Al-Quds Al-Arabi

هل كانت لوحة محمد الفاتح التي اشترتها بلدية إسطنبول بمليون دولار «مزيفة»؟

- إسطنبول ـ «القدس العربي» من إسماعيل جمال:

أثارت لوحة الســلطان العثماني محمد الفاتح التي اشترتها بلدية إسطنبول في مزاد علني في لندن بقيمة قرابة مليون دولار، جدلاً واسعاً في البلاد، تنوع ما بين أهمية الخطوة وحقيقة اللوحة وســعرها وغيرها من التفاصيل.

ولأيام طويلــة، تواصل جدل واســع حول جدوى هــذه الخطــوة وأهميتها لا ســيما في ظــل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلدية والبلاد بشــكل عام، وانتشــرت عشــرات آلاف التغريدات والمواقف على وسائل التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض لهذه الخطوة.

لكن الأيام الأخيرة شهدت جدلاً من نوع آخر، أثاره مؤرخون ومختصون حول ما إن كانت اللوحة حقيقية وتعــود بالفعل إلى حقبة محمد الفــاتح، أم أنها لوحة مزورة تمكن أصحابها من خداع البلدية.

وقبل نحو أســبوعين، أعلنت بلدية إسطنبول أنها اشترت لوحة للســلطان محمد الفاتح بقيمة 770 ألف جنيه اســترليني )قرابــة 948 ألــف دولار(، في مزاد علني في العاصمة البريطانيـ­ـة لندن. وأوضحت أنها تعتبر إحدى اللوحات الثلاث الأصلية للسلطان محمد الفاتح. ويُعتقد أن اللوحة المذكورة تم الحصول عليها من ورشــة الرســام الإيطالي جنتيــل بيلين )-1429 1507(، وأنهــا رُســمت مــن قبل بيلين نفســه أو أحد تلامذته في عام 1480.

وجاء شــراء اللوحة فــي ذروة خلافات كبيرة بين الحكومة والمعارضة حول محمد الفاتح.

وخلال احتفالات بذكرى فتح إســطنبول الشــهر الماضي اًتهم أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إســطنبول الكبرى بـ«عــدم احترام تاريخ محمــد الفاتح» وذلك بعدما ظهــر وهو يزور قبــره وقد ســار بطريقة غير رسمية مكبلاً يديه خلف ظهره.

كما جاءت هذه الخطوة في خضم الخلافات الكبيرة حول نية الحكومة إعادة تحويل آيا صوفيا من متحف إلى مسجد على غرار ما فعل محمد الفاتح من تحويلها من كنيسة إلى «مسجد»، وهي الخطوة التي لا تؤيدها المعارضة.

المؤرخ التركي الشــهير مراد بارداكتشــ­ي شكك في حقيقة اللوحة التي اشــترتها بلدية إســطنبول، وأكد عدم وجود أدلة تثبت ما إن كانت اللوحة تعود بالفعل للرسام الإيطالي «بيلين» أم أنها «مزيفة».

وكتب المؤرخ في مقال له في صحيفة «خبر تورك»: «اللوحة مجهولــة، لا توجد أي أدلة أو معلومات تثبت

ما إن كانت رســمت في معمل الرســام الإيطالي بيلين أم لا، البلدية اشــترتها ليس بناء على أدلة ولكن على مجرد أقاويل وادعاءات لم يتم التثبت منها» .

النائب عن حزب الشــعب الجمهــوري أكبر أحزاب المعارضــة التركية إلهان كســيجي، ورغــم أن رئيس بلدية إســطنبول ينتمــي لنفس حزبــه، إلا أنه وجه انتقادات لاذعة لشــراء اللوحة، معتبــراً أنه لم يجر التحقق منها ومشكوك في أصلها، لافتاً إلى أنه لا يمكن لإمام أوغلو «الترويج لنفسه بهذه الطريقة» .

وقال النائب في البرلمان في لقاء تلفزيوني: «لوحة بســعر قرابة 8 ملايين ليرة مــع مصروفاتها الأخرى )قرابة 1.2 مليون دولار( يتم شراؤها بناءً على أقاويل أنها رســمت في معمل الرســال الإيطالي بيلين، ما هذا الاســتهتا­ر، من الذي رســم اللوحة؟ من الذي يوجد بالصورة إلى جانــب محمد الفاتح؟ غير معروف، إنها لوحة مزيفة» .

ومن بين عشرات المقالات التي كتبت حول القضية، اتهمت مقالات إمام أوغلو بمحاولة لعب دور سياســي بعيداً عن منصبه كرئيس للبلدية.

واعتبر أحد الكتــاب أن إمام أوغلو الذي رفض قبل أسابيع فقط تعبيد شارع أمام مستشفى في إسطنبول بحجة عدم وجــود ميزانية كافية دفــع مليون دولار لشراء لوحة لتحقيق أهداف سياسية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom