Al-Quds Al-Arabi

«كورونا» يخطف النجمة المصرية رجاء الجداوي بعد 60 عاما في حلبات الفنون

- القاهرة – «القدس العربي» من فايزة هنداوي:

رحلــت عن عالمنــا فجر أمــس الأحد الفنانــة المصرية رجاء الجــداوي، بعد معانــاة مع فيــروس كورونا المســتجد «كوفيد 19» حيث دخلت في غيبوبة بعد تفاقم أعراض المرض.

ولرجاء الجداوي تاريخ فني طويل، ورغم أهمية الدراسة الأكاديمية بالنـسبة للممثل، إلا أن الخبرات الحياتية، أحيانا ما تكون بديلا عن هذه الدراسة، وهو ما حدث مع رجاء الجداوي، التي لم تدرس التمثيل بشــكل أكاديمي، ولكنها تعلمته بمنهجيــة مختلفة، من خــال تجاربها الكثيرة والمختلفة في الحياة.

ولدت في محافظة الإســماعي­لية عام 1938، أصولها تعود إلى مدينة ينبع على البحر غرب المملكة العربية الســعودية، وهي منطقة في جــوار جدة، حيث ذهب جدهــا الثاني من هناك إلــى مصر، لذلك أطلق على جدها لقب «الجداوي».

وبعد انفصــال والديها، وهي ما زالت في الرابعــة من عمرهــا، عرضت تحية كاريوكا شــقيقة والدة رجاء الجداوي، مســاعدتها في تربية إثنين مــن أبنائها الخمســة، وهما «فاروق» و «نجاة» وهو الاسم الحقيقي لرجاء الجداوي، والذي تغير بعد ذلك في المدرسة.

ولم تكــن تعلــم أنهــا بانتقالها إلى القاهرة ســتكون على موعد مــع القدر ليتغير مســار حياتها تماما بشــكل غير متوقع.

كان منــزل تحية كاريوكا، بالنســبة لرجاء الجداوي، مدرسة كبيرة أكسبتها كثيرا من الخبــرة، والتعرف علي أنماط بشــرية مختلفة، فتحية كاريوكا ليست راقصــة أو ممثلــة فقــط، بل كانــت لها نشــاطات متعددة فــي مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والسياســي­ة، وكانت لها صداقــات مع كثيرين في الأوســاط السياســية والإعلاميـ­ـة والثقافية، مما أتاح لرجاء التعرف عليهم وعلى عوالمهم عن قرب، ورغم أن تحيــة كاريوكا كانت حريصة على إبعادها عن الوسط الفني، إلا أن رجــاء كانــت تختلــس حضــور الكواليس بالساعات، مما أتاح لها كشف أســرار هــذا العالــم، دون أن تعلم أنها ستكون جزءا منه بعد ذلك.

المحطة التاليــة، التي شــكلت وجدان رجــاء الجداوي بشــكل كبير، كانت مدرســة «الفرنسيســ­كان» التي أصرت تحية كاريوكا على إلحاقها بها لتتلقى تعليما راقيا، وبالفعل تعلمت رجــاء الجداوي ثلاث لغات وأجادتهــا إجادة تامة، وهي الإنكليزية والفرنســي­ة والإيطالية، كما تعلمت أصول )الإتيكيت( والنظام، وقد كانت المدرســة داخلية، مما ساهم في اعتيادها على الاعتماد على نفسها، فقد ظلت في المدرسة 11 عاماً متواصلة، لا تخرج منها سوى يومي السبت والأحد فقط، من كل أسبوع.

كما قرأت في ســنوات الدراسة لأدباء عرب وعالميين، مما كون لديها ثقافة ساعدتها بعد ذلك في عملها كممثلة، وكانت طالبة متفوقة، فقد احتلت المركز الســادس على كل المدارس الفرنســية في القطر المصري، وحصلت على منحة دراســية نظير ذلك.

وبعد كل هــذه الرفاهية، تضطر رجاء الجــداوي للعمل كمحصلة في كراج أتوبيســات بأجر سبعة جنيهات، نتيجة لتدهــور حالتها الاقتصاديـ­ـة، مما أكســبها بالتأكيد خبرة ومعرفة بأنماط بشــرية جديدة لم تتخيل يوما أنها ستحتك بها.

ثم كانت اللحظة الفارقة في حياتها، عندما ذهبت لحضور إحدى الحفــات في حديقــة الأندلس، وكان يقــام كرنفال

ررججااءءاا­لجلجددااوو­ييووعاشدري­لهإامانم

رجاء الجداوي وأم كلثوم

لانتخاب )ســمراء القاهرة( ولم تفز أي فتــاة من المتقدمات للجائزة، فراحوا يبحثون بين الجمهور الموجود فاشــتركت في المسابقة وفازت بوشاح )سمراء القاهرة(.

وبســبب هذه الجائزة ترشــحت وفازت بجائزة )ملكة حوض البحر المتوسط( ثم لقب «ملكة جمال القطن المصري» الذي حصلت عليه عام 1959، ولم يكن لقبا للجمال فقط، بل كان للثقافة والمعلومات العامة، وحصلت عليه بعد اختبارها من قبل لجنة ضمت الكتــاب مصطفى أمين، وأنيس منصور، وفتحي أبو الفضــل، وكمال المــاخ، وكان عمرها حينها 17 عاما.

«دعاء الكروان»

وكان من بين الحضور مصمم أزياء يوناني شهير، عرض عليها العمل كعارضة أزياء، وكان هناك المخرج الكبير هنري بركات، الذي عرض عليها المشاركة في فيلم )دعاء الكروان(، لتجســد شــخصية )خديجة( ابنــة المأمور التــي يخطبها المهنــدس «أحمد مظهــر» ثم تقــرر والدتها ووالدها فســخ خطبتها منــه بعد أن يعرفوا حقيقته من )آمنة( فاتن حمامة، وهكذا بدأ مشــوارها مع التمثيل في فيلــم هام اختير ضمن أفضل مئة فيلم في تاريخ الســينما المصرية، وبدأ مشوارها الموازي في عالم عروض الأزياء في التوقيت نفسه.

وتحكي رجــاء الجــداوي، إنها أثنــاء تصويــر )دعاء الكروان( كانت تســير يوما في شارع فؤاد، تبحث عن هدية لأمها، ووقفت أمام أحد المحلات، ثم انتبهت لتجد رجلاً ضخماً يقف خلفها ثم فاجأها قائلاً: هل تحبين العمل في الســينما؟ فقالت له إنها تعمل بالفعل في فيلم «دعاء الكروان» وعرفت أنه مســاعد المخرج أحمد بدرخان، وكانوا يبحثون عن فتاة للعمل في فيلم )غريبة( لتجسد شخصية أخت أحمد رمزي.

وبالفعل عملت فــي هذا الفيلم إلى جانب )دعاء الكروان( والاثنان في عام 1959، وفي العام نفســه شــاركت في فيلم )نور الليل(، للمخرج ريمون نصور وبطولة مريم فخر الدين وأحمد مظهر، وصلاح ذو الفقار، وجسدت فيه شخصية إبنة عم البطل، الذي يعمل طيارا، وتكيد لتقنعه بأن حبيبته تحب شخصا آخر.

وفي العام التالي شــاركت في فيلم «إشاعة حب» بطولة سعاد حسني وعمر الشريف ويوسف وهبي، وإخراج فطين عبد الوهاب، حيث جســدت شخصية زيزي صديقة البطلة، وهو الدور الذي قدمته كثيرا فــي أعمالها اللاحقة، وفي عام 1961، شاركت في عدة أعمال سينمائية، منها «مخلب القط» إخراج حسين حلمي المهندس، وبطولة يحيى شاهين وإيمان، وناهد شــريف، وشــاركت في فيلمين من إخراج فطين عبد الوهــاب، هما «الضوء الخافت» بطولة أحمد مظهر وســعاد حســني، و)الفرســان الثلاثة(، بطولة إســماعيل ياسين ومحمود المليجي وعبد السلام النابلسي.

ولم تقدم في عام 1962 ســوى فيلم واحد هو «القاهرة في الليل» ثم توقفت عن التمثيل عدة ســنوات، وذلك لانشغالها بعروض الأزيــاء، وكانت في هذه الفترة قــد وصلت لمكانة كبيرة في عالم الأزياء، حتــى أن نجمات مصر حرصن على حضور عروضها، ومنهن كوكب الشــرق أم كلثوم وســعاد حسني.

وعادت فــي عام 1967 في فيلمين هما، «معســكر البنات» إخراج خليل شوقي، وتأليف إبراهيم الورداني، بطولة أحمد مظهر وليلى طاهر ونــوال أبو الفتــوح، و»كرامة زوجتي» بطولة شادية وصلاح ذو الفقار، وإخراج فطين عبد الوهاب.

وتوالــت مشــاركات رجاء الجــداوي في عــدد كبير من الأعمال الهامة في تاريخ الســينما المصرية، حيث عملت مع كبار المخرجين مثل المخرج يوسف شــاهين في فيلم «حدوتة مصرية» بطولة محســن محيي الدين، وعبــد الله محمود، ومحمــود المليجي، وكذلــك مع المخرج محمد خــان في فيلم «موعد على العشاء» بطولة سعاد حسني وأحمد زكي، الذي شاركته أيضا فيلم «البيه البواب» من إخراج حسن إبراهيم.

من الأفــام الهامة التي شــاركت فيها أيضــا فيلم «زائر الفجر» للمخرج ممدوح شكري، و«نساء في المدينة» للمخرج حلمي رفلة، و«لا تبكي يا حبيب العمر» لأحمد يحيى، و«بريق عينيــك» لمحمد عبــد العزيــز، و«يوميات امــرأة عصرية» للمخرجة إنعــام محمد علي، و«الوحــل» للمخرج علي عبد الخالــق، و«لا تبكي يا حبيب العمــر» للمخرج أحمد يحيى، بطولة نور الشريف، الذي شاركته في فيلم آخر من إخراجه وهو «العاشقان».

وشــاركت مع عــادل إمــام في عــدد كبير مــن الأعمال الســينمائ­ية، منهــا «حنفي الأبهــة» للمخــرج محمد عبد العزيز، و«عصابة حمادة وتوتو» لمحمــد عبد العزيز أيضا، و«بوبوس» للمخرج وائل إحسان، و«التجربة الدانماركي­ة» لعلي إدريس، و«أمير الظلام» للمخرج رامي إمام.

امتلكت رجــاء الجداوي الذكاء الفني الــذي جعلها تفهم التحولات في الســينما والدراما التلفزيوني­ــة، فلم ترفض تقــديم أدوار الأم، كمــا فعلت غيرهــا من الممثــات، لذلك اســتمرت طويلا ولم تنزو، بــل على العكــس زادت أعداد الأعمال التي كانت تشــارك فيها في الوقت الذي اختفت فيه ممثلات أخريات تماما.

مشاركة النجوم الشباب

حيث شاركت النجوم الشــباب في كثير من الأعمال منها فيلم «سهر الليالي» وهو تجربة أولى للمخرج «هاني خليفة» وكذلك أولى تجارب السيناريست «تامر حبيب» وشارك في بطولته أحمد حلمي وحنان ترك، وفتحي عبد الوهاب، ومنى زكي وجيهان فاضل وشــريف منير، و«فيلــم ثقافي» تأليف وإخراج محمد أمين وبطولة، أحمد عيد، وفتحي عبد الوهاب، وأحمد رزق، و«ليه خلتني أحبك» للمخرجة ســاندرا نشأت

وبطولة كريم عبد العزيز ومنى زكي وحلا شــيحة، و«السلم والثعبــان» للمخرج طــارق العريان، بطولة هاني ســامة وحلا شــيحة، و«كامل الأوصاف» بطولــة عامر منيب وحلا شــيحة وإخراج أحمد البــدري، و«أحلام الفتــى الطائش» إخراج ســامح عبد العزيز، وبطولة رامز جــال، و»تيمور وشــفيقة» إخراج خالد مرعي وبطولة أحمد الســقا، ومنى زكي، و«بــدون رقابة» إخراج هاني جرجس فوزي، وبطولة علا غانم، وأحمد فهمي وباسم سمرة، و«بنات العم» للمخرج أحمد سمير فرج، وبطولة أحمد فهمي وشيكو وهشام ماجد، و«ســاعة ونص» إخراج وائل إحسان وبطولة نخبة كبيرة من النجــوم، منهم إياد نصار، وســمية الخشــاب، وماجد الكدواني، وأحمد الفيشاوي.

لــم تتوقف أعمال رجاء الجداوي على الســينما فقط، بل قدمت عشــرات المسلســات التلفزيوني­ة والإذاعية وكذلك المسرحيات، كما كانت تشارك في تقديم برنامج تلفزيوني مع عمرو أديب في فقرة أسبوعية بعنوان «اسأل رجاء».

ووصل عــدد أعمالها الى مــا يزيد عــن 360 عملا، ما بين السينما والتلفزيون والمسرح والإذاعة.

وكان أول مسلسل تلفزيوني كما قالت، هو، «دارت الأيام» مع الفنان الراحل محمود مرسي إخراج أحمد توفيق وقدمت فيه شخصية زوجة محمود مرسي المدللة، وقدمت مع محمود مرسي بعدها مسلسل «وكان سراباً» ومع سهير البابلي.

ومن بعدها لم تغب رجاء الجداوي، عن الشاشة الفضية، ومن بين المسلسلات، التي شــاركت فيها «القاهرة والناس» «الدوامة» «الهروب» «أحــام الفتى الطائر» «لحظة اختيار» «خطوات الشيطان» «أهلاً بالسكان» «هند والدكتور نعمان» «أولاد آدم» و«كسبنا القضية» و«أنا وأنت وبابا في المشمش» و»مغامــرات زكية هــانم» و«العائلة» و»هارون الرشــيد» و«الرجل الآخر» و«عروســة البحــر» و «أولاد آدم» و«ريح المدام» و«حلاوة الدنيا».

وكان آخــر أعمالها هو مسلســل «لعبة النســيان» الذي عرض في رمضان الماضي.

وكان مسلســل «الشــنطة مــع مــن» ســنة 1964 أول مسلسلاتها الإذاعية، حيث جســدت فيه دور عارضة أزياء، وفي عام 1967 قدمت مسلســل «أيام معــه» وتوالت أعمالها الإذاعية ومنها، «أحلام في البوابة» و«حب بالصلصة».

ومن بين المسرحيات التي شاركت فيها مسرحية «الثعلب في الملعــب» زمن فات قديمــه» و«أكابر أكابر» ومســرحيتا «الزعيم» و«الواد سيد الشــغال» مع عادل إمام، وقد استمر عرضهما ما يزيد عن خمسة عشر عاما.

ورغــم تنميــط المخرجين لرجــاء الجداوي فــي الأدوار الأرســتقر­اطية، والتي ســاعدت عليه طبيعتها الشخصية، إلا أنهــا تمكنت من التنوع فــي أدوارها ما بــن التراجيدي والكوميدي، وكانت تضفي دائما نكهتها الخاصة على الأدوار التي تقدمها.

وتشــكل ملامحها المصرية دائمــا، وثيقة مرور إلى قلوب المشاهدين، من كافة الطبقات، حتى الطبقات الشعبية، حيث شعروا أنها قريبة منهم، رغم أرستقراطيت­ها، وساعدها على ذلك حضورها وجاذبيتها، وخفة دمها الملحوظة.

 ??  ?? رجاء الجداوي وعمر الشريف
رجاء الجداوي وعمر الشريف
 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom