Al-Quds Al-Arabi

الرباط ترد على اتهامات «العفو الدولية» وتطالبها من جديد بتقديم أدلة ملموسة

في حرب بيانات اندلعت بينهما على خلفية تقرير للمنظمة يتهمها باستخدام برنامج إسرائيلي للتجسس على ناشط مغربي

- الرباط – «القدس العربي» من محمود معروف:

ســارعت الحكومــة المغربية إلــى الرد على منظمــة العفــو الدوليــة فــي حــرب بيانــات اندلعــت بينهمــا علــى خلفية تقريــر للمنظمة يتهم الســلطات المغربية باســتخدام برنامج إســرائيلي للتجســس على صحافي وناشط مغربــي، وهو مــا رفضــه المغــرب وطلب من المنظمة أدلة ملموسة على اتهاماتها.

وأكدت حسناء الطريبق، مديرة الدراسات القانونية والتعــاون الدولي في وزارة الدولة المكلفــة بحقــوق الإنســان والعلاقــا­ت مــع البرلمان، أن ســلطات بلادها «ما زالت تنتظر» جواباً مــن منظمة العفو الدولية على رســالة رئيــس الحكومة، وأن «الســلطات المغربية ما زالــت تنتظر الأدلة العلمية المقنعة التي طالبت بها .»

وأوضحت أنه على مســتوى الشــكل، فإن رسالة المديرة الإقليمية لا تجيب على مراسلة رئيس الحكومة، مضيفــة أن المديرة الإقليمية «ليســت الجهــة المرســلة إليهــا، ولا تمثــل المستوى الذي توجه إليه رئيس الحكومة.»

وذكــرت أن رئيس الحكومــة كان قد وجه مراسلته إلى الأمينة العامة بالنيابة للمنظمة، وليــس إلى مديــرة المكتب الإقليمــي للمنظمة في منطقة الشرق الأوســط وشمال إفريقيا. كمــا أن رئيس الحكومــة وجه مراســلته لمقر المنظمة فــي لندن وليس إلــى المكتب الإقليمي في تونس.

وأضافــت أنه على مســتوى الجوهر، فإن رســالة المديــرة الإقليميــ­ة للمنظمــة «اكتفت باجتــرار الإدعــاءا­ت الواهيــة والاتهامــ­ات المجانيــة المتضمنــة فــي التقرير نفســها ، من دون تقديم أدلة علمية أو حجج موضوعية.»

وبعد نشر منظمة العفو الدولية )امنستي(، يــوم 22 حزيران/ يونيو الماضــي، تقريراً عن تجســس الســلطات المغربية على الصحافي عمر الراضي باختراق هاتفه بواسطة برنامج تابع لمجموعة «إن إس أو» الإســرائي­لي، وجه رئيس الحكومة المغربية رســالة للمنظمة قال فيهــا إن عليها تقديم الدلائل علــى ما تضمنه تقريرها حول التجســس على الراضي، نافياً جملة وتفصيــاً كل الادعاءات الــواردة فيه،

معتبــراً إياهــا اتهامــات خطيــرة ومغرضة، متهمة المنظمــة الحقوقية بـ«التحامل المنهجي والمتواصل منذ ســنوات ضد مصالح المغرب، وتبخيــس مــا حققــه مــن تقــدم ومكاســب مشــهود بهــا عالمياً»، وهــو ما أكــده عدد من الوزراء المغاربة في نــدوة صحافية الخميس الماضــي، واتهموا المنظمــة بعــدم المصداقية وعــدم المهنية وخدمة أجنــدات غير حقوقية، ولم يســتبعدوا قيام المغــرب بإجراءات تجاه المنظمة، من بينها إغلاق مكتبها في الرباط.

المنظمة تؤكد اتهاماتها

وردت المنظمة، السبت: «إن الهجمات التي شــنتها الســلطات المغربيــة علــى مصداقية منظمة العفو الدولية، وحملة التشــهير، تبين مدى عدم التسامح الذي تبرزه هذه السلطات وانتقاد ســجلها في مجال حقوق الإنسان». وأكــدت أن هاتــف عمر راضي تعــرض لعدة هجمات عن طريق تكنولوجيا جديدة متقدمة تســمح بتنصيب «بيغاسوس» بشكل سري، وهو برنامج تجســس أنتجتــه مجموعة «أن أس أو» وأنهــا بعثت برســالة إلــى الحكومة المغربيــة تؤكــد فيهــا صحــة النتائــج التــي خلــص إليها بحث المنظمة، وتقــدم مزيداً من التفاصيل حول منهجية البحث لديها.

وقالت إنها «ليســت هي المــرة الأولى التي يتم فيها الســعي إلــى تقويض عمــل منظمة العفــو الدوليــة» مؤكــدة أن ذلــك «تزامن مع القمع المتزايــد داخل البلاد، فالعشــرات من النشطاء الحقوقيين والصحافيين المستقلين والمحتجين، في السجون حالياً.»

وتمســكت المنظمــة بمــا ورد فــي تقريرها بــأن «الأدلة التقنية التي اســتخلصها باحثو المنظمة مــن هاتف عمر راضــي بوضوح إلى أن برنامــج بيغاســوس تم تثبيتــه بشــكل معــن، من أشــكال الهجوم الرقمــي الذي تم تحديــده فــي تقاريرنا على أنه «حقن شــبكة الاتصــالا­ت»، الأمــر الــذي يتطلــب ســيطرة علــى مشــغلي الهاتــف المحمول فــي الدولة للتنصــت على اتصــال هاتف عمــر المحمول عبــر الإنترنت، والذي لا يمكن إلا للحكومة أن تأذن بــه». وأن «نتائج منظمــة العفو الدولية تتطابق مع نتائج تقارير لمنظمات أخرى، مثل «الخصوصيــة الدوليــة »، و«مختبر المواطن » التي قامــت بتوثيق شــراء الحكومة المغربية

لتكنولوجيا المراقبة واستخدامها.

ورد الصحافــي المغربــي عمــر الراضــي على ما ورد على لســان الــوزراء المغاربة في ندوتهــم يوم الخميــس في نــدوة صحافية، حيــث «قالــت الحكومــة، ودون تســميتي، أنني موضوع بحث قضائي في شــبهة المس بســامة الدولــة، لارتباطي بضابــط اتصال لدولة أجنبية».

وأضــاف فــي تدوينــة علــى حســابه الشــخصي على «فيســبوك»: «هكــذا علمت بذهــول واندهــاش كبيريــن، عــن موضــوع التحقيــق التمهيدي الذي يجــري معي، وأود إثارة انتباه الــرأي العام إلى ما يلي: في إطار هــذا التحقيــق الذي تجريــه الفرقــة الوطنية للشــرطة القضائيــة، أجبــت حتــى الآن عن اســتدعاءي­ن بتاريــخ 25 حزيــران/ يونيو و 2 تمــوز/ يوليــو 2020، ولــم يتــم توجيه أي ســؤال لي يخص هذا العميل الاستخبارا­تي المزعــوم». و»إجابتي واضحة ولا لبس فيها: لــم أكن قط في خدمــة أية قــوة أجنبية، ولن أكون ما دمت على قيد الحياة».

وقالــت الحكومــة المغربيــة إن مــا ورد في تقرير أمنســتي هــو «محاولة اســتغلال

وضعيــة صحافي مغربي متــدرب ادعت أنه تعرض لعملية التجسس المذكورة. وهو نفس الصحافي المتــدرب موضوع بحــث قضائي حول شــبهة المس بســامة الدولة، لارتباطه بضابط اتصال لدولة أجنبية، تتحفظ المملكة المغربية عن الكشــف عــن هويتــه الحقيقية، انسجاماً مع أعراف وتقاليد المجتمع الدولي. وهــو الضابط الذي كان موضوع تســريبات في تموز/ يوليو 2013 بهويته الكاملة، بعدما اشــتغل تحت غطاء دبلوماسي منذ 1979 في المناطق الساخنة عبر العالم.»

الراضي: أنا لست جاسوساً

لا أن مصــادر إعلاميــة مغربيــة قالــت إن المخبــر الأجنبــي الــذي يتعامــل معــه عمــر MI6( الراضيهوضا­بطفيجهازإم­أي6 ) )جهاز الاســتخبا­رات الخارجية البريطانية( الذي اشــتغل في طهــران )إيــران( وكابول )أفغانستان( وموسكو )روسيا(. كما شغل منصب مستشار سياســي للمفوضية العليا البريطانيـ­ـة فــي أوتاوا )كنــدا( وكان عضواً في القيادة العســكرية للقوات البريطانية في يوغسلافيا الســابقة، ولديه خبرة كبيرة في مجال الاستخبارا­ت».

وقالــت إن المعلومــا­ت الثمينــة وحدهــا هــي التي يمكــن أن تبرر تعامــل ضابط بهذا المســار مع عمــر الراضــي، وتســاءلت: «هل يجــب أن نذكر بأن المنظمــة التي تتهم المغرب بالتجسس الإلكتروني تنتمي إلى البلد نفسه الذي ينتمي إليهــا الضابط الذي يرتبط بعمر الراضــي؟ إنها صدفــة مزعجة تفتــح الباب أمام جميع الفرضيات».

ورد الراضــي في تدوينته: «بعد ســاعات قليلــة مــن هــذا البيــان الحكومــي، نشــر موقــع إخبــاري معلومــات تخبرنــي عــن الصــات المزعومــة التي تجمعني بـــضابط اســتخبارا­ت بريطانــي، وهــذا المقــال هــو اســتمرار لسلســلة من المقــالات، مــن بينها مقال نشــره موقــع إخبــاري آخــر، يتحدث عــن شــركتين استشــاريت­ين بارزتــن قمــت لصالحها بإنجاز دراســات ســوق، اســتفاد منها فاعلون اقتصاديون مغاربة»، وأضاف: «من الشائع والمعروف بالنسبة للصحافيين، وخصوصاً الذين يشتغلون على الموضوعات الاقتصادية، إنتاج هــذه النوعية من الأعمال ‪travaux de due diligence‬

، المتعلقة بإجراء استطلاعات أو أبحاث ميدانية حول قطاع أو شــركة معينة، ولا علاقــة لذلك على الإطلاق بعالم الاستخبارا­ت».

وأكد الراضي: «أنا لست لا جاسوساً، ولا عميلاً مأجوراً يخــدم أجندات خارجية. أؤكد مجدداً أن هذه الاتهامات التي تسعى لتشويه ســمعتي واعتباري والنيل من مصداقيتي، لا أســاس لها مــن الصحة، كما أن لــدي جميع الوسائل التي تمكنني من الدفاع عن نفسي».

وقــال: «أذكــر الــرأي العــام أننــي ومنــذ أســابيع عديدة، أتعــرض إلى حملة تشــهير وشــتم وقذف موجهة ومنظمــة تقودها عدد مــن المواقــع الإلكتروني­ــة، كمــا ســبق أن تم ســجني في دجنبر بســبب تغريــدة، وها أنا اليوم أجد نفســي مجدداً مضطــراً للرد على هذه الاتهامات الســريالي­ة. وأنا أتساءل إلى أي مدى سيذهب هذا التحامل؟».

ووصــف إدريــس الراضي، والــد عمر، ما ورد في بــاغ الحكومــة وتصريحات بعض الــوزراء بـ«البيان الشــارد، فقراتــه متناثرة وغيــر متماســكة. بيــان يُســيء إلــى الوطن واســتقرار­ه ويقدمــه ضعيفاً ومســكيناً بين الأمم».

واعتبــر الراضــي الأب، فــي تدوينــة على صفحتــه علــى موقــع التواصــل الاجتماعي «فيســبوك»، الــوزراء المتحدثــن بأنهم «هم الخطــر على البــاد؛ لخرقهم لقوانــن البلاد ولدســتوره، مضيفــاً أن البــاغ الحكومــي حول قضية اختراق هاتف ابنه والتجســس عليــه، «تغيب فيه الحكمة السياســية وحتى المعرفة السياسية التي يُفترض أن تتوفر في مســؤولين يدبرون شــؤون الوطــن من أعلى وتحضــر التفاهة والتحريض على ناشــطين فضلوا الدفاع عن الوطن عوض افتراسه».

وأضــاف أن البــاغ الحكومــي «وضــع المغــرب على مفتــرق الطــرق، ويبــدو لي أن الخــروج من هــذه الوضعية ســتكون كلفته، داخليــاً وخارجيــاً، كبيرة». ودعــا للانتقال إلــى «دولــة الحقــوق والمفهــوم الــــجديد للسلطة؛ لأننا أصبحنا نخطو خطوات عكس المرحلــة التي صدقنــا شــعاراتها وانخرطنا فيهــا بإخلاص، لكننــا الآن نشــعر بأننا كنا مغفلين».

 ??  ?? عمر الراضي
عمر الراضي

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom