Al-Quds Al-Arabi

العراق: تيار الحكيم يختار صف المعارضة بعد إقصائه من الحكومة ... وتحالف العبادي أول المرحبين

- بغداد ـ «القدس العربي» من مشرق ريسان:

اتخذ تيــار «الحكمة» الوطنــي، بزعامة رئيس تحالف «الإصلاح والإعمار» عمــار الحكيم، قراره، أمس الإثنــن، بالتحول إلى خانة المعارضة، ليكون «ســيفاً بتاراً» في حال أخفقت حكومــة عادل عبد المهدي، فــي تنفيذ التزاماتهـ­ـا وتعهداتها في تنفيذ البرنامج الحكومي، فيما ترى كتل سياسية أن قرار «تيار الحكمة» يأتي للنأي بنفســه عــن «التقصير الحكومــي» ولكونه لم يحصل علــى أي منصب في الحكومة.

وأبلغت كتلــة «الحكمــة» في مجلــس النواب الاتحادي، أمس، رئاســة البرلمان بتحولها رسمياً إلى «كتلة معارضة» داخل المجلس.

وأبلغ رئيس الكتلة، فالح الساري رئاسة مجلس النواب، في وثيقة رسمية أن «كتلة الحكمة النيابية قد تحولت إلى المعارضة السياسية، ويرجى اعتماد ذلك قانونياً والتعاطي مع الكتلة على هذا الأساس داخل مجلس النواب».

وأظهرت الوثيقة رد رئيس مجلس النواب محمد الحلبوســي على الكتــاب بالاطلاع عليهــا وإبلاغ الدائرة البرلمانية بذلك.

وليــل أول أمــس الأحــد، أعلن تيــار «الحكمة الوطنــي»، تبنيــه خيــار المعارضــة السياســية للحكومة، وما يستلزمه من دور وحراك وأداء.

وذكــر في بيان، بــأن «المكتب السياســي لتيار الحكمــة الوطني عقد اجتماعاً اســتثنائي­اً، في المقر المركزي للتيــار، تدارس فيه الأوضاع السياســية بشكل عام والمســتوى الخدمي وهواجس الشارع العراقي بشــكل خاص، وتم الاســتماع إلى جميع وجهات النظر ومناقشــته­ا بشــكل تفصيلي حول مســتوى الأداء الحكومي وما عليه المشهد العام في عراقنا العزيز».

وأضاف : «بنــاءً على مراجعة الرؤى والقناعات السابقة المطروحة التي ناقشها المكتب بشكل مفصل فقــد انتهى الاجتماع إلــى أن يعلن )تيــار الحكمة الوطني( عــن تبنيه لخيار )المعارضة السياســية الدستورية الوطنية البنّاءة( والالتزام الكامل بهذا الخيار التياري وما يقتضيه، وما يستلزمُهُ من دور وحراك وأداء ومواقف على الصعيد الوطني».

وتعليقاً علــى قرار التيــار، قالــت النائبة عن «الحكمة» انسجام الغراوي، أمس الإثنين، إن لجوء التيار الذي يتزعمه عمــار الحكيم إلى المعارضة «لا يهدف إلى إســقاط الحكومة»، موكدةً «ســنصفق» لنجاحات عبد المهدي وفريقه ونؤيدها إينما وجدت وسنكون كـ»السيف البتار على التراخي والتقصير والتسويف».

وذكرت، في تدوينة على صفحتها في «فيسبوك»: «مهدنا للمعارضــة في حملتنا الانتخابية في 2014، وقلنا لابد من اكتمال جناحــي الديمقراطي­ة أغلبية وطنية ومعارضة سياســية»، مبينــة: «كنا نبحث في خيار المعارضة منذ عام تقريبا وأعددنا مشروعا كاملا فيها، ولم نرد الذهاب إليها عشــية تشــكيل الحكومة لأننا أردنا منــح الفرصة اللازمة لحكومة رئيس مجلس الوزراء عــادل عبد المهدي، وحتى لا يقال إن الحكمة تريد خنق حكومة التكنوقراط حتى قبل ولادتها».

وأضافــت: «الحكمة شــخصت ضعــف الأداء الحكومي في كثير مــن القضايا )الخدمات، مكافحة الفســاد، التراجــع الأمنــي، العلاقة مــع الإقليم، وغيرها( ومن يتابع خطبة عيد الأضحى التي ألقاها الحكيم، سيعرف ذلك ويجده أوضح من الشمس في رابعة النهار».

وأشــارت إلى أن «الكثير مــن الأصدقاء حاول ثنينا عن هــذا الخيار ولكننا تمســكنا به في نهاية المطاف»، مؤكدة أن، «خيار اللجوء إلى المعارضة لا يهدف إلى إســقاط الحكومة أو إسقاط النظام، إنما نريد ممارســة هذه الفريضة السياسية المعطلة منذ قرن تقريبا».

ورأت أن «هــذه الخطوة ســتؤدي إلــى إعادة هندســة التحالفات السياســية عاجــا ام آجلا، وســندافع عن هذا الخيار ولو بقينــا وحدنا بدون مناصرة سياســية. مشروعنا الجديد ليس مشروع رد فعل سياســي إنما هو مشــروع سياســي قائم بذاته».

فشل الحكومة

وذكرت بأننا «لا نحتاج إلى فشــل الحكومة لكي نثبــت نجاعة هذا المشــروع، فالناجــح ينطلق من نجاحاته ولا يستند لفشل الآخرين، وهذا المشروع عراقي بامتيــاز ولم تكن ولادته متأثــرة برأي من خارج الحدود أو من داخلها».

وعلى الفور، رحــب ائتلاف «النصــر» بزعامة رئيس الوزراء الســابق حيدر العبــادي، الحليف الأساســي لـ«الحكمة»، باختيار التيــار المعارضة السياسية.

وذكر القيادي فــي الائتلاف علي الســنيد، في بيان: «نرحب بخيار تيار الحكمــة، واعتباره قوة لموقفنــا بتبنــي )المعارضة التقويميــ­ة( للحكومة، أي قبل إعــان الحكمة بثلاثة أيــام، خصوصا أن المعارضــة تحتــاج إلى جبهــة سياســية عريضة ومسؤولة وفاعلة وضاغطة باتجاه التصحيح.»

وزاد: «لقد شــخص ائتلاف النصر الخلل مبكرا ســواء بتشــكيل الحكومة أو أدائها أو في المعادلة السياســية التــي انتجتهــا، وكان النصر ســباقا باســتخدام مصطلح )المعارضة)»، مؤكــدا أننا «لا نتنافس مع الآخرين بالســبق بإعــان المعارضة من عدمــه، ونعتبر الموالاة والمعارضة وأشــكالهم­ا وشــدتهما أو ضعفهما متصل بإصــاح أداء وفعل الحكومة، فدعم الحكومة أو معارضتها ليست هدفا بذاته بــل الإصــاح والأداء الأمثل والاســتجا­بة للتحديــات هي الأهــداف، وكل عمل يــؤدي لأداء أمثــل للحكومة تجاه الشــعب والدولة هو الهدف، من هنا اســتخدمنا مصطلح )المعارضة التقويمية( للحكومــة. إن التقويم يعني التعديــل وإصلاح ما إعوج .»

مشروع دولة ناجحة

وأضاف أن «ائتلاف النصر لا يســتهدف إسقاط الحكومة لمجرد التنافس السياسي، وبقاء أو رحيل هذه الحكومة بيدها وبيد القوى التي شــكلتها من خلال القدرة على أداء مهامهــا الوطنية»، مبينا أن «النصر مشروع دولة ناجحة وليس مشروع سلطة مغامرة يستهدف الوصول إليها بأي ثمن».

وتابع أن «زعيم ائتــاف النصر حيدر العبادي، رجل دولة همه الإصلاح وليس رجل سلطة يترقب الفرصة للوثوب على الســلطة، والنصر شــعاره )الدولة أولا( ويعتبر كل شيء خارج الدولة هو تيه وتشرذم وفوضى واســتلاب، وقوة الدولة بالحكم الفعال القادر على الاستجابة للتحديات».

وختــم البيان بالقول إن «موقفنــا من الحكومة يتطور حســب مقتضيات إصلاح الدولــة وأهلية الحكم وفاعليته بمعزل عن التنافس السياسي».

في المقابــل، علق نائب رئيس الوزراء الأســبق بهــاء الأعرجــي، على لجــوء كتل سياســية إلى المعارضة، مبينا أن جميع الكتــل مقصرة ومتكالبة على المغانم.

وقال في بيان «تعالت خــال اليومين الماضيين، أصوات كثير من الكتل السياسيّة حول اللجوء إلى تبني موقف المعارضة لحكومة عبد المهدي».

وأضــاف أن «المعارضــة تمثــل ركناً أساســياً وضرورياً في النُظم الديمقراطيّة، على أن تختارها الكتل السياســيّة كخيــار لعملها منــذ البدء وعند تشــكيل الحكومة، وليس في حالــة ضرب المصالح والفشــل في الحصول على امتيــازات معيّنة؛ فإذا كان عدم تنفيــذ البرنامج الحكومــيّ والتأخير في تقديم الخدمــات هو الحجّة، فالجميع مشــترك في هذه الحكومة بشكل أو بآخر».

وأوضح أن «هذا الموقف لو جــاء من هذه الكتل بناءً على مــا ورد فــي خطبة الجمعــة للمرجعية الدينيّة في الرابع عشر من حزيران/ يونيو الجاري، فإنّ الخطبة ذاتها قد أشــارت إلى تقصير تلك الكتل من خلال صراعاتهــا وتكالبها على المغانم. ومن هنا يجب القول إننا إذا أردنا أن نكون أمام حكومة قوية تستطيع تقديم الخدمات لشعبها، فعلينا أن نتناسى خلافاتنا ونتــرك المطالبة بالامتيازا­ت، وخاصة في مثل هذه الظروف الحرجة التي تمر بها المنطقة».

وبين أن «الحكومة لم تقـّـدم أيّ منجز فيما بعد، واتضح وجــود تقصير فــي عملها، فليكــن العمل على تغييرها وفقــاً لآليات دســتورية وليس عبر التصريحات الإعلاميّة، على أن يتم الاتفاق مســبقاً على بديل لرئيس الوزراء، وإلاّ فســنكون من دون ذلك أمام مصير مجهول».

أما زعيــم حركــة «عصائب أهل الحــق» قيس الخزعلــي، فدعــا القوى السياســية إلــى تحمل مســؤوليات­ها والقيــام بواجباتهــ­ا، مؤكــدا أن «محاولات الهروب من المســؤولي­ة أو ركوب الموجة لن تبرئ أحدا».

وكتب على «تويتر» على خلفية قرار تيار الحكمة التحول إلى المعارضة، أن «المشــاكل الحالية ليست وليدة اللحظــة، إنما هي نتيجــة تراكمات الأعوام السابقة منذ 2003 إلى الآن».

وأضــاف أن «محاولات الهروب من المســؤولي­ة أو ركــوب الموجة لن تبــرئ أحدا»، داعيــاً جميع القوى السياســية إلى «تحمل مسؤولياتها والقيام بواجباتها باتخاذ خطبة المرجعية الأخيرة خارطة طريق والعمل على أساسها».

وتشير تســريبات سياسية إلى أن بعض القوى التي لم تحصل على أي منصب تنفيذي في الحكومة الجديدة، تســعى إلى تشــكيل «جبهــة معارضة» للإطاحــة بعبد المهــدي وكابينته، مبينــة أن أبرز تلــك الكتل هي «الحكمة» و«النصــر»، بهدف إعادة العبادي إلى دفّة الحكم من جديد.

ويواجــه تحالفــا «ســائرون» بزعامــة مقتدى الصدر، و«الفتح» برئاسة هادي العامري، انتقادات سياســية، على خلفية «تفردهما» بتشــكيل حكومة عبد المهدي واختيــار الأخير لرئاســة الوزراء، من دون الرجوع إلى بقية الكتل السياسية المنضوية في التحالفين الأكبر «الإصلاح والإعمار» و«البناء».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom