Al-Quds Al-Arabi

«اسوشيتدبرس»: سوء معاملة الإمارات لمعتقلين يمنيين تدفعهم لتمني العودة إلى غوانتنامو

- لندن - «القدس العربي» من إبراهيم درويش:

ذكــرت وكالــة أنباء «أسوشــيتد بــرس» أن الولايات المتحدة وعدت معتقلين سابقين في سجن غوانتانامو بأنهم ســيرحلون إلى بلد مسلم، حيث ســيدخلون عملية إعادة تأهيل فــي المجتمع وتفتــح أمامهم فرص الــزواج والعمل والحصــول على المال. لكــن المعتقلين الـــ18 الذين قبضت عليهم القوات الأمريكية في باكســتان وأفغاستان أرسلوا إلى الإمارات، حيث ظلوا في ســجونها منذ خمســة أعوام وقررت أبو ظبي إرسالهم إلى محطتهم الأخيرة وهي اليمن.

ونقلت الوكالة عن عائــات المعتقلين ومحاميهم وكلهم يمنيون إلا روسياً واحداً، قولهم إن المعتقلين الذين أفرجوا عنهم تعرضــوا للكذب. ففــي مكالمات قصيــرة من مواقع مختلفة في الإمارات بما فيها الســجون المعروفة بممارسة التعذيب همس المعتقلون لأهاليهم بأن الوضع في المعتقلات الإماراتية أسوأ من سجن غوانتانامو الذي تمنوا لو عادوا إليه. وهناك خطط الآن لإرســالهم إلى اليمن حيث تخشى عائلاتهــم من معاملة أســوأ مــن التي تعرضــوا إليها في معتقلات الإمارات.

خشية من قتلهم

وأكد مســؤول يمنــي بارز الخطــط التــي تعتمد على الترتيبات الأمنية. ولمح مســؤول في الخارجية الأمريكية إلى أنها على علم بالإجراءات. ولم ترد الإمارات على أسئلة الوكالة. ووصف خبراء حقوق الإنســان في الأمم المتحدة أن ترحيــل المعتقلين إلى اليمن هو بمثابة «عودة قســرية» وحذروا من أنها انتهــاك للقانون الدولي. فالمحطة الأخيرة هي اليمن الــذي يعد من أفقر الــدول العربية ويعيش منذ ســتة أعوام حرباً أهلية طاحنة. وينتشر التعذيب والحجز التعســفي في شبكة من السجون الرســمية والتي تديرها الفصائل المسيطرة على أجزاء مختلفة من البلاد.

وقالت عائلة معتقل اسمه ســالم: «نخشى من قتلهم أو

يحتجــزون حين تطأ أقدامهم اليمــن». وتعلق الوكالة بأن الاحتجاز الطويل لهؤلاء الأشــخاص الذين أفرج عنهم من غوانتانامو يخرق الوعود التــي قطعها الأمريكيون عندما أرسلوا إلى الإمارات في الفترة ما بين ‪2017. 2015-‬ وتؤكد العيوب في برنامج ترحيل المعتقلين وفشــل إدارة الرئيس دونالــد ترامب التأكد من المعاملة الإنســاني­ة لهم. وضغط الرئيس باراك أوباما من أجل إقفال معتقل غوانتانامو لكنه واجه معارضــة من الكونغرس. وكانــت خطته تقوم على محاكمة بعض المعتقلين واســتمرار احتجــاز البقية بدون توجيه اتهامــات في خلال عملية مراجعــة حالاتهم. ويتم بعد ذلك ترحيل السجناء الذين لم يعودوا خطراً إلى بلدهم أو دولة ثالثة. ولكن ترامــب كانت لديه خطة أخرى وأعلن قبل توليه الرئاســة في تغريدة له «لا إفراجات جديدة من غوانتانامو».

وألغت إدارته معظم الهيئــة الموكلة عملية إغلاق معتقل غوانتانامو والتي كانت تشــرف على عملية نقل المعتقلين ومتابعة شــؤون الذين تمــت إعادة توطينهــم في أماكن أخرى. ولم يتم الكشــف عن الشــروط التي اتفقت عليها الولايــات المتحدة مع الإمــارات ودول أخــرى. لكن إيان موس، الموظف الســابق في الخارجيــة والمبعوث الخاص الموكل شــؤون معتقلي غوانتانامو أكــد: «أردنا أن يحصل هؤلاء الأفــراد بعد الإفــراج عنهم على بدايــة جديدة في الحياة ولم يكن الاعتقال جزءاً من الصفقة». وفي ظل إدارة ترامب تم ترحيل معتقل سعودي إلى بلده ليكمل مدة حكمه بعدما وافق على أن يعترف بذنبه مقابل حكم مخفف.

وفي ظــل إدارة أوباما تم ترحيل 197 شــخصاً إلى دول أخرى. ورحلت إدارة جورج دبليو بوش 500 من المعتقلين. ولم يبق فــي القاعدة الأمريكية غوانتانامـ­ـو إلا 40 معتقلاً لم توجــه إليهــم اتهامات وثلثهــم من اليمنيــن. وقالت كيتــي تايلور، نائبة مديــر منظمة «ريبريــف» التي تتابع قضايا الســجناء في الخارج وتنســق برنامج «لايف أفتر غوانتانامو» (الحياة بعــد غوانتانامو( وهي المنظمة التي وثقت وضع 60 معتقلاً تم ترحيلهم إلى 25 دولة «علي القول إن الوضع الذي يواجه الرجال الذيــن نقلوا إلى الإمارات هو من بين الأسوأ».

ولا يعرف عدد المرحلين من غوانتانامو إلى الإمارات، 18 أو 17 لأن واحداً منهم ترك السجن بسبب تعقيدات صحية. وتدافع المحامية باتريشــا برونتي عن واحد من المعتقلين. وتذكرت كيف أخبرها المســؤولو­ن فــي وزارة الخارجية والمعتقلون أنهم سيحتجزون لمدة 12 شهراً في مركز تأهيل وبعد ذلك سيســمح لهم بالعودة إلى عائلاتهم في الإمارات و»منــذ البداية لم يتم الوفاء بالتعهــدا­ت التي قدمت لي». ولم يســمح لهــا بالتواصل مــع موكلها منــذ وصوله إلى الإمارات عــام 2016.وقالت عائلات المعتقلين إن اتصالاتهم مع أبنائهم لم تكن منتظمة ومثيرة للقلق.

سجن «قذر» وحرمان من الدواء والطعام

وأخبــر عبده /41 عاماً/ شــقيقه أنه قضــى 70 يوماً في الحجز الانفــراد­ي وكان معصب العينين ومقيداً في اليدين والقدمين ولم يجد حالة وصوله أي إعادة تأهيل أو دروس عن التشــدد. وأخبر شــقيقه أحمد وكالة الأنباء أن شقيقه عبده وغيره مــن المعتقلين نقلوا إلى ســجن «قذر ومعتم» وظلوا فيه لمدة 16 شهراً. ونقل عنه أحمد قوله «كان الوضع رهيبــاً هناك». ومن ثم نقل إلى معتقــل الرزين، الذي يبعد 200 كيلومتر عــن دبي. ووثقت منظمات حقوق الإنســان حالات تعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان في هذا السجن. وفي ربيع 2019 أعيد عبده إلى سجن قذر حيث لا يزال فيه.

ونقل أحمد عن شــقيقه قوله: «هذا مــا أتوقعه، وأتمنى العــودة إلى غوانتانامو فهنا أســوأ منه بألــف مرة» قبل أن تقطع المكالمــة. وكان ريفال مينغــازوف، راقص الباليه والجنــدي الســابق هو الروســي الوحيد الــذي بقي في غوانتانامو حيث أرســل إلى الإمــارات. واتهم بالقتال إلى جانب طالبان. ويشــير ملفه فــي البنتاغون إلى شــبهة علاقته بالحركة الإسلامية في اوزبكستان ذات العلاقة مع القاعدة. وقال نجله يوســف إن والده اشــتكى من الإهانة وحرمه الســجانون من الطعام والــدواء. وقالت والدته زوريــا فالولينا إن ابنهــا يتمنى العودة إلــى غوانتانامو «فهناك أحسن». وقالت عائلة عبد الرب /44 عاماً/ إن ابنها اختفى لمدة 3 أعوام بعد مكالمتين اشــتكى فيهما من الظروف الســيئة، وقال بعصبية: «أتعرض للضغــط، غوانتانامو أحسن بمليار مرة». وقطعت المكالمة ولم يتصل بعد ذلك. ولا تعرف عائلته مكان اعتقاله.

وحسب الســجلات فقد أخبر عبد ربه المحققين أنه عمل صباغ بيوت في اليمن قبل مغادرته إلى أفغانستان في عام 2000 لدراسة وتدريس القرآن. واعتقل في حملة الاعتقالات لمن اشــبته بعلاقتهم مع القاعدة وزعيمها أســامة بن لادن ونقل إلى غوانتانامو في 2002. وفي حزيران/ يونيو اتصل رجل تظاهر بأنه عبد ربه «لم يكن صوته، ولم يكن يشبهه» كما قال شقيقه.

 ??  ?? صورة تعود للعام 2010 تظهر أحد معتقلي غوانتانامو يمارس الرياضة
صورة تعود للعام 2010 تظهر أحد معتقلي غوانتانامو يمارس الرياضة

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom