Al-Quds Al-Arabi

بعد الهذلول والسدحان: الغامدي و«مجتهد»... بين «مسك» بن سلمان و«تويتر» المعارضين

- تسفي برئيل

■ الأربعاء الماضي، تلقت الســعودية التهنئة على بادرة حسن النية عندما أطلقت سراح ناشطة حقوق الإنســان والصحافية لجــن الهذلول، التــي اتهمت بالتآمــر ضد النظــام العام، من خــال تجنيد جهات أجنبية، والقيام بنشاطات مخالفة لقيم المملكة. ذنبها الحقيقــي هو الحملــة العامة التي ترأســتها من أجل إعطاء رخص القيادة للنساء، وهو الأمر الذي صادق عليه ولي العهد محمد بن ســلمان كجــزء من حملته لتغيير صورة المملكة. ورغــم ذلك، مكثت الهذلول في السجن لفترات متقطعة منذ العام 2018.

قد تكون الهذلول ناشطة حقوق الإنسان السعودية المعروفة أكثر من غيرها في العالم، ولكن هناك الكثير من النشــطاء الآخرين في ســجون الســعودية، من بينهم الذين انتقدوا بن سلمان واعتُقلوا في السنوات الأخيرة وبات وضعهم غير معروف، منهم عبد الرحمن السدحان )36 سنة(، خريج جامعة نوتردام دينامور في كاليفورنيا، الذي قــرر العودة إلى وطنه في 2018 للعمل على تطوير الشباب في السعودية.

اعتقل السدحان في مكاتب الهلال الأحمر حيث كان يعمل. وخلال سنتين تقريباً، لم يتمكن أبناء عائلته من زيارته أو التحدث معه هاتفياً. وحصل قبل سنة على إذن بمحادثــة لمدة دقيقة مع والدته وشــقيقته، وهما تحملان الجنسية الأمريكية. بعد ذلك، انقطع الاتصال مــرة أخــرى. وثمة نشــاطات عامة توجــه لأعضاء كونغــرس وضغط مــن منظمات حقوق الإنســان لم تســاعد حتى هذه اللحظة. لم يعرف أبناء عائلته عن الاتهامات الموجهة ضده أو في أي ســجن هو موجود، إلى أن تبين أنه في سجن الحاير سيئ الصيت.

يبــدو أن الســدحان كان ضحية جهــاز التعقب والرقابة السعودية عبر الشبكات الاجتماعية، والذي يبحث عن كل من ينتقدون النظام. وهو شــك صادقت عليه قريبة من العائلة تعمل في «تويتر»، وأبلغت بأن حســابه في «تويتر» كان مراقباً. كشفت القضية بعد أن ترك شــخص رفيع عمل في الســابق في المخابرات السعودية، سعد الغابري، السعودية في 2017، وقدم فــي آب دعوى ضد بن ســلمان قال فيها بأنه أرســل خلية من أجل تصفيته فــي كندا. لم يعط لهذه الخلية إذن بدخول كنــدا، وبدأت قوات الأمــن هناك بوضع الحراسة على منزل الغابري.

كان الغابري مستشــاراً ومقرباً من الأمير محمد بن نايــف، الذي كان ولي العهد حتــى عزله من قبل الملك ســلمان في 2017 وتعيين ابنه مكانــه. كان بن نايف رأس الحربة في حرب الســعودية ضــد الإرهاب في عهد الملك عبد الله، وهو الملك قبل الملك ســلمان، وكان

مقرباً جداً من المخابــرا­ت الأمريكية، وهو اليوم يمكث في الإقامة الجبرية بأمر من بن سلمان، خشية إزاحته عن كرسيه.

تتضمن دعوى الغابــري اتهاماً يقــول إن «هيئة تطوير الشباب في السعودية» التي شكلها بن سلمان فــي العــام 2011 تســتخدم كمقر لتجنيــد مواطنين ســعوديين وأجانب في أرجاء العالم لمتابعة معارضي النظام في الســعودية. موقع هذه الهيئة في الإنترنت يتحدث عن مشــاريع لتشجيع الشــباب على دراسة التكنولوجي­ــا المتطــورة والثقافة والفــن والإعلام الرقمي. وتجــري الهيئة أيضاً منافســات علمية بين الشــباب، وتوزع بعثات ســخية. وإضافة إلى ذلك، يبدو أنهــا تعمل على تحقيق المصالح السياســية لبن سلمان.

حســب الاتهام، جندت الهيئة عاملين في «تويتر» للعثــور علــى حســابات معارضين فــي المملكة وفي الخارج. وكان هناك هدف مهم لها، وهو ناشط الشبكة الذي يســمى «مجتهد»، الذي يكشــف منذ ســنوات معلومــات داخليــة عما يحــدث في البــاط الملكي. تقاريره موثوقة بشــكل عام، ويتم اقتباسها بين حين وآخر ومنها تقارير دبلوماســي­ة وصحافية. لم تنجح جهود العثور عليه حتى الآن، لكنها مستمرة بإشراف بدر العســاكر، الذي ترأس هذه الهيئة «مسك»، وكان في منصبه خاضعاً لسعود القحطاني، مستشار كبير لبن سلمان في شؤون الإعلام والاستخبار­ات، والمتهم بالمشــارك­ة، بل المبادرة، فــي قتــل الصحافي جمال الخاشقجي.

رغم أن هيئة «مســك» ذكرت بصورة غير مباشرة

في دعوى الغابري، إلا أنهــا تواصل إجراء اتصالات دولية وشراكة مع الأمم المتحدة ومنظمات مشابهة في العالم. بل وعقدت شــراكة مع صندوق «بيل غيتس» ومع جامعة هارفارد، لكنهم انسحبوا من هذه الشراكة بعد قتل الخاشقجي.

قدمت السعودية، بواسطة عشر شركات حكومية، في هذه الأثناء دعاوى أضــرار ضد الغابري، وطلبت أن يعيد مليارات الدولارات التي -حســب ادعائهاأخذ­هــا لجيبه حــن تولى منصبــاً رفيعاً فــي جهاز المخابرات. حســب ادعاءات المملكة، قام الغابري وبن نايف بسرقة الأموال، وحصلا على أملاك بصورة غير قانونية، وابتاعا العقارات في أرجاء العالم. في أعقاب الدعوى، فرضت السلطات الكندية تجميداً على أملاك الغابري إلى أن تتضح تفاصيل الدعوى في المحكمة.

الأمر الذي لا خلاف عليه هــو الجهود التي تبذلها المملكة للعثور على مــن ينتقدوها ومعاقبتهم. تصعب معرفة عدد الســجناء السياســيي­ن الذين في السجن أو ســجنوا بعد محاكمتهم في المحاكم. مقابل الهذلول والسدحان وحفنة أخرى من النشطاء الذين حصلوا على اهتمام دولي، هناك الكثيرون الذين لا يحصلون على القدر نفســه مــن الهالة، وخصوصــاً حين دفع الرئيس ترامب وبن سلمان بصورة مشتركة موضوع حقوق الإنســان فــي الســعودية إلى خــارج قائمة مواضيع النقاش المشتركة. أما الآن فيأمل السعوديون رؤية كيف ســيعالج بايدن هذه المســألة الحساســة والصادمة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom