Al-Quds Al-Arabi

تقرير يكشف تزايد البطالة في المغرب: الشباب حاملو الشهادات هم الأكثر تضررا

- الرباط ـ «القدس العربي» من ماجدة أيت لكتاوي:

عز الدين النفالي، ابن مدينة ســا، واحد من الشــباب المغربي الذيــن فقدوا مصدر دخلهم خلال العام المنصرم، يقول: «حين بدأ الحجر الصحي الــذي أقره المغرب )منتصــف آذار/ مارس العام الماضي( أغلق محل الحلويات الذي كنت أعمل ضمن فريقه. وبعد ســماح الســلطات بإعادة فتح المحلات، عاد اثنان من بين خمسة شباب للعمل، لم أكن منهما».

عــز الديــن )24 ســنة( تخرّج منــذ ثلاث ســنوات مــن «معهد التكنولوجي­ــا التطبيقيــ­ة متعــدد التخصصــات» في مدينة ســا المجــاورة للعاصمــة الرباط، قبــل أن يلِج مجال العمــل متدربًا ثم صانــع حلويات، إلا أن رياح «كورونا» جاءت بما لم يشــتهه قطّ، فأقعدته عن العمل شــهورًا طويلة، لكنه مــا زال مُصرًّا على الأمل فــي وجود فرصة عمل تناســب دبلومــه وطموحاتــه، مثلما أكد لـ»القدس العربي».

وكشف تقرير رســمي صدر حديثًا في المغرب أن ارتفاع معدل البطالة خلال العام الماضي شــمل جميع الفئات العُمرية، خاصة الشــباب الذين تتــراوح أعمارهــم بــن 15 و24 ســنة، منتقلًا من 24,9 % إلى 31,2.%

وقــدّرت «المندوبيــ­ة الســامية للتخطيط» (مؤسســة رســمية خاصــة بالإحصاء( ارتفاع أعداد العاطلين عــن العمل بـ322 ألف مغربي ومغربية ما بين 2019 و2020، منتقلًا من مليون و107 آلاف عاطل إلى مليون و429 ألف عاطل، ما يعادل زيادة بنسبة 29.%

وســجل تقرير هذه المؤسســة ارتفاعًا في معدل البطالة ما بين ســنتي 2019 و2020 منتقــلًا من 9,2% إلــى 11,9% خاصة بين الشــباب والنساء وحاملي الشــهادات، لافتًا إلى أن هذا الارتفاع ناتج عن زيادة قدرها 224 ألف عاطل في الوسط الحضري )المدن(

بالإضافة إلى 98 ألف عاطل في الوسط القروي )الأرياف(.

وما زال سوق العمل في المغرب يعاني الأمرَّين بسبب تداعيات فيــروس «كوفيد 19» بســبب فقد عــدد من القطاعــات الوظائف، وتعطيل عجلة الســياحة، وتعليق جزئي لأنشــطة مصانع إنتاج وتجميع الســيارات، وكذلــك توقيف عدد مــن القطاعات، ما أدى إلى تراجع الصادرات بسبب تراجع الطلب العالمي.

وأكــد العاهــل المغربــي محمــد الســادس على ضــرورة دعم القطاعــات المتضررة، ورصد الاعتمادات اللازمــة لتغطية مخاطر القــروض المضمونــة لفائدة كل أصناف الشــركات بمــا في ذلك المقاولات العمومية. كما أعلن عن ضخَّ أكثر من 12 مليار دولار في إطار خطة تدعم القطاعات الإنتاجية والتركيز على الأولويات في مقدمتها توفير فرص عمل.

هــذا الارتفاع في أعداد العاطلين في المغرب مردُّه، وفق الخبير الاقتصــاد­ي مهدي فقيــر، إلى موجــة الجفاف التــي عانى منها المغرب السنوات القليلة الماضية، والتي كان لها تأثير واضح على مناصب العمل بســبب الاعتماد الهيكلي للاقتصــاد المغربي على قطاع الفلاحة.

وأبــرز المتحدث لـ«القــدس العربــي» أن المغاربة عانــوا فقدان مناصــب العمــل بســبب توقف الأنشــطة، لافتًــا إلــى أن العودة التدريجية لعدد من القطاعات ســتخلق وظائف، وأن الربع الثاني والثالث من العام الجاري سيكون حاسمًا مع تقدّم عملية التطعيم ضد فيــروس «كورونــا» وخلق مناعــة جماعية خلال الخمســة أشــهر القادمة، ما ســيمكّن المغرب من اســتدراك ما فاته، حسب تعبير الخبير المذكور.

بالعــودة إلــى التقريــر، ارتفــع معــدل بطالــة الحاصلين على شــهادات عليا، ليصل إلى 23,9% مسجلًا ارتفاعًا كبيرًا بالنسبة لحاملي الشهادات الممنوحة من طرف الجامعات بمعدل 26,1% ثم حاملي شــهادات التقنيــن الممتازين والتقنيــن المتخصصين كأعلى معدل وصل إلى 30,6.%

خلال ســنة 2020 بلغت نســبة العاطلين عن العمل الذين سبق لهــم أن اشــتغلوا 56,2% مســجلة ارتفاعًا بـــ13,5 نقطة مقارنة بســنة 2019. في المقابــل، انخفضت نســبة الباحثين عــن العمل لأول مرة، لتصل 43,8% سنة 2020 مقابل 57,2% خلال السنة الماضية.

وارتفــع عدد العاطلين الذين ســبق لهم أن اشــتغلوا بـ331 ألفًا مــا بين و2020 2019 لينتقل العدد من 473 ألف عاطل إلى 804 على مســتوى البــاد ككل، مقابل انخفاض بنســبة 8 آلاف بالنســبة للعاطلين الذين لم يسبق لهم أن اشتغلوا.

ويــرى المحلــل الاقتصــاد­ي عبد النبــي أبــو العــرب أن أرقام المندوبيــ­ة منتظرة وغير مفاجئــة في ظلِّ ما يعيشــه العالم، لافتًا إلى أن مُجمل الأنشطة التجارية والاقتصادي­ة في العالم والمغرب تضررت بســبب الجائحة، وتابع خلال حديثه لـ »القدس العربي » قائــلًا: «رغم ذلــك، لم يكــن للوباء تأثيــر كارثي على مســتويات التشــغيل في المغــرب، بالنظــر إلى كل إجــراءات المســاندة التي اتخذتها الحكومة لتعويض الأجراء الذين تم توقيفهم عن العمل.»

ويتوقع المتحدث أن ينجح المغرب في التخفيف من آثار البطالة هذه الســنة، بفضل التســاقطا­ت المطرية والثلجية، ما ســينعش القطاع الزراعي، ويؤثر إيجابًا على حجم التشــغيل على مستوى العالــم القــروي والحضري أيضًــا، وبفضل حملــة التطعيم التي نجح المغرب في إطلاقها بشكل متميز.

وهما عاملان ســيدفعان نحو رفع نســبة التعافــي التدريجي للأنشــطة الاقتصادية وانتعاشها، ما ســيعمل على عودة النسب العادية للتشــغيل في المغرب. أما بخصوص حاملي الشــهادات، فيرى أبــو العرب أنهم الشــريحة الأكثر معاناة في ســوق العمل نظرًا لســنها الصغير وحداثة وصولها لهذه السوق: «تعاني هذه الفئة مــن بطالة إضافية، بســبب قلــة التجربة وضعــف ملاءمة خبراتها ومعارفها مع متطلبات السوق والشركات» يختم الخبير الاقتصادي كلامه.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom