Al-Quds Al-Arabi

«نيويورك تايمز»: إسرائيل تقود حملة اتهام إيران بمحاولة الهجوم على سفارة الإمارات في أديس أبابا ... هل هي رسالة لبايدن؟

-

نشــرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريراً مشتركاً أعده ديكلان وولش وإريك شــميدت وســايمون ماركس ورونين بيرغمان قالوا فيه إن إيران تقوم بلعبة القــط والفأر وتحاول البحث عن أهــداف جديدة في إفريقيا. وأشــاروا إلى اعتقال 15 شــخصاً في إثيوبيا بشــكل اعتبره المسؤولون الأمريكيون والإســرائ­يليون محاولة أحبطت لاستهداف دبلوماسيين من الإمارات.

وقالوا إن المخابرات الإثيوبية اكتشــفت في الآونــة الأخيرة خلية من 15 شــخصاً قالت إنهم كانوا يراقبون ســفارة الإمــارات العربية المتحدة وبحوزتهم أســلحة ومتفجرات، وزعمت أنها أحبطــت عملية كبرى كانت ستؤدي لزرع الفوضى بالعاصمة الإثيوبية، أديس أبابا. إلا أن الإثيوبيين حذفوا أمراً مهماً في الإعلان: من المسؤول؟

والمعلومة الوحيدة هي اعتقال شــخص آخــر اتهم بأنه زعيم المجموعة واسمه أحمد إسماعيل في السويد بتعاون مع مخابرات صديقة «أفريقية، آسيوية وأوروبية». لكن المسؤولين الأمريكيين والإسرائيل­يين يقولون الآن إن المؤامــرة كانت من تخطيط إيران التي فعلــت خلية نائمة لها في أديس أبابا في الخريــف الماضي بهدف جمــع معلومات عن ســفارات الولايات المتحدة وإسرائيل.

ويقولون إن العملية هي جــزء من دفعة باتجاه تحديد أهداف لينة في الدول الأفريقية تقوم من خلالها إيران بالانتقام لاغتيال عالم الذرة النووي محسن فخري زادة الذي قتل في عملية للموساد في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 وقائد فيلق القدس، قاسم سليماني، الذي اغتيل في 3 كانون الثاني/ يناير 2020. وبناء على التقارير الأمنية قالــت العميد البحري هايدي كي بيرغ، مديرة الاســتخبا­رات في قيادة أمريكا في البنتاغون، إن إيران تقف خلف الـ 15 شــخصاً الذين اعتقلوا في إثيوبيا و«التخطيط لهذه العملية التي أحبطت» و«اعتقل إسماعيل في السويد» وقالت إن «إثيوبيا والسويد تعاونتا في إحباط هذه المؤامرة».

وقال المتحدث باسم السفارة الإيرانية في أديس أبابا نافياً هذه المزاعم إنها «اتهامات باطلة وتقف وراءها الدعاية الصهيونية الخبيثة». وقال «لا إثيوبيا أو الإمارات تحدثت عن التدخل الإيراني في هذه الأمور». وأغضبت الإمارات إيران بقرار التطبيع مع إســرائيل في أيلول/ســبتمبر، ضمن ما أطلقت عليه إدارة دونالد ترامب الســابقة «اتفاقيات إبراهيم». وكشــف متحدث باسم الشــرطة الإثيوبية عن اثنين من 15 معتقلاً ولكنه امتنع عن تقديم سبب بشأن عدم تســمية إثيوبيا إيران باعتبارها الجهة التي تقف وراء المؤامرة.

وقــال عــدد مــن الدبلوماسـ­ـيين إن إثيوبيا التــي تعتبــر العاصمة الدبلوماسـ­ـية لأفريقيا ومقر الاتحاد الأفريقي تحــاول تجنب التورط في موضوعات حساســة مع قوى كبيرة. وقالت المخابرات الوطنية وخدمات الأمن الإثيوبية إن مجموعة ثانية كانت تحضر لضرب السفارة الإماراتية في الخرطوم عاصمة الســودان وهو ما أكد مسؤولون سودانيون صحته. وربط مســؤول دفاعي أمريكي عمليــات الاعتقال فــي إثيوبيا بالمحاولة الإيرانية الفاشلة لقتل الســفير الأمريكي في جنوب أفريقيا والتي كشفت عنها مجلة «بوليتيكو» في أيلول/سبتمبر 2020.

ولا يزال الغموض يحيط بعمليات الاعتقال في إثيوبيا والدور الإيراني المزعوم فيها. ولم توجه الشــرطة الإثيوبية اتهامات بعد لـ 15 معتقلاً وتم كشــف هوية اثنين منهم. ويقول المسؤولون الإســرائي­ليون إن ثلاثة من المعتقلين قد يكونــوا من العملاء الإيرانيين أما البقيــة فقد كانوا جزءاً من الشــبكة الإثيوبية. ويأتي الكشف عن الشبكة في وقت يتسم بالحساسية العالية، وســط تكهنات بعودة إدارة جوزيف بايــدن للاتفاقية النووية التي وقعها باراك أوباما وألغاها دونالد ترامب في 2018. ومما يضيف إلى الضغوط على بايدن هو تهديد وزير الاســتخبا­رات الإيرانية أن بلاده قد تسعى للحصول على قنبلة نووية لو لم يتم رفع العقوبات المفروضة عليها.

وفي الوقت الذي أكدت فيــه العميد أدميرال بيــرغ تفاصيل عن الدور الإيراني في اعتقالات إثيوبيا إلا أن عددًا من الدبلوماسـ­ـيين في واشنطن تجنبوا التعليق. ولكن في إســرائيل التي تعادي فيها إيران علناً لم يتورع فيها المســؤولو­ن عن التأكيد على أن المؤامرة هي دليل آخر على عدم الثقة بإيران. ولم تف طهران بكل وعودها بالرد الحاســم علــى مقتل الجنرال ســليماني. ولكن أي خطة إيرانية لاســتهداف الإمارات، كما تشــير إليه اعتقالات أديــس أبابا، هي اختيار مثير للتســاؤل خاصة أنه ســيقوض جهود بايدن المفترضة في الدبلوماسـ­ـية النوويــة، كما اقترح أرون ديفيد ميلــر، الخبير في وقفية كارنيغي. ويقول خبــراء آخرون إن الإمارات هي على رأس قائمة أعداء إيران وإن اختيار الســفارة في أديس آبابا هدف قد يحرف النظر، خاصة أن البلاد مشغولة بالصراع مع إقليم تيغري. ويقول بروس ريدل، من معهد بروكينغز، إن «أفريقيا هي مكان ســهل للعمل فيه، وإثيوبيا منشغلة بموضوعات أخرى .»

وربما كانت الخطة المزعومــة جزءًا من لعبة القــط والفأر بين العملاء الإيرانيين والإسرائيل­يين في أفريقيا خلال السنوات الماضية. وفي سنوات التســعيني­ات من القرن الماضي أقامت طهران علاقــات قوية مع نظام عمر البشــير في الســودان واســتطاعت في العقد الثاني الحصول على إذن لاســتخدام الموانئ الإرتيرية لرســو بوارجها الحربية. وردت إســرائيل بضرب قافلة أســلحة مهربة من الســودان كانت في طريقها عام 2009 إلى قطاع غزة. إلا أن علاقة إيران بالقرن الأفريقي تراجعت في السنوات الماضية وتوثقت علاقة الإمارات وإســرائيل في إرتيريا. وتوسط الإماراتيو­ن في المصالحة بين إثيوبيا وإريتريا عام 2018 والآن تســتخدم الإمارات الموانئ الإريترية لرسو ســفنها الحربية. وفي تشرين الثاني/نوفمبر وبعد مكالمة بين رئيس الوزراء آبي أحمد ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

وصــل فريق من طياري الــدرون إلى إثيوبيا للمســاعدة في القضاء على وباء الجراد. وبعد أســابيع التقى مدير المخابرات يوسي كوهين مع نظيره الإثيوبي لمناقشة قضايا «مكافحة الإرهاب.»

وفي مناطق أخرى من أفريقيا يقول المســؤولو­ن الإســرائي­ليون إنهم يقدمــون معلومات لنظرائهم في الــدول الصديقة عن نشــاطات إيرانية مشــبوهة. وفي كينيا اعتقل إيرانيــان اثنان في 2012 بتهمــة حيازة 15 كيلوغراما مــن المتفجرات وحكم عليهما بالســجن مــدة 15 عاما. ويقول المســؤولو­ن الكينيون إنهما كانا عضوين في فيلق القدس، التابع للحرس الثــوري الإيرانــي. أما المحامــون عنهما فيقولــون إن رجــال مخابرات إســرائيلي­ين حققوا معهما أثناء الاحتجاز في كينيا. وبعــد أربعة أعوام، رحلت كينيــا في 2016 إيرانيين اعتقلا خارج الســفارة الإســرائي­لية في نيروبــي وفي حوزتهمــا فيلم فيديو. وقالــت إيــران إن الرجلين اللذين كانا يتنقلان بســيارة دبلوماسية إيرانية هما أســتاذان جامعيان. واتهم العملاء أو اشــتبه بتورطهم بهجمات في جورجيــا وتايلندا والهند. في 4 شباط/فبراير جردت السلطات البلجيكية دبلوماسياً إيرانياً من حصانته الدبلوماسـ­ـية وأصدرت عليه حكماً بـــ 20 عاماً لدوره في عملية فاشــلة لتفجير مســيرة للمعارضة الإيرانية في باريس عام 2018. وقادت العملية الفاشــلة هذه وعمليــة أخرى بالدنمــار­ك، الاتحاد الأوروبــي إلى فرض عقوبات على وزارة الاستخبارا­ت الإيرانية.

ويزعم المســؤولو­ن الإســرائي­ليون أنها نفسها المســؤولة عن تنظيم محاولة إثيوبيا. وفــي محاولة لمعرفة موقف الحكومة الســويدية أحالت المتحدثة باســم السلطات هناك صوفيا هيلكفيست أي أسئلة عن إسماعيل إلى السلطات الإثيوبية. ولم يعلق المتحدث باسم الإمارات أيضاً. وفي ظل الرهانــات العالية، فليس من الواضح مخاطرة إيــران بعملية في إثيوبيا وسط التكهنات بعودة الولايات المتحدة للملف النووي.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom