Al-Quds Al-Arabi

إيران تحت الضغط وإسرائيل تفضل البقاء خارج الصورة

مهاجمة ناقلات النفط:

- عاموس هرئيل هآرتس 2019/6/16

■ أجهزة المخابــرا­ت في إســرائيل والغرب تقدم موقفــاً حاســماً: إيران هي المســؤولة عــن الهجوم الأخيــر على ناقلات النفــط في خليج عُمــان، مثلما كانت مسؤولة عن أحداث سابقة في المنطقة على مدى الأسابيع الأخيرة. ولكن تبقى الدلائل الدامغة عالقة. ومع الأخذ في الحســبان الســوابق التاريخية )على رأســها ادعاء وجود ســاح إبادة في العراق عشية حرب الخليج الثانية في 2003(، ومشــكلة مصداقية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمخاوف الأوروبية من حــرب زائدة ـ ليس غريبــاً أن النقاش الإعلامي حول الأزمة مشبع بالشكوك والتساؤلات.

مع ذلك، نفي إيران غير مقنع. لا يبدو جدياً التفكير وكأن باســتطاعة الســعودية شــن عدة هجمات من أجل دفع الولايات المتحدة نحو حرب مع إيران بدون التورط وإبقاء أي بصمات وراءها. أثبتت السعودية إلــى أي درجــة هــي دقيقة فــي خطواتهــا، في قتل الصحافي جمال الخاشقجي في إسطنبول وفي قضية اســتضافة رئيس الحكومة اللبناني ســعد الحريري المفروضة وبالإكراه، وفي قضايا أخرى. والأكثر أهمية من ذلك هــو اتهام بريطانيا لطهران، التي تتســاوق تماماً مع ادعاءات الولايات المتحدة.

ما الــذي يوجه إيــران، التي كما يبــدو هاجمت، الخميــس الماضي، ناقــات للنفط قــرب عُمان، وهو الهجوم الثاني في أقل من شــهر؟ حتى الربيع الأخير، كان التقديــر في إســرائيل والولايــا­ت المتحدة بأن إيران تلعب علــى الوقت، أملاً فــي هزيمة ترامب في الانتخابات للرئاســة في تشــرين الثاني 2020، وأن بديله الديمقراطي في البيت الأبيض ســيعيد أمريكا للاتفاق النووي ويرفع العقوبات. في هذه الأثناء فإن أضرار العقوبات التي أعلنــت عنها الإدارة الأمريكية وزادت شدتها في الشهر الماضي، آخذة في الازدياد.

إيران تعتمد أكثر من أي وقــت مضى على تصدير النفط، ولكن ســعر النفط في الســوق بقي منخفضاً نسبياً، وحتى الهزة البســيطة التي أثارتها الأحداث الأخيرة لم تؤد حتى الآن إلى ارتفاع كبير في أســعار النفط. اليابان التي قام رئيس حكومتها شــنزو آفي بزيــارة مغطاة إعلاميــاً لطهران، توقفت عن شــراء النفط من إيران الشــهر الماضي، بعــد انتهاء مفعول إعفاء العقوبات الذي منحته الولايات المتحدة لثماني دول كانت لها تجارة مع طهران.

يبدو أيضاً أن العلاقة بين إيران وروســيا ليســت كالسابق. موســكو لا تنضم لواشنطن، وهي تواصل التمســك بالاتفاق النووي، ولكن مصالحها المشتركة مع طهران في ســوريا لم يعد قوياً مثلما كان. الروس توقفوا مؤخراً عن الاحتجــاج على الهجمات الجوية المنسوبة لإسرائيل على القواعد الإيرانية في سوريا. اللقاء الثلاثي لمستشــاري الأمن القومي من إسرائيل وأمريكا وروســيا الذي ســيعقد في إســرائيل نهاية الشــهر لا يفرح الإيرانيــ­ن. يمكن الافتــراض بأنهم يخافون من تراكم مؤامرة ما ســرية هدفها الســعي إلى تقليص نفوذهم في ســوريا. إن مجرد اســتعداد الدولتين العظميين في القدس لعقد لقاء هدفه مناقشة مستقبل سوريا يعدّ إنجازاً لإسرائيل.

إزاء تراكــم هذه الظــروف، يبــدو أن الإيرانيين مضغوطــون، ويبــدو أن هدفهم الرئيســي هو إقناع الأمريكيــ­ن بتقليــص شــدة العقوبات. هــذا حدث كالعادة خلال الســير نحــو نهاية الطريق، إرســال رسائل متناقضة ونشر معلومات مضللة. لم يكن هناك مصابون في الهجومين على الناقلات، وفي هجوم هذا الأســبوع عملت قوة إيرانية على إنقــاذ الملاحين من إحدى السفن التي أصيبت. وليس من الصدفة أنه لم يضرب أي هدف أمريكي حتى الآن، إلى جانب ســفن ومواقع نفط لدول أخرى.

في الوقت نفســه تســتمر إيران في الإعلان بأنها ســتعود إلى تخصيب مســرع لليورانيوم، الذي من شأنه أن يوصلها خلال بضعة أشهر إلى خرق واضح للاتفاق النــووي )الذي ما زالت توقــع عليه خمس دول عظمى بعد انســحاب الولايــات المتحدة في أيار الماضي(. هذا أيضــاً جزء من التحدي الذي يهدف إلى حث واشنطن على تغيير موقفها.

فــي إحــدى تغريداته مؤخــراً، تطــرق الرئيس الأمريكي لإيــران وأطلق عليها اســم «دولة إرهاب.» ولكنــه لا يقوم في هــذه الأثناء ببث موقف حاســم ومتواصل فــي الموضوع الإيراني، رغــم خطة الـ 12 نقطة الطموحة مــن أجل الضغط على إيــران، التي عرضهــا وزير الخارجية الأمريكي بومبيو قبل ســنة تقريباً. في عدد مــن التصريحات في الفترة الأخيرة، رمز الرئيس إلى أنه ســيكون هناك من يمكن التحدث عنه مــع إيران إذا رغبت في اســتئناف المحادثات مع الولايــات المتحدة. المعســكر الصقوري فــي الإدارة الأمريكية غير راض عن احتمالية لقاء ترامب مستقبلاً مع الرئيس الإيراني حســن روحاني. وسيشــخص لديــه وجود احتمــال لمحبة حقيقية مثلمــا حدث في لقاءاته الغريبة مع رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ اون.

المهم في هذا السياق الهدوء الغريب وحتى الطويل لإســرائيل. رئيــس الحكومة بنيامــن نتنياهو يقلل مؤخــراً تصريحاته حول الموضــوع الإيراني القريب جداً من قلبه. عندما يتحدث يذكــر بالخطر الماثل من إيران بخطــوط عامة. الوزراء الآخــرون طلب منهم الصمت كما يبدو ـ لأن عــدداً منهم ينتظر ترقيته في الفترة الانتقاليـ­ـة، ربما أن تطبيق سياســة الصمت أسهل مما هي في الأيام العادية. الاعتبار الإسرائيلي يبدو واضحاً جداً. القدس تأمــل بأن تواصل الإدارة الأمريكية الضغط على إيران، لكنها تحاول بشكل نادر البقاء خارج العاصفة. فهي لا تريد اتهامها بأنها حثت ترامب على الدخول في مواجهة مباشرة مع إيران.

الجنــرال احتياط يعقــوب عميــدرور الذي كان مستشــار نتنياهو للأمــن القومي في الســابق، عبر عن ذلك بشــكل صريح في مقابلــة أجراها مع «راديو الأســبوع»، المهمة الأكثر أهمية بالنســبة لإسرائيل، قال، هي عدم إزعاج الأمريكيين في علاجهم للموضوع الإيراني، ومثلما في أحداث ســابقة، يمكن الافتراض هذه المــرة أيضاً بأن عميدرور يعكــس موقف رئيس الحكومة.

 ??  ?? ناقلة النفط تحترق بعد الهجوم عليها في خليج عُمان
ناقلة النفط تحترق بعد الهجوم عليها في خليج عُمان

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom