Al-Quds Al-Arabi

رنا جرجاني إيرانية فرنسية تعلّم الرقص الصوفي عبر الإنترنت «لإعطاء معنى للوجود»

-

■ باريس - أف ب:تصــرّ رنا جرجاني على ممارســة شــغفها بالرقــص الصوفي، إذ باتــت تقــدم حصصــا تعليميــة عبــر تطبيق «زووم» بعدمــا منعتها الجائحة من إحيــاء عروضها علــى المســارح، وهي من «الدراويش» النساء القليلات اللواتي يمتهنّ هذا التعبير الروحي التقليدي الذي يشــكّل لهذه الفرنســية - الإيرانية طريقة «لإعطاء معنى للوجود .»

أثارت الشــابة البالغة 37 عاما الإعجاب والدهشة منذ بداياتها على المسرح قبل عشر ســنوات، إذ إن مؤدي هذا الطقس التقليدي الصوفي القائم على الــدوران حول النفس والتأمل هم في العادة رجال، رغم مشــاركة عدد من النســاء في مناســبات خاصة، من تركيا إلى أفغانستان.

وتؤكــد جرجاني ذات الشــعر الأســود الطويــل المجعــد أنهــا لطالما كانــت تعتقد بضرورة إبقاء شغفها بالرقص الصوفي «في الدائرة الخاصة .»

وبقيت الحال كذلك إلــى أن تجرّأت على أداء رقصة صوفية فــي الهواء الطلق خلال مهرجان في مدينة مونبيلييه جنوب فرنسا، حيث كانت تقدم رقصات تقليدية فارسية.

وتســتذكر جرجانــي هــذا الفصــل من مســيرتها قائلة «بعد بضــع دقائق، أصبت بحال مــن الهلع وتوقفت لبضع ثوان. كما لو أني كنت في اللاوعي أنتهك القواعد.»

وتضيــف «اســتأنفت الأداء مــن خلال الدوران بســرعة كبيرة، سمعت عاصفة من التصفيق، وفي النهاية قلت لنفســي إن «كل شــيء على ما يرام». وقد قصدها متفرجون إلى الكواليس لتهنئتها بالأداء وهم يدمعون من شدة التأثر.

وتقــول جرجانــي «كانــت تلــك لحظة فاصلة» مؤكدة أن مــن خلال هذا الطقس «لا أستعرض بل أكون على طبيعتي».

لا ذكر ولا أنثى

وتوضح الشــابة الثلاثينية أن الروح في النظرة الصوفية «ليســت ذكــرا ولا أنثى» وأداء امرأة رقصات صوفية «لا يتعارض مع هذه الروحانية .»

وتتابــع «نحن ندور، رجالا ونســاء، مع ثوب فضفاض أو تنــورة» إذ «يقال إن قطعة القماش التي تدور تكشف عن الروح.»

ولفت نظرها تناقض هــو أن في البلدان المســلمة، يرتدي الدراويش الرجال لباســا فضفاضا أقرب الى ثــوب المراة، فيما ترقص النســاء في الخفــاء. وتقول «فــي أوروبا، أتيحت لي فرصة التعبير الفني بحرية.»

ويُعرف الرقص الصوفــي او حلقة الذكر بكلمة ســماع فــي تركيا وهي كلمــة عربية الاصــل، ويقوم على الــدوران حول النفس «من الجانب الأيسر دائما، أي جهة القلب، في اتجاه دوران الأرض حول الشــمس» لبلوغ حال النشوة الروحية.وتعتمد رنا جرجاني المنهج الصوفي منذ ســن الرابعة عشرة بعد زيارتها الأولى لبلدها الأم. وقد تدربت خلال سنوات على هذا الطقس التقليدي من خلال المشاركة سراً في أحيان كثيرة في مناسبات عدة في إيران وأيضا في تركيا.

الرقص الصوفي

وفــي فرنســا، تخلــت رنا التــي هاجر والداها من إيران عقب الثورة الإســامية، عن مســيرتها كممثلة للتركيــز على الرقص الصوفي.ويشــكل رقــص الدراويش إحدى أشــهر الرقصات الصوفيــة، وهو من ملامح طرق التصوف لاتباع الفقيه والشاعر جلال الدين الرومي الذي عــاش في القرن الثالث عشــر للميلاد.وتوضــح جرجانــي «كان جــال الديــن الرومي يقول «طــرق عديدة تؤدي إلى الله، وأنــا اخترت طريق الرقّص والموسيقى ». هذه كانت حالتي أيضا .»

نســجت جرجاني صداقات مع دراويش في تركيــا منبــع المولوية الصوفيــة، وهم يبدون «تفهمهم» لما تقوم به.

ومنذ الجائحة، تقدم الشــابة المجازة في الأنثروبول­وجيــا والرقص وعلم موســيقى الشعوب، حصصا بالفيديو عبر «زوم» عند كل انطلاق شهر قمري واكتمال للقمر.

وقد فوجئت بالاهتمام الشديد الذي أبداه الطلاب الذيــن كانوا في حاجــة كبيرة لأن «يعطوا معنى للوجــود» ويقيموا «رابطا مع أعماق الذات .»

وتقول «شــارك حوالى مئة شــخص من العالم أجمع في الجلسة الأولى خلال مرحلة الإغــاق الأولى» فــي الربيــع الفائت «ثم تلقيت مزيدا من الطلبات».وتبدي جرجاني اعتقادها بأنها من خلال هذا «التأمل بواسطة الحركة» «ســاعدت مئات الأشــخاص على اكتشاف ذاتهم».

وهــي ترقص علــى أنغــام الموســيقى التقليدية، لكن أيضا على موسيقى تنقلها إلى «حالة من النعمة الروحيــة» إن كان مصدر ذلــك عزف البيانو من شــريكها الموســيقي سيمون غرايشي أو أغنية لجاك بريل.

 ??  ?? رنا جرجاني
رنا جرجاني

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom