Al-Quds Al-Arabi

توافق بين فتح وحماس وتهديد مشترك للاحتلال بـ «دفع الثمن»

رسائل الميدان حضرت بقوة ضد مخطط الضم ونهب أراضي الضفة

- غزة ـ «القدس العربي»: أشرف الهور

أوصلت الجماهير والقوى الفلسطينية رسالة مباشرة لحكومة الاحتلال الإسرائيلي­ة التي يتزعمها بنيامين نتنياهو، لا تحمل أي تأويل أو تفسير سوى أن أبواب المواجهة الشاملة في كافة الميادين ومناطق التماس والاستيطان، ستكون مفتوحة، وأن الفلسطيني لن يدفع الثمن بمفرده، لإسقاط مخطط الضم و«صفقة القرن» الأمريكية، التي تهدد مستقبل الفلسطينيي­ن، وتنهب أرضهم، وتقطع الضفة الغربية إلى كانتونات، وتجلى ذلك في اتفاق بين حركتي فتح وحماس، تمخض عنه مؤتمر صحافي مشترك.

في الضفة الغربية التي انطلقت منها شرارة الفعاليات الشعبية منذ أكثر من أسبوع، وفي قطاع غزة، الذي أكد أن معركة تقرير المصير ورفض المخطط واحدة، خرجت في اليوم الأول من تموز/يوليو، مسيرات غضب شعبية عارمة، لتؤكد لحكومة الاحتلال أن مخططات الضم التي وضعت من قبل، وحدد الأول من هذا الشهر موعدا لتطبيقها «لن تمر» إلا على أجساد الفلسطينيي­ن.

وشـهـدت الفعاليات الشعبية توافقا فـي ميدان المواجهة أيضا بين حركتي فتح وحماس، كبرى الفصائل الفلسطينية، رغم الخلاف السياسي القائم بينهما، وهو أمر ظهر جليا إلى جانب مشاركة قـادة الحركتين في الفعاليات المشتركة جنبا إلى جنب، وخروجهم في مؤتمر صحافي، أعلنوا فيه عن برنامج فعاليات مشترك للفترة المقبلة.

وقد جاء المؤتمر المشترك للواء جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، وصالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، تأكيدا على «وحدة الميدان» الفلسطيني في مواجهة قـرارات الضم الإسرائيلي­ة، حيث ظهر الرجوب من مدينة رام الله المكان الذي خصص للمؤتمر، فيما انضم العاروري للمؤتمر عبر دائرة الربط التلفزيوني «فيديو كونفرنس» حيث شنا هجوما عنيفا على الاحتلال، وحــذروه من مغبة تنفيذ مخطط الضم، واتهموا حكومة الاحتلال بـ «الفاشية والعنصرية».

الرجوب أكد وجود توافق حصل بين فتح وحماس على التصدي للمخطط الإسرائيلي، وقال إن هذا التوافق سيكون مقدمة هامة لتجاوز الانقسام، ولتطوير العمل لإنجـاز الوحدة الوطنية، وحـذر الاحتلال من مخاطر الضم، وقد جدد الحديث عن «دفع الثمن» باعتبار أنه أمر لن يدفعه الفلسطينيو­ن وحدهم.

العاروري من جهته حذر الاحتلال من تنفيذ المخطط، وقال إن الشعب الفلسطيني لن يسكت على ذلك، ولن يتعايش مع الأمر، موجها رسالة تحذير للاحتلال قال فيها «لا تستخف بعزيمتنا» مطالبا الشباب الفلسطيني بالعمل بشكل مشترك «وألا ينتظروا التعليمات المباشرة».

وإلــى جانب ذلــك، فقد أوصــل المستوى السياسي والفصائل وقوى الشعب الفلسطيني رسائل ساخنة للاحتلال، تؤكد أن مخطط الضم، لم يمر من دون ثمن، ولن يكون الشعب الفلسطيني وحده من يدفعه، وسط تأكيدات على رفض المخطط ومقاومته بكل السبل بما في ذلك العمل العسكري. بداية الحديث عن دفع الثمن، كان من الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، الذي حذر إسرائيل في حال إقدامها على تنفيذ مخططات الضم، بأن الـرد الفلسطيني سيكون باتخاذ «قـرارات مهمة وقاسية» قال إن الجميع «سيدفع ثمنها ولن نكون الوحيدين ضحايا لهذا القرار الإسرائيلي الجائر».

وقد ألمحت حركة فتح أيضا عبر خطاب لم يعهد منذ انخراط الحركة في العملية السلمية، إلى إمكانية العودة للعمل المسلح، وقال الرجوب في المؤتمر الصحافي، الذي أعلن فيه عن جدول فعاليات مناهض للضم نهايات الشهر الماضي «هناك اجماع فلسطيني على المقاومة الشعبية في

هذه المرحلة، لكننا جاهزون للانتقال إلى مرحلة أخرى في حال الاجماع حولها أيضا» وأضــاف: «إذا حصل الضم، فلن نعاني وحدنا، ولن نموت وحدنا».

وضمن الخطوات العملية الرافضة للمخطط، والمنذرة بتوسيع رقعة المقاومة، للتصدي لمخطط الضم، خرجت في يوم الأول من تموز/يوليو مسيرات غضب شعبي، في الضفة وغــزة، كما اندلعت العديد من المواجهات الشعبية في مناطق التماس، رغم قيام الاحتلال بإغلاق العديد من مداخل المدن والبلدات الفلسطينية لمنع وصول الفلسطينيي­ن الغاضبين إلى نقاط المواجهة. وفي غزة، نظمت مسيرة جماهيرية مركزية، غرب المدينة، شارك فيها ممثلو الفصائل وأبرزهم مسؤول حركة فتح في القطاع أحمد حلس، ومسؤول حركة حماس في القطاع يحيى السنوار، في رسالة وحدة على الأرض، إضافة إلى حشد كبير من المواطنين وممثلون عن المنظمات الأهلية والشعبية، ورجـال دين ونساء، حيث رفع المشاركون خلال الفعالية، أعلاما فلسطينية فقط، وتركوا رايات أحزابهم، كما رفعوا لافتات كبيرة تندد بمخطط الضم، وتدعو للتصدي له بكل السبل، كتب على بعضها «لا لصفقة العار وخطة الضم».

وقال أحمد حلس لـ «القدس العربي» خلال الفعالية، إنها حملت رسالة للعالم أجمع بأن الشعب الفلسطيني موحد في رفض الخطط الإسرائيلي­ة و«صفقة القرن» وإنــه «لـن يصمت على ضياع حقوقه أو سلب أرضه وسيواصل نضاله حتى استرداد كامل حقوقه» وأكد أن الشعب الفلسطيني في غزة والضفة وفي الخارج موحد ضد الخطط الاحتلالية، ولن يقبل أن يستفرد الاحتلال بمنطقة دون أخرى، وسيواصل العمل لإسقاط المشاريع الاحتلالية مهما كلف الثمن.

من جهته قال الدكتور إسماعيل رضوان القيادي في حركة حماس «إن مخطط الضم لن يمر إلا على أجسادنا» وأكد خلال حديثه لـ «القدس العربي» أن كل الخيارات ستكون مفتوحة لمواجهة المخطط، بما في ذلك الانتفاضة الشعبية العارمة والمقاومة المسلحة، ودعا القيادي في حماس لمواقف عربية وإسلامية أكثر دعما للشعب الفلسطيني وشدد على ضرورة «التبرؤ» من المطبعين، الذين قال إنهم تخلوا عن «الروح الوطنية».

وفي الضفة الغربية، شهدت مدينة رام الله في الأول من حزيران/يوليو، أيضا مسيرة جماهيرية نظمت في

وسط المدينة، شارك فيها حشد كبير من المواطنين، كما شهدت عدة مناطق بالضفة مواجهات شعبية مع قوات الاحتلال، بالرغم من الإجراءات الاحترازية الوقائية من فيروس كورونا الذي يضرب المناطق الفلسطينية بقوة في هذه الأيام.

وقبل هذه الفعالية المركزية الكبيرة، نظم في مدينة غــزة، مؤتمر وطني جمع كـل ألـــوان الطيف، وخلاله أقــرت خطة لمواجهة الضم، وشملت البدء بفعاليات «الغضب الشعبي» والتأكيد على استمرار تطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي بسحب الاعتراف بالاحتلال، والتحلل من اتفاق أوسلو، وجميع التزاماته، وتفعيل المقاومة الشاملة باعتبارها «الأسلوب الأنجـع» لإدارة الصراع ومواجهة الاحتلال. كما دعت الخطة لاجتماع عاجل للأمناء العامين للفصائل لمواجهة قرارات الضم، واستعادة الوحدة والاتفاق على «استراتيجية وطنية» لمواجهة التحديات، كما أكد المؤتمر على أهمية توسيع مساحة «الاشتباك السياسي» في كافة المؤسسات الرسمية والشعبية، لمحاصرة الاحتلال في العالم.

وإلى جانب تلك المواقف، أكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، أن وحدة الموقف الفلسطيني من «مؤامرة القرن» يجب أن تترجم إلى حراك شعبي كبير ومستمر خاصة في الضفة والقدس، مبينًا أن مسؤولية حركة فتح أساسية في هذا الجانب، وقال في تصريح صحافي «إن التمسك بالسلطة بعد خطة الضم يمثل خطأ قاتلاً».

كما دعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى تنظيم تحركات ميدانية محلية في مدن الضفة الغربية، في ظل محاولات الاحتلال الإسرائيلي تقسيمها وإغلاقها وتحويلها إلى كانتونات مقطعة الأوصال، لقطع الطريق على أي فعاليات جماهيرية ضاغطة ضد مخطط الضم، مشيرة إلى أن الـرد على تحويل الاحتلال الضفة إلى منطقة عسكرية مغلقة وتعزيزها بشن حملة اعتقالات واسعة، يستدعي ضرورة تنظيم مسيرات شعبية عارمة تخرج في كل المناطق، وتحويل الأيام المقبلة إلى «أيام غضب عارم».

ولم تكن مواقف السياسيين وحدها الحاضرة في الميدان، فإلى جانب ذلك كان الغضب الجماهيري الذي ترجم إلى حملات إعلامية كبيرة غزت العالم الأزرق، وتهديدات مباشرة للمقاومة الفلسطينية المسلحة.

وقبل بداية الشهر الجاري، الموعد الذي حددته حكومة الاحتلال للإعلان عن خطة الضم، بث الناطق باسم الجناح العسكري لحركة حماس أبو عبيدة كلمة أنذر فيها الاحتلال من مخاطر العملية، كونها تمثل «إعلان حرب» وقال «المقاومة في هذه الحرب ستكون الحارس الأمين والوفي للدفاع عن شعبنا وأرضه ومقدساته» مؤكدا أن المقاومة ستجعل الاحتلال «يعضّ أصابع الندم على هذا القرار الآثم .»

ولم تكتف المقاومة بهذه الكلمات، بل أوصلت رسائل مباشرة لإسرائيل، تمثلت بإطلاق رشقة مكونة من 24 صاروخا تجريبا تجاه البحر، وكأنها تقول أن إعادة توجيهها لمناطق إسرائيلية أمر وراد في كل لحظة، ردا على خطة الضم.

وسبق وأن توقعت مصادر عسكرية وأمنية إسرائيلية، أن تقوم جهات مسلحة من قطاع غزة، بإطلاق صواريخ صـوب المناطق القريبة من القطاع، حيث نشر جيش الاحتلال خلال اليومين الماضيين المزيد من بطاريات «القبة الحديدية» المضادة لصواريخ المقاومة في المناطق القريبة من الحدود.

وفي إطار مراقبة ما يجري في قطاع غزة، دفعت قوات الاحتلال بمزيد من الطائرات الاستطلاعي­ة لتجوب أجواء القطاع، وعلى ارتفاعات منخفضة منذ فجر الأربعاء الماضي، كما قرّر رئيس بلدية عسقلان، فتح الملاجئ ورفع حالة التأهب في المدينة تحسبًا لتجدد إطلاق الصواريخ من قطاع غزة رداً على قرار خطة الضم، ونقلت تقارير إسرائيلية عنه القول «هذا القرار اتخذ عقب نقاشات أجراها مع جهات أمنية» مؤكدًا أنه يستعد منذ أسبوع لسيناريوها­ت تصعيد استعدادا لإعلان الضم.

وعلى الصعيد الإعلامي، انطلقت حملة عبر وسائل الإعلام الفلسطينية رفضًا للخطة الاحتلالية نشر خلالها المشاركون العديد من التدوينات على مواقع التواصل مستخدمين هاشتاغ «لا للضم» وأفادت المنسقة الإعلامية شذى حمّاد، أن الحملة تهدف إلى الحديث عن خطورة خطة الضم والرفض الشعبي لها، وكيفية مواجهتها من خلال تخصيص برامج أو موجات خاصة بكل وسيلة إعلامية.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom