Al-Quds Al-Arabi

صناديق الخليج السيادية أمام مأزقي نفاد السيولة وصعوبة التمويل

-

■ إســطنبول - الأناضول: تواجه صناديق الثروة الســيادية في دول الخليــج تحديات على صعيد تفاقــم الالتزامات الماليــة للميزانيات العامة، وارتفاع العجز إلى مســتويات قياســية، جراء تداعيــات جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط.

وأدى انخفاض أســعار الخام، الناجم عن الوباء، إلــى زيادة كبيرة في متطلبات الاقتراض الإجمالية للحكومات الخليجية، والتي سيتم الوفاء بها جزئيا عبر السحب من صناديق الثروة السيادية.

وحســب تقارير مؤسســات التصنيف الدولية، قد تلجأ دول المنطقة إلى تسييل جزء من الاســتثما­رات الخارجية في صناديقها السيادية، لتخفيف حدة الســحب من الاحتياطيـ­ـات الأجنبية لــدى البنــوك المركزية، وعدم اضطراب أسعار صرف عملاتها.

ويصل عجز ميزانيــات دول الخليج إلى 490 مليار دولار في الســنوات الأربع الممتدة من 2020 إلى 2023، وســط ارتفــاع احتياجات التمويل مقابل انخفاض الإيرادات النفطية، حسب تقديرات وكالة «ستاندرد آند بورز».

وصناديق الثــروة الســيادية كيانات اســتثماري­ة تقــدر بتريليونات الدولارات تمثل الأذرع الاستثماري­ة للدول ذات الفوائض المالية.

وهي مكلفة بإدارة الثــروات والاحتياطي­ات المالية للــدول. وتتكون من أصول متنوعة مثل العقارات والأسهم والسندات،

وفي تقرير حديث، قالت وكالة «موديز» لخدمات المستثمرين أن السعودية وعُمان أكثر عرضة لانخفاض الأصول السيادية على المدى المتوسط، بسبب تداعيات جائحة كورونا والسحب المتزايد لتعويض انخفاض أسعار النفط.

وأضافت أن التداعيات ســتؤدي إلى تآكل كبير في الهوامش الوقائية في السعودية وسلطنة عمان، ما يقلل القوة المالية لصناديقهما السيادية ويزيد المخاطر الخارجية.

وجاء فــي التقرير «في حالــة عُمان، ســيؤدي العجز المــزدوج الكبير إلــى انخفاض في كل مــن الاحتياطيا­ت الدولية وأصــول صناديق الثروة السيادية، ما يزيد من مخاطر الضعف الخارجية على المدى المتوسط».

وأفاد بأن مخزون أصول صناديق الثروة الســيادية في قطر وأبوظبي، ما يزال أكثر من كافً لتغطية عقود من العجز المالي عند المستويات الحالية.

وفــي الكويت، رصد التقريــر أن العجز المالي الضخم أدى إلى اســتنفاد الجزء السائل من «صندوق الاحتياطي العام» الأصغر.

وأشــار إلى زيادة مخاطر الســيولة بالكويت في ظل عدم وجود قانون للديون، رغم المخزون الضخم من الأصول المحتفظ بها في «صندوق الأجيال القادمة».

تاريخياً، تعود فكرة إنشــاء الصناديق الســيادية في العالم إلى منطقة الخليج، وتعتبر «الهيئة العامة للاســتثما­ر» الكويتية أول صندوق للثروة الســيادية في العالم، وتم إنشــاؤه عام 1953 لاســتثمار فائض العائدات النفطية.

وتضم قائمــة أكبر 10 صناديق ســيادية في العالــم 4 صناديق عربية، يتصدرها «جهاز أبوظبي للاستثمار» وأصوله 579.6 مليار دولار، ويأتي في المركز الثالث عالميا، حسب أحدث بيانات «معهد صناديق الثروة السيادية.»

وتأتي «هيئة الاستثمار الكويتية» كثاني أكبر صندوق خليجي والرابعة عالميــاً بأصــول 533.65 مليــار دولار، و»صنــدوق الاســتثما­رات العامة السعودي» بالمرتبة الثامنة بأصول 399.45 مليار دولار.

وتليه «مؤسســة الاســتثما­رات لحكومة دبي» في المركز العاشر بأصول 301.52 مليار دولار، فيما يأتي «جهاز قطر للاستثمار» في المرتبة الـ11 عالمياً

بحجم أصول 295.2 مليار دولار.

وفق بيانات رســمية، فإن الكويت مطالبة بســداد أقساط ديون داخلية وخارجية بقيمة 14 مليار دولار خلال السنوات السبع المقبلة، منها 8 مليارات دولار سندات دولية تستحق في مارس/آذار 2022.

وتزيد التحديات أمام الكويت قياسا على دول المنطقة، بسبب الصعوبات التشــريعي­ة لإصدار قانون الدَين العام المتوقف منذ أكتوبر/تشــرين الأول .2017

وتحتاج الكويت إلى تســييل 15 مليار دولار كحــد أقصى لتغطية نفقات الميزانية العامة خلال الســنة المالية المقبلة )2021/ 2022( والذتي تبدأ مطلع أبريل/نيسان المقبل، وفق تقديرات وكالة «موديز».

وترتب على أزمة الســيولة المالية في الكويت تعديل النظرة المســتقبل­ية لتصنيف الدَين السيادي للبلاد إلى نظرة سلبية من مستقرة، وسط مخاطر على صعيد الســيولة في الأجــل القريب مرتبطة بصنــدوق خزانة الدولة، حسب وكالة «فيتش» للتصنيف الإئتماني.

وتواجه الكويت، رغم ضخامة قيمة صناديقها السيادية، خيارات صعبة مع رفض إقرار قانون الدَين العام، أو فرض ضرائب لزيادة مداخيلها أســوة بدول المنطقة.

وهي تعيش حاليــاً إحدى أســوأ أزماتها الاقتصادية، بســبب تأثيرات فيروس كورونا، وانخفاض أســعار النفط المصدر الرئيسي لأكثر من 90 في المئة من الإيرادات الحكومية.

ولمواجهــة الأزمة، قررت البلاد خفض حجم النفقــات في الميزانية العامة للســنة المالية ‪-2021 2020‬بنحو 945 مليون دينار )3.1 مليار دولار( في ظل تداعيات غير مسبوقة.

كما عدلت تقديرات الميزانية الحالية، لتخفض المصروفات إلى 21.5 مليار دينــار )70.4 مليار دولار( والإيرادات إلى 7.5 مليــارات دينار )24.57 مليار دولار( بنسبة تراجع 53 في المئة عن المستهدف مطلع العام.

ورفعت الحكومة الكويتية توقعاتها لعجــز الميزانية العامة إلى 14 مليار دينار )45.68 مليار دولار( خلال الســنةالح­الية التي تنتهي في مارس/آذار المقبل، بينما يرتفــع العجز إلى 12 مليار دينار )40 مليار دولار( في الســنة المالية المقبلة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom