Al-Quds Al-Arabi

«ميدل إيست آي»: بعد عقد على انتفاضة البحرين: سحق المعارضة والديمقراط­ية... وهذا ما كشفه أوباما؟

- لندن «لقدسالعربي» من إبراهيم درويش:

نشــر موقع «ميدل إيســت آي» تقريــراً أعده أليكس ماكدونالد تحدث فيه عن ســحق الحركة المؤيــدة للديمقراطي­ــة في البحرين بعد عشــرة أعوام مــن تظاهرات ميدان اللؤلــؤة في المنامة. وقال إن حــس التفاؤل الذي ســاد تظاهرات 14 شــباط/فبراير 2011 اختفــى في وقــت واصلت فيه القــوى الأجنبية قبولها بالقمع. وأشــار إلى مذكرات باراك أوباما، الرئيس الأمريكي الأسبق، «لأرض الموعودة» والتي تحــدث فيها عن قراره دفع حسني مبارك، الرئيس المصري، على التنحي عن السلطة رغم أنه حليف قوي لواشنطن. وبعد الإطاحة بمبــارك في 2011 كتب أوباما أنه «تفاءل وبحذر» حول مستقبل البلد.

وفي حالة ســوريا هدد بالتدخل العسكري في سوريا وســاهم بالتخلص من معمر القذافي في ليبيا. كما ساعد على عملية نقل السلطة في اليمن مــن علي عبد الله صالح إلــى نائبه، إلا البحرين حيث قال «بالتنســيق مع الســعودية والإمارات كان النظــام البحريني ســيجبرنا علــى الخيار الصعب. ونعي جيــداً أنه عندما يحين الوقت فلن نســتطيع المخاطــرة بموقفنا الإســترات­يجي في الشــرق الأوســط وقطع علاقاتنا مع ثلاث دول خليجية».

البحرين: سحق المعارضة

ويعلق الكاتــب أن البحرين وعلى مدى العقد الماضي سحقت المعارضة في وقت وقف فيه العالم متفرجًا. وفي 14 شباط/فبراير تدفق المتظاهرون إلى الشــوارع يطالبون بالإصــاح الديمقراطي ووقف التمييز ضد الشــيعة وربما نهاية حكم آل خليفة علــى الجزيرة منذ 245 عامــاً. واليوم من قادوا تلك التظاهرات والذيــن نظر إليهم كرموز للمســتقبل الديمقراطي إما في السجن، أو المنفى أو أجبروا على الصمت أو ماتوا. وفي الوقت الذي كانت فيه البحرين أكثــر دولة متحررة وتعددية باتت توصف الآن بـ «دولة بوليسية.»

وفــي تقريــر أعده معهــد البحريــن لحقوق الإنســان والديمقراط­ية ومقره لندن أشــار فيه إلــى 51 حكم إعدام صــدر منــذ 2011. وهو رقم ضخم مقارنة مع تســع حالات إعــدام نفذت منذ استقلال البحرين عام 1971 وحتى 2017. وهناك 27 ينتظــرون تنفيذ الحكم و26 قــد يتم إعدامهم في أي وقــت. وهناك 4.000 معتقل سياســي في السجون التي لم تعد قادرة على استيعاب المزيد، وهناك حديث عن انتشــار التعذيــب فيها. وقال ناشــط بحريني قضى فترة في السجن إن مجرد الكلام الناقد المعتدل والعادي ممنوع «لا تستطيع الكلام ولن تجد مجتمعاً أو حركة أو جمعية للمرأة أو تجارة أو شــركة قانونية تســتطيع العمل في البحريــن». ولا «توجد هناك جمعيــة أو منظمة تســتطيع تنظيم محاضــرة أو تجمــع أو مؤتمر حول أي شــيء إلا ما يرضى عنــه النظام». وقال إن الناشطين يريدون الحديث بشكل صريح حول الظلم في البــاد إلا أنهم عرضة للســجن. وقال «أريد تربية أولادي».

وقال الســجين علي حســن حاج الذي حكم عليه بثمانية أعوام لمشــاركته فــي التظاهرات الداعية للديمقراطي­ة إن وضع بلاده هو الأســوأ منذ 2011. ووصف التعذيب والانتهاك في سجن جو المركزي حيث قضى فترة حكمه. ومنذ اعتقاله عــام 2013 بات حــاج يعاني من صمم بســبب التعذيب وكســر دائم في فكه، وفــي أنفه حيث احتاج لعمليتين من أجل إصلاحه. وقال «تجربة ثمانيــة أعــوام في الســجن من ســوء المعاملة والانتهــا­ك الجســدي والعقلي كانت شــكلاً من أشــكال العقاب». وأضاف في مكالمة عبر الهاتف «هناك تمييز ضد المعتقلين السياســيي­ن ويشمل نقص العناية الصحية وتعريض حياة الكثير من السجناء للخطر». وبعد عشرة أعوام لم يتم حل كل المشاكل التي أشعلت الانتفاضة بل وزادت في وقت يســتمر فيه الغليان ضد الأوضاع القاتمة. وقال حاج «نطالب بتغييــر، تغيير إيجابي بعد 240 عاماً» و»لا أحد يســتطيع الــكلام ولا حرية تعبير أو أي شيء».

لا حل... ما دور السعودية والإمارات

وعلى خلاف الدول النفطية الأخرى فلم تحاول العائلة الحاكمة التي تحكم منــذ عام 1783 إقامة علاقة تقوم على الرعاية أسوة بقطر والسعودية ودول الخليــج الأخرى، بل ظلــت العلاقة قائمة على العــداء، رغم التحــول في اقتصــاد البلاد من صيــد اللؤلؤ إلى النفط المكتشــف عام 1932. وحسب كتاب مارك أوين –جونز وعلاء الشهابي «لانتفاضــة في البحريــن: المقاومــة والقمع في الخليج» فقد بنت عائلة خليفة دائرة ضيقة تحكم من خلالها. ولعبت الطائفية دوراً في سياســات العائلة وطرق توزيع الثروة والسلطة في المملكة. وبخــاف دول الخليج الأخرى التي اســتطاعت الســيطرة علــى الاحتجاجات عبر سلســلة من التنــازلا­ت والقمع إلا أن حــكام البحرين وجدوا أنفسهم فوق برميل بارود لا يستطيعون التحكم به. وفــي النهاية تدخلت الســعودية والإمارات لوضع حد للانتفاضة في 2011.

ويقول مدير معهد البحري ســيد الوادعي إن ســقوط زين العابدين بن علي في تونس ومبارك في مصر أثار تفاؤلا بين المتظاهرين و»كان هذا هو الشعور في كل أنحاء العالم العربي، فلو نجحت في تونس ومصر التي ســقط فيها مبارك بعد 18 يوماً فربما نجحت ضــد آل خليفة، وهذه فرصتنا الذهبية». وكان الوادعي موجوداً منذ اليوم الأول للاحتجاجــ­ات «في 2011 كان الأمــل في ذروته، لا خوف مهما كانت القســوة أو لجــوء الحكومة للعنف، فقد كان الناس مصممين.»

دهشة

وقال ناشط إعلامي إن تجمع 14 شباط/فبراير أدهش المنظمين، فرغم حــدوث تظاهرات متفرقة في ســنوات التســعيني­ات وبداية القرن الحالي إلا أن حجــم الانتفاضــ­ة الأخيرة كان واســعًا. وقــال «قبل يوم مــن الانتفاضة في 14 شــباط/ فبراير لم يكــن أحد يتوقع حدوثها». وشــعرت الحكومة بالقلق من أحداث تونس ومصر وبدأت بملاحقة الناشــطين فــي وقت تم فيــه تنظيم 55 مســيرة في 25 موقعاً. وشــارك فيهــا محتجون عاديون وأنصار لحزب الوفاق أكبر حزب شيعي بالإضافة لناشــطين في الحزب اليساري «وعد» الذي يقوده إبراهيم شريف. واحتل المتظاهرون

ســاحة اللؤلؤة في 15 شــباط/فبراير بعد مقتل علي مشــيمة و«كواحــد من بين الذيــن حضروا الانتفاضة فلم يتعد عدد الذين ذهبوا إلى ســاحة اللؤلؤة الخمســن» ليزداد العدد إلــى 100 ألف بحلــول 23 شــباط/فبراير. وعندما لم تســتطع قوات الأمن في البحرين الســيطرة على الوضع دخلت القوات السعودية والإماراتي­ة في 14 آذار/ مارس وقتل في عملية مواجهة المعتصمين خمسة وجرح واعتقال المئات. وما تبع ذلك هو حملة قمع مستمرة حتى الآن.

وحســب تقريــر معهــد البحرين فــي لندن أصبحت المحاكــم الجماعية عاديــة في البحرين وتم الحكم على 169 شــخصاً في يــوم واحد من شهر شباط/فبراير 2019. وسحبت جنسية مئات الناشطين، وهناك 300 شخص دون جنسية الآن. وثبتت محكمة النقض العليا في أكتوبر/ تشرين الأول العــام الماضي أحــكام إعدام منهــم أربعة اتهموا بالمشــارك­ة في اضطرابات سياسية. وكان عبد الهادي الخواجة ابن الناشطة مريم الخواجة أحد الشــخصيات الذي اعتقل بعــد التظاهرات، وحكم عليه مدى الحياة بســبب «تنظيم وإدارة منظمة إرهابية» مع أنه كان مديراً لمركز البحرين

لحقوق الإنســان. وقالت ابنته إن اتصال العائلة معه ليس منظماً. و»يقــوم باتصال عبر الفيديو، ومنعت السلطات كل الزيارات منذ كانون الثاني/ يناير 2020 بذريعة كوفيد-19 وكما هو الحال مع كل المعتقلــن فما يحدث فــي البحرين لا يتم بناء علــى نظام». وتعيــش الخواجة فــي المنفى بعد الحكم عليها غيابياً بتهمة ضرب شــرطية. وقالت «ما نراه اليوم هو حالة من الانسداد ولكنها أبعد منها، ولا يمكن اســتمراره­ا بهذه الطريقة، فهناك ســيطرة مطلقة على كل شيء فيما يتعلق بالمجال العام والمنافذ على الحرية وغير ذلك.»

التعددية السياسية؟

وعانت التعددية السياســية بعد 2011، وتم سجن الشيخ علي ســلمان زعيم حزب الوفاق وحكــم عليه مــدى الحيــاة، مــع أن الحكومة تسامحت معه في الســابق قبل أن تحل الحزب عام 2016. وسجن إبراهيم شــريف زعيم وعد وقضى خمســة أعوام في الســجن ومنع حزبه في 2017 بتهمــة ارتباطه بالإرهــاب. أما نبيل رجب المؤسس المشــارك لمركز البحرين لحقوق الإنســان فقد اعتقل عدة مــرات قبل الانتفاضة وأعيد اعتقاله وســجن لعامين عام 2017 بتهمة «نشــر أخبار كاذبة» وحكم عليه خمسة أعوام عــام 2018 بتهمة «لتطــاول على المؤسســات الوطنية » و»نشر الشائعات خلال فترة الحرب » في إشارة لمشــاركة البحرين في اليمن. وأفرج عن رجب بسبب المخاوف من انتشار كوفيد-19 في الســجون. وقالت الخواجة إن الســلطات تحاول كسر معنويات الســجناء من خلال منع الكتب ووسائل الكتابة التي تعتبر تعذيبا عقليا لوالدها. وفي محاولة لإرضاء الخارج أعلن الملك عام 2011 عن تشكيل اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق. وقدمت شــهادات ووثقت 46 حالة وفاة و599 مزاعم تعذيب و4.000 مثال عن طرد الموظفين بسبب مشاركتهم في التظاهرات.

وأثنــت الولايــات المتحــدة وبريطانيا على التحقيق وطالبــت بتنفيذ توصياتــه حالاً. ولم يتم بعد تنفيذها، ويعتقد الكثير من الناشطين أن الهدف الرئيسي من اللجنة هو السماح للبحرين الحفاظ على علاقــات ودية مع أمريكا وبريطانيا. ولعبت الأخيرة دوراً مهماً في الحفاظ على سمعة البحرين في الخارج. وفي كانون الأول/ديسمبر 2014 أعلنت عن إقامة قاعدة عســكرية دائمة في ميناء سلمان والتي افتتحت عام 2018.

ترويج بريطاني

وحتى أيار/مايو 2020 روجت بريطانيا لفكرة قيــام البحرين بإصلاحات، حيــث أخبر الوزير فــي الخارجية طــارق أحمد مجلــس العموم أن بريطانيــا «تعتقد أن البحريــن تتخذ الخطوات في الاتجاه الصحيح لتحسين سجلها في حقوق الإنســان بناء على خطة الحكومة التي شــكلت بناء على توصيات الإصــاح للجنة البحرينية عام 2012 .»

وبعد شهرين ســتواجه الحكومة شجباً دولياً بشــأن خطط إعدام محتجين وهما محمد رمضان وحسين علي موســى. إلا أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ســيؤدي لتلاشي تأثيرها على القرار الأوربي المتعلق بالبحرين وبالتالي دعمه. ولم يتغير وضــع المعارضة بعد مجــيء دونالد ترامب الذي ألغى بعض الإجراءات التي اتخذها أوبامــا وفتح المجــال أمام صفقات الأســلحة مع البحرين. ويقلل محام من إمكانية أي تغيير طالما لم يتغير موقف النظام. ويعرف الدبلوماسـ­ـيون الطريقــة التي تجري فيها الأمــور. وقال المحامي «أخبرني الأمريكيون أنهم لا يســتطيعون تغيير البحريــن إلا إذا وافــق البريطانيو­ن ولن يوافق هؤلاء إلا إذا وافق الســعوديو­ن» و»من الواضح أن القــرارات السياســية انتقلت منــذ 2011 إلى السعودية وستظل هناك .»

 ??  ?? بحرينية تحمل صورة المرجع الشيعي الشيخ عيسى قاسم وهي تواجه ناقلة جند خلال مظاهرة في العاصمة المنامة )أرشيفية(
بحرينية تحمل صورة المرجع الشيعي الشيخ عيسى قاسم وهي تواجه ناقلة جند خلال مظاهرة في العاصمة المنامة )أرشيفية(

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom