Al-Quds Al-Arabi

لماذا لن يعود بوغبا إلى يوفنتوس

- لندن «القدس العربي»:

أثار بول بوغبا إعجاب مشجعي مانشستر يونايتد، بظهوره اللافت منذ أن وطأت قدماه أرض الملعب أمـــام توتنهام، فـي أول مـبـاراة للشياطين الحـمـر بعد التوقف بسبب أزمـة كورونا، التي أحدث خلالها الفارق كما يقول الكتاب، وكـمـا يـريـد عـشـاق الــنــادي من النجم الأول والصفقة الأغلى في تـاريـخ يونايتد، باستعادة ولو جزء بسيط من النسخة المبهرة، التي كان عليها مع فريقه السابق يوفنتوس، وجعلت المدير التنفيذي إد وودوارد يضحي بقرابة الـ90 مليون جنيه إسترليني في صيف 2016، ليوقع معه قبل ريال مدريد.

عـاد النجم الفرنسي إلـى بيته القديم في «مسرح الأحلام»، ليقود أحـدث مشاريع إدارة مانشستر يونايتد، لإنهاء سنوات التخبط بعد تقاعد شيخ المــدربــ­ن سير أليكس فيرغسون، بإسناد المهمة للمثير للجدل جـوزيـه مورينيو عقب إقالة الهولندي لويس فان خال، ومن قبله الاسكتلندي ديفيد مـويـز، وكــان الجميع فـي الجـزء الأحمر من العاصمة الثانية، يعول على بوغبا، ليكون الرجل المخلص، الـــذي يساهم فـي عـــودة أمجاد الماضي غير البعيد، بقيادة الفريق ولـــو للمنافسة بشكل حقيقي على البطولات المحلية والقارية، وبالأخص البطولة المفضلة للنادي وعشاقه البريميرلي­غ، لكن على أرض الواقع، حدث ما لم يتوقعه أكثر المتشائمين، بظهور اللاعب بصورة مغايرة تماما لما كان عليها مع أنطونيو كونتي وماسيميليا­نو أليغري في يوفنتوس، فقط أنهى مـوسـمـه الأول، بشكل مقبول نوعا ما على المستوى الجماعي، بالفوز بكأس الرابطة واليوربا ليغ، بينما على المستوى الفردي،

لـم يسجل ســوى تسعة أهــداف وصناعة خمسة في 4350 دقيقة لعب على مدار الموسم. ومع الوقت، خسر ثقة المشجعين، والأمـــر لا يتعلق بمستواه المحبط والمخيب لــآمــال فـحـسـب، بــل لأسـبـاب أخرى تتعلق بسلوكه ومشاكله، خصوصا في الشهور الأخيرة في ولايــة «سبيشال وان»، بجانب تصريحاته المستفزة بالنسبة للمشجعين، على غــرار مـا فعله الصيف الماضي، باعتراف واضح وصريح، بأنه يرغب في البحث عن تحد جديد، وذلك في أوج لحظات اقــتــران اسـمـه بالكبيرين ريــال مدريد وناديه السابق يوفنتوس، هذا ولم نتحدث عن مكايدة وكيل أعماله مينو رايــولا للمسؤولين، بتصريحات اعتبرها البعض مهينة للنادي وإدارتــــ­ه، للطريقة التي قلل بها من شأن النادي، لدرجة أنه قال: «بيئة مانشستر يونايتد مدمرة حتى لو تعاقدت مع بيليه ومارادونا ومالديني،» وذلك في أسوأ مواسم موكله على الإطلاق في مسيرته كلاعب، بمشاركته في 9 مباريات فقط قبل التوقف بسبب أزمـــة كــورونــا، بسبب إصاباته المروعة.

قبل عودة بوغبا وتفشي الوباء العالمي في بريطانيا وأوروبا، كانت كتيبة أولي غونار سولشاير، تبدو وكأنها تسير بخطى ثابتة نحو الطريق الصحيح، بعد ظهور بصمة المبدع برونو فيرنانديز، بتفادي الهزيمة في 11 مباراة على التوالي، شهدت توقيع 29 هدفا في مرمى المنافسين مع حفاظ على نظافة الحارس دافيد دي خيا في ثماني مباريات، وهذا لم يحدث من قبيل الصدفة، بل للطفرة التي أحدثها البرتغالي بأثر فـوري، منذ لحظة وصـولـه مـن لشبونة، بأسلوبه الأنــيــق، وقــدرتــه على المــراوغـ­ـة والاحــتــ­فــاظ بـالـكـرة وتمـريـرهـ­ا

بمنتهى الدقة في الثلث الأخير من الملعب، ما ساهم في تنوع الهجوم وزيـــادة مـحـاولات خلق الفرص الحقيقية على المنافسين، لوجود لاعـب خـاق يملك من الجــودة ما يكفي، لتحرير بوغبا من القيود داخـــل المستطيل الأخـضـر ومن الضغط الجماهيري في الخـارج. وظــهــرت المــؤشــر­ات سريعا في أول نصف ساعة لعب بينهما بعد كورونا، بثنائية من كوكب آخر في الشوط الثاني أمام السبيرز، لعثور بــول على لاعــب بمستوى لا يقل كثيرا عن جودة زملائه السابقين في وسط يوفنتوس وكذلك رفاقه الحاليين في فرنسا، وهذه كانت واحــدة من مشاكله قبل وصول فيرنانديز، فارق المستوى والجودة والطموح والموهبة بينه وبين كل لاعبي الوسط بدون استثناء، لأنه ليس صانع لعب في الأساس، بل مفتاح لعب تنفجر طاقته بتوظيف صحيح في وسط الملعب، بوضع الـكـرة بـن قدميه فـي مساحات فارغة بالقرب من منطقة الجزاء أو على حدودها، هنا تظهر قيمته، إما بالحل الفردي في أهم مكان في الملعب، كما أجبر إيريك داير على إعاقته في لقطة ركلة الجزاء، الـتـي سجل منها بــرونــو هدف تفادي الهزيمة في المباراة الـ12 على التوالي، قبل أن يرتفع العدد لـ15 مباراة، بعد اكتساح شيفيلد يونايتد وبرايتون بالثلاثة وتخطي نوريتش سيتي في ربع نهائي كأس الاتحـاد الإنكليزي، وإذا تطورت هذه الشراكة في المستقبل القريب بنفس ما شاهدناه في أول ثلاث مباريات ليونايتد في البريميرلي­غ عقب انتهاء التوقف، ستصب في مصلحة الجميع، بعودة شخصية مانشستر يونايتد المفقودة منذ تقاعد فيرغسون، وأيـضـا تغير موقف اللاعب بشأن مستقبله في «أولـد ترافورد»، بخلاف المكسب المتبادل بانتعاش قيمته السوقية بعد الهبوط لأدنــى مستوى في الشهور الأخيرة. تحد وإغراء

يعتبر اللعب في دوري أبطال أوروبـــا مـن الأشــيــا­ء الضرورية بالنسبة لـاعـب بحجم وقيمة بوغبا، ومـعـروف أن يونايتد لم يفقد الأمل في الظفر بأحد المراكز المؤهلة لذات الأذنين الموسم المقبل، بمنافسة ليستر سيتي وتشلسي على المـركـزيـ­ن الثالث والــرابــ­ع، وحتى إن لم يحالفه التوفيق في الصراع على مراكز البريميرلي­غ، ستكون أمامه فرصة أخرى، بتكرار سيناريو 2017، باستهداف بطاقة الأبطال من خـال اليوروبا ليغ، أو في أضعف الإيمــان، المشاركة بــدلا مـن جــار المدينة مانشستر سـيـتـي، إذا لــم تخفف المحكمة الدولية العقوبة المفروضة عليه من قبل الاتحـاد الأوروبــي، بمنعه من المشاركة في مسابقات اليويفا لمدة موسمين، إذا لم يفرط في مركزه الخامس الحالي، ولا ننسى أنه لم يف بوعده السابق للمشجعين، بأنه عاد إلى بلاد الضباب للمرة الثانية لاستكمال أعــمــال غير منتهية في «مسرح الأحلام». ومن الواضح، أنه بعد ما يكمل أعماله بالطريقة الـتـي رسمها لنفسه بعد مـــرور أربـعـة مــواســم، وفي حـال قـرر المـغـادرة هـذا الصيف، ستكون شهادة اعـتـراف بفشله في البريميرلي­غ، وفرصة على طبق من فضة للكارهين والمنتقدين، لذا سيصعب عليه اتخاذ قرار الرحيل في المستقبل القريب، منها ليتكفل بحق الرد على المشككين، وبعض مشجعي النادي، الذين يطالبون ببيعه منذ فترة طويلة، ومنها أيضا إنقاذ سمعته، كلاعب من الطراز العالمي ومن الأفضل في مركزه، وهـــذا لــن يـحـدث إلا باستغلال الفرصة الأخيرة، بالمساهمة في عودة شخصية مانشستر يونايتد الحقيقية فـي مـا تبقى مـن هذا الموسم والموسم المقبل، على الأقل، لإنقاذ مشروع سولشاير بمنحه أول بطولة في مشواره مع النادي.

بصرف النظر عن البند الذي يتيح للنادي مد عقد بوغبا لموسم آخــر، فاللاعب سيكون مضطرا وربما مجبرا على تأمين مستقبله فـــي مـانـشـسـت­ـر، وهــــذه المـــرة،

ليس لتشبث الإدارة ببقائه، بل لتغير أوضــاع وأحـــوال الراغبين في ضمه بعد أزمــة كـورونـا، في مقدمتهم يوفنتوس، الذي تضرر كثيرا مـن الناحية الاقتصادية بسبب الجائحة، بالإضافة إلى ذلك، يملك جيشاً من اللاعبين في مـركـزه، منهم على سبيل المثال

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom