Al-Quds Al-Arabi

مخطط الضم الإسرائيلي سيسلب الفلسطينيي­ن حقوقهم المائية وسلة غذائهم

-

■ رام اللــه - الأناضول: اتفق مســؤولون وخبراء فلســطينيو­ن على أن تطبيق مخطط الضم الإســرائي­لي لمســتوطنا­ت الضفة الغربية والأغوار ستكون نتائجه كارثية على الفلسطينيي­ن.

وأوضح هؤلاء في أحاديث متفرقة أن ضم الأغوار )شــمال شــرق الضفة الغربية( يعني حرمان الفلســطين­يين من مصادر المياه ووفرتها. كما أن الضم يعني خســارة الفلسطينيي­ن لســلتهم الغذائية المتمثلة بالمساحات الزراعية الواسعة في الأغوار، إلى جانب خسارة ثروات البحر الميت.

وكان من المقرر أن تعلن الحكومة الإســرائي­لية بدء خطة الضم لمســاحات واسعة من الضفة الغربية المحتلة مطلع الشهر الجاري، حسب ما أعلنه سابقا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. لكن في ظل الرفض الدولي، وخلافات داخل حكومة نتنياهو وأخــرى مع الإدارة الأمريكية حيال المســألة، تعني تأجيلاً لوقت غير معروف.

وتشــمل الخطة الإســرائي­لية ضم غور الأردن، وجميع المســتوطن­ات في الضفة الغربية. وتشير تقديرات فلسطينية إلى أن الضم سيشمل أكثر من 30 في المئة من مساحة الضفة المحتلة.

نتائج كارثية

ومؤخراً قال رئيس ســلطة المياه الفلسطينية، مازن غنيم، في تصريحات متلفزة أن ضم الأغوار فقط ســيؤدي إلى خســارة الفلسطينيي­ن من 560 إلى 600 مليون متــر مكعب من المياه، إضافة إلى الكثير مــن الفرص الاقتصادية الضائعة التي لا تقل عن 3.5 مليار دولار. وأضاف «التاريخ يثبت أن المياه هي الأســاس في كل المخططات التي قامت عليها دولة الاحتلال، وتوســعت فيما بعد .»

ويحصل الفلســطين­يون على غالبية حاجتهم من الميــاه، في مقابل مالي، من إسرائيل التي تســيطر على 90 في المئة من مصادر المياه الجوفية، وتمنع الســكان في مناطق أريحا والأغوار مــن حفر آبار جمع الميــاه، دون إعطاء أسباب للمنع.

ويرى شــداد العتيلي، المستشــار في وحدة دعم المفاوضات الفلسطينية ورئيس ســلطة المياه سابقاً، أنه في حال تم الضم «ســتكون النتائج كارثية بالنســبة للمياه». ويضيف «سنخســر نحو 250 مليون متر مكعب من المياه هي ضمــن حقوقنا المائية في الحوض الشرقي...وســيؤدي كذلك إلى فقدان 100 مليون متر مكعب من المياه شبه المالحة التي كانت ستروي مزارع النخيل في أريحا، وبيت لحم، والخليل». وتعتبر الخزانات الجوفية أهم مصادر المياه التي تزود الفلسطينيي­ن بالمياه، وهي تتواجد ضمن ثلاثة أحواض في الضفة الغربية، هي الحوض الشرقي والشمالي الشرقي، والغربي.

ويصل إجمالــي الطاقة الإنتاجية للأحواض الثلاثــة إلى 700 مليون متر مكعب ســنوياً. لكن، وبسبب الاستحواذ الإسرائيلي على المياه الفلسطينية، لا يتجاوز المعدل العام لكميات المياه المستغلة من قبل الفلسطينيي­ن في الضفة الغربية 115 مليون متر مكعب.

ويردف العتيلي «سنخســر أيضا وجودنا كدولة على حوض نهر الأردن، باعتباره مياهاً دولية، وبالتالي نفقد حقنا كلاعب إقليمي في موضوع المياه.»

ويقول أيضاً أن الضم الإسرائيلي سينهي قدرة الفلسطينيي­ن على حفر آبار للوصول إلى المياه الجوفية، كون إســرائيل ستمنع ذلك».ويضيف أن عملية الضم «ستقتل أي أمل في قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، بعد أن ينهي العملية السلمية .»

ويلفت إلى أن الخسارة الأخرى تتمثل في حرمان الفلسطينيي­ن نهائياً من اســتغلال ما يزيد عن مليار دولار أمريكي سنويا من الموارد المتاحة في البحر الميت. ومخزونات ضخمة من البوتاس والبروم والمغنيسيو­م وغيرها».

وتسيطر السلطة الفلسطينية نظرياً على 37 كيلو متراً من الشاطئ الغربي للبحر الميت، حسبما أوضح صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. وقال أن إســرائيل «تتنكر للحقوق الفلسطينية عامة، ولحقها في اســتغلال واســتثمار الموارد الطبيعية والســياحي­ة على البحر الميت». ويعــد البحر الميت حالة نادرة في العالم، حيث يقع عند أخفض نقطة عن مســتوى البحر في العالم )400 متر تحت مســتوى البحــر(، ويقصده الســياح من مختلف دول العالم للاستجمام والســياحة العلاجية، لملوحة مياه.

بدوره يقول محمد ســعيد الحميــدي، رئيس مجلس تنظيــم قطاع المياه الفلســطين­ي، ان «أي تأثير على المياه في الأغوار، يعني انعكاســا مباشــرا علــى الإنتاج الزراعي في الضفة الغربية، كون الأغوار هي ســلة غذائية لكل المحافظات».

تراجع الزراعة المروية 95

ويضيف أن منع كميات المياه «سيؤثر ســلبا على إنتاج التمور، وبالتالي على قدرة فلسطين التصديرية لها».

وتعد أراضي الأغوار الفلسطينية من أكثر الأراضي الفلسطينية خصوبة، وتصلح لزراعة النخيل وإنتاج التمور من أنواع جيدة قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية.

من جهــة ثانية يحذر الحميدي من «نوايا إســرائيلي­ة نقــل مكب نفايات كيماوية، من منطقة )رامــات حوفاف( الصناعية فــي النقب )جنوب(، إلى الأغوار، وهو ما سيؤثر على المياه الجوفية للحوض الشرقي».

ويتابع «إذا حصل الضم، لن تكون هناك أي إجراءات كفيلة بالتخفيف من الأضرار»، مشددا على «الضم مشكلة لا يمكن تخفيفها إلا بمنعها.»

يذكر أن المزارعون الفلســطين­يون يعانون أصــاً من تحويل حصتهم من المياه لصالح المزارعين الإســرائي­ليين في مستوطنات الضفة الغربية، وهو ما يؤثر بالسلب على كميات الإنتاج الزراعي.

وتُظهر إحصاءات فلســطينية وعالمية أن استهلاك المستوطن الإسرائيلي الواحد من المياه في الضفة الغربية تعادل ما يستهلكه 2.5 فلسطيني.

ويقول عبــد الرحمن التميمي، خبيــر المياه الفلســطين­ي، ومدير جمعية الهيدرولوج­يين الفلســطين­يين غير الحكومية، أنه «إذا تم الضم في الأغوار، فإن الزراعة المروية ستتراجع بأكثر من 95 في المئة.

ويضيف «هذا يهدد الأمن المائي والغذائي الفلســطين­ي، لأن معظم مناطق الضفة تعتمد على ما تنتجه الزراعة في الأغوار، ســواء خضراوات أو غيرها مــن المنتجات». ويقول أيضاً «في حال تم الضم، تصبح 270 مليون متر مكعب من حصة فلســطين في نهر الأردن، مياها إسرائيلية، وفق قانون الاحتلال.» ويتابع أنه في هذه الحالة «سيصبح المزارعون الفلسطينيو­ن زبائن يشترون المياه من إسرائيل في حال وافقت على ذلك.»

ويعتبر الخبير الفلســطين­ي أن «المســعى الإســرائي­لي الأساسي هو دفع ســكان كل التجمعات البدوية والقروية المتواجدة في الأغوار على الهجرة، عبر حرمانها من المياه، وبالتالي عدم القدرة على البقاء والصمود.»

ويشــدد التميمي على «ضرورة تعزيز صمود سكان الأغوار، وتثبيتهم في أرضهم، معتبرا أن جزءا كبيرا من «المعركة» أساســه ديمغرافي، ويعتمد على تمسك السكان بالأرض. وتبلغ مساحة منطقة الأغوار نحو 1.6 مليون دونم، ويقطن فيها نحو 13 ألف مســتوطن إســرائيلي في 38 مســتوطنة، في حين يسكن نحو 65 ألف فلسطيني في 34 تجمعاً.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom