Al-Quds Al-Arabi

شبح «انتخابات 2007» يطارد الإسلاميين الأردنيين بعد انسحاب «شركاء» مسيحيين وشركس

هل يفعلها الإخوان ويلوحون بـ«الانسحاب»؟

- عمان - «القدس العربي من بسام البدارين:

يبدو أن ســيناريو انتخابات عام 2007 بالنسبة للتيار الإسلامي الأردني في طريقها للعودة مجدداً كشــبح سياســي وانتخابي يظلــل قرار الإخوان المسلمين والحركة الإســامية بالمشــارك­ة في انتخابات 2020، خصوصاً أن ظلال ما حصل في ذلك العام أو في تلك النسخة من الانتخابات المثيرة للجدل بدأ يطل برأســه على الواقع السياســي الأردني قبل أقل من ثلاثة أسابيع في أبعد حد على الانتخابات الوشيكة والمقبلة، التي ينظر لها باهتمام بالغ.

فــي ذلك العــام - ونقصد 2007- جازف الإســاميو­ن فــي عهد حكومة الرئيس الدكتور معروف البخيت بالمشــارك­ة فــي الانتخابات على الرغم من أن قواعد تنظيمات وتشــكيلات الحركة الإســامية كانت بالاتجاه المعاكس للمشــاركة، وكانت النتيجة أن فاز الإســاميو­ن بســتة مقاعد فقط في ذلك البرلمــان، الأمر الــذي أصبح حجة داخل الحركة الإســامية وتشــكيلات­ها ومؤسســاته­ا ضد قيادة الإخوان المســلمين في ذلك الوقــت. وبالتالي، فقد المراقب العام للإخوان المسلمين آنذاك الشيخ سالم الفلاحات، موقعه المتقدم في قيادة جماعة الإخوان المســلمين بسبب حماســته خلافاً لآراء واتجاهات التنظيمات الداخلية لتلك الانتخابات ومجازفته بالمشــارك­ة فيها، وهو واحد من الدروس التي يقول الإسلاميون إنها ماثلة للعيان الآن عندما يتعلق الأمر بالمشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها.

آنذاك أيضاً، وبسبب المناخ المضاد للمشاركة في تلك الانتخابات عام 2007 خسر العديد من كبار رموز الحركة الإسلامية المرشحين للانتخابات مواقعهم ومقاعدهم، كما خســرت الأطر القيادية في الجماعــة وفي حزب جبهة العمل الإســامي التي هزت الانتخابات مواقعها ومقاعدها المتقدمة بقيادة الحزب والجماعة بســبب مغامرة الانتخابات، كما كانت توصف، وبالتالي ابتعدت بعض العناصر القيادية وابتعدت للأبد في بعض الأحيان عن المواقع القيادية بعدما عاقبتها القواعد التنظيمية بانتخابات داخلية تلت تلك الانتخابات.

عملياً، اليوم يطل برأســه ذلك الســيناري­و مجدداً في أوســاط القرار في حزب جبهة العمل الإســامي. وقبل حصول الإعلان عن انسحابات مفاجئة من قوائم الترشــيح التي تحالفت مع حزب جبهة العمل الإســامي، سبق أن عبر الأمين العام للحزب الشــيخ مراد العضايلة لـ«القدس العربي» مباشرة عن مخاوفه في هذا الاتجاه، مشــيراً إلى أن الاتجــاه العام ليس في المجتمع فقط، ولكن -داخل قواعد الحــزب- يميل إلى مقاطعة الانتخابات، لكن قرار المشــاركة في هذه الانتخابــ­ات كان حرصاً على الوطــن والمصلحة الوطنية والصالح العام في الظروف المعقدة التي تستهدف الأردن.

وقــال العضايلة، في وقت مبكر لإعلان المشــاركة فــي الانتخابات وعبر «القــدس العربــي» إن حرصه الشــديد هو علــى وحدة صفــوف الحركة الإســامية الداخلية، وعدم حصول احتقانات واجتهادات متعددة في الآراء بعيداً عن المؤسســات الشورية، مشــيراً إلى أن التدخل الرسمي، كما وصفه في الانتخابات بأي شــكل من الأشــكال، قد يؤدي إلى إحراج الأطر القيادية مع قواعد الحزب والتنظيم، ومعرباً عن خوفه من أن لا تســتجيب السلطات لتحذيراته التــي قيلت في الغــرف المغلقة وفي الغــرف العلنية بخصوص ضرورة عدم التدخل في الانتخابات، لا بل عدم وجود مبرر للتدخل أصلاً، كما قال. اليوم يطل السيناريو الرديء، الذي يحتمل الانسحاب بعد المشاركة من ناحية إجرائية وسياسية، يلمح إليه القطب البرلماني الحليف لكتلة الإصلاح المقربة من الإخوان المســلمين صالــح العرموطي، وهو يتحــدث عن اتخاذ قرارات قريباً دون أن يفصح عن هذه القرارات.

والســبب على الأرجح هو تلك الانســحاب­ات المفاجئة لحلفــاء الإخوان المسلمين وكتلة الإصلاح، من العديد من الدوائر الانتخابية في الأردن، وعلى نحو مباغت، وبعد تســجيل تلك القوائم، الأمر الذي شكل مفاجأة من العيار الثقيل أربكت حزب جبهة العمل الإسلامي وأربكت قواعده هو وأنصاره التي اســتعدت أصلاً للعملية الانتخابية على مستوى المؤسسات الداخلية. وعلى هذا النحو، تدحرج ملف تلك الانســحاب­ات، وأصبح المقطع الأبرز في المشهد الانتخابي الأردني، حيث أعلن شــريك الإسلاميين لموسميين انتخابيين، وهو النائب الســابق عدة مرات منصور مراد، عن نيته الانسحاب من قوائم كتلة الإصلاح المحسوبة على الإسلاميين، مبرراً انســحابه المفاجئ بالإشارة إلى عشــائر الشــركس التي يمثلها والتي طلبت منه الانسحاب، في الوقت الذي كانت فيه شــخصيات شيشانية وشركســية توجهت بنفس الطلب ليس من النائب السابق مراد فقط، بل من قيادة الإخوان المسلمين أيضاً.

وأعلن مراد انســحابه مباشرة بعد نحو 24 ســاعة من انسحاب المرشح المســيحي القوي في كتلة الإصلاح الإســامية الدكتور عودة قواس، الذي تذرع في تبرير انسحابه بنفس الأسباب والمسوغات العشائرية والمسيحية، مع إشــارات إلى أن الكنيســة لا تبدو راضية عن إصراره على ترشيح نفسه ضمن قوائم الإخوان المسلمين فقط.

ويبدو -حســب مصادر في الحركة الإسلامية- أن ضغوطاً مورست أيضاً على شــريك لقوائم الإصلاح التحالفية في الدائرة الثالثة للانتخابات، وكما يبدو أن ضغوطاً مماثلة مورســت فــي مدينتي الزرقاء ومادبــا، الأمر الذي يعني بصورة مباشرة أن قوة ضاغطة تتحرك في الاتجاه المضاد لقوائم كتلة الإصلاح وتحاول تقليــص عدد المقاعد البرلمانية التي يمكــن لهذه الكتلة أن تفوز بها تحت مسوغ، بطبيعة الحال، له علاقة بالبنية الاجتماعية والطائفية وبمقاعد الأقليات بصورة محددة.

وإزاء هذا المشــهد المعقــد، ترى مصــادر مراقبة وقريبة جــداً من التيار الإســامي بأن الجناح الداعي لمقاطعة الانتخابات قد يســتثمر في اللحظة الأخيرة وبعد تســجيل القوائم والإعلان عنها فعليــاً وبخطاب وطني تحت عنوان حماية الأردن من مشــاريع الاستهداف الإقليمي، وهو شعار قد ينتهي أمــام الواقع الموضوعي، حيــث بيان لحزب جبهة العمل الإســامي يتحدث بوضوح عن ضغوط مورســت على شــركاء الحزب وقوائمه الانتخابية من ممثلي الترشيح للأقليات، وهي ضغوط اعتبرها الشيخ مراد العضايلة، علناً، تدخلات رسمية وأمنية واضحة ليس هناك مبرر لها.

وتحدث قياديون آخرون، من بينهم الشيخ زكي بني ارشيد، عن تدخلات ذات بعد أمني في مســألة مرشــحي قوائم الانتخابــ­ات، خصوصاً مع تكرار الانســحاب­ات في أربع دوائر انتخابية على الأقل وفي غضون أيام قليلة، مما يثير التجاذب مجدداً تحت عنوان مشــاركة الإســاميي­ن في الانتخابات من عدمها. وإذا ما استمر هذا الأمر قد تصبح المشاركة بقياسات مطبخ الإسلاميين الداخلية المناهض أصلاً للمشاركة في الانتخابات قد تصبح المشاركة عبثية، وبالتالي ثمة وقت للتراجع عن هذه المشــاركة وإن كان التراجع بكل الأحوال سيلحق ضرراً بالحركة الإسلامية وليس بالحكومة الأردنية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom