Al-Quds Al-Arabi

وزير الإعلام صنع حبلا حول رقبته... وكتاب السلطة في انتظار رحيله وخصومها سعداء بالمعركة

المطالبة بإطلاق رصاصة الرحمة على الجامعة العربية... ورئيس مهرجان الجونة يتمسك بتكريم «عاشق إسرائيل»

- القاهرة ـ «القدس العربي» من حسام عبد البصير:

مؤخــرا تحدث رئيــس مجلس الــوزراء الدكتور مصطفــى مدبولي، فمــأ الدنيا صخبا، عندما قــال «إن الحكومة تنفق على الشــاب حتى يبلــغ الـ20 عاما مبلغ 13 ألفا و100 جنيه»: المصريون لم يدعوا مثل ذلك الكلام يمرّ مرور الكرام، فكثير منهم توجســوا من تصريحات مدبولي، معتبريــن إياها مؤشــرا على عــزم الحكومة اســترداد مــا أنفقت على المواطنين من أمــوال، لتواجه بها العجز المتفاقم فــي الميزانية، والآخذ في الازدياد، على نحو ينذر بخطورة بالغة، وتخشــى الأغلبية الفقيرة، التــي لم تفــق بعد من هــول صدمة غرامــات مخالفات المبانــي، من أن تفــرض عليهــا الحكومة مزيدا من الضرائب والرســوم، خــال الفترة المقبلة، وهــو الأمر الذي ينفيه بشــدة مجلس الــوزراء. أمس الخميس 22 أكتوبر/تشــرين الأول، اهتمت الصحف بأزمة وزير الدولة للإعلام أســامة هيكل، الذي أحكم الحبل حــول رقبته، من خلال رفضه دخول

خطيئة الوزير

البداية في صحبة محمد جعفر في «الدســتور» الذي كشــف عن فشل أســامة هيكل، وزير الدولة للإعلام، في تنظيم الاجتمــاع الذي دعا إليه الصحافيــن والإعلاميي­ن، وذلــك بعد قيامــه بمنع الكاتبــة الصحافية الدكتورة فاطمة ســيد أحمد، عضــو الهيئة الوطنيــة للصحافة، وهو ما أثــار غضب عدد من رؤســاء التحرير والصحافيــ­ن والإعلاميي­ن، الذين قرروا الاســتجاب­ة لدعوة الوزير وحضور الاجتماع، إلا أنهم انســحبوا فورا بعد قيام الوزير بتصرفات وصفوها بغير المســؤولة، ومنع عدد من الزملاء مــن دخول مبنى الوزارة. وقالت فاطمة ســيد أحمد عضو الهيئة الوطنية للصحافة، إنه بعدما أذاع الوزير الفيديو، الذي يدعو فيه بعض الصحافيين والإعلاميي­ن للقائه، وأيضا ذكر عبارة من شــارك في الحملة ضد أفعاله المشــينة، مشــيرة إلى أنه خرج بســلوك شــاذ آخر، وأصدر تصريحــا في منتصف الليــل يعلن فيه أن اللقاء لن يشــمل إلا من ذكرت أسماؤهم، وعددهم تقريبا خمسة. وأضافت قائلة: «واليوم طلب من الأمن أن يدخل له أسماء الحضور ليقول من يدخل ومن لا، والمفارقة الغريبة أنه رفــض دخولي وأنا عضو الهيئة الوطنية للصحافة، في حين قام بالموافقة على دخول رؤساء التحرير، الذين لم يذكر أسماءهم في تصريحه الخالي من أبجديات ســلوك رجل دولة، ومسؤول إعلامي، من المفترض أن يلتقي كل من ينتمي إلى هذا المجال، مثلما كانت تصريحاته غير المسؤولة تسيء للكل، ولَم تخص اسما بذاته». وعلقت قائلة: «حقيقة هذه مهزلة لم تحدث في تاريخ الإعلام المصري على مرّ الأزمنة.. وكنت أنتظر من الزملاء الذين ســمح لهم بالدخول أن ينتفضوا وينفضوا من حوله، لسلوكه المعوج في المعاملة مع زمــاء المهنة، وتركه وحيدا، لنقول لــه جميعا إننا نرفضك». واختتمت: «نعم نرفضك ولست أهلا لتكون مسؤولا في مهنتنا التي علمتنا لغة احترام الغير والرأي المختلف معنا وسياســة الاحتواء والكياسة، يا وزير دون حقيبة للأسف».

نهايته تقترب

نبقى مع أزمة أســامة هيكل، حيث أكــد الدكتور محمــد الباز، رئيس مجلسي الإدارة والتحرير في مؤسســة «الدستور» أن أسامة هيكل وزير الدولة للإعلام، يفتقد اللياقة وغير جدير بالثقة، قائلا: «لا يوجد أي شيء غريب في ما فعله أســامة هيكل اليوم، ليس مع الكاتبة فاطمة سيد أحمد فقــط، لكن مع كل الزملاء الذين ذهبوا للنقــاش معه، نزولا عند دعوته.» وأوضح: حرس هيكل منع فاطمة ســيد أحمد مــن الدخول إلى مقر وزارة الإعلام، الذي هو منشأة حكومية وليس بيته الخاص، طاقم مكتبه تعامل مع الصحافيين ورؤســـــا­ء التحرير وكأنهم تلامــذة في انتظار حضرة الناظر.

لقــد تابعت دعوة أســامة هيــكل للصحافيين عن بُعــد، وكنت أعرف أنها ســتنتهي إلى كارثة جديدة من كوارثه. منذ ســنوات وأنا لا أثق فيه، يتعامل طول الوقت بســوء نية، وهو ما فعله اليوم، لقد أهان الصحافيين والإعلاميي­ن، تعامل معهم من دون لياقة، رغم أنه دعاهم إلى بيته للحوار معهم. واختتم الكاتب: خطيئة أســامة هيكل في حق الإعلام تحولت إلى كبيرة من الكبائر التي لا تغســلها حتى التوبة، ولذلــك أجدد دعوتي له ليستقيل من منصبه، وكفاه تخريبا ونشرا للفوضى في الوسط الإعلامي، ففوق أنه لا يتمتع بأي لياقة فهو لا يحظى بأي ثقة.

رقابة منها فيها

نتحول نحو شــؤون البرلمان بصحبة عبــاس الطرابيلي في «المصري اليــوم» حيث يرى أنــه إذا كانت في مصــر أجهزة عديــدة للرقابة على تصرفــات الحكومة المالية، إلا أنها تظل في النهايــة رقابة «من الحكومة.. علــى أعمال الحكومة» هنا نجــد ضرورة في وجود رقابة شــعبية فعالة في كلا المجلسين، وهو ما نتمنى من مجلســي النواب والشيوخ أن يقوما بــه.. بالذات في ظل غيــاب أي دور للمجالس المحليــة، الذي يفترض أن تقوم به هذه المجالس.. داخل القــرى والمدن. هنا يمكن لمجلس النواب أن يؤدي دوره وبالوسائل البرلمانية نفسها من أسئلة.. وطلبات إحاطة.. بل أيضا اســتجوابا­ت، وتلك هي وسائل وأدوات المساءلة البرلمانية المتاحة، دستوريا وتشريعيا، لمجلس النواب حتى إن غابت هذه الوسائل عن أيدي وفكر مجلس الشيوخ. وربما كان ذلك من أهم أسباب تغيير حجم الدوائر الانتخابية، لتصبح المسؤولية أوسع انتشارا وأكثر قدرة على «عمومية» النيابة.. التي تجســد فكرة أن النائب بمجرد انتخابــه يصبح نائبا عن الأمة المصرية كلها. وأهلا بالبرلمان الجديد بشــعبتيه النواب والشيوخ. ومن وجهة نظــر الكاتب يرى، أن الــدور الرقابي للبرلمــان وللنواب في كلا المجلســن الأول مجلس النواب وانتخاباتـ­ـه على الأبواب.. ومجلس الشيوخ وقد بدأ جلساته بالفعل دور برلماني أصيل، إذ لم تنشأ البرلمانات إلا للرقابة على أعمال الحكومة، رقابة شــاملة وليس فقط الرقابة المالية.. وكان ذلك واضحا سواء في البرلمانات الغربية، أو حتى في مجلس شورى النواب الــذي عرفته مصر عام 1866، ورغم أن ذلــك لم يكن واضحا عند بدايات هذا المجلس، إلا أن النواب - ومن يومها - اســتطاعوا أن يقوموا بهذا الدور الرقابي.

أخطاء ماكرون

لم يخــل خطاب ماكرون وفق مــا رأى الدكتور مصطفــى حجازي في «المصــري اليــوم » من خلــط متعمد بين «الإســام »- الديــن والعقيدة والرسالة السماوية- وبين «الإســاموي­ة» كأيديولوجي­ا سياسية.. ومن خلط جائر وسافر بين مجتمعات مسلمة مأزومة بواقع اجتماعي وسياسي واقتصادي مشوه- شأنها شــأن مجتمعات إنسانية أخرى، دونما النظر لعقائدها- وطعن في الدين ذاتــه بدعوى كونه مأزوما. أتى الحديث فيه عن الممارسات الاستعماري­ة بصيغة اعتذارية خافتة وباهتة.. قد تُقبَل في ســياقها، بينما صمت الخطاب وتنصل من مسؤولية الحالة الاستعماري­ة عن تكريس التشوهات السياسية والاجتماعي­ة والاقتصادي­ة، التي دعمت وما زالت الاســتبدا­د السياسي والفســــا­د الاقتصادي في المستعمرات الســابقة، بغيــة ضمان اســتقرار الــولاء والتبعية بصيــغ أكثر حداثة ومؤسســية.. وهو غير المقبول وغير المبرر. قد يــرى البعض في خطاب ماكرون تكتيكا انتخابيا مبكرا يغازل به اليمين المتطرف في فرنســا، آملا في حظ أوفر في الانتخابات الرئاســية عــام 2022.. وقد يرى البعض أن ماكرون ابن الدولة الفرنسية، وعى أن استمرار المد الإسلاموي في بلاده خطر على مســتقبل الدولة فكرة وممارسة.. وقد يرى البعض أن ماكرون هو امتداد للمشــروع الاســتعما­ري الغربي وسليل المؤسســة العلمانية الغربيــة، التــي ترى في الإســام ذاته كـ«فلســفة وديــن» خطرا على الحضارة الغربيــة. من منطلق صراع الحضارات الذي يملك على كثير من الغربيين عقولهم، التي عبر عنها اللورد كرومر في مقولته الشــهيرة بأنه «سيبقى الشرق شــرقا وســيبقى الغرب غربا.. لن يلتقيا أبدا» أي كانت زاوية الرؤية - ومدى حدتهــا أو تهافتها- في قراءة خطاب ماكرون وما يقوله ماكرِون وآخرون. الصحافية فاطمة ســيد أحمد اجتماعا دعا له، ما أســفر عن انسحاب عدد كبير من المحررين، تضامنا معها. وقد اســفرت الحرب بين الوزير وخصومه وجميعهم من أنصار السلطة إلى حالة من الفرح في أوساط قوى المعارضة المختلفــة، التي رحّب أفرادها بالنتائج مهما كانت، على اعتبار أن «القطة تأكل أطفالها.»

ومــن ابرز تصريحــات صحــف الخميس: قــال الدكتــور مصطفى الفقــي المفكر السياســي رئيس مكتبة الإســكندر­ية، إن مصر واليونان تعرضتا للقهر من قبل تركيا، مشــيرا إلى أن الأتراك ينظرون إلى مصر دائما بشــكّل منفصل عن الدول العربيــة، ويعتبرونها حضارة بذاتها. ومــن اخبــار الصحــف كذلك تقريــر حول تعامــد الشــمس على وجه تمثال رمســيس الثاني في معبده الكبير فــي قدس الأقداس في مدينة أبوسمبل السياحية. وتتكرر تلك الظاهرة الفلكية مرتين كل عام يومي: 22 أكتوبر/تشرين الأول، معلنة عن بدء موسم الفيضان والزراعة عند قدماء المصريين، و22 فبراير/شباط معلنة عن بدء موسم الحصاد.

علينا فعل هذا

ودعا الدكتور مصطفى حجازي في «المصري اليوم» لضرورة أن نواجه أنفســنا وغيرنا - بدون وجل أو تردد- بحقائق أتى بها الخطاب، ليست بالضرورة فقط عن الإســام أو المســلمين، لكن عن الانفصالية كســلوك وممارســة.. العرب والمســلمو­ن هم أكبر ضحاياها في بلادهم أكثر منهم دعاتها فــي المهجر. الانفصالية لــم تكن يوما- ولن تكــون- حكرا على العرب والمســلمي­ن كأقلية فــي أوروبا، أو غيرها.. وإذا أردنا أن نؤســس لمعنى الانفصالية كسلوك انعزالي لمجتمعات وأعراق وديانات، فاليهودية هي النموذج الصارخ لها منذ القدم، وحتــى يوم الناس هذا، وليس أكثر فجاجة من إســرائيل، وهي تريد أن تكون أكبر غيتــو يهودي في العالم. وكشــف الكاتب عن أن الانفصالية ليست بالضرورة فقط سلوكَ الأقليات العرقية أو الدينية داخل المجتمعات المغايرة.. وليســت بالضرورة سلوكا طبقيا، لكنها وفي الأغلب ســلوك عدواني من فئــات محدودة الكفاءة أو منعدمة الأهلية، تخشــى العدل وتكره الحرية، التي ســتدفع بمحدودية ملكاتها للانكشــاف، فتُلبِس أثَرَتها ورغبتها في الاستبداد بالغير سلوكا عدوانيا انفصاليا لضمان الهيبة. الانفصالية تبدأ بشعور- لا أساس لهبالتعالي على بقية مكونات المجتمع، أفرادا ومؤسســات، وعلى اعتبار أن المجتمع فاقدا لأهلية قياد نفســه، إما لجاهليته ومناهضته منهج السماء، كادعــاء التكفيريين ومتطرفــي الديانات الأخــرى، أو لجهله بمصلحته وســوء تقديره، كادعاء الســلطة الأبوية المســتبدة، أيا كانت صورتها. وتقتــرن الانفصالية- في العموم - بافتراض حقــوق متجاوزة لما يُقره ويُلزم به ويضمنه القانون من تســاوٍ.. وبتوهــم الاصطفاء لدور الراعي لقطيع المجتمع الشارد بكل أفراده وكل مؤسساته، ما عدا زمرة من أفراده وآحادا من مؤسساته. الانفصالية الحقيقية سلوك عنصرى قبل أن تكون ميلا للانعزال.. ولذا ومن غير المســتغرب أن قــد يحتفي البعض لديناوالمد­عين كونهم دولتين- بكون قانون ماكرون المزمع انتصارا لرؤاهم.

مريض فلا تقتلوه

في مصر 48 ألــف جمعية أهلية رســمية، إضافة إلى نحــو 90 منظمة )حقوقيــة( اهتــم بأمرها ســامي صبري فــي «الوفد» مؤكــدا على أنها تعمل في مجــال الدفاع عن حقوق الإنســان والديمقراط­ية. بعضها تلقى تمويلا أجنبيا يقــدر بمليارات الجنيهات، وخالف بنــود القانون رقم 84 لعــام 2002 المنظم لعمل هــذه الجمعيات، الذي يحظــر العمل في المجال السياســي، والحصول علــى أي تمويل من الخارج، إلا باذن مســبق من الوزارة المختصة، والجهة المشــرفة على عمل هذه الجمعيات والمنظمات، التــي ثبت تــورط بعضها في علاقات مشــبوهة مع منظمــات خارجية، وأجهزة مخابرات أجنبية تضر بالأمــن القومي المصري. وهناك جمعيات أخرى ســرية يقدر عددها غير الرسمي بأكثر من 50 ألف جمعية، تعمل في الخفاء بــدون ترخيص، وبعيدا عن أعين الأجهــزة الرقابية. ظهرت على قياداتها أعراض الثراء الســريع، ما جعل المجتمع المدنب محل الشــبهات والاتهامات، وتدخلت الســلطة بتجميد أنشــطة المئات من هذه المنظمات والمؤسسات، وإحالة بعض مســؤوليها للنيابة العامة، ومحاكمتهم بتهم العمالة والخيانة. ورغم كل هذه الســلبيات أتمنى فتح صفحة جديدة مع المجتمع المدني، بدلا من توجيه الاتهامات إلى قطاع خيري يحتاج المجتمع إلــى جهوده حتى لا يتجه إلــى العمل في الخفاء، ويصبح فرصة ســهلة وثمينة لأعداء مصر في الخارج، الجاهزين دائما لمد أياديهم ليس حبا في مصر، وإنما لاستغلاله واستثماره سلاحا قويا يمكن توجيهه في أي وقت لصدر مصر، لتحقيق مصالحهم وأهدافهم السرية. أعتقد أن العمل الأهلي الخيــري والتطوعي، لا يمكــن أن ينجح أو ينطلق إلا إذا شــعر بحريته، وعدم خنقه بقيــود وبيروقراطي­ة العمل الحكومــي. وتجاربنا في القرن الماضي أقوى دليل. فكلما وفرنا مناخا ســليما وآمنــا لهذا القطاع، ونأينا به عن التهــم الجزافية، وعن الخلط بين الشــرفاء وضعاف النفوس، أو بين الصالح والطالح، والنظيف والمشبوه، استطعنا توجيهه إلى ما يخدم المجتمع بشكل جيد وسليم.

جائحة أبو الغيط

قبــل عام تقريبا، والكلام لمحمود زاهر فــي «الوفد» اجتاح العالم وباء كورونا، الذي أصبح لغزا محيرا، سواء أكان في فرضية ظهوره، أو تاريخ الإعلان عنه، أو حتى إيجاد لقاح ناجع، يمكنه إيقاف ذلك النزيف المستمر فــي الأرواح والأعداد المتزايدة للمصابين. لكن هناك جائحة عربية ظهرت قبل خمسة وسبعين عاما، وتحديدا في مارس/آذار 1945 انتبه لها الكاتب دون غيــره من الكتاب، عندما تأسســت جامعة الــدول العربية، التي لم تنجح حتى الآن منذ تأسيســها في «علاج» أي قضيــة أو أزمة، بل تقلص دورها على إشــكالية دورية التنظيم!عقود طويلة شهدت عشرات القمم، كان القاســم المشــترك فيها جميعها بلا اســتثناء، القضية الفلسطينية، بدءا من «القمة الأولى» في مايو/أيار 1946 في قصر «زهرة أنشــاص» في محافظة الشــرقية، حيث وُجهت الدعوة لزعماء الدول المؤسسة «مملكة مصر والسودان، مملكة شــرق الأردن، المملكة العربية السعودية، المملكة المتوكليــ­ة اليمنية، المملكــة العراقية، الجمهوريــ­ة اللبنانية، الجمهورية السورية». منذ ذلك التاريخ، و«الجامعة» تعيش واقعا أليما جعلها تبتعد عن تنفيذ أيٍّ من أهدافها، التي أُسِّست من أجلها، حتى أصبحت في الواقع اســما بلا معنى، ولم يعد لقراراتها أي قبول شعبي.. أو حتى احترام. بكل أسف.. على مدى ســنوات طويلة، عُقدت قمم كثيرة «عادية واستثنائية واقتصاديــ­ة» تمخضــت جميعهــا عن لا شــيء، فقط عبارات الشــجب والتنديــد والاســتنك­ار.. والرفض بالقلب، وذلك أضعــف الإيمان. الآن، تواجه الجامعة العربية انتكاســة غير مسبوقة، بعد اعتذار ست دول عن تولي الرئاســة الدورية لمجلس وزراء الخارجية، بعد اعتذار فلسطين عن اســتكمال الدورة الحالية التي تنتهي في مارس المقبل. وفي وقت تتعمق فيه هوّة الخلافات في عدة ملفات رئيســية، وفي مقدمتها الصراع العربي «الإســرائي­لي» نجد اعتذار ست دول ـ في ســابقة لم تحدث من قبل ـ عن تولي رئاســة إحدى دورات «الجامعة» ما يثير تســاؤلات منطقية بشأن وقت إطلاق «رصاصة الرحمة» على «الكيان» الذي أصبح مثارا للسخرية والتندر.

تطبيع يعني خيانة

مخز جدا وصغير جدا، هكــذا وصفت عبلة الرويني في «الأخبار» كلام مدير مهرجان الجونة الســينمائ­ي، حول موقف الكثير من الســينمائ­يين والمثقفــن المصربين، الرافض دعــوة مهرجان الجونــة وتكريمه للممثل الفرنسى جيرارد ديبارديو المعروف «بعاشق الكيان الصهيوني». قال أمير رمســيس مدير المهرجان، إن تكريم ديبارديــو لا يزال قائما، وإن الخلاف الدائر حول تكريمه هــو مجرد وجهة نظر. وأضــاف )بلغة أكثر هبوطا( أن المعارضــن لتكــريم ديبارديو في مهرجان الجونة، يشــكلون حملات مغرضة ومتاجرة رخيصة بالقضية الفلســطين­ية.. وهــم أيضا يعبرون عن رغبات انتقامية لعدم دعوتهم لحضور المهرجان! طبعا وسط الهرولة العربية الحالية نحو إســرائيل والتطبيع معها، إلى حد إلغاء تأشــيرات الدخول.. وســط هذا التكالب المشين، يصبح تكريم ديبارديو في مهرجان الجونة الســينمائ­ي، مبادرة عادية ملائمة للمناخ الملوث... ويصبح كلام مدير المهرجان ورؤيته أن )الصهيونية وجهة نظر( وأن )مجابهة التطبيع مزايدة رخيصــة(. يصبح تمهيدا يفتــح الباب أمام المهرجانــ­ات المقبلة لممارســة التطبيع، والسماح بمشاركة الأفلام الإســرائي­لية، وربما دعوة الإســرائي­لين أنفســهم وتكريمهم أيضا! تصاعد حملــة المثقفين الرافضين لتكريم ديبارديو في الجونة، وتضاعف أعداد الموقعين على بيان )اللجنة الوطنية لمقاومة التطبيع( المطالب بإلغاء تكريم ديبارديو، الذي يهين قيم الإنســاني­ة والكرامة.. قوة الحملة واتساعها، يؤكد عمق الرفض الشعبي المصري لكل أشــكال التطبيع مع إســرائيل، ويكشــف عن ثبات الموقف الثقافي المصري وصلابته، في مجابهة التطبيع.

أقرب للعالم الثالث

حقيقة توصل اليها محمود خليل فــي «الوطن» مفادها أن ترامب يفكر مثلما يفكر أحد رؤســاء العالم الثالث. فميله إلى الأداء الشعبوي، وولعه بالاستفراد بالقرار، وتمسكه بالسلطة حتى آخر نفَس، واضح في العديد من تصرفاتــه. الغريب حقا أن يفكر ويؤدي قطاع من الشــعب الأمريكي، وكأنــه ينتمي إلــى دول العالم الثالث. عندما نشــر «ترامــب» تغريدته التي تقول، إن مؤسس تنظيم القاعدة «أســامة بن لادن» ما زال على قيد الحياة، وإن القوات الأمريكية قتلت شــخصا آخر في عمليتها الشــهيرة صدقه بعــض الأمريكيين، وعندما أعاد نشــرها منذ بضعــة أيام صدقها البعض أيضا. صدّق بعض الأمريكيين هذا الكلام.. ولم يلتفت أحدهم إلى أن ترامب لم يقــدم أي دليل على ما يقول.. ولا يخفى على أحد أن الرئيس الأمريكي يمتلك الأدوات التي تمكنه مــن الوصول إلى الحقيقة، والتدليل عليها إذا أراد، بدلا مــن إطلاق «الفرقعات اللفظية» بــا دليل أو برهان. بعض الأمريكيــ­ن انتقلوا من دائرة تصديق «الترهــات» إلى «الغرق في الخرافات». تستطيع أن تجد نموذجا على ذلك في المنتمين إلى جماعة «كيو أنون». أغلب أعضاء الجماعة من اليمين المتطــرف الأمريكي، الذي يؤمن بنظرية المؤامرة، ويرون أن هناك خطة مُحكمة دبّرها كل من باراك أوباما وهيلاري كلينتون للانقلاب على دونالــد ترامب بعد وصوله إلى الحكم! يحتشــد أنصار هذه الجماعة في الحملات الانتخابية لترامب، ويُكثرون من اســتخدام الدين في الإقنــاع بوجهة نظرهم، ويغرقــون في أحاديث أسطورية عن وجود جماعة ســرية تدير العالم، وهي جماعة لها أهدافها الخاصــة داخل دول العالم المختلفة، وتســعى إلى تحقيقها عبر وســائل وطرق غير أخلاقية. أفكار هذه الجماعة تتردد على ألسنة شخصيات ذات وزن إعلامي وسياســي في الولايات المتحدة، رغم عدم استنادها إلى أي دليل عقلاني أو منطقي.

مصنع الكراهية

اســتكمل محمود خليل محمود خليل في «الوطن» مؤكدا إيمان بعض الأمريكيين بالفكرة «العنصريــة» والنظر إلى الآخر ككائن أدنى، وقد بان ذلك في الأحداث التي أعقبت مقتل جورج فلويد على يد شــرطي أمريكي. تصديق الكلام المرســل، والإيمان بنظرية «المؤامــرة» بدون وجود دليل عليها، والنظرة العنصرية التي تقسم المجتمعات إلى فرق تنسج الكراهية علاقتها ببعضها بعضا، هي ســمات سائدة لدى شــعوب العالم الثالث، والمضحــك أن تصل أعراضها إلــى واحد من أكثر شــعوب الأرض تعليما وثقافة وتقدما. يبدو أن الجميع يســتوى في عصــر ما بعد الحقيقة. وهو ذلك العصر الــذي دلف العالم مــن بوابته عــام 2016. مصطلح «ما بعد الحقيقــة» يعبر عن عصر تفقــد فيه الحقيقة العقليــة والمعلومة المنطقية قيمتهــا، في الوقت الذي تصعد فيه أدوار الأفكار المطلقة والآراء المرســلة والأكاذيب المكــررة المنظمة على ما عداها. ليــس مطلوبا في عصر ما بعد الحقيقة أن تخاطب عقل الجمهور، الأهم أن تدغدغ مشــاعره، وتســتفز عواطفه، وتدفعه باستمرار إلى تهميش عقله، والتفاعل مع الحياة بردود الفعل الغريزية.

سر العصابة

هل هناك صلة بين توجيه النيابة الفرنســية التهم للرئيس الأســبق ســاركوزي بتشــكيل عصابة إجرامية للحصول على تمويل من القذافي لحملته الرئاســية 2007 وحادث ذبح مدرس فرنسي عرض على تلاميذه رســوما كاريكاتيري­ة مســيئة للنبي محمد «صلى الله عليه وسلم»؟ يرى عبدالله عبدالســام في «الأهــرام» أنه ليس هناك ارتباط مباشــر، لكن الســياق العام يدعونا للبحث في أســباب تأزم علاقة العرب والمسلمين بالغرب حاليا. ساركوزي نموذج صارخ للسياسي الغربي، الذي لم يدخر لفظــا تحقيريا، لوصف المهاجرين من أصول إســامية وعربية. اعتبر أن أزمات فرنسا سببها هذه الجحافل التي لم تتكيف مع قيمها، وأصرت على نمط حياتها قبل الهجرة، بل أرادت تغيير نمط حياة الفرنســيي­ن، وعندما فشــلت مارس بعضها الإرهاب. ســاركوزي، حطّم الأرقام القياســية في ذم المهاجرين ووصمهم بكل الســوءات، لكنه عندما احتاج للمال لكســب المعركة الرئاســية، لم يجد غير القذافي، الذي أجزل له العطاء، لدرجة أن هناك تقارير تفيد بأنه أعطــاه 50 مليون يورو، وصلته بطائرات خاصة. في المقابل، أمطره ســاركوزي مديحــا متدنيا ولزجــا، متغاضيا عن كل سوءاته وانتهاكاته لحقوق الإنســان. في سبيل استحلاب الأموال، كان مســتعدا لفعل أي شــيء، حتى ولو انتهك القوانين الفرنسية، التي يتهم المهاجريــ­ن بالخروج عليهــا. كال بمكيالين: عامل الفرنســيي­ن من أصول مســلمة وافريقية بعنصريــة، نافيا عنهم التحضــر، وملصقا بهم العنف ومعاداة الحضارة، ثم غازل أمثال القذافي وتملقهم من أجل المال. وعندما شعر بأن ورقة الزعيم الراحل احترقت، حصل على تفويض دولي ـ لضرب ليبيا، وأســهم بشكل مباشر، حسب تقارير موثقة، باغتيال القذافي قبل 9 سنوات بالضبط. ليس هناك مبرر مطلقا، لأي عمل إرهابي همجي، لكن ألا يشكك هذا السلوك النفعي الهمجي أيضا، برغبة الغرب في معالجة جذور الإرهاب؟ ساركوزي لم يساعد على تحسين أحوال المهاجرين، بينما ساعد نفسه بأموال عربية مســلمة بشــكل غير قانوني. فمن هو غير المتحضر الكاره للديمقراطي­ة والعدالة؟ محاربــة الإرهاب طريق ذو اتجاهين على المسلمين والغرب السير فيه.

الحب في الله

يا أبا موسى ســامْ أنت مقدامٌ همامْ.. أنت حر لا يضامْ إنما الموت الزؤامْ.. من أعار الظلم فاه.. إنما السجن المهين إنما الخزي المبين.. إنما العار المكين من تولى المجرمين.. واقتفى نهج الطغاة. الأبيات الســابقة هي جزء من قصيدة كتبها العلامة الشيخ سفر بن عبد الرحمن الحوالي ـ

فك الله أسره- من داخل سجن الحائر.

في فترة اعتقاله الأولى التي استمرت خمس سنوات ) من سنة 1415هـ إلى 1420هـ (. وقــد اهتم بالقصيدة وصاحبها الدكتور عمر عبد الآخر في موقع «الشبكة العربية » تابع الكاتب تعريفه بأمر الراثي والمرثي لأجله: أما أبو موسى الذي يخاطبه الشيخ في هذه الأبيات، فهو الشيخ الدكتور حمد بن إبراهيم الصليفيح، رحمه الله. وهو واحد من الرعيل الأول للدعاة في المملكة السعودية، ومن مؤسسي الندوة العالمية للشباب الإسلامي، وكان له دور بارز في إنشاء مدارس تحفيظ القرآن الكريم والإشراف عليها. كما شارك في أوائل التسعينيات في تشكيل ما عرف بلجنة الدفاع عن الحقوق الشــرعية، فطالته اعتقالات عام 1415هـــ )1994م( مع جماعة كبيرة من العلماء والمشــايخ منهم الشيخ ســفر الحوالي، والشيخ سلمان العودة، والشــيخ ناصر العمر وغيرهم. ولم يفرج عنهم إلا بعد خمس سنوات في عام 1999 .

زمن المزادات الرخيصة

اعترف فاروق جويدة في «الأهــرام» بأن أجندة أيامه كان يزينها عدد كبير من الأصدقــاء، الذين تناثــروا كالورد في ســنوات العمر، وكانوا رمــوزا للصدق والعطــاء.. واعترف أيضا بأن الكثيريــن منهم رحلوا أو غابوا/ يقول الكاتــب، فرقتنا الأيام، وأنني أفتقــد وجودهم ومواقفهم.. أعرف أن هذه طبيعة الأشــياء وأن الغياب من ســن الحياة، وأن من كان بالأمس معنا صار بعيدا، وأن مواقف الرجال مثل نشــرة الأحوال الجوية كل يوم على حال، وأعلم أن في عالم الصداقات بيع وشــراء، وأننا نعيش زمن المصالح والصفقات، وأن صداقة اليــوم لا عمر لها، ورغم هذا الفراغ يحاول الإنسان أن يبقى على عدد قليل من رفاق مشواره، وإن كنت أعتقد أن الإفــاس الحقيقي أن تخلو دفاتــر أيامك من البشــر. إن إفلاس المال يعوض وإفلاس المناصب لا أمان له، لكن أن تخسر إنسانا، فراقا أو غيابا فهذه خسارة العمر؛ لأن العمر لا يعوض.. أنت لا تستطيع أن تسترد يوما مضى من عمرك، ولا تســتطيع أن تعيد صديقا غــاب أو رحل، لقد ضاقت دائــرة الأصدقاء وكانوا في يوم من الأيام حديقة مثمرة وانســحبوا إلى مناطق الظلال، واحدا خلف الآخر وتركوا الحديقة خاوية.. إن من بقي من الأصدقاء في رحلة الحياة أصبحوا الآن أعــدادا قليلة، وكلما مرّت علينا عواصف الفصول، نفتقد من ســافر ومن غاب ومن رحل. إننا الآن نعاني زمن الصداقات المزيفــة، إنها عملات مضروبة وعلاقــات بلا رصيد، إنها مصالح أو رغبات ينقصها الصدق والمروءة.. إن أجمل ما يبقى للإنســان رصيد من الذكريات والأيام الجميلة التي عاشها في ظل صداقات حقيقية، إننى أحيانا أشــعر بالإفلاس لأن رصيد صداقاتي تراجع، لكن بقيت لديّ أسماء قليلة أزين بها وحشــة أيامي كل شيء الآن له ثمن ولهذا حاول أن تحافــظ على ما لديك من ذكريات الزمن الجميــل؛ لأنها آخر ما بقي لنا في زمن المزادات الرخيصة.

بسبب كورونا

مــع اجتياح «كورونا» للعالــم، ازداد الاعتماد علــى الروبوت خاصة في الدول المتقدمة، ليعوض تناقص قــوة العمل، ليحقق مزيدا من الأمان الصحي، بعيدا عن التعامل المباشر بين البشر. كان أحد الأسئلة المطروحة علــى العلماء ورصدها جــال عارف فــي «الأخبار»: «ماذا بعــد انتهاء الجائحــة ومــرور الأزمة؟ وهل سيســتمر هذا التوجه نحو الاســتعان­ة بالروبــوت؟ وكيف ســتكون الآثار؟ آخر دراســة بهذا الشــأن تقول إن التغيير سيســتمر، وإن 85 مليون وظيفة ســيفقدها البشر في الشركات المتوســطة والكبرى خلال الســنوات الخمس المقبلة.. وهــو ما يعني أن العبء أصبح مضاعفا على دول العالــم المطالبة ببذل الجهد لتجاوز آثار كورونا، وعبور فتــرة الركود الاقتصادي التي صاحبــت الوباء، وخلق الوظائف الجديدة لاســتيعاب الأيدى العاملة.. وفي الوقت نفســه عليها أن تواجه هــذا الطارئ الجديد الذي يأخذ الوظائف من البشــر ليعطيها إلى الروبوت! الدول المتقدمة ستكون أقدر على مواجهة الموقف. فهي تملك الامكانيــ­ات وعدد كبير منها لا يعاني من زيادة ســكانية، بل على العكس كان يستعين بالهجرة لتلافي النقص في السكان قبل أن يبدأ في السنوات الأخيرة في وضع القيود على الهجرة، تحسبا للتطورات الاقتصادية، أو درءا للمخاطر. باقي دول العالم «ونحن منها» ســيكون عليها أن تضاعف الجهد لمواجهة التطورات المقبلة وتأثيراتهـ­ـا على الاقتصاد العالمي. خلق الوظائف وفرص العمل في الداخل ســيكون هو المهمة الكبرى لكل الدول. وإعــادة تخطيــط التعليم والتدريب علــى الوظائف المطلوبة ســتزداد أهمية لخلق الكــوادر المؤهلة للتعامل مع التطــورات الجديدة في العمل والتشغيل. ثم يبقى الأمر بمثابة جرس إنذار ينبه الجميع لمضاعفة العمل من أجل ضبط الزيادة الســكانية، ولتحقيق التنمية الشاملة القادرة على إنجاز الصعب: أن نضاعف الإنتــاج، وأن نخلق فرص العمل، وأن يكون العلم والعمل طريقنا للحاق بالعصر واحتلال المكانة التي نســتحقها بين الأقوياء.

قاسية على أولادها

اعترفت تمارا الرفاعي في «الشروق» بأنها تقسو قليلا على عائلتها في محاولاتها الدائمة أن تجعلهم يحبون ما تحب أو بعضه. تابعت تمارا: أظن أننى أريدهم أن يفهموا مكانة عبدالوهاب وأســمهان في الوعي الجماعي لجيلي، إنما أكثر للجيل الذي سبقني. أريدهم أن يعرفوا أن بلادهم ليست ما يرونه اليوم من تفتت وموســيقى جلها رديء وكلمات بذيئة أصبحت دارجــة. أقول لهم هذا وأنا أعي تماما أنني انتقلــت إلى خانة القديم، وأن كثيــرا مما أوصي به قــد يرونه على أنه مضى، أظــن أن في محاولتي أن أحافظ على كلمات وأغانٍ وعلاقة خاصة بزمن مضى، فأنا أحاول أن أبقيها جميعها حية من خلال الممارســة. أريد أن أسمع بعض الكلمات وأن يدندن أولادي بأغان لم تعد تظهر سوى على فقرة الذكريات في راديو الذكريات. أشــعر أننى بدأت أصلا بالانتقال إلــى فقرة الذكريات. أنــا همزة وصل بين جيلين. ما زلت أمســك بيد أبب وهو يدخل إلى محل لبيع تســجيلات الموســيقى فيخرج منه وهو يكاد أن يطير، بدل أن يمشــب على الرصيف لأنه حصل أخيرا على تسجيل نادر لحفلة من حفلات صباح فخرب عملاق الموشحات الحلبية. وأمسك باليد الثانية بثلاثة أولاد أريدهم أن يحفظوا أغنية «فوق النخل» حتى لــو تعرفوا عليها بنغماتها الحديثة التي تبناها فنان عصرب. المهم أن يفهموا أن في العراق بســاتين من النخيل لا تنتهى وخيرات وأنهار وكلمــة «تتدللى» حتى لو لم يلتقــوا بأصدقاء عراقيين. أنا همزة وصل أتعب أحيانا من التمســك بالماضــي إلى أن تلمع عينا ابني السوداوتين ويتذكر أغنية «أســمر يا اسمراني» من طفولته فيذوب قلبي وأواصل مهمتي كفقرة الذكريات في حياة أولادي.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom