Al-Quds Al-Arabi

«صنداي تايمز»: انقطاع أخبار أميرة وابنتها في سجون بن سلمان يثير مخاوف حول مصيرهما

-

أشــارت صحيفة «صنداي تايمز» إلــى المخاوف حول أميرة ســعودية وابنتها لم يســمع عنهما منذ وقت طويل لأنهما أغضبتا ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وفي تقرير أعدته مراسلتها في الشــرق الأوسط لويز كالاغان قالت فيه إن فيلمًا قصيرًا صورته صديقة لسهود الشريف في ربيع مشــرق في لندن عام 2014 حيث كانت تمشي في الشــارع الرئيس بكامدين شــمال لنــدن، وكانت ترتدي الجينز وقلنســوة بيضاء. وتوقفــت للحديث مع عدد من المغنين المتجولــن ونظرت إلى قنال ريجينت وابتســمت للكاميرا. وكانت سهود التي تدرس الأفلام في سن 21 عاماً وتعيش مع إخوتها ووالدتها الأميرة بســمة بنت ســعود بن عبد العزيز، أصغر بنات الملك الثاني للســعودية، الملك سعود. وكانت الأميرة، سيدة الأعمال تملك محلي قهوة في شارع راقٍ في لندن وتدعو لحقوق المرأة، وقد أحبت سهود أمها حتى العبادة. وقالت في الفيلم «النجاح بالنســبة لي هو أن أجعل أمي فخورة بي».

لا أمل في الإفراج

وبعد خمســة أعوام من تصوير الفيلــم القصير وفي 28 شــباط/فبراير 2019 اعتقلت هــي ووالدتها في مدينة جدة. وفي المكالمات المتقطعة خلال الأشهر التي تلت عملية الاعتقال أخبرتا العائلة إنهما تشــتركان في غرفة بسجن الحائر ســيئ الســمعة قرب الرياض. وأصبح اعتقالهما معروفــاً في نيســان/إبريل 2020 عندما قــام الفريق في بريطانيا الذي يدير حساب بسمة على تويتر ونيابة عنها بنشر سلسلة من التغريدات اليائسة تستعطف فيها الملك ســلمان وابنه ولي العهد، محمد بن سلمان للإفراج عنها وابنتها. وفي تغريدة قالت فيها: «تم اختطافي ورميي في السجن مع ابنتي دون سبب» مضيفة أن حالتها الصحية في تدهور مستمر وقد تموت.

ومنذ ذلك الوقت تقول المصادر المقربة من الأميرة، /58 عامــاً/ وابنتها /28 عاماً/ لم تتصلا مــع العالم الخارجي. ولم يتــم توضيح ســبب اعتقالهما أو توجيــه اتهامات لهما. وقال مصدر: «لقد توقفوا عن الرد، وتوقفوا بشــكل مطلق وكل الاتصالات قطعت» و»لم يخبرونا إن ظلت في السجن نفسه أم لا، ومضت سبعة أشهر وبصدق فهي فترة صعبة». وعبر من هم على علاقة بالعائلة عن دهشتهم من اعتقال ســهود، الشــابة والتي لا يعرفها الكثيرون وأن تكون مصدر تهديد. وكانــت تجربتها الوحيدة في العمل العام قبل اعتقالها منــذ عامين هو عملها المتقطع في مجال التسويق في مؤسســة والدتها. وقال هنري آسترامانت، الخبير في الدبلوماسـ­ـية والمقرب من الأميرة عن ســهود «كانت مجرد طالبة، طالبة أفلام ولا علاقة لها بأي شيء» و»لا علاقات لها، كانت طالبة ووضعوها في السجن.»

ورفضت الســفارة الســعودية في لندن التعليق، أما ممثل الســعودية فــي الأمم المتحدة فقد رفــض اتهامات التغييب القســري والاعتقال التعســفي وقال إن بسمة وابنتهــا اعتقلتا لارتكاب جرائم جنائية. وتعتبر بســمة وابنتها جزءاً من أمراء ســعوديين اختفوا بعد ســجنهم في الســعودية. ومع أن ســبب اعتقالهم معقد وله علاقة بخلافات حول الميراث والخلافــا­ت الداخلية في العائلة المالكة إلا ان ما يجمــع كل الاعتقالات هو أنهم: لم يعودوا مقبولين من محمد بن سلمان.

وفي العام الماضي اعتقــل الأمير محمد بن نايف، ولي العهد الســابق الذي دعمته واشــنطن بســبب دوره في مكافحة التطرف الإســامي، إلى جانب عمه الأمير أحمد بن عبد العزيز والذي نظر إليه مــرة كثقل موازٍ لمحمد بن سلمان. وفي 2018 تم اعتقال الأمير سلمان بن عبد العزيز آل ســعود في الرياض. وزعمت الحكومة السعودية أنه اعتقــل مع عدد مــن الأمــراء بعدما رفضوا دفــع فواتير الكهرباء. وهو ما ينفيه المقربون منه. وكان سلمان يعيش في باريس ويملك عقارات بـ 60 مليون جنيه اســترليني وكان شــخصية معروفة وأراد الظهــور بمظهر من يقيم علاقات مع المشاهير والنجوم. والتقط صوراً في رحلاته ووضع صوره معهم على صفحته في انســتغرام. ويقول المقربون منه إنه ربما أزعج محمد بن ســلمان الذي اعتقد أنه حاول الدخول في السياسة. وعندما أصبح محمد بن ســلمان الحاكم الفعلي للســعودية في 2017 جمع ما بين الإصلاح الســريع والقســوة. فبعد رفع الحظر عن قيادة المرأة للســيارات قام في 2018 باعتقال الناشطات اللاتي طالبن برفع الحظر وقبل صعوده إلى السلطة. وتم الإفراج عن الناشــطة لجين الهذلول بعد 1001 يوم في الســجن، ولكنها ليست حرة بالكامل فهي ممنوعة من السفر وتحت رقابة على تصرفاتها.

ولا يوجد أمل في الإفراج سريعاً عن الأميرة بسمة، فقد ولدت في الرياض عام 1964 وكان والدها الملك سعود بن عبد العزيز وأمها ســورية. ومنذ ولادتها شــهدت حياتها اضطراباً بعدما أجبر الملك فيصل والدها على التنحي عن السلطة. وأخذتها والدتها إلى بيروت حتى اندلاع الحرب الأهلية في 1975. وبعد انتقالها إلى لندن، تعلمت بســمة في سويســرا وبريطانيا منها عامان في مدرســة خاصة جنوب غربــي لندن. ثم عادت إلى الســعودية وتزوجت من رجــل ينتمي إلــى عائلة ســعودية معروفة وأنجبت منه خمســة أولاد. وبعد طلاقها بأربعة أعوام انتقلت إلى لندن. واندمجت جيداً في النخبة البريطانية، حيث عرفت بمظهرها من خــال منديلها الفضفاض وزيهــا الغربي. وألقت محاضرات في كامبريدج وأكسفورد وكانت داعمة قوية لمؤسســة تشــيري بلير للمرأة )وهي زوجة رئيس الوزراء السابق توني بلير(.

وفي 2011 انتقلــت إلى بيت كبير في تشيلســي مع 3 من أولادها بمن فيهم ســهود. ويقــول مقربون إنها كانت تذهب مع أولادها إلى السينما «كل جمعة وكل أحد هو يوم العائلة». ودعت بســمة إلى إصلاح وضــع المرأة، مع أنها كانت حذرة فــي نقد أفراد العائلة ووجهت النقد للوزراء. وانتقدت الشرطة الدينية التي تم الحد من سلطاتها، لكن دعوتها إلى ملكية دســتورية لم تتحقق. وتدهورت حالة الأميرة الصحية في الســنوات الأخيرة حيث عادت إلى الســعودية لكنها كانت تقضي نصف عام في سويســرا. وحســب الوثائق التي اطلعت عليها الصحيفة فقد تلقت العلاج من عدة ظروف صحية. وفي نهاية 2018 تم رفض تأشيرتها للسفر إلى سويسرا. وحسب محاميها السابق عبــد اللطيف بينت، لم يســتمع لمناشــدات­ها إلى الأمراء البارزين في العائلة الحاكمة بمن فيهم محمد بن ســلمان. وقال «كعضو فــي العائلة المالكة عليها الحصول على إذن بالســفر إلى الخارج، ولكنها لم تحصل على نعم أو لا ولم تحصل على رفض أو أي شيء، فقط تجاهل.»

ونظــراً لحالتها الطارئة فقد اســتأجرت طائرة تركية خاصة وبمســاعدة من بينت لنقلها وابنتها ســهود إلى سويســرا. وعندما كانتا في مدرج جدة يــوم 22 كانون الأول/ديســمبر 2018 لــم يتم الســماح لهمــا بالإقلاع النهائي. وبعد أربع ساعات ونصف ساعة ومكالمات عبثية للمســؤولي­ن عادتا إلى بيتهما في جدة. وقال بينت «كان هذا صادمــاً لها لأنها تعرضت للضغط مــن تلك اللحظة، لحظة مغادرة المطار والعودة إلــى البيت حيث تعرضت وابنتها لضغط». وتمت معاملتهــا وابنتها وكأنهما كانتا تحاولان الهرب إلى المنفى.

مركز المنفيين

ويقترح بينت أن مرور الطائرة عبر تركيا إلى سويسرا، ربما كان ســبباً في الاعتقال، خاصة أن تركيا تعتبر مركز المنفيين السعوديين وقتل فيها الصحافي جمال خاشقجي في كانون الأول/تشرين 2018. وسجلت كاميرات المراقبة ما حديث بعد شــهرين من محاولة السفر إلى جنيف، فقد حضر إلــى البيت مجموعة من الرجــال كانوا بزي مدني وقدموا أنفســهم على أنهم حرس الأمير محمد بن سلمان. وقالوا لها إن عليها مرافقتهم إلــى قصر الأمير في مقابلة خاصة معه. وحســب مصدر لم تصدقهــم، وقالت لهم إن المقابلة تحتاج إلى رســالة أو مكالمة هاتفية. وبعد نقاش استمر ساعتين غادرت بسمة وابنتها في سيارتها الخاصة التي أحاطتها ســيارات الأمن. وانتهــت الأم وابنتها في صباح اليوم التالي في ســجن الحائر. وقال مصدر «بدلاً من أخذها إلى القصر نقلت حالاً إلى الســجن وقطعت عن العالم». وقال المصدر إن «سهود لم ترض أن تترك والدتها وقالت إنها ســتذهب معها وذهبت، ووضعتا في السجن معاً». وبعد عامين من الاعتقال وعشرة أشهر من الصمت، لا يزال العارفون بالأم وابنتها يبحثون عن أجوبة. وقال جوشــوا كوبر، مديرة منظمة القسط الحقوقية في لندن «هذا أمر مثير للقلــق» و «لم توجه لهما تهم أو حدد موعد للمحاكمة .»

 ??  ?? الأميرة بسمة بنت سعود بن عبد العزيز
الأميرة بسمة بنت سعود بن عبد العزيز

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom