Al-Quds Al-Arabi

اليمن: الحوثيون يحرزون تقدماً في اتجاه مأرب إثر معارك مع القوات الحكومية

الأمم المتحدة تحذر من أن المواجهات تعرض ملايين المدنيين للخطر

- لندن ـ «القدس العربي» ـ وكالات:

حذرت الأمم المتحدة من تعريــض ملايين المدنيين للخطر جراء التصعيد العســكري في مأرب فــي اليمن، بينما حقق الحوثيون تقدماً جديداً نحو آخر معاقل الحكومة المعترف بها دولياً في شمال البلد الغارق بالحرب. وكتب منسق الشؤون الإنســاني­ة والإغاثة في حالات الطــوارئ، مارك لوكوك، في تغريدة على تويتر: «أشــعر بالقلق الشديد نتيجة التصعيد العســكري الحاصل فــي مــأرب وتداعياتــ­ه المحتملة على الأوضاع الإنســاني­ة». وحذر من أن «أي هجوم عسكري على مأرب سيضع ما يصل إلى مليوني مدني في خطر وينتج عنه نزوح مئات الآلاف، الأمر الذي سيؤدي إلى عواقب إنسانية لا يمكن تصورها. لقــد حان الوقت الآن للتهدئة، وليس لمزيد من البؤس للشعب اليمني.»

وقد أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن مؤتمراً حول المســاعدا­ت لليمن سيعقد في الأول من آذار/ مارس وستســتضيف­ه الأمم المتحدة والســويد وسويسرا، والهدف هو جمع نحو 4.2 مليارات دولار.

العودة إلى المفاوضات

وقــال مبعوث الأمم المتحــدة الخاص، مارتــن غريفيث، إن اســتئناف الحوثيين للعمليــات العســكرية مبعث قلق شــديد في وقت تجددت فيه المســاعي الدبلوماسي­ة. ودعت وزارة الخارجيــة الأمريكية الحوثيين، أمــس الثلاثاء، إلى وقف التقدم صوب مأرب، والعودة إلى المفاوضات. ويشــن الحوثيــون منذ أكثر من عــام حملة للســيطرة على المدينة تكثّفت في الأسبوعين الأخيرين.

حقق الحوثيــون، أمس، تقدماً جديداً نحــو مدينة مأرب الواقعــة على بعد 120 كيلومتراً شــرق صنعــاء الخاضعة لسيطرتهم، إثر معارك مع القوات الحكومية أدت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى من الجانبين. وقال مصدر عسكري يمنــي إن «المتمردين تمكنوا من التقدم غرب وشــمال مدينة مأرب بعد ســيطرتهم على منطقة الزور وصــولاً إلى الجزء الغربي من سد مأرب وإحكام السيطرة على تلال جبلية تطل على خطوط إمداد لجبهات عدة». وأفادت مصادر عســكرية أخرى أن القوات الحكومية حشــدت مئــات المقاتلين للقتال على الجبهات. وقتل العشــرات من الجانبين خلال الساعات 24 الماضية، وفقاً للمصادر العسكرية.

كذلك تسببت الاشتباكات في مأرب بنزوح مئات اليمنيين خصوصاً في مخيم الزور القريب من ســد مأرب بعد وصول الاشــتباك­ات إلى المنطقة. وقال الحوثيون من جانبهم إنه تم شن 13 غارة جوية على مناطق متفرقة في محافظة مأرب.

وكانت مدينة مأرب بمثابة ملجأ للكثير من النازحين الذين فروا هرباً من المعــارك أو أملوا ببداية جديدة في مدينة ظلت مســتقرة لســنوات، ولكنهم أصبحوا الآن في مرمى النيران مع اندلاع القتال للســيطرة عليها. كما كانت المدينة الواقعة على بعد حوالي 120 كيلومتراً شــرق العاصمة صنعاء حيث يفرض الحوثيون ســيطرتهم منذ 2014، تجنّبت الحرب في بدايتها، لكــن المتمردين يشــنون منذ عــام تقريباً هجمات للسيطرة عليها، وقد تكثفت في الأسبوعين الأخيرين.

وقالت المتحدثة باســم المنظمة الدوليــة للهجرة، أوليفيا هيدون: «إذا انتقل القتــال باتجاه المناطق المأهولة أو مواقع النازحين، ســنرى الناس يفرون مرة أخرى باتجاه مناطق شــرق وجنوب مدينة مأرب مع موارد أقــل». وأوضحت أن «جزءاً كبيــراً من هــذه )المناطق( يعد منطقــة صحراوية، ما يعنــي أن أي نزوح في ذلك الاتجاه ســيؤثر على وصول العائلات إلى المياه». وأشــارت هيــدون أن نحو 650 عائلة اضطرت للفرار بســبب اندلاع القتال مــرة أخرى، موضحة أن أي تغيير على الجبهات ســيؤدي إلــى المزيد من موجات النزوح. وقال نجيب الســعدي، رئيس الوحــدة التنفيذية لإدارة مخيمــات النازحــن التابعــة للحكومــة، إن قوات الحوثيين أصابت أربعة مخيمات إلى الشرق من مدينة مأرب الإثنين. وأضاف أنه تم إخلاء موقعين تماماً.

ضغوط إدارة بايدن

ويسعى الحوثيون للســيطرة على مأرب قبل الدخول في أي محادثات جديــدة مع الحكومة المعترف بها، خصوصاً في ظل ضغوط إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للدفع باتجاه الحل السياســي. والثلاثاء، أقام الحوثيون مسيرة لتشييع عدد من قتلى المعارك. وفي أحد مساجد صنعاء، وضعت على الأرض مجموعة من النعوش الواحد إلى جانب الآخر وعلى كل منها صورة القتيل. ومن شــأن ســيطرة الحوثيين على مأرب توجيه ضربة قويــة إلى الحكومة المدعومة من تحالف عسكري تقوده السعودية منذ آذار/مارس 2015، إذ إن شمال اليمن سيصبح بكامله في أيدي المتمردين.

ويرى ماجــد المذحجــي من مركــز صنعاء للدراســات الاستراتيج­ية أن «مأرب هي الجائزة السياسية والاقتصادي­ة الكبرى التي يحلم بها الحوثيون» منذ بداية الحرب. ويشير المذحجي إلى أنه في حال اســتطاع الحوثيون السيطرة على مأرب «فإنهم سيســيطرون على جزء كبير مــن الموارد» في المحافظة الغنية بالنفط.

وأكد أن هذا «سيتعدى مجرد تحســن شروط التفاوض السياســي لأنه انطلاقــاً من مــأرب بإمــكان )المتمردين( الســيطرة على كل اليمن اعتماداً على مواردهم وعلى قوتهم السياسية الهائلة باعتبارهم يسيطرون على كل الشمال» في اليمن. وأضاف: «لن يتراجع الحوثيون، هم يســتفيدون من الزخم السياســي المعادي للســعودية في العالم» في إشارة إلى سياســة الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه المملكة معتبراً أنه «لا توجد شروط سياسية مثالية للحوثي مثلما هي الآن».

وفيما بدا ضربة لجهود المملكة العسكرية، أوقف الرئيس الأمريكــي جو بايــدن مؤخّراً دعمــه للعمليــات الهجومية الســعودية في النــزاع اليمني المســتمر منذ أكثر من ســت

سنوات إذ اعتبره الرئيس الأمريكي «كارثة» يجب أن تنتهي. كذلك ألغى تصنيف الحوثيين منظمــة إرهابية في قرار دخل حيز التنفيذ، أمس الثلاثاء.

وفي الســياق، أعلــن التحالف الذي تقوده الســعودية عن «اعتــراض وتدمير طائرة بدون طيــار مفخخة أطلقتها الميليشيات الحوثية تجاه مطار أبها الدولي» حسب ما نقلت قناة «الإخبارية» السعودية.

 ??  ?? قوات مدعومة من السعودية خلال مواجهات مع الحوثيين في مأرب
قوات مدعومة من السعودية خلال مواجهات مع الحوثيين في مأرب

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom