Al-Quds Al-Arabi

وزير القضاء الإسرائيلي السابق مخاطباً الحكومة: تتخوفون من الجنائية الدولية... إذن توصلوا إلى تسوية مع الفلسطينيي­ن

- الناصرة ـ «القدس العربي»:

حمــل وزير القضــاء الإســرائي­لي الســابق البروفيســ­ور دانيــال فريدمــان على قــرار المحكمة الدولية بشــأن محاكمة إسرائيل بجرائم الحرب، واعتبره فضيحة. لكنه قال إن الحل لمخاوف إسرائيل منها يكمن بتسوية الصراع الفلسطينيي­ن.

وفــي مقال نشــرته صحيفة "يديعــوت احرونوت " هاجم فريدمان المحكمة الدولية، وقال إنها منحت نفســها صلاحية البحــث في موضوع ليــس من صلاحياتهــ­ا أن تنظر فيه على الإطلاق. وتابع "لقد أخذت المحكمة في لاهاي على عاتقها، أو للمزيد من الدقة، فتحــت الباب أمام الادعاء لمعالجة موضوع سياســي مغطى حالياً بعبــاءة قانونية. ومرة أُخرى نســأل أنفسنا هل هذه الظاهرة تجري فقط في لاهاي؟".

كل هــذا لا يخفــف مــن الحقيقة التي مــن المتوقع أن تســبب صداعاً جدياً لإسرائيل".

كمــا يقــول انه يمكــن أن نضيف إلــى ذلــك أن الموضوع كان متوقعاً، منوها ان الفلســطين­يين يعملون عليه منذ عدة سنوات، بما في ذلك التدخل في لاهاي وميول المدعية العامة،هو أيضاً لم يكن ســراً. معتبرا ان المســألة الآن هي ماذا يجب علينا أن نفعل، بينمــا نعلم مــن تجاربنا بأنه ليس من الســهل مواجهة مســألة سياسية مغلفة بغطاء قضائي.

من هنا يســتنتج فريدمان إن الأمر الأول من حيث الأهمية هو ترميم علاقة إسرائيل بالحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الذي يحكم اليوم هذه القوة العظمى. ويقول انه في هذا الشــأن نجح رئيس الحكومة في الإســاءة بصــورة لا بأس بها إلى هذه العلاقة، وكل من يصــرخ اليوم فقط بنيامين نتنياهو هو القادر، من الأجدى أن يفكر في مســار جديد. ويضيف "وإذا حظينا بعد الانتخابــ­ات الحالية بزعيم آخــر، يجب أن نأمل بأنــه لن يفتتح ولايته وهو يلوّح بشــعار تأييده للمستوطنات وضمها".معتبرا ايضا ان هناك خطوة لا تقل أهمية هي ترميم علاقات إســرائيل مع الجالية اليهودية الكبيرة في الولايات المتحدة، التي انفصلت أجزاء كبيــرة منها عنها، كل هذا إلى جانــب الحاجة إلى تعزيز مكانتها في أوروبا.

ويتابــع فريدمــان المعــروف بمواقفــه القضائيــة المحافظــة وبمعاداته للفلسطينيب­ن: "هنا نصل إلى الموضوع المركزي: حتى لو كان قرار لاهاي يســتحق كل كلمات الإدانــة في العالم، وهو فعلاً يســتحق ذلك، على الرغم من هذا كله يجب أن يصحو لدينا تفكير جديد في شــأن كل ما له علاقة بالقضية الفلسطينية. كما هو معروف، وهذا الكلام قيل أكثر من مرة في وســائل الإعلام، الفلســطين­يون هم المســؤولو­ن عن كل مآســيهم ومآســينا. هم رفضوا السلام، وهم الذين رفضوا كل الاقتراحات التي طُرحت عليهم، وهم يؤيدون العمليات ضد إســرائيل، ويدفعون رواتب للأســرى وعائلاتهم، ويمكن الحديث طويــًا عن كتب تعليمهم. كل هــذا جيد لكنه لا يعفينا من مســاءلة أنفســنا، هل إســرائيل بريئة تماماً. أصدقاؤنا في أوروبا وفي الولايات المتحدة ليسوا مقتنعين بذلك".

فريدمان المنطلق من حســابات المصلحة لا الأخلاق يتساءل عن دور المســتوطن­ين وهل الفلسطينيو­ن في المناطق الخاضعة لســيطرتنا محميون في وجه مثيري الشغب الذين يهاجمونهم ويهدمون أملاكهم ويلحقون الضرر بمزروعاتهم ومحاصيلهم؟

ويتابــع "أكثر من ذلك، هل الفكرة العبقرية، التي جرى وفقاً لها تحديد مناطق واســعة في الضفة الغربيــة كأملاك للدولة، معناهــا أن كل ذلك لنا وليس لهم شــيء؟ وكيــف جرى أننا لم نكتفِ بهذا والآن نحن نشــهد اســتيطاناً بحجــم لا بأس به في أراض فلسطينية خاصة؟".

ضمــن رؤيته البراغماتي­ــة يقول فريدمان إنــه "من الطبيعي أن علاقــة أكثر إنصافاً مع الفلســطين­يين ستحسّــن في المقابل علاقتنــا بالجهــات الليبرالية فــي الولايات المتحــدة وأوروبا، وستســاعدن­ا فــي مواجهــة الصــراع غيــر العــادل ضدنا في لاهــاي". ويضيف "لكن من أجل الحقيقــة هذه اعتبارات مهمة، لكنهــا ثانويــة. الاعتبــار المركــزي هــو أن المصلحــة الحيويــة لإســرائيل، هي في التوصل إلــى إنهاء ســيطرتنا على ملايين الأفراد الذين ليســت لديهم حقوق مدنيــة. هذا وضع لا يُحتمل وهو مستمر منذ عشرات السنوات، ويجب ألّا نستمر فيه، ومن المحتمل جداً في نهاية الأمر أنه لا يمكننا أن نفعل ذلك".

لكــن وزيــر القضــاء في هــذا الســياق يقــول "يجــب علينا التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيي­ن، من خلال إعادة التفكير، وعند الضرورة، بواسطة خطوات أحادية عادلة ومتوازنة تغيّر الصورة، وتغيّــر كل ما نفعله في الضفــة الغربية وفي العلاقة بين الشعبين عموماً".

عام أسود

كمــا حمّلــت صحيفــة "هارتــس" فــي افتتاحيتهـ­ـا حكومة الاحتلال مســؤولية تهديــد محكمة الجنايــات الدولية، وقالت إن قرارهــا أثار ردود فعــل عاصفة في إســرائيل. وأقام رئيس حكومتهــا بنيامــن نتنياهــو، فــي نقــده للقــرار حجتيــه على أساســن معروفــن: الأول، "المحكمــة تتجاهــل جرائم الحرب الحقيقية وبدلا من ذلك تلاحق دولة إســرائيل، دولة ذات نظام ديمقراطي متين، تقدس سلطة القانون".

قالــت "هآرتس" ان الأســاس الثاني "في قرارها هذا مســت المحكمــة بحــق الــدول الديمقراطي­ــة بالدفــاع عن نفســها ضد الارهــاب" . وتابعــت الصحيفــة الإســرائي­لية "حجتــا نتنياهو مدحوضتــان. فالمحكمة لــم تقرر أن إســرائيل مذنبــة بارتكاب جرائــم حــرب، فهي تعمــل وفقا لطلــب المدعيــة العامــة، فاتو بنسودا، التي وضعت السؤال المبدئي حول صلاحيات المحكمة الاقليميــ­ة في فتح هيئة القضــاة. منوهة أيضا أنــه لا صلة بين كــون إســرائيل دولــة ديمقراطية وبــن ارتكابهــا جرائم حرب مزعومة. وأوضحت ان دولا ديمقراطية ارتكبت وترتكب جرائم حرب، وتعريفها هذا لا يحصنها من التحقيق أو الدعوى.

عاصفة تتدحرج

فــي ســياق متصل قالــت القنــاة 12ان هنــاك تقديــرات في إســرائيل تشــير إلى أن هناك عاصفة آخــذة بالتدحرج من جهة الولايــات المتحــدة. وتابعــت "يبــدو أن الضجيــج المتواتر لأزمة فيروس كورونــا ولجولة الانتخابات القريبــة )23 آذار/ مارس المقبــل( ينجح حتــى الآن في صــرف الأنظار عــن عاصفة آخذة

بالتدحــرج من جهة الولايــات المتحدة. فلقد مرت ثلاثة أســابيع منــذ أن وضع الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن يده على كتاب العهــد الجديد وأقســم يمين الــولاء، ولم يكلف نفســه بعد عناء التحادث مع نتنياهو.

منوهة أنه قد ســبق لجو بايدن أن قال لنتنياهو عندما شــغل منصب نائب رئيس الولايات المتحدة ،إبان ولاية الرئيس السابق باراك أوباما : "أنا لا أتفق مع أي كلمة تقولها لكنني أحبك". لكن يبــدو أن بايدن كرئيس للولايات المتحدة يحاول أن يعلم نتنياهو فصلاً في قواعد الحب الصارم.

وتابعــت القناة العبريــة انه لا بد من القــول إن عدداً من كبار المسؤولين الإسرائيلي­ين مرعوبون من الخط الذي تنتهجه الإدارة الأمرثكيــ­ة الجديــدة، الذي شــمل هذا الأســبوع معارضــة قرار الاعتــراف الأمريكي بالســيادة على هضبة الجولان، والإســراع نحــو عقد اتفــاق نووي مــع إيــران. ويصف هؤلاء المســؤولو­ن فقــدان الجمهوريــ­ن مجلــس النــواب الأمريكي بفــارق 12.000 صوت في جورجيا بأنه ينطوي على أبعاد تاريخية، إذ ان بايدن الذي يحظى بأكثرية في مجلســي الكونغــرس يعيّن في الإدارة، وخصوصــاً في الوظائف المرتبطة بالشــرق الأوســط، موظفين من الجنــاح الراديكالي فــي إدارة أوباما. وقالت إنه لا شــك في أن اتجاه المصالحة الذي وعد بايدن بالســير فيه سيكون متركزاً فــي الســياقات الأمريكية الداخليــة وليس فيما يخــص العلاقة بإســرائيل.وفي ضوء ذلك يبدو مســتغرباً أن تختــار الحكومة ســفيراً لإســرائيل في الولايات المتحدة بنصــف وظيفة النصف الآخر مخصص لوظيفة ســفير في الأمم المتحدة. وتخلص للقول انــه على المســتوى السياســي يمكن أن تســاعد هــذه التطورات نتنياهو في الانتخابات المقبلة، ولا شــك في أنه سيقول لناخبي اليمــن: امنحوني حكومــة ولو بأكثرية 61 مقعــداً حتى تتجنبوا الانســحاب إلى خطــوط 1967 . ومع ذلك لا بد مــن القول إن في حال تأليف حكومة برئاســة نتنياهو بأكثرية 61 عضو كنيســت وتعتمد على صــوت ممثل حزب "عوتســما يهوديت" العنصري المتطــرف إيتمار بــن غفير يُحتمــل أن يكون ذلــك بمثابة كابوس رهيب.منوهــة أنه ميدانيــاً نلاحظ أن هناك تجميداً غير مباشــر لأعمــال البناء في الضفة الغربية علــى الرغم من أن التصريحات اليمينيــة لا تزال تنتمي إلــى عصر ترامب. والتقديــر أنه في ظل الإدارة الأمريكيــ­ة الجديدة لن يقتصر عدم الشــرعنة على أعمال البناء الجديدة بل قد يطال مستوطنات قديمة.

وقالــت ايضــا القنــاة 12 إن نتنياهو في حاجة إلى مســاعدة الولايــات المتحــدة كي يهرب مــن التحقيق الذي ينتظر إســرائيل فــي المحكمة الجنائيــة الدولية في لاهــاي. مرجحة انه ســيكون من الصعب الحصول على مثل هذه المســاعدة في ظل السياســة اليمينيــة التــي انزاحــت إســرائيل إليها فــي الســنوات الأخيرة وازدادت غلواء مع احتمال قيام نتنياهو بضم الصهيونية الدينية وأتبــاع مئير كهانا إلى حكومته. وترى انه كان حرياً بنتنياهو أن يفكّر بأن يضم إلى حكومته حزباً من الجناح اليساري كي يحسّن وضعه فــي مقابــل الإدارة الأمريكيــ­ة الجديدة، لكــن توجد بهذا الشأن مشــكلتان: الأولى، أنه يواجه لائحة اتهام بشبهة ارتكاب مخالفات فساد؛ والثانية، أنه لم يبق يسار في البلد.

 ??  ?? مقر محكمة الجنايات الدولية في لاهاي في هولندا
مقر محكمة الجنايات الدولية في لاهاي في هولندا

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom