Al-Quds Al-Arabi

لبنان: نفور لدى مستشار القصر من «خفّة» الحريري: ليس لأحد أن يَمنُ على النصارى بوقف العدّ

- بيروت - «القدس العربي» من سعد الياس:

لم ينته التراشق بين بيت الوسط وقصر بعبدا غداة إطلالة الرئيس المكلّف ســعد الحريري فــي الذكرى الـ16 لاستشــهاد والــده والتي أجرى فيها كشــف حســاب حــول أزمة تشــكيل الحكومة، مســقطاً روايــات القصر الجمهــوري ونازعاً عنــه تهمة الاعتــداء على حقوق المسيحيين التي يستفيد منها التيار البرتقالي لشدّ عصب جمهوره.

وقــد قرأ قصر بعبــدا تأكيد الحريــري التزام مبــدأ المناصفة بين المســلمين والمســيحي­ين ووقف العدّ، عكس مــا أراده الرئيس المكلّف، فخرج مستشار القصر الوزير السابق سليم جريصاتي بموقف يقلّل فيه من أهمية كلام الحريري، ويعبّر عن «نفور» من هذا التمنين.

وتوجّــه جريصاتــي إلــى الحريري معتبــراً أن خطابــه في ذكرى اغتيــال والــده «تميّز بخفّــة لا متناهية، وقد تكون غيــر محتملة، لولا إشــارته التي لا تخلو من الخطورة المشددة بشأن «وقف العدّ» وقال «تلك الإشــارة اســتوقفتن­ي وأدخلتني في نفور كبير مع هذا التمنين الذي لا يملكه أحد على وجه الأرض.»

وأضــاف «إلــى الرئيــس المكلف أقــول، لا وألف لا، لســت أنت أو سواك من أوقف أو يوقف العد، ذلك أن ضمانة من هذا النوع هي من الميثاق والدستور، أي من «الصيغة» التي وجدت جذورها سنة 1920 عند إنشــاء لبنان الكبير وتكرّست في دستور 1926 وبعد الاستقلال عــام 1943 وفي اتفاق الطائــف الذي نصّ علــى المناصفة. إن «وقف العــد» هو ميثاقي بامتياز وضمانته هــو الميثاق، وليس لأحد أن يمنن النصارى بأنه ضمانتهم، وضمانة وجودهم ودورهم في هذا اللبنان الذي نعيش في رحابه مع سائر المكونات الطوائفية.»

وتابــع جريصاتي «إن أردت مزيداً، أقول لك، بكل صدق أيضاً، إن اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، وهي أيضاً من مندرجات وثيقة الوفــاق الوطني، إنما هي ضمانة وجوبيــة من ضمانات ميثاقنا، ولا تزال ســجينة الدرج الأســود. كفانا تعالياً واســتقواء إذ نحن قوم لا يرهبنا تطبيع من هنا أو تخصيب من هناك، فهذه أرضنا، وهذا وطننا النهائي والســرمدي، من توراتنا إلى إنجيلنا، أرض مقدسة لتجربتنا الفريدة فــي العيش المشــترك والتنــوع والغنى والتفاعــل من ضمن خصوصياتنــ­ا التي هــي ميزة لبناننا وليســت على الإطــاق عنواناً للانغلاق والاســتقو­اء بأي خارج عنا، حتى إن غدر بنا زمن سيئ من تاريخنا، عدنا إلــى ثوابتنا ومبادئنا واقتناعاتن­ا الوطنية، نمارســها من دون أي وصاية أو ولاية من أحد.»

ورأى «أن الضمانة الحقيقية والجذرية لعيشــنا معاً هي في المادة 95 من دستورنا، أي إلغاء الطائفية )وليس فقط الطائفية السياسية( ما يدفعني إلى الســؤال البديهي: هل أنت مســتعد لهــا وقادر عليها، أم أن مجــرد البــدء بإجراءاتها ســيودي بنــا إلى نزاع مــن نوع آخر فتنتصــف الطريــق بنــا ولا تســتكمل ويســتفيق «العد» من ســباته المصطنع من جراء زغل ورياء وطني، فنقع جميعاً في المحظور القاتل لهويتنا ووطننا».

وختـــم «علّ هـذه الخـــواطر تعيـدك إلى الشـــراكة الفعلية وتبعد عنك لوثة المنة والمكرمة في سجل عيشنا الواحد».

وقــد جاء ردّ «المســتقبل» من خلال مقــال في الموقــع الالكتروني التابــع لتيــار المســتقبل تحــت عنــوان «جريصاتــي.. الُمفتن باســم الجمهورية». ومما ورد فيه «سليم جريصاتي المفتي الدستوري لعهد العماد ميشــال عون، والمفتن السياســي منذ أيام الوصاية السورية، منزعج من خطاب الرئيس المكلّف ســعد الحريــري في ذكرى اغتيال والده. ومصدر الانزعاج ان الرئيس الحريري، أكد على مبدأ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وشدّد على الشعار الذي أطلقه والده، في حمأة المزايدات الطائفية قبل عشرين عاماً: «أوقفنا العد».

واعتبــر «أن انزعــاج جريصاتــي يعنــي انزعاج الرئيس ميشــال عون وانزعــاج عون يعني انزعاج جبران باســيل، وانزعاج باســيل ناشــئ عن نجاح الحريري في تعطيل مشروعه لنقل الاشتباك حول الحكومة من الخانة السياسية إلى ساحة التحريض الطائفي. كل ما فعله جريصاتي أنــه رمى كل ما عنده وعند العهــد والتيار البرتقالي من تشــوّهات سياسية وطائفية، على الرئيس الحريري، وبذل جهداً كلامياً في إلبــاس الرئيس المكلف الثوب الطائفي الرثّ الذي يـــتدثّر به».

ورأى أن «جريصاتي يريد بلســان ميشــال عون وجبران باسيل،

فتــح معركــة طائفية بــن المســلمين والمســيحي­ين، ويريد اســتدراج الحريري بأي اســلوب وبأي شــكل من الاشــكال إلى ساحات الفتن الطائفيــة. ويفتــرض الجريصاتي ان اســتفزاز الحريــري، يمكن ان يســتفزّ الجمهور الســني، وأن اســتفزاز هذا الجمهور من شــأنه ان يعبّــد الطريق أمــام جبران لاســترداد الجمهور المفقود في الســاحة المســيحية. ونحن بكل بســاطة، وبالــروح التي نعرفها عــن الرئيس ســعد الحريري لن نســلّم جبران باسيل ســاح التحريض الطائفي وركوب موجة «حقوق المســيحيي­ن» لتخريب العيش المشترك وإعادة عقارب الساعة أكثر من ثلاثين سنة إلى الوراء».

واضــاف « مســتقبل ويب» فــي مخاطبة جريصاتــي «كلامك عن «التمنــن» أيهــا الجريصاتي هــو «الخفّــة» بعينهــا، ومطالعاتك عن الدســتور والميثاق لزوم ما لا يلزم. كلامك أيهــا الجريصاتي مردود إلــى القصر الذي تقيــم فيه وإلى «ســنتر الشــالوحي «الذي خُطفت الرئاســة الأولى إليه، وبات مقــراً لتنظيم المعارك السياســية مع كل الطوائف وجرّ لبنان إلى جهنم».

وفي وقت لاحق، علّق جريصاتي على ما ورد في موقع المســتقبل قائــاً «لن أرد على شــتّامي المســتقبل ويــب وأســيادهم وأبواقهم، وكنــت آمل بنقــاش رصين. يبقــى أنهم يزعمــون أنهم أوقفــوا العدّ فيما أنهم جنّســوا العدد، وأنهم أصحاب الاعتدال فيما أنهم حبسوا مشــروع قانون الزواج المدني الاختياري الــذي أقرّه مجلس الوزراء. ويبقى الشعب هو الحَكَم».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom