Al-Quds Al-Arabi

«حقوقية» وعضو كنيست: عريقات فلسطيني... إذن ليس من البشر

- جدعون ليفي ■ هآرتس 2020/10/22

في تناقض صارخ مع معظم الإسرائيلي­ين، وربما معهم جميعاً، لشديد خجلي وجهلي، لم أسمع عن عضوة الكنيست ميخال كوتلر ـ فانش. وقد اتضح لي أنها خبيرة في القانون الدولــي وكانت باحثــة في معهد السياســات ضد الإرهاب، وناشطة في «أمر المصالحة» و«قيادة أخرى» وتنافست على مقعد في الكنيست من قبل «أزرق أبيض» وانتقلت من «تيلم» إلى «المنعة لإســرائيل » وهو الفرع الجنوبي لـ «أزرق أبيض » أو الذراع السياســي لـ «ديرخ هآرتس» مــن الصعب معرفة ذلك.

البروفيســ­ور ايرفين كوتلر هــو زوج أمها الــذي رباها وتحمل هي اســم عائلته، كان كوتلر وزيــر العدل المعروف الســابق في كندا، وهو رجل قانون ليبرالي اعتبر أحد رجال حقوق الإنسان رغم تأييده الكبير للصهيونية. البروفيسور كوتلر ناشــط ضد العنصرية وجرائم الحرب، لكنه لم ير في ذلك علاقة بدعمه لإسرائيل. الوالد، وكما يبدو أيضاً ابنته، لا يرون أي تناقض بين حقوق الإنسان والاحتلال، أو أي علاقة بين العنصرية والصهيونية والأبرتهاي­د وبين إسرائيل.

هناك نوع كهذا مــن الليبراليي­ن اليهود، وبالأســاس في الولايات المتحدة وكندا، مثقفون، متنــورون وتقدميون في نظر أنفســهم، يحاربون المظالم فــي كل العالم، إلى أن يصل الأمر إلى إســرائيل، التي هي في نظرهم فوق كل شبهة. هنا تغمض عيونهم ويشل ضميرهم. حينها، لا يرون أي شيء.

في الأسبوع الماضي ســنحت لعضوة الكنيست الجديدة والواعدة الفرصة للانكشاف على الجمهور. صائب عريقات مرض وأوشــك على الموت. لم تفوت فانش الفرصة. وغردت عضوة الطاقم القانوني المساعد لعائلة غولدن في استرجاع بقايا جثة ابنها، رداً على احتمالية نقل عريقات للعلاج المنقذ للحياة في مستشــفى هداســا. «مبدأ المعاملة بالمثل يســمح ويتطلب: إنســاني مقابل إنساني! مرة أخرى، فرصة لمطالبة واضحة: مســاعدة طبية مقابل إعادة هــدار واورون وأبرا وهشــام، المحتجزون في غزة منذ ســت ســنوات، في خرق واضح للقانون الدولي وما تقتضيه الأخلاق.

من أين نبــدأ؟ من الغبــاء؟ ربما من الجهل؟ من الشــر؟ ربما من عدم الإنســاني­ة؟ عضو الكنيست أحمد طيبي أحسن صياغــة ذلك في رده علــى تويتر: «أعــارض اختبار الذكاء لأعضاء الكنيســت بشكل كبير، ولكن ثمة تداعيات وأعراض جانبية صعبة لذلك .»

عضوة الكنيست التي تمثل الوســط الإسرائيلي، أفضل الوســط الموجود لدينا، من ســكان رعنانا وعضوة في «أمر المصالحة» والتي كانت زميلة باحثة في مشروع دكتوراة في الجامعة العبرية بعنوان «حقوق إنســان تحت الضغط» )!( تقترح اشــتراط إنقاذ حياة إنسان بمطالب ابتزازية حقيرة. فانش )التمني بالألمانية( طرحت فعلياً تمني الموت لعريقات. إذا لا ســمح الله استجاب أي شــخص لنصيحتها فسيكون مصيره الموت على الفور.

الخبيرة في شــؤون الإنســان والإرهاب تعرف بالتأكيد أمراً أو أمرين عن قدســية حياة الإنسان، لكن عريقات ليس إنســاناً في نظرها. وربما كل فلســطيني هو غير إنسان في نظرها، ومن المشــكوك فيه إذا كان للفلســطين­يين الكثير من الزعماء المعتدلين مثل عريقات، ولكــن هذا ليس موضوعنا. نأمل بأنهــا تعرف أن مطالبة حماس بإطلاق ســراح الجثث والمدنيين مقابل تقديم العــاج الطبي لعريقات الذي تكرهه، مطالبة لا أساس لها من الصحة. ولحماس تأثير أكبر في غزة مما لعريقات.

كوتلــر فانش ليســت شــخصية مهمة حتــى الآن، لكن صوتهــا مهم لأنه يعكــس رأي الكثيرين. هي ليســت اليمين العنصري، وتمثل حزباً يســمى بالوسط المعتدل، وهي على قناعة بأنها متمسكة بقيم عالمية، وربما تؤمن بحل الدولتين، وبالتأكيد بقيام دولة يهوديــة وديمقراطية. وهنا انظروا، لا عجب في ذلك: فمن هــذه الدفيئة الليبرالية تنبت العنصرية الصهيونية، بانعدام إنســانية شيطاني تجاه إنسان يوشك على الموت، لكونه فلسطينياً، وربما حتى لكونه غير يهودي. يتضــح أنك قد تكــون خبيراً فــي حقوق الإنســان، ومثقفاً ومتنــوراً وأن تترعرع في جو من الليبرالية اليهودية... وفي لحظة الاختبار ينكشــف الوجه الحقيقــي، وهو وجه قومي متطرف، عنصري، متوحش، بل قبيح بدرجة لا مثيل لها.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom