Al-Quds Al-Arabi

تونس: سعيّد يتهم المشّيشي بخرق الدستور والغنوشي: النزول للشارع ليس تشريعا للفوضى

تواصل الانقسام البرلماني يؤخر استكمال تأسيس المحكمة الدستورية

- تونس ـ «القدس العربي» من حسن سلمان:

اتهم الرئيس التونســي، قيس سعيّد، رئيس الحكومة، هشام المشيشي، بتجاوز الدستور خلال التعديل الوزاري الأخيــر، فيما أكــد رئيس البرلمان، راشــد الغنوشــي، أن الدعوات للتظاهر لا تعتبر تشريعا للفوضى في البلاد.

ووجّــه أمــس الإثنين، خطابــا إلى المشيشــي، يتعلّق بالجوانــب القانونيــ­ة للتعديل الوزاري الــذي اعتبر أنه "تجاهل بعض أحكام الدســتور"، مذكرا بجملة من المبادئ المتعلقة بضرورة أن تكون الســلطة السياســية في تونس معبرة عــن الإرادة الحقيقية للشــعب، وفق نص الخطاب الذي نشرته الرئاسة التونسية.

كما أكد ســعيد أن اليمين الدستورية "لا تقاس بمقاييس الإجراءات الشــكلية أو الجوهرية، بل بالالتزام بما ورد في نص القســم وبالآثار التي ستُرتب عليه لا في الحياة الدنيا فقط، ولكن حين يقف من أدّاها بين يدي أعدل العادلين".

واعتبر الغنوشــي أن الدعوة للتظاهر التي دعت إليها النهضة والحزب الدســتوري الحر، لا تعتبــرا تمردا على القوانين. وأضاف في تصريحات صحافية "الجميع حريص على أن تكــون الاحتجاجات ســلمية وفي إطــار القانون وليســت تمردا، وهذه ليســت المرة الأولى التي تقام فيها مظاهرات في إطار سلمي".

وكانــت حركة النهضة تحدثت قبل أيام عن مشــاورات مع حلفائها في الائتلاف الحاكم حول النزول للشارع، ورد الحزب الدستوري الحر بدعوة أنصاره للتعبئة العامة للرد على هذه الدعوات التي وصفها بـ"التدميرية"، وهو ما دفع عددا من المراقبين للتحذير من الفوضى.

قــرر رئيــس الحكومة التونســية، هشــام المشيشي، الاستعانة بصلاحياته الدستورية الواســعة لإجــراء تعديــل وزاري يســاهم بتواصل عمل الحكومة في انتظار إيجاد حل للأزمة المتعلقــة بالتعديل الــوزاري، في قرار أيده الائتــاف الحاكم ورفضتــه المعارضة، وتزامــن مع تأجيل انتخــاب أعضاء المحكمة الدســتوري­ة المعنية بحل الخلاف بين رأســي السلطة التنفيذية في البلاد.

حل مؤقت

وكان المشيشــي قرر الإثنين إعفاء خمسة وزراء يشــملهم التعديــل الــوزاري، وتكليف وزراء وكتــاب دولة في الحكومــة بمهامهم، في إجراء قال البعض إنه حل مؤقت لضمان اســتمرار عمل الحكومة، فيما اعتبره آخرون محاولة لـ «الهروب إلى الأمام.»

وقــال رئيــس البرلمان التونســي، راشــد الغنوشي، إن إعفاء رئيس الحكومة لعدد من الوزراء يعتبر حلاً مؤقتاً وليس دائماً، مشيراً إلى أن تأسيس المحكمة الدستورية هو الحل.

وأوضح أكثر بقوله: «القرار هو حل مؤقت وليــس دائمــاً والحل هــو في بنــاء المحكمة الدســتوري­ة وإلى أن يتم ذلــك يجب على كل الأطــراف التعامــل بمرونــة حتــى لا تتعطل الدولــة ومصالــح المجتمــع» مشــيراً إلى أن المشيشــي لا يســعى بهذا الإجراء إلى فرض

سياسة الأمر الواقع على سعيد، بهدف دفعه للموافقة على التعديل الوزاري محل الجدل.

وأضاف، فــي تصريح لوســائل الإعلام: «نأمــل أن لا يتواصل التعطيــل في موضوع التحوير الــوزاري ونحن فــي المجلس نعالج ســبباً ليس مباشــراً لهذا التعطــل )...( وهو العمل على تركيز المحكمة الدســتوري­ة. يعني جــزء من الخلاف هو وجــود أكثر من تأويل للدســتور، في حين أن الجهة المؤهلة لتأويله هي المحكمة الدستورية ونحن نعمل على حل هذا المشكل بتركيز المحكمة.»

وقال النائب عن حركة النهضة، نور الدين البحيــري، إن إعفــاء الــوزراء وتعيينهــم هو حــق دســتوري وقانوني لرئيــس الحكومة، مشــيراً إلى أن «الدســتور في تونس يضبط صلاحيات كل مســؤول في الدولــة وإعفاء الــوزراء وتعيينهــم مــن صلاحيــات رئيــس الحكومة دون غيره.»

وأضــاف: «رئيس الحكومة يتصرف وفق مقتضيــات الدســتور وأحكامــه وفــي إطار احترام صلاحياته ولم يتعد على صلاحيات أي طرف .»

ووصف رئيــس كتلة حزب قلــب تونس، أســامة الخليفي، قرار المشيشــي إعفاء عدد من الوزراء وتكليف وزراء آخرين للإشــراف على وزاراتهم بالنيابــة بـ «القرار في الاتجاه الصحيح هدفه تحســن أداء الحكومة عقب تعطيــل التحوير الوزاري الأخيــر بما يضمن اســتمراري­ة الدولة». ودعا البرلمان إلى جعل مســألة إرســاء المحكمة الدســتوري­ة أولوية مطلقة لعمله في المرحلة المقبلة.

وقــال النائــب عــن حــزب تحيــا تونس،

وليد جــاد، إن قرار إعفــاء 5 وزراء هو «حل للضرورة من المشيشــي الذي لــم يمر بالقوة في التحوير الوزاري، والدليل أنه لم يستجب لدعوات حركة النهضــة وقلب تونس لتعيين الــوزراء دون أداء اليمــن» مشــيراً إلــى أن المشيشي «أخطأ في أنه لم يتشاور مع رئيس الجمهورية حــول التعديل الــوزاري الأخير. كمــا أن قــراءة الرئيــس ســعيد للنص حول أداء اليمين والتحوير الوزاري تعتبر تعســفاً وخرقاً للدستور .»

فيمــا اعتبــر الأمين العام لحركة الشــعب، زهير المغزاوي، أن المشيشي قرر عبر الإجراء الأخيــر «الهروب إلى الأمام» مشــيراً إلى أن قراره الأخير «لن يحلّ الأزمة، بل هو محاولة

للتصعيــد والمزيد من تــأزيم الوضع. واليوم نعيش أزمة سياسية وأخلاقية كبيرة.»

وقــال رئيس الكتلــة الديمقراطي­ــة، محمد عمــار، إن اجتمــاع خليــة الأزمــة الــذي عقد الإثنــن فــي البرلمــان، قرر رفــض مقترحات تعديل القانون المتعلق بانتخاب بقية أعضاء المحكمــة الدســتوري­ة وتأجيــل عرضــه على الجلســة العامــة، مشــيراً إلى أن المشيشــي «اســتبق نتائج اجتماع خليــة الأزمة بإعلانه إعفــاء 5 وزراء وتكليــف آخريــن بالنيابــة، اعتمــاداً علــى وعــود مــن حزامــه البرلماني بتمرير التعديلات المقترحة على القانون عدد 50 المتعلــق بالمحكمة الدســتوري­ة، بما يجعله )المشيشــي( يواجه في المرحلــة المقبلة أزمة أعمق من أزمة التحوير الوزاري الأخير.»

حكومة بالنيابة

وقــال إن الكتلة الديمقراطي­ــة «لا تعتبر أن الوزراء الذيــن تمت إقالتهم اليــوم هم وزراء رئيــس الجمهوريــ­ة، ونحن نــرى أن حكومة المشيشــي الآن أصبحــت حكومــة بالنيابة. وكان علــى رئيــس الحكومــة الذهــاب منــذ البداية إلى رئيــس الجمهورية وإعلان تخليه عــن الــوزراء المقترحــن محــل التحفــظ بما يعجل بتجاوز الأزمة، بدلاً من اتخاذ خطوات تصعيدية ترضي بعض الأطراف السياســية داخل حزامه البرلماني، لكنها دســتورياً غير ملزمة وربما تعجل برحيل حكومته».

وتعيــش تونــس منــذ نحــو شــهر أزمــة سياســية تتعلق بتعديل وزاري أجراه رئيس الحكومة، هشام المشيشي، وشمل 11 حقيبة وزارية، ورفضه الرئيس قيس ســعيد بسبب وجود شــبهات «فســاد» وتضارب مصارح لــدى بعــض الــوزراء المقترحــن، وتتواصل الأزمة في ظل الانقسام الكبير داخل البرلمان بــن كتــل تؤيد رئيــس الحكومــة )الائتلاف الحاكــم( وأخــرى تؤيــد رئيــس الجمهورية )جزء من المعارضة(.

 ??  ?? الانقسام البرلماني يعطل مفاصل الدولة وسط أزمة اقتصادية حادة تعيشها البلاد
الانقسام البرلماني يعطل مفاصل الدولة وسط أزمة اقتصادية حادة تعيشها البلاد

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom