Al-Quds Al-Arabi

«ميدل إيست آي»: أكاديمية سعودية تقول إنه يجب عدم انتظار الرئيس الأمريكي للتغيير ... بل على السعوديين تبني مثال لجين الهذلول وعائلتها للتخلص من ظلم بن سلمان

- لندن – «القدس العربي» إبراهيم درويش:

دعت الأكاديمية الســعودية مضاوي الرشيد في مقال نشــره موقــع «ميدل إيســت آي» بقية الســعوديي­ن لاتبــاع مثال الناشــطة الشــهيرة والشــجاعة لجين الهذلول التي أفــرج عنها بعد 1001 يــوم في الســجن تعرضت فيهــا للتعذيب كما قيل على يد ســيئ الذكر ســعود القحطاني، مستشار ولي العهد محمد بن ســلمان، المتهم مع آخرين فــي جريمة قتل وتقطيــع جثة الصحافي المعروف جمال خاشقجي 2018.

وتعلق بأن الهذلول خرجت من السجن أخيراً إلا أنها ســتظل لمدة 3 أعوام تحت الرقابة وفوق رأسها حكم جاهز للتنفيذ لو خرجت على شروط الإفراج عنها. وهي ممنوعة من الســفر لخمسة أعوام. وهذا يعني أن حياتها ستظل معلقة ولن تكون قــادرة على التعبير عــن رأيها أو العودة إلى نشــاطها علاوة على الحديث عما جرى لها في أقبية السجن والسجون السرية.

وأشــارت الرشــيد إلى ما قالته شــقيقتاها علياء ولينــا في مؤتمر صحافي عبــر الإنترنت يوم الخميس إنهما لم تســتطيعا تحقيق العدالة لشــقيقتهم­ا البريئة بســبب تفكك المؤسســات الســعودية خــال الســنوات الثــاث الماضية مما دفع العائلــة للبحث عن تضامــن دولي مع حالتها. وترى الرشــيد أن اعتقــال الهذلول أكد تغول الدولة البوليســي­ة المارقة فــي كل ملامح الحياة بالســعودي­ة. وفي الحقيقة لم تكن هناك مؤسسات للدولة السعودية ليقول الإنسان إنها تهالكت، فرغم وجود المؤسســات البيروقراط­ية، لم يحــدث أن كان لدى الســعودية مؤسســات وظيفية فاعلة وشــفافة وعرضة للمحاسبة مثل القضاء المســتقل والمجالس الاقتصادية ومجلس وطني منتخب.

وتؤكد الكاتبة أن هذا واضح جداً منذ نشــوء الدولة الســعودية كملكية مطلقة، أقامها أولاً عبد العزيز بن سعود كمزرعة أو إقطاعية عائلية. ولا تزال تحكم عبر أمراء الحــرب من أبنائه وأقاربه ممن ساعدوه على توحيد الســعودية بالإضافة إلى رعايا قدموا الولاء لهم من القضاة والضباط ورجال الأمن. وحظي أمراء الحرب كما تقول بدعم القوى الأجنبية، وفــي مقدمتهم بريطانيا قبل أن تنضم الولايــات المتحدة إلى مجموعة الحكومات الغربيــة التي دعمت النظام فــي الرياض، مقابل استمرار تدفق النفط بأسعار رخيصة. وتم تقاسم غنائم النفط بين آل ســعود وشركائهم وحلفائهم الغربيين، أما خدام السعودية من عوام الناس فلا يحصلون إلا على الفتات.

وتعلق الرشــيد بــأن التغييــر الوحيد الذي طرأ على الإقطاعية الســعودية هــو صعود الملك ســلمان وابنه محمد، حيث فقدت كل الإقطاعيات الصغيــرة - أي طبقــة المنتفعــن الغامضــة والمشــخصن­ة، تأثيرها السياســي رغم حصولها المســتمر على المنافع المالية من خزينة الدولة. وما تم هو تحويل الإقطاعية إلى مملكة ســلمان التي يحكمها ولي العهد محمد.

وتعلــق الكاتبــة أن تأكيد الرئيــس جوزيف بايدن على أولوية حقوق الإنسان والديمقراط­ية في تعامل إدارته مع شــركاء وحلفــاء الولايات المتحدة، بمن فيهم الســعودية ربما كان هذا وراء الإفــراج عن الهذلــول والإعلان عــن إصلاحات قضائية بســيطة. وقــد يكون بايــدن رغب في حملته الانتخابية بإرسال رسالة لحكام الرياض، وبخاصة محمد بن ســلمان الذي يعتبر عبئا على الإدارة الأمريكيــ­ة الجديدة التــي تحاول طمأنة العالم بأن ديمقراطية الولايات المتحدة ســيكتب له النجــاة، بعدما حــل بها من ضــرر في حقبة دونالد ترامب.

وتقول الرشــيد إن الإفراج عــن الهذلول، هو في الحقيقة نتاج حملة اســتمرت ثلاث ســنوات وقام بها نشطاء ســعوديون ومنظمات حقوقية دولية التي ينسب إليهم معظم الفضل في الضغط للإفراج عن الناشــطة. ذلك أنهــم ثابروا وعملوا بتصميم ووضــوح وتضامن بهدف تأمين الإفراج عن الناشطة.

وتتحــدث عن إبداع المنفيين الســعوديي­ن من الناشــطين والمدافعــ­ن عن حقوق الإنســان في واشــنطن ولندن وبرلين وأماكن أخــرى كثيرة وأتقنوا فن الحملات الســلمية ونشاطات اللوبي حول العالم. وأكدوا بقاء اســم الهذلول حاضراً وعصياً على النسيان.

وقد ترددت شــقيقاتها فــي البداية التصعيد وطلب التضامــن الدولي، ولكن بعد أن أغلقت كل الأبواب فــي وجوههن داخل الســعودية، قررن كســر حاجز الصمت وبدأن بطلــب التضامن من النشطاء والمنظمات غير الحكومية حول العالم.

ولم تأبه الحكومات الغربية المتحالفة بشــكل قوي مع الســعودية بمعاناة الهذلول ولا بمعاناة أعداد كبير من ســجناء الضمير من أمثالها. وكان الصمت هــو الخيار المفضــل لكل مــن الولايات المتحدة في عهــد ترامب وبريطانيــ­ا تحت حكم المحافظين، وكذلك فرنســا، وذلك حتــى تفوتهم فرص الاســتثما­ر أو إبرام صفقات سلاح جديدة. واســتمر تدفق الســاح والدعم اللوجيســت­ي للحرب الفاشــلة والكارثية المســتمرة في اليمن منذ ســتة أعوام. وتشــوهت صورة السعودية وحلفائهــا الغربيين لأنهم أســهموا في خلق أكبر كارثة إنسانية في العالم.

وتقول إن بايــدن ربما كان جــاداً بالفعل في إحداث تغيير، ولكن علينا عدم توقع الكثير. فكما رأينا في حالة الرؤســاء الآخرين، فســيتم غالباً ترجمة كلام الحملات الانتخابية إلى محاولة من البراغماتي­ة ودعم الوضع الراهن في السعودية. وضمن هذا الســياق فســيقتنع بايــدن بتغيير في الســلوك داخل الســعودية بدلاً من تغيير في النظام. ولو بــدل الأمير المتهور ســلوكه، فربما حصل على إشــادة الولايات المتحــدة به، ونال العفــو على ما ارتكبــه من جرائم غــادرة داخل السعودية وخارجها.

وبالتأكيد لن يدعو بايــدن إلى تغيير النظام، في الســر أو العلن. والســبب واضح وسيذكره المستشارون في السياســة الخارجية بالأخطاء الفتاكة التــي وقعت بها أمريكا فــي الماضي. كما يمكننا أن نتذكر خطته لتجزئــة العراق طائفيا،

بالرغم من الرطانة الأمريكيــ­ة حول بناء الدولة والعراق الموحد.

وعليه فيجــب على الســعوديي­ن ألا ينتظروا أو غيــره من الحلفــاء الغربيين المهمين لممارســة الضغط على النظام السعودي حتى يطلق سراح السجناء السياسيين.

وأشارت إلى حالة الشيخ سلمان العودة التي تردت في ســجنه أما عبد الله الحامد، المدافع عن حقوق الإنسان، فقد مات وهو في السجن وتوفي الصحافي صالح الشــيحي بعد فترة قصيرة من إطلاق سراحه، وتم إعدام العشرات من السجناء السياســيي­ن في الســنوات الأخيــرة، بمن فيهم الشيخ نمر النمر.

ويمارس التعذيب في السجون السعودية على نطاق واســع، ومع ذلك لا يحظى بتغطية إعلامية كافية. وفي مجتمع من المفترض أن يكون شــرف النساء فيه من المقدســات انتهكه جلادو النظام أثناء عمليات التعذيب دون خوف من العقاب.

لقد ألجم الخــوف والترهيب والعنف المجتمع بأســره، حتى غدا الســعوديو­ن مشــاركين في جريمــة تعذيبهم. ومثــل أفراد عائلــة الهذلول، يعلــق الســعوديو­ن آمالهم على حلفــاء أقوياء ليســاعدوه­م في تغيير واقعهم. ولكن، كما يقول المثــل العربي: «ما حك جلدك غير ظفرك» ولو بقي الســعوديو­ن صامتين، فسوف يستمر النظام في ترهيبهم، ولو أمســكوا بزمام المبادرة في أيديهم واتخذوا مثال شــجاعة عائلة الهذلــول وتبنوا المقاومة الســلمية واللوبي، فســيكون هناك أمل بنهاية معاناتهم في ظل محمد بن سلمان.

 ??  ?? سعوديات شيعيات يحملن صور رجل الدين الشيعي نمر النمر خلال مظاهرة معارضة لحكم آل سعود في مدينة القطيف تشجب إعدام السلطات السعودية له وكانت هذه الاحتجاجات واحدة من عشرات غيرها تم قمعها من قبل السلطات
سعوديات شيعيات يحملن صور رجل الدين الشيعي نمر النمر خلال مظاهرة معارضة لحكم آل سعود في مدينة القطيف تشجب إعدام السلطات السعودية له وكانت هذه الاحتجاجات واحدة من عشرات غيرها تم قمعها من قبل السلطات

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom