموحة. يظهر أحيانــاً أن الأمر تســلية. في الأســبوع الماضي غيرت ثلاث مرات، وقامت بتوسيعها إلى 15 ميلاً، وقلصتها بعد يــوم إلى 12 ميلاً، وبعد ذلك جعلته إغلاقاً بحرياً كاملاً. سياســة العصا والعصا، ميل بحري عــن كل بالون. في الســماء والبحر والبر وتحت القطــاع، قفــص. ليس واضحــاً إذا كان الدخول إلى البحر مسموحاً للأطفال على شواطئ دير البلح، أو أن القوارب الإسرائيلي­ة تطلق النار عليهم أيضاً.

بأي حق تسمح إســرائيل لنفســها بأن تقرر أين يصيد صيادو غزة؟ إلى أين سيصل استبداد إسرائيل؟ وأين يجب عليهم إيجاد مصدر رزقهم؟ فــي بحيرات غزة؟ فــي أنهارها؟ مــا العلاقة بين القــارب والأمن؟ بــن الصياديــن والبالونات؟ تقليــص منطقــة الصيد، هــذا أمر ســهل ويتم اســتيعابه، يصدرون بياناً، يصــدرون أمراً. في الليكود وحقــول ناحل عوز يــرون أن الحكومة تفعل شيئاً ما. ولكن لم يعد هناك بحر لغزة.

هذه السياســة ينفذهــا صيــادو الصيادين الذين يرتدون الملابس البيضاء وهم يســافرون في قوارب «الدبــور» وقوارب الكوماندو البحري المزودة بالصواريخ، المقاتلون الشجعان ينقضون على أسطول الحسكات الحربي. هم يطلقون النار على الصيادين ويرشونهم بالأنابيب ويطردونهم مثلما يفرقون قطيعاً، ويطاردونهم كما يطاردون الإرهابيــ­ن، يصــادرون قواربهــم ويختطفون الصيادين. منذ بداية السنة اختطف جنود سلاح البحريــة 21 صياداً وأحضروهم إلى إســرائيل. حسب «بتســيلم» أصابوا 8 أشخاص وصادروا 4 قوارب صيد. أطلقوا النار على الصياد المســكين خضر ســعيدي من سكان مخيم الشاطئ للاجئين وهو أب لثلاثــة أولاد قاصرين، ويعمل في الصيد منذ طفولتــه. وقصته كتبتها فــي «هآرتس» أول أمس. رصاصات مطاطيــة أطلقت على وجهه من مســافة صفر حولتــه إلى كفيف. إحــدى عينيه اقتلعت، وإســرائيل منعت علاج العــن الثانية. أربعة أشــهر بعد الحادثة، وبعد أسبوع من طلب رد من المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، كل ما كان لدى ســاح البحرية قوله هو «الموضوع قيد الفحص»، حتى لن يتم التحقيق في الحادثة.

ســعيدي حاول الهرب والنجــاة بقاربه نحو الشــاطئ، لكنهم طــاردوه بالقــوارب المطاطية الســريعة وأطلقوا النار علــى عينيه لأنه تجاوز الحدود المســموح بها. الملابــس البيضاء لجنود البحرية ملطخة بدماء المســاكين والأبرياء. ماذا يدور في ذهن هــؤلاء الجنود عندمــا يخرجون في جــولات التنكيل هــذه؟ وما الــذي يفكر فيه والدوهم؟ هل يعتقدون أنهم يقومون بالدفاع عن الدولة؟ أنهم أبطال؟ ما الذي ســيفكرون به ذات يوم عندما يكبرون قليلاً بما فعلوه.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom