Al-Quds Al-Arabi

كيف يبدو «أزرق أبيض» أكثر خطورة من وزير العدل الإسرائيلي؟

قريتا أقرث وبرعم المهجّرتان... بين أمر المحكمة العليا واستهتار الحكومة

- عودة بشارات هآرتس 2019/6/17

■ قبل استمرار الضجة التي أثارها وزير العدل، امير اوحانا، ومهاجمتــه في أعقــاب تصريحاته التي قال فيهــا إنه «لا توجد حاجة لتنفيــذ قرارات المحكمة العليا»، من الجدير التســاؤل هل الدولة نفســها تنفذ جميع قرارات محكمة العدل العليا. في تموز 1951 أصدرت المحكمة العليا قراراً يأمر الحكومة بالسماح لمبعدي قريتي اقرث وبرعم بالعودة إلــى قراهم. لم يحترم القرار، وبعد مرور سنتين ومن خلال الاستخفاف بالمحكمة العليا تم نقل أراضي اقرث إلى ســلطة التطوير وتم تسجيلها باسم الدولة. في حين أن برعم تفجرت ودمرت بيوتها. هكذا احترمت الحكومة قرار المحكمة العليا.

إذا كانــت الحكومة لا تحترم قرارات المحكمــة العليا، بل تقوم بفعل العكس، فلماذا نشتكي من الوزير؟ من المعروف لي جيداً أن النوايا التي تقف من وراء تصريح اوحانا سيئة لسلطة القانون، لكنها مع ذلك تمس قلبي. ألا يقــول الصدق، في الوقت الذي تأمر فيه المحكمة العليا باســتبدال ســكان عرب بســكان يهود في أم الحيران؟ ألا يوجد علم أسود فوق هذا القرار وأشباهه؟ ما الفرق بين الضابط الذي يصدر أمــراً غير قانوني والقاضي الذي يصدر قراراً غير قانوني وغير أخلاقي؟ ألا تعتبر المصادقة على هدم بيت عائلة كاملة بسبب فعل أحد الأبناء عقاباً جماعياً، الأمر المرفوض مــن ناحية قانونية؟ لهذا فإن غابة من الأعلام الســوداء ترفرف فوق قرارات كثيرة للجهاز القضائي، التي تضر بالســكان العرب في إسرائيل والمناطق المحتلة.

مع ذلك، المشــكلة ليســت القضاة، بل الواقع الذي يعيشــون فيه. القضــاة في نهاية المطــاف أبناء واقعهــم، وإذا كان التيار الرئيســي في المجتمع الإســرائي­لي يؤيد بل ويدفــع المحكمة إلى اتخاذ القرارات غير الأخلاقية التي تعارض القانون الدولي، مثل هجمات المســتوطن­ين وإخلاء الســكان وتحليل صفقات مشكوك فيهــا، فما هــو الغريب في أن القضــاة الذين هم أبناء شــعبهم يتساوقون مع هذا الخط وأحياناً بحماسة؟ القاضية داليا دورنر التي عندما نظرت قبل عشرين ســنة تقريباً في الالتماس لتنفيذ قرار المحكمة العليا حول اقرث وبرعم، كتبت أن حق الدولة بعدم تنفيذ تعهد حكومــي إذا كانت الظروف تقتضي ذلك، وعلى ضوء تصريح رئيس الحكومة في حينه، اريئيل شــارون، حول الخطر الذي يمكن أن تشــكله إعادة الُمبعدين باعتبارها سابقة إشكالية من ناحية حق العــودة. دورنر التي تعتبر قاضية ليبرالية، تقدم الدافع الأيديولوج­ي على المبدأ القانوني.

لــو كان مــكان دورنر قــاض بــدون خلفيــة أيديولوجية، صهيوني في هــذه الحالة، لأمر بالتأكيد بتنفيذ القرار لأســباب تتعلق بالعدالة: لا يجب طرد إنســان من بيته. وقاض ليست له أيديولوجي لن يقول إن إعادتهم ستشكل سابقة، إذ ما هو السيئ في قرار محكمة يشــكل ســابقة لتحقيق العدالة؟ قاض ليســت له أيديولوجيا لا يخلط بين ســعادة وســعادة، حيث إن سكان القريتين هــم مواطنون في الدولة. ولكن دورنــر تعتبر إعادتهم تهديداً وجودياً للدولة. مثلما يعتبر المجتمع الإســرائي­لي مفهوم «حق العودة .»

هذا النموذج يدل على أن قضاة محكمة العدل العليا لا يمكنهم إصدار قرار حكم إلا في ظل المناخ الســائد. لذلك، لا يوجد مفتاح التغيير في درج المحاكم، بل في درج وســائل الإعلام والحركات والأحزاب التي تحــدد الخطاب السياســي. وإذا قمنا بتلخيص الأمور، فإن المفتاح الآن في درج من لديهم في جيوبهم 1.123.929 صوتــاً، أي أزرق أبيــض. إذا كان رؤســاء أزرق أبيض يرغبون في التغيير فســيكون هناك تغيير. ولكن للأسف هم يريدون أن يكونوا توأماً سيامياً لليكود.

عشــية الانتخابــ­ات، لا توجد بشــرى للســام والمســاوا­ة والديمقراط­يــة عندما يكون افيغدور ليبرمان الذي يعكر الأجواء بخطاب عنصري، هو البشــرى لأزرق أبيــض، الذي يخرج عن أطواره مــن أجل معانقته. وعندما يقوم الاتحاد )من غير بنيامين نتنياهو( علــى قاعدة مبادئ الليكود، فهــو يوحد معظم النظام السياسي.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom