Al-Quds Al-Arabi

قطاع النفط يواجه احتمال تراجع الطلب نهائيا

-

■ باريس - أ ف ب: انتعشت أسعار الخام بعد المســتويا­ت المنخفضة التي تم تســجيلها فــي بدايات أزمــة تفشــي فيــروس كورونا، إلا أن المســؤولي­ن التنفيذيــ­ن وخبــراء النفط يتســاءلون مــا إذا كان الطلــب تجــاوز نقطة اللاعودة في تراجعه.

وتراجعــت أســعار الخــام فــي أول موجة إغــاق ناجمة عــن فيــروس كورونــا، والتي شــهدت تهاوي أســعار العقود الآجلة إلى ما دون الصفــر، نتيجة انخفــاض الطلب العالمي مــع توقّف حركة الطيــران وحتــى التنقّل براً بالسيارات جرّاء الإغلاق.

وتوقّعــت «وكالــة الطاقــة الدوليــة» بــأن يتراجع معدل الطلــب على النفط بنحو ثمانية ملايــن برميــل يوميــاً، أي بنســبة تقــارب الثمانية في المئة عن العام السابق.

وبينمــا تتوقّع الوكالة انتعاشــاً في الطلب بمقــدار 5.7 مليون برميل يوميــاً العام المقبل، إلا أنها تتوقــع بأن الطلب الإجمالي ســيكون أقل من ذاك الذي تم تســجيله في 2019، نظراً لتواصل الضبابية في قطاع الطيران.

في هذه الأثناء، يتســاءل البعض بشأن ما إذا كان الطلب ســيعود إلى مســتويات 2019. فقــد قــال برنــارد لونــي، الرئيــس التنفيذي لشــركة «بريتيــش بتروليــوم )بي بــي)» في مايو/أيار «لا أعتقد أننا نعرف كيف ســتكون الأمور. لا أعرف بكل تأكيد».

وفي ذروة انتشــار الوبــاء تم تعليق معظم رحــات الطيران فــي العالــم، بينمــا توقفت حركة السير مع إغلاق المتاجر غير الأساسية والمطاعــم، في حــن عمــل القســم الأكبر من الموظفين من منازلهم.

وقــال لونــي فــي مقابلــة مــع صحيفــة «فاينانشال تايمز» اللندنية «هل وصل العالم إلى ذروة النفط؟ لا يمكنني استبعاد ذلك.»

ذروة الإنتاج أم ذروة الطلب؟

ولطالما أثــار مبــدأ «ذروة النفــط» تكهّنات عــدة. وتركّز فــي الغالب علــى ذروة الإنتاج، مــع توقّــع الخبــراء بأن تصــل الأســعار إلى مســتويات قصــوى مــع نفــاد النفــط القابل للاستخراج.

لكن في الأشــهر الأخيــرة، راج مبدأ «ذروة الطلب» بعدما شــكّل تفشــي فيروس كورونا ضربــة للطلب علــى الوقود في قطــاع النقل، تلته ضربــة قاضية أخرى ناجمة عن الانتقال إلى مصادر الوقود الصديقة للبيئة.

وأفــاد مايكل برادشــو، الاســتاذ في كلية إدارة الأعمال في جامعــة ووريك البريطانية، أن المجموعــا­ت المدافعــة عن البيئــة كانت في الأســاس تضغط لمنــع تحوّل «اتفــاق باريس للمناخ» إلــى ضحية أخرى للوباء، مُشــدِّدين علــى الحاجة إلــى اتفاق جديــد للبيئــة أكثر تشدُّداً وأعلى طموحاً.

وقــال فــي تصريحــات للصحافيــن «إذا نجحوا، فقد لا يعود الطلب على النفط قط إلى الذروة التي شــهدناها قبل الوباء». وأضاف

أن قطــاع النقــل قــد لا يتعافــى بشــكل كامل إطلاقــا. وقــال أيضاً «بعــد الوبــاء، قد يكون لدينــا موقــف مختلف تجاه الســفر جــوّا أو الذهاب بأنفسنا إلى العمل.»

ويشير خبراء آخرون إلى أن نقطة التحوّل لــم تصل بعد وقــد لا تصل قبل فتــرة طويلة. ومؤخــراً صــرّح فاتح بيــرول، مديــر «وكالة الطاقــة الدوليــة» قائــاً «قال كثيــرون، بمن فــي ذلــك رؤســاء بعــض الشــركات الكبرى التنفيذيين أنه نظــراً للتغيّرات في نمط الحياة الآن، كالعمل عــن بُعد وغير ذلك، فقد نشــهد ذروة الطلب على النفط و)بالتالي( تراجعه.»

وتابــع أثنــاء تقديمــه التقرير الصــادر عن الوكالة مؤخراً «لا أتفق مع ذلك. لن يســاعدنا عقد المؤتمرات عن بُعد وحده في بلوغ أهدافنا المرتبطة بالطاقة والمنــاخ، يمكن لذلك ترك أثر ضئيل فقط .»

خيال علمي

واعتبــر معز عجمي، من شــركة «إرنَســت أند يونغ» للاستشــار­ات وتدقيق الحسابات، أن فكــرة تراجع مفاجئ ونهائــي للطلب على النفــط هــي مجــرّد «خيــال علمــي». وتوقّــع تعافي الطلب بشكل بطيء إذا تسبب فيروس كورونا بإضعاف الاقتصاد العالمي.

ورَجّح أن يتســبب هذا الضعــف في إبطاء عمليــة الانتقال إلى مصــادر الوقود الصديقة للبيئــة. وقال أن «مواجهــة الوقود الأحفوري )الفحم والنفط والغاز(، الذي لا يزال يشــكّل الآن نحو 80 فــي المئة من الاســتهلا­ك العالمي الأساســي، لمنافســة حقيقيــة )مــن مصادر أخرى للطاقة( ستستغرق وقتا».

في هذه الأثنــاء، قد تواجــه صناعة النفط تحديــات تتعلّــق بالتمويل. وتقــول برونوين تاكــر، المحللــة لــدى منظمــة «أويــل تشــينج إنترناشــو­نال»، إلى أن القطــاع يواجه حاليا ضغوطــا من المســتثمر­ين. وتضيــف أنه بعد «موجــة كبيرة من القيود علــى الفحم وبعض القيــود علــى النفــط والغــاز، تبــدو مخاطــر الاســتثما­ر في النفــط والغاز حاليــا ملحوظة أكثر».

ويقوم القطاع من الآن بإعادة تقييم أصوله لمواجهة الواقع الراهن في الســوق القائم على طلب وأسعار أكثر انخفاضا.

وأفــادت شــركة «رويــال داتــش شــل» الأســبوع الفائت أنها ستشطب أصولا بقيمة تصــل إلــى 22 مليــار دولار فــي إطــار إعادة تقييمهــا لقيمة نشــاطها التجــاري في ضوء أزمة كورونا.

والشــهر الماضــي، خفضــت منافســتها «بريتيــش بتروليــوم» قيمــة أصولهــا بـ17.5 مليار دولار.

وأفــاد أنغــس رودجر، مــن شــركة «وود ماكنزي» الاستشــار­ية المتخصصة في مجال الطاقــة أن «هذه العملية ســتتواصل ونتوقع حصول المزيد من أوجــه الضعف الكبيرة في أنحاء القطاع».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom