Al-Quds Al-Arabi

هل تنتظرون موافقة الفلسطينيي­ن وخيانة ملك الأردن لـ«بسط السيادة» على الغور؟

- بقلم: آفي بار- ايلي

■ إذا لم يبســط نتنياهو السيادة على الغور في الأسابيع القريبة المقبلــة، وإذا ارتعدت فرائــص زعمائنا السياسيين والعســكري­ين، فسيكون الضرر بنيوياً – استراتيجياً وبعيد المدى. وسيفهم الخصوم وأعداء دولة إسرائيل ما يتعين عليهم أن يفعلوه. وسينجحون حيثما فشــل أوباما في أواخر ولايتــه: تثبيت حــدود 1949 بصفتها الخط الشــرعي بين «فلســطين» التي لم تكن قائمة في 1949 وبين إسرائيل. وبهذا يصبــح اليهــود محتلين في بلادهــم ويوضع أمامهــم تهديد إستراتيجي في شكل دولة فلسطينية بين العالم العربي ونهر الأردن وبين طريــق رقم 6، تتجه إلى تقويض اســتقرار إســرائيل والأردن بواســطة الهجرة والإرهاب. وسيكون هذا أســهل على التنفيذ؛ لأن ترددات ومخاوف زعماء إســرائيل ستثبت أن حدود 1949 في نظرها أيضاً هي الحدود الشرعية.

إن التفكيــر بالإبقاء علــى الوضع الحالي في الغــور حتى طريق «ألون» هو الخطأ الأســاس لرجال المؤسسة الأمنية المعارضين لبسط الســيادة هناك. خطأ المحافظين الأمنيين يعتمد على الفكر السياســي المتــردد لحكومات حزب العمل بــن 1967 و 1977 )ولعله من الأفضل القول: المــزاج المتردد(، ويكرر خطأها الأســاس: الامتناع عن تثبيت عملي للحــدود التي هي نفســها اعتقــدت أنها حيوية لإســرائيل، والاعتماد على الملك الأردني المرشــح للخيانة. وهــا هو خطأ التردد يتكــرر هذه المرة فــي ظروف أخطر بكثير: بعد أوســلو، مع ســلطة فلســطينية في قلب البلاد وخطتها الاســترات­يجية لاستيراد هجرة وإرهاب مــن جاراتنا. يتمســك المحافظــو­ن في مؤسســتنا الأمنية بالاســترا­تيجية التي كانت واهنة حتى فــي حينه. ولكنها الآن، وفي ضوء تحول بلــدان «الهلال الخصيب» إلى بلــدان «الهلال النازف،» أصبحت منقطعة تماماً عن الواقع.

إن التوتر بين من يســعون إلى الانطلاق إلى الأمام وبين المحافظين الســاعين إلى الإبطاء هو الذي يميز ثقافتنا السياســية منذ بدايتها. فهو يبدو ظاهراً مثلاً في الجدال حول مسألة كيفية الكفاح ضد الكتاب الأبيض البريطاني قبل الدولة، وهو واضح في الجدال إذا كان ينبغي الإعلان عن الدولة في أيار 1948 بعد الانتصار على الفلســطين­يين في نيســان. لقد أيد المترددون في حينه إقامة الدولة، ولكن «ليس الآن.»

فقــد تخوفوا من الحرب ضد الجيوش العربيــة النظامية، وكأنه كان ممكنــاً إقامة دولة بدونها. ســعوا إلى التفاهم مــع الولايات المتحدة وبريطانيا، مع أن القوتين العظميين ســعتا في حينــه، عملياً، لإقامة دولــة عربية في البــاد. وكان قبول اقتراحاتهم­ا معنــاه عدم تقرير المصير لليهود ومنــع هجرتهم إلى البلاد. في حينه هزم المترددون في الجدال.

ولكن فــي 1967 – 1977 انتصر المترددون. مثلمــا كان المترددون قبل نحو عشرين ســنة من ذلك مقتنعين بأنه من الحيوي إقامة دولة. هكذا كانت حكومات أشكول ومئير ورابين وبيرس، في حينه، مقتنعة بالفعــل بأن نهر الأردن هــو «حدود أمنية» حيوية لدولة إســرائيل، ولكنها امتنعت عن بســط الســيادة على الغور حتى ظهر الجبل وفقاً لمشــروع «ألون» طيب الصيت والســمعة. أشــكول، ومئير، ورابين، وبيرتس، كلهم خافوا من رد فعل القوى العظمى، وخافوا من انشقاق داخل حزب العمل بين الأغلبية برئاســتهم، التي أيدت حدوداً أمنية، وبين الأقلية الحمائمية. وكان ثمن التردد: أن ســيطر «الحمائم» على حــزب العمل وعلى وعي زعيميه، رابين وبيرس، والنتيجة الفاشــلة تعرض أمام ناظرينا من التســعيني­ات فلاحقــاً، وأوقعت خراباً على حركة العمل الصهيونية.

إن بسط السيادة في مناطق مشــروع «ألون» كان يفترض صراعاً سياسياً طويلاً، غير سهل ولكنه ممكن، تماماً كالكفاح الذي خاضه بن غوريون وشاريت في الخمسينيات على النقب الجنوبي مع الولايات المتحدة وبريطانيا مثلاً. ولكن خلفاء بن غوريون لمن يتميزوا بالحكمة والجرأة مثله. وخلفــاء خلفائه هم أيضاً يقترحــون الانتظار. حتى متى؟ حتى توافق الســلطة الفلسطينية والمملكة الأردنية على سيادة إسرائيلية على نهر الأردن؟ أم حتى يستجيب الفلسطينيو­ن لاقتراح أولمرت غيــر البعيد )حدود 1949 بمــا في ذلك الحــدود عن الأردن، وهجرة جماعية مــن العرب إلى البلاد والقدس الشــرقية(؟ إن ثمن تفويــت الفرصة اليوم قد يكون أخطر من ثمن ســابقاتها. صحيح أن بسط السيادة يستوجب الكفاح، ولكنه حيوي، وكلما فهمت حيويته يمكــن رص الصفوف لهــذا الكفاح. يمكــن لنتنياهو أن ينــال تأييد الكثيرين من رجال حركة العمل. أما تفويت الفرصة فسيجر إخفاقات وانشقاقات ويعرض دولة إسرائيل للخطر.

إسرائيل اليوم 2020/7/5

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom