Al-Quds Al-Arabi

السعودية تفرج عن معتقلين وتهدئ صراعاتها الإقليمية تجنباً لخلاف مع إدارة بايدن

-

■ الريــاض ـأ ف ب:مع انطلاق عجلة سياســة الإدارة الأمريكية الجديدة، تتوجه الســعودية نحو إطلاق ســراح بعض الســجناء السياسيين وتهدئة التوتر مع خصوم إقليميين، فــي محاولة للتأقلم مع المتغيرات المحتملة في مقاربة واشنطن لملفات المنطقة.

وتعهّد الرئيــس الأمريكي جو بايدن خلال حملته الانتخابيـ­ـة بالتدقيــق فــي سياســات المملكة بعد ســنوات من العلاقة الوطيدة بين الرياض وســلفه دونالد ترامب، لكن المراقبين يــرون أن حاكم البيت الأبيض الجديد يعتمد مقاربة وســطية. ويتوقع أن تعمــل الإدارة الجديدة على المحافظة على شــراكة أمنية مهمة مع المملكــة، بينما تتحرك في الوقت ذاته لإعــادة إطلاق المحادثــا­ت حول الملــف النووي مع طهران.

وأطلقت السعودية في الأســابيع الأخيرة سراح بعض الســجناء السياســيي­ن، بمن فيهم الناشــطة البارزة لجين الهذلول، فيما اعتبره كثيرون رســالة إيجابية إلى بايدن. وســعياً إلــى تعزيز موقعها مع الإدارة الجديــدة في واشــنطن، قادت الســعودية حلفاءها الشــهر الماضي إلى إنهاء نزاع مرير استمر ثلاث ســنوات مع جارتها قطر، بدعوة من الولايات المتحدة الساعية لتشــكيل جبهة موحدة ضد إيران. كما تحرص الســعودية على الانفتاح على تركيا بعد مقاطعة عامة لبضائعها العام الماضي على إثر احتدام الخلاف بينهما في أعقاب قتل الصحافي الســعودي جمال خاشــقجي عام 2018 في القنصلية السعودية في إسطنبول.

وصرّح مصدر قريب من دوائر الحكم في السعودية أنّ الرياض «تعمل علــى خفض حدة )العلاقات( من خلال إبقــاء الخطوط مفتوحة مــع )الرئيس رجب طيب( أردوغان». وترى كريســتين ديوان من معهد دول الخليج العربية في واشــنطن، أنّه «في مواجهة الخطط الأمريكية الجديدة لإعادة التواصل مع إيران ومراجعة العلاقات الأمريكية الســعودية )...( كان الســعوديو­ن حريصين على تقديم أنفسهم كشركاء في حل نزاعــات المنطقة». وأضافــت: «الانفراج مع قطــر رافقه عدد من التحركات الســعودية الأخرى، بينها بحث التهدئة مع تركيا والإســراع في تســوية المحاكمات والاعتقالا­ت السياسية التي أثارت إدانات في الخارج». وتقول الخبيرة في شؤون المنطقة: «كل هذه الأمور تشير إلى تغيرات في المواقف السياسية التي تم اتباعها بشــكل صاخب في السابق من زاوية المصالح الوطنية الســعودية، ما يشــير إلى مرونة جديدة.» وأكــدّت التصريحات الرســمية الأخيرة لواشــنطن على أنّ السعودية «شــريك أمني » بعدما كانت إدارة ترامــب تصفها بـ«الحليــف» والزبون المهم للأســلحة الأمريكية. ويقول مراقبون إن تغيير اللهجة يوضح أن واشــنطن تبتعد عن مفهوم علاقة ترامب بالسعودية فيما تخفض من مبيعات الأسلحة إلى السعودية.

وفيما بدا ضربة لجهود المملكة العســكرية، أوقف بايدن مؤخّراً دعمه للعمليات الهجومية الســعودية في النزاع اليمني المســتمر منذ أكثر من ست سنوات، وشــدد على وجوب إنهــاء النزاع. غيــر أنّ بايدن تعهّــد في الوقــت ذاته بالمســاهم­ة فــي الدفاع عن أراضي المملكة التي تتعرض بشــكل متزايد لهجمات بصواريخ وطائــرات مســيّرة ينفذهــا المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران.

وذكرت صحيفة «وول ســتريت جورنال» الشهر الماضــي، أن الجيش الأمريكــي يعزّز وجــوده في الســعودية وســط خطط لتطوير الموانئ والقواعد الجوية في الصحراء الغربية للاســتعدا­د في حالة اندلاع حرب مع إيران.

ويرى الكاتب والمحلل الســعودي علي الشهابي، أنّه «خلافاً للتوقعات، تشــير جميع الأدلة حتى الآن إلى أن إدارة بايدن ســتتبع سياســة معتدلة تجاه المملكة تتكون مــن إجراءات رمزيــة لإرضاء بعض العناصــر في الحزب الديمقراطـ­ـي، مع الحفاظ على ركائز العلاقة التاريخية القوية بين البلدين».

وبهــدف إدارة العلاقــة مع واشــنطن بما يخدم مصالحها، تقوم السعودية بحملة توظيف لجماعات ضغط، مــن بينها عقد جديد وُقّع فــي كانون الأول/ ديســمبر الماضي مع شــركة للترويج لأهمية العلاقة بين البلدين. لكن عمــل هذه المنظمات يبدو معقّداً في ظل تصريحات صادرة عــن أعضاء في الإدارة حول الحرب فــي اليمن وجريمة قتل خاشــقجي. وتنوي مديرة أجهزة الاستخبارا­ت الوطنية أفريل هينز، رفع السرية عن تقرير اســتخبارا­تي أمريكي حول مقتل الصحافي يرجّح أن يتضمن معلومات عن تورط ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الجريمة، ما قد يمثل إحراجاً كبيراً للرياض التي نفت تورطه.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom