Al-Quds Al-Arabi

لبنان: الحريري يردّ تهمة الكذب لمطلقيها كاشفاً مداولات تشكيل الحكومة مع عون

- بيروت - «القدس العربي» من سعد الياس:

وأخيــراً «بــقّ الرئيس المكلف ســعد الحريري البحصــة» وردّ بطريقة غير مباشــرة على اتهامه بالكذب، فردّ التهمة إلى مطلقيها معتبراً «أن الافتراء صــار كبيــراً، والكذب بــات لا يحتمل!». وكشــف وقائــع وخلفيات أزمة تشــكيل الحكومة مع رئيس الجمهورية ميشال عون، كاشفاً أنه «اختار أسماء 6 وزراء مسيحيين من لائحة ملوّنة سلّمه إياها رئيس الجمهورية ميشــال عون. لكن عون عاد إلى نغمة 6 زائد الطاشناق، أي الثلث المعطل، وهذا مستحيل».

وفي إطلالة متلفزة في الذكرى الـ16 لاستشــهاد والده الرئيس رفيق الحريري، لــم يقفل الحريري الابن الباب على الحل بل أبقــاه مفتوحاً بقوله «أنا مستعد وجاهز وملتزم اليوم وغداً وبعده ولن أفقد الأمل ببلدي وقدرة أبنائه على وقف الانهيار» لكنه أكد «أن الثلث المعطل يعنــي بأفضل الاحوال أن كل قرار مهم تأخذه الحكومــة، وتنتظرها قرارات مهمة كثيرة، يجب أن نعود إلى صاحب الثلث، ونفاوضه، ونقايضه. وفي أسوأ الاحوال، صاحب الثلث قادر أن يمنع النصاب عن الجلســات، لنفاوضه، ونقايضه، أو حتى أن يقيل الحكومة باستقالة وزرائه».

ورفض الحريري تهمــة الاعتداء على صلاحيات رئاســة الجمهورية، وردّ على اتهام التيار الوطني الحر بالاعتداء على حقوق المســيحيي­ن سائلاً «أين الاعتداء على حقوق المســيحيي­ن لا ســمح الله ألف مرة؟ وأين كنتــم أنتم من حقوق المســيحيي­ن حين بقيت الرئاسة شــاغرة حوالي 3 ســنين؟» مضيفاً «هذا الكلام لا يقال لســعد الحريــري الذي قام بكل شــيء ليضع حداً للفراغ في المنصب المسيحي الأول بالدولة وصولاً لانتخاب الرئيس عون».

ودافع عن الحريرية السياســية وإنجازاتها إزاء ما تتعرّض له من هجوم، ســائلاً الآخرين «أنتم ما هي إنجازاتكم؟ مــا الذي فعلتموه للبلد وللناس في البلد؟».

واللافت أن الحريري لم يسـّـم حزب الله بالاسم رغم مــروره على حكــم المحكمة الدوليــة الخاصة بلبنان بل اكتفى بتسمية ســليم عياش، كأحد قتلة والده، مشــدداً على «ضرورة تنفيذ الحكم وتسليم عيّــاش، مهما طال الزمــن. والأهم وقف مسلســل الاغتيالات».

«مش ماشي الحال»

وجاء في كلمة الحريري اســتعراض لإنجازات والــده وقال «فــي الذكرى الـــ 16 لاستشــهاد­ك، لكل من ليــس لديهم «شــغلة وعملــة» إلا الهجوم على الحريرية السياســية، أريــد أن أذكّرهم ما هي الحريرية السياسية:

الحريريــة السياســية أوقفت الحــرب الاهلية. الحريرية السياســية أعادت لبنــان إلى الخريطة. الحريرية السياســية عمّــرت بيــروت. الحريرية السياسية بنت مستشــفيات حكومية، ومستشفى رفيق الحريري نموذج. الحريرية السياسية عمّرت الجامعة الوطنية والمدارس الرسمية، والمطار، وأتت بالمستثمري­ن والسياح إلى البلد، وأقامت أول شبكة خلوي في الشرق الاوسط، )أي حتى قبل إسرائيل!( والحريرية السياسية هي الاعتدال والملاقاة والكلمة الطيبة. وغيرها وغيرها وغيرها.

هذه هي الحريرية السياســية. سؤالي الوحيد: أنتم ما هــي إنجازاتكم؟ مــا الذي فعلتمــوه للبلد وللناس في البلد؟

رحمك الله يا رئيســنا الشهيد رفيق الحريري... وفي الليلة الظلماء... يفتقد البدر.».

وأضاف « بعد 16 سنة على اغتيالك، «مش ماشي الحال»! هناك فرصة لكي «يرجع يمشــي الحال» ... ولكن «مش ماشي الحال»!

ليس هناك لبناني مرتاح... الاقتصاد منهار، جزء

غضب الناس

أساســي وحبيب من بيروت تدمّــر بإنفجار المرفأ، ونترحّم على الضحايا البريئة التي سقطت ونطالب بمعرفة الحقيقــة وبالعقاب العــادل. كورونا تفتك كل يوم بعائلاتنــ­ا وأصحابنا وكبارنا، ومسلســل الاغتيالات ما زال قائما، ويأخذ بدربه أغلى الناس، وآخرهم الشــهيد لقمان ســليم، الذي سلك طريق محمد شطح وجبران تويني وسمير قصير، بصلابة الموقف وحرية الفكر.

مسلسل الاغتيالات مســتمر، من محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة وصولاً لاغتيال لقمان ســليم. منذ بضعة أشــهر، صدر حكم مــن المحكمة الخاصة بلبنان بحق سليم عياش، أحد قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، هذا الحكــم يجب أن يُنفذ، وعياش يجــب أن يتم تســليمه، مهما طال الزمــن. والأهم، مسلســل الاغتيالات، يجب أن يتوقف. وسيتوقف، وإذا لم يتوقف، هناك مشكل كبير بالبلد.»! ورأى «أن غضب الناس انفجر من 16 شهراً، وكل يوم يكبر، ومن حقه أن يكبر، ويجب أن يكبر... الحل موجود، معروف، وجاهز. فــي كل لقاءاتي العربية والدولية، وفــي كل اتصالاتي التــي أجريها، هناك جهوزية واســتعداد لا بل حماس، لمساعدة لبنان، لوقــف الانهيار، لإعادة اعمار بيــروت، لنعطي أفقاً للبنانيــن، ليعرفوا، فقط ليعرفوا كيف ســيحصل الحل لسعر صرف الليرة، لأموالهم بالبنوك، لأكلهم، للدواء، للأقساط، لمستقبلهم ومستقبل أولادهم. كل ذلك ينتظر كبســة زر، والزر؟ حكومة اختصاصيين غير حزبيين، قادرة أن تحقق الاصلاحات المطلوبة، والتي فصلتها ووضعــت لها خارطة طريق، مبادرة الرئيس الصديق ايمانويل ماكرون.

غير ذلــك، لا أحد مســتعد، ولا أحد سيســاعد، والانهيار سيكمل حتى الانفجار الكبير لا سمح الله .»

وأكد أن «من يمنع تشــكيل الحكومة يمنع إطلاق الاصلاحات، ويؤخر وقف الانهيار وإعادة الاعمار، ويطيل معاناة اللبنانيين والمآســي التي يعيشــها الجميع، ويمنع تغييــر طريقة العمل، والعقلية التي تســببت بالأزمات كلها، وبالنهايــ­ة يقول إن قراره خراب البلد.

دعونــا نرى مــا الذي يمنــع تشــكيل الحكومة اللازمة لوضــع البلد على طريق الحل. وهنا أريد أن أقول بمنتهى الصراحــة، بعد كمية الكذب والافتراء والخرافــا­ت التي رُميــت منــذ أن اختارني النواب لتشــكيل الحكومة، لا تطــاق، وأنا صبــرت كثيراً، وانتظــرت كثيراً، لأعطــي فرصــاً، ولا زلت أعطي

فرصــة، لكن الافتــراء صار كبيــراً. والكذب بات لا يحتمل!».

وأضاف «يقال إن المشكلة هي أني بالتشكيلة التي قدمتها لفخامــة الرئيس، تعدّيــت على صلاحياته الدستورية، وعلى حقوق المسيحيين، لأني لم أسمح له أن يختــار الــوزراء الذين يريدهــم، والوزراء المســيحيي­ن تحديــداً. أليس ذلك ما تســمعونه في الإعلام؟ في التلفزيونا­ت؟ في الإذاعات؟ أليس هذا ما تقرؤونه في الجرائد؟ والسوشيال ميديا كل يوم، وكل لحظة، منذ شــهرين وحتى اليــوم؟ طيب. أنا سأقول، ولندع اللبنانيين يحكمون.

أولاً أنا ذهبــت وقابلت فخامــة الرئيس 16 مرة منذ أن تم تكليفي. وفي المرة الثانية، أعطاني فخامة الرئيس لائحة، بالألوان، لكل الأســماء التي يجدها مناســبة برأيه للتوزير. وأقول ذلــك لأن هناك من اخترع أني صوّرتهــا بهاتفي ولم يعطني إياها. كلا. هو يعرف، ومســاعده الذي نــاداه فخامة الرئيس وقال له خذ هذه اللائحة واطبع له نسخة بالألوان لدولة الرئيس يعرف.

فخامة الرئيس شــخصياً ســلّمني هذه اللائحة باليد، وأعود وأقــول في ثاني لقــاء بيننا. بجميع الأحوال، بعــد 14 جولة تشــاور ومحاولات إيجاد الحلول مع فخامة الرئيس، ذهبــت إليه وقدمت له اقتراح تشكيلة من 18 وزيراً من الاختصاصيي­ن، غير حزبيين، القادرين على أن ينفــذوا كفريق متكامل، الإصلاحات المطلوبــة، لوقف الانهيار وإعادة إعمار بيروت، وإعادة الأمل للبنانيين.

ونعم، في هذه التشكيلة ليس هناك ثلث معطل، أي 7 وزراء لأي طرف مــن الأطراف. ودعوني أكون واضحــاً: عن هــذه النقطــة لا تراجــع، لأن الثلث المعطل يعني بأفضل الاحوال أن كل قرار مهم تأخذه الحكومة، وتنتظرها قــرارات مهمة كثيرة، يجب أن نعود إلى صاحب الثلث، ونفاوضه، ونقايضه. وفي أسوأ الأحوال، صاحب الثلث قادر أن يمنع النصاب عن الجلســات، لنفاوضــه، ونقايضــه، ونقايضه ونفاوضــه! أو حتــى أن يقيل الحكومة باســتقالة وزرائــه. وعندها، «خوذ على تفــاوض ومقايضة، وخوذ على شغل وإصلاح وإنجازات»!

غير ذلك، لمــاذا يريد الثلث المعطــل؟ ممَ يخاف؟ فخامة الرئيس موجــود، ومجلس النواب موجود، ليخبرنــا: ممــا يخــاف؟ إلا إذا كان هنــاك خلف الستارة، من يحرك ويشجع، ليقل لنا بوضوح! من أصل 18 وزيراً، اعتبرت أن لفخامة الرئيس 6 وزراء، علماً أن التيــار الوطني الحر لم يســمّني، وفخامة الرئيس يقول لي أنه هو يتحدث مع تياره.

إذن، 6 وزراء، واحد منهم من الطاشــناق، الذي نوابه هم اعضاء في تكتل لبنان القوي، ويصوتون كل مــرة مــع التكتــل في المجلــس النيابــي. ومن الخمســة الباقين، 4 أسماء، تنطبق عليها مواصفات الاختصــاص وعدم الانتمــاء الحزبــي والكفاءة، اخترتهــا من لائحــة فخامــة الرئيــس، اللائحة الملوّنة ، «ما غيرها ». والخامس، شــخصية محترمة، اختصاصية، غير حزبية، مقربة، من فخامة الرئيس وســبق وطلب مني شــخصياً أن أدعم ترشــيحها لمنصب مرموق، تستحقه وأكثر.

وفوق ذلك، اقترحت في التشكيلة نفسها، لوزارة الداخلية اســم قاض معــروف، مشــهود لكفاءته ونظافتــه، وســبق أن حكم ضد تيارنا السياســي بالقضاء، ومقرب جــداً، جداً من بعبــدا، وتعيينه بمنصبــه الحالــي كان منــذ أن كان وزيــر العدل مستشــار فخامة الرئيس ســليم جريصاتي. )بس مشكلتو... بيقول لأ!(

وبــدل أن يدعــو فخامــة الرئيــس، الرئيــس المكلف، ويعطيه ملاحظاته على التشــكيلة، حسب ما ينص عليه الدســتور والمنطــق ومصلحة البلد واللبنانيـ­ـن، جاء الجواب بالإعــام، بالخطابات،

بالبيانات، بالتســريب­ات، أنها مرفوضة، لأن سعد الحريري هو من اختار الأسماء، حتى ولو من لائحة الرئيس والمقربــن منه. وأن هذا اعتداء على حقوق المســيحيي­ن وعلى صلاحيات الرئاســة. وأننا نمنع الرئيس مــن أن يطلب الوزارات التــي يريدها، مع مشكلة إضافية وخاصة على الداخلية.

أولاً من ينتمي لمدرســة سياسية، استشهد من 16 ســنة في مثل هذا اليوم مؤسسها، رفيق الحريري، وهو يقول: «وقّفنا العد، والمســيحي­ين نص الدولة، شــو ما كانت الاعــداد» وحتى اليوم نكــرر: وقّفنا العد» فليس لســعد رفيق الحريــري تهمة الاعتداء على حقوق المسيحيين.

ثانيــاً، منذ أول يــوم، ومنذ يومــن، ذهبت إلى فخامة الرئيس وقلت: إذا كنت تريد تغيير أســماء بين الحقائب الخمسة فقل لي. أنا جاهز. سمّ لي لكل حقيبة 3 أو 4 أســماء تنطبق عليها المواصفات، وأنا مستعد أن أختار الأفضل من بينها للحقيبة.

أكثر مــن ذلك. قلت له: إذا كانــت هناك حقيبة لا تناســبك، او اثنتان، وتريد أن تغيّرهما. فقل لي. انا منفتح لأبحث بالأمر وأجد حلاً.

وأكثر وأكثر مــن ذلك. قلت لــه، إذا كنت لا تريد الاســم الذي اقترحته لوزارة الداخلية فأنا مستعد أن أقترح على فخامتك 3 أو 4 اســماء لهذه الوزارة وأنت تختار الأنسب لك من بينهم. أين الاعتداء على صلاحيات الرئاسة لا سمح الله؟ وأين الاعتداء على حقوق المسيحيين لا سمح الله ألف مرة؟

حقوق المسيحيين

وتابــع الحريري «ســؤالي: أين كنتــم أنتم من حقــوق المســيحيي­ن حين بقيت الرئاســة شــاغرة حوالي 3 ســنين؟ هذا الكلام لا يقال لسعد الحريري الذي قام بكل شــيء ليضع حــداً للفراغ في المنصب المســيحي الأول بالدولة وصولًا لانتخاب الرئيس عون. تريدون أن تتحدثوا عن حقوق المســيحيي­ن؟ إن لم يكن هناك اقتصاد واســتقرار، ولم تكن هناك دولة، فليس هناك حقوق لا للمسيحيين ولا لغيرهم!

حقوق المسيحيين هي ببساطة حقوق اللبنانيين. حقوقهــم أن نوقف الانهيار، ونعيــد إعمار بيروت، ونوقــف الكارثة التــي ترميهم جميعا، مســيحيين ومســلمين، علــى دروب الشرشــحة والتعتيــر والهجرة. حقوقهم أن نقوم بإصلاحات، تغير طريقة العمــل والعقلية بكاملهــا، ونعم حقوقهــم تدقيق جنائي بالبنك المركزي وبكل المؤسســات والإدارات والوزارات: بالكهربــا­ء، بالاتصالات، بالســدود، بالصناديق، بكل شيء، من سنة 1989 وحتى اليوم، لتُعــرف حقيقة ما حصل، وتتــم ملاحقة كل مرتكب وفاسد وسارق!

حقهــم إصلاحــات تأتــي بالكهربــا­ء، وتوقف التهريــب، والتهــرب، وتنظم الجمــرك، ومداخيل الدولة، ومصاريفهــ­ا، وتؤمن اســتقلالي­ة حقيقية بالقضاء. حقوق المســيحيي­ن من حقوق المســلمين بالكرامة، والطبابة والتعليــم. حقوقهم ألا يكونوا يتســاقطون بالعشــرات تحــت وطــأة كورونا، وحقوقهم ألا يكونوا ضحيــة أحد يرى أن مصلحته الشــخصية خــراب البلــد، أو يــرى أن مصلحته الشخصية أكبر من البلد.

علــى كل حال، جــواب فخامة الرئيــس الاولّي بصراحــة لم يكن مشــجعاً وعاد إلى نغمــة 6 زائد الطاشناق، أي الثلث المعطل، وهذا مستحيل.

فخامة الرئيس يقول إن الطاشــناق ليسوا معه، لأنهم ســموني، عِلما أنهم في اليوم التالي، صوتوا بالبرلمان مع تكتل الرئيس، وبعكس نواب المستقبل، ومنذ وجودهم بالبرلمان، وكل مرة نواب الطاشناق، يصوتون مع نواب التيار الوطني الحر.

لكني قلت لفخامــة الرئيس، وأقول امامكم وأمام الله، أنا مستعد وجاهز وملتزم اليوم وغداً وبعده. وليست هناك قوة ســتفقدني الامل ببلدي وبقدرة أبناء بلدي على وقف الانهيــار والعودة إلى طريق التعافي».

 ??  ?? رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري يحمل قائمة بالوزراء التي اقترحها على رئيس الجمهورية أمس... وصورة ضوئية عن قرب بالأسماء
رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري يحمل قائمة بالوزراء التي اقترحها على رئيس الجمهورية أمس... وصورة ضوئية عن قرب بالأسماء
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom