Al-Quds Al-Arabi

قوى سنية عراقية تنتقد التعيينات الأمنية وتشكو عدم مراعاة التوازن

أنباء عن قرب تسلّم العبيدي رئاسة جهاز المخابرات... والتركمان يرفضون تغيبهم

- بغداد ـ «القدس العربي» من مشرق ريسان:

أبــدت القــوى السياســية الســنّية والتركماني­ــة، رفضهــا للسياســة التي ينتهجهــا رئيــس الــوزراء مصطفــى الكاظمي، في إسناد "الدرجات الخاصة"، وتحديــداً الأمنية منها، إلى شــخصيات شيعية من دون مراعاة مبدأ "التوازن" بين المكونات العراقية، رغــم إقرارهم بكفاءة تلك الشخصيات.

وأنهى الكاظمي تكليــف فالح الفياض من منصبيه )رئيس جهاز الأمن الوطني، ومستشــار الجهاز(، وقرر إسناد المنصب الأول، للفريق الركــن المتقاعد، قائد قوات جهاز مكافحة الإرهاب السابق، عبد الغني الأسدي، فيما منح المنصب الثاني للنائب الحالي والوزير الســابق عن كتلة "بدر"، قاسم الأعرجي.

وتعليقاً على ذلك، أثنى تحالف "القوى العراقية" بزعامة محمد الحلبوســي، على التغييرات التــي أجراها الكاظمي لمناصب أمنية رفيعة، في حين دعا للاســتفاد­ة من طاقات عسكرية وأمنية ومدنية "يزخر بها المكون السني".

وقال التحالف، في بيان صحافي، "في ظــل الواقع السياســي والأمني الذي يمر به العراق اليوم تبرز الحاجة إلى إحداث تغييــرات نوعيــة فــي الإدارات الأمنية والعمل لاختيار الكفــاءات الميدانية التي أثبتت إمكانياتها وقدراتها عملياً في إدارة معارك الأمن والتحرير ضد قوى الجريمة والإرهاب".

وأضــاف: "من هــذا المنطلــق، يعتبر تحالف القــوى العراقية أن تكليف رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، للنائب قاســم الأعرجي وزير الداخلية الأســبق وقائــد معــارك التحرير الفريــق الأول الركــن عبدالغني الأســدي، خطوة مهمة وضرورية في مسار بناء دولة المؤسسات، وتفعيل الدور الأمنــي والمعلومات­ي الذي يعتبر معياراً لقوة الدول في الحفاظ على أمنها واستقرارها الداخلي".

وتابع: "مــع تقديرنا وثنائنــا لهذين الخياريــن النوعيين وثقتنــا الكبيرة في كفاءتهما وإمكانياته­ما، إلا أننا ومن منطلق المسؤولية التضامنية والشراكة في إدارة الدولــة نرى من الأهميــة أن يؤخذ معيار التوازن الوطني وفق لما رســمه الدستور فــي مادتــه )9/ب( في نظــر الاعتبار في المؤسسات والمواقع العسكرية والمدنية في الدولة العراقيــة"، مؤكدين على ضرورة "الاستفادة من توظيف واستثمار الطاقات والكفاءات العســكرية والأمنية والمدنية الوطنية التــي يزخر بها مكوننا والذين لا يقلون خبرة وقدرة عن السيدين الأعرجي والأســدي، وهو مــا يعــزز أركان البناء النوعي للمؤسســات العراقية بشكل عام والعسكرية والأمنية على وجه الخصوص ويدعم الشراكة في إدارة الدولة ويسقط ورقة التوت عن المزايدين سياسياً وحزبياً وأن يسهم جميع اطياف الشعب بالتصدي للإرهاب والجريمة المنظمة وحفظ القانون وسيادة الدولة".

وأشار إلى أن "موقفنا الثابت في تحالف القوى العراقيــة بدعم خطوات بناء دولة المؤسسات لن يكون معرقلاً لأي إجراءات إصلاحية نوعية حقيقيــة تعتمد الخبرة والكفاءة والمهنية والتوازن في مضمونها، إيمانا منا كشــركاء وطن في مسؤوليتنا المشــتركة بدعم وتقــديم الكفوء المخلص والعراقي الخالــص المؤمن بالعراق وطنا لجميع العراقيين دون تمييز".

تحالفــا "المحافظات المحــررة" و"جبهة الانقاذ" الســنيان، أعلنا، كذلك، رفضهما للتغييرات التــي أجرتها حكومة الكاظمي علــى المناصــب "الأمنيــة"، وحــذرا من "تهميش المكون السني".

فوضى جديدة

فقد أبــدى تحالف المحافظــا­ت المحررة "الســنّي"، رفضه للتغييــرا­ت التي أجرتها الكاظمــي على المناصب "الأمنيــة"، محذراً من فوضى جديدة وخلافات سياسية جراء "تهميش المكون السني".

وقال فــي بيان، إنــه "في ظل المشــهد السياسي الحالي المتسم بالتخبط في تقدير الأمــور أحيانــاً، تطفو بين الحــن والآخر مسائل لابد من الالتفات إليها ونحن نسعى لرأب الصــدع وزيــادة اللٌحمــة الوطنية

وتوجيه الأنظــار إلى ضــرورة الالتفاف حول الحكومة ومؤازرتها للنهوض بالواقع العراقي والعمل لمستقبل أفضل".

وأضــاف: "اليــوم وبعد دحــر داعش وإعلان النصر عليــه، تخلفت وراءه آلاف صور الدمار والخراب في المدن التي سيطر عليها وســعى إلى تدميرها وهي كما يطلق عليهــا وبعيداً عــن الفئويــة )المحافظات السنية("، مشيراً إلى أن "هذه الصور التي تعمل الحكومة على وأدها وإحلال الإعمار والبناء فيها لتعود أفضل من قبل، باتت هم المواطن في تلك المحافظات لنسيان ما فقده من الأهل والبيت".

واعتبر أن "ما يجــري الآن من تهميش للمكون الســني في عملية منــح المناصب الأمنيــة الجديــدة، لمن هم خــارج المكون واســتبعاد­ه من مشــهد التمثيــل الأمني بالتأكيــد ســيؤدي إلى فوضــى جديدة وخلافات سياســية، بل ويمكن أن يتســم

هذا الخــاف وينعكس اجتماعياً في عراق متنوع".

وتابع: "مع كامل احترامنا للشخصيات الوطنية المرشــحة لهذه المناصب كالسيد قاســم الاعرجــي والفريــق عبــد الغني الأســدي وما قدموه خدمــة للعراق، نحن ومــن مســؤوليتن­ا فــي أننا نمثــل كتلة المحافظــا­ت المحــررة، نعلن رفضنــا لهذا التصرف، ونؤكد مــن جديد على أهمية أن تــدرك الحكومة أن هنــاك توازنا لابد منه في التمثيل والمناصب خصوصا في الملفات الأمنية والاقتصادي­ة والسياسية بعيداً عن المحاصصة والفئوية"، مشــددا على "ســد الطريــق بوجه اســتنكارا­ت جديدة نحن في غنىً عنها والكل منشغل بوضع الآليات والحلول والمقترحات للتغلب على الأزمات التي تعصــف بالبلد وعلى رأســها الأزمة الاقتصاديـ­ـة الحالية والحفــاظ على أمن وسيادة البلد".

وختــم البيــان قائلا، "علــى الحكومة إعــادة النظر فيمــا اتخذت مــن قرارات جديدة بشــأن المناصب الأمنيــة من أجل مسيرة آمنة وتوازن مطلوب".

وأيضــاً، أصــدرت جبهــة "الانقــاذ والتنمية"، بزعامة أســامة النجيفي بياناً صحافياً بشــأن "تهميش السنّة" من تولي قيادة المناصب الأمنيــة، جاء فيه: "تجري الحكومــة في الوقــت الحاضــر مراجعة للمناصب الأمنية وبعض الهيئات المستقلة ضمن برنامجها للتغيير والإصلاح".

التوازن الوطني

وأضــاف: "جبهة الإنقــاذ والتنمية، إذ تعبــر عن ثقتها بالشــخصيا­ت التي تم اختيارهــا لهــذه المناصــب الأمنية الحساســة، وتشــيد بدورها الوطني خلال الفترة السابقة، تود تذكير رئيس

مجلــس الــوزراء بموضــوع التوازن الوطنــي وضرورة المشــاركة الحقيقية لشــركاء الوطن في صنع القرار وإدارة المؤسسات الحساســة، وهذا من شأنه أن يبعــث رســائل طمأنــة للجميع أن هنــاك فرصة لإصــاح حقيقــي، وأن النســيج الوطني ســيزداد تماسكه في ظــل الحكومة الجديدة، وليســت هناك أزمة ثقة بالشــركاء الذين قدموا الغالي والنفيــس في الفتــرة الماضية من اجل أمن واســتقرار العراق، وقد آن الأوان، أن يكون الجميع على قدم المســاواة في خدمة أهلهم وبلدهم".

حمّلــة الانتقاد لــم تكن حكــراً على الموقــف الســنّي، بــل امتدت لتشــمل التركمــان، إذ دعــا النائــب مختــار الموســوي، الكاظمي للتمثيــل المتوازن للمناصــب الأمنيــة وفق المــادة 9 من الدستور العراقي.

وقــال، فــي بيــان، أن "التركمــان ومناطقهــم كانــت مــن أشــد المناطق اســتهدافاً للمنظمات الإرهابية وامتزج دمائهــم مع دمــاء الوســط والجنوب بالآلاف من الشــهداء والجرحى والمئات من المختطفات التركمانيا­ت لدى داعش الإرهابي".

وشدد على "ضرورة تمثيل التركمان في المؤسســات والمناصب الأمنية، وقد اثبــت التركمان جــدارة فائقة ومميزة في اســتقرار المناطق ودحر الإرهاب في المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش الارهابي".

وحذر، "من عــدم تمثيل التركمان في المناصب الأمنية والإداريــ­ة في كركوك ونينــوى وصــاح الديــن فــي الأيام المقبلة"، مشــيرا إلــى أن "تغييب مكون مهم ســينعكس على مصداقية الحكومة المقبلة".

في المقابل، كشف النائب السابق عن محافظة نينوى، عبد الرحمن اللويزي، عن معلومات تفيد بنيّة الكاظمي، إسناد منصب رئيس جهاز المخابرات إلى وزير الدفاع الأســبق، النائــب الحالي خالد العبيدي.

وقال، فــي منشــور علــى صفحته فــي "فيســبوك"، "أنا متعاطــف مع كل السياســيي­ن السُــنًّة الذيــن طالبــوا بالشــراكة في القرار الأمنــي، وأنا على ثقة تامة أن الكاظمي ملتزم بتحقيق تلك الشراكة".

ومضى قائلاً: "قد نُقِــلَ إليَّ أن هناك إمكانية كبيــرة لتعيين الدكتــور خالد العبيــدي، فــي منصب رئيــس جهاز المخابرات الوطنــي، لكن هذا الخبر أثار في نفســي هذا التســاؤل: لقد ثبت من خلال ســيرة الرجل أنــه كان يتنصت على جلسائه ويسجل لهم، وقد استعمل تلك التســجيلا­ت للإطاحــة بخصومه السياسيين عندما شــعر بالخطر "، في إشارة إلى جلسة اســتجواب العبيدي إبــان تولي ســليم الجبوري رئاســة البرلمان في الدورة البرلمانية الماضية.

وزاد: "هــل يمكن أن نأتمن شــخصاً خان جلســاءه وســجل لهم أحاديثهم الخاصة وأســتخدم تلك التســجيلا­ت ضدهم، في ســلوك أقل ما يوصف به هو قِلَّةُ المــروءة، هل من الممكــن أن يؤتمن هذا الرجــل على خصوصيــات الناس فيوضع تحت تصرفه أرفــع جهاز أمني يملك كل تلك الإمكانيات الفنية والتقنية للتنصت؟".

وعبّر، عن "خشيته" من أن "إذا انتهى ضغط السياســيي­ن الســنة على رئيس الوزراء بدفع الأخير إلى تعيين العبيدي على رأس جهاز المخابــرا­ت، وأن تكون تلك الشــخصيات السياسية المتحمسة اليوم للشــراكة في القــرار الأمني، هي أول ضحايا العبيدي، فينشــر غســيل بلاروســيا )صفقة تســليح ومدرعات ومقاتــات( وحديــث بيــع المناصــب وصفقاتها المشبوهة".

ودعــا إلى "حســن الاختيــار، وكما اعتمــد الكاظمي على شــخصيات ذات خلفيــة أمنية فــي إدارة وزارتي الدفاع والداخلية وجهاز الأمــن الوطني، مثل الجبوري والغانمي والأسدي، فبوسعه أن يعمــد إلى اختيار شــخصيات أمنية أخرى يكون منجزها ملموساً في الميدان، ولا يكــون كل رصيدها هــو العنتريات والشــتائم، حتى إذا ولجت قبة البرلمان التزمت الصمت ولم يســمع لها صوت"، على حدّ قوله.

 ??  ?? رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom