Al-Quds Al-Arabi

الصندوق القومي الإسرائيلي «ينقذ» الأراضي... من أيدي الفلسطينيي­ن!

- كرني الداد

■ فــي المؤتمر الصهيوني الســادس، فــي آب 1903، صيغــت مبادئ الصنــدوق القومي لإســرائيل «الكيرن كييمــت» وأعطي لــه تفويض لشــراء الأراضي في بلاد إســرائيل من أجل الشــعب اليهودي. وكتب أنه يسمح للشــراء في بلاد إســرائيل «أرض بناء، حقل وحديقة، وكذا أحراش وقطع أراض من كل نوع». ومنذ ذلك الوقت حتى اليوم، شــهدت بلاد إســرائيل تقلبات سياســية، حزبية وقانونية. على مدى هذا الزمن، واصل الصندوق القومي شــراء الأراضي، بحجوم متغيرة، في كل أرجاء البلاد. ولما كانت أغلبية يسارية في إدارة الجهاز، لم تنفذ الكثير من الصفقات العقارية في يهودا والسامرة، ولكن قبــل بضعة أيام، اتخذت الإدارة قراراً يمكنها من شــراء الأراضي في المناطق التي تحت الســيطرة الإســرائي­لية الكاملــة في يهــودا والســامرة أيضــاً، ومن توســيع المســتوطن­ات. وابتداء من اليوم، ســيتمكن الصندوق القومي من العمل في كل المحيط الإسرائيلي بشكل متساوٍ – النقب، الجليل، يهودا والسامرة. هذا تغيير دراماتيكي في السياســة. وبشــكل غير مفاجئ، أخرجت مثل هذه الخطوة الصهيونية اليســار المتطرف عن صوابه. رفيف دروكر، الذي يحــاول أن يظهر كصحفي جدي ومتوازن، لم يتحكم بعصف روحه وخرف بالبث الحي والمباشــر. ففي مقابلة مع غازي باركائي يــوم الاثنين، علم التالي: «توقف الصندوق القومي عن شراء الأراضي في المناطق قبل عشر سنوات، وعندها بدأ اليمين العميق، بغض نظر إجرامي من داني عطر )رئيس الصندوق المنصرف، ك.أ( بتلاعبات بشــعة وخداع الجهــاز دون إذن من مجلس الإدارة.

وصف دروكــر الصنــدوق القومي بنــوع من جهاز الجريمة، مــع أجهزة فرعية ســرية وشــركات وهمية، وجســم مفعم بالأكاذيب والمخادعــ­ات، بينما «ضاع في الطريــق جزء من المال هباء». ثمة جــزء من الحقيقة في

وصفه. ليس لأن الصندوق القومي جســم فاسد، بل لأن الســلطة الفلســطين­ية تعدم العربي الذي يبيع الأرض لليهــود، ولا مفر غير العمل بالســرية. ونعم، ينجحون أحيانــاً في وضــع المصاعب أمــام الصنــدوق القومي، ويضيع بعض من المال هباء.

وجــاءت الــذروة في ســياق المناجــاة: «انظروا ما الــذي كان يمكن عمله مــع 100 مليون شــيكل، الآن في المستشــفي­ات العامة. إن من يقف خلف هذا المشروع هم أشخاص من اليمين العميق، مثل بتسلئيل سموتريتش، ممن قرروا تحقيق أفكارهم على حســاب المال الذي كان يمكــن أن يخدم كل مواطني إســرائيل! مــا فعله الرفاق المحترمون هو بدء إنقاذ الأراضي!».

حقاً، هذه فضيحة! الصندوق القومي ينقذ الأراضي؟! بدلاً من مســاعدة المستشــفي­ات العامة؟ مرة أخرى، مال الفقــراء يصل إلى مدعي اليهودية في يهودا والســامرة ممن كل ما في رؤوســهم هو إنقاذ الأراضي! هذا ببساطة أمر لا يقبله العقل! إذن، للرفيق دروكر ولكل أولئك الذين تقلق هذه الخطوة راحتهم، هناك أمران بسيطان: «الأول – أكثر من مئة ســنة واليهود في أرجــاء العالم يدفعون الأمــوال للصنــدوق الأزرق في «الكيــرن كييمت». وهم يفعلون هذا لأنهم يريدون أن يكونوا شــركاء في الفعل الصهيوني لشــراء دونم إثــر دونم. لا يدور الحديث عن احتلال بالســيف، أو بالســلب أو بالابتزاز لشعب آخر، بل عن شــراء شــرعي للأراضي. هــذا صندوقنا، الذي ينقذ أراضينا» كتب اهرون اشــمان فــي 1930. أما الأمر الثانــي فهو الديمقراطي­ــة، فعندما تكون هنــاك أغلبية لمندوبــي قطاع مــا فإن لها الحــق والواجب فــي تنفيذ التفويض الذي أعطي لها. هــذا مفهوم مركب، ويصطدم مع إحساس التســيد لدى العديد من رجال اليسار. لعل الصندوق القومي لإسرائيل، كمربٍ للصهيونية، قد يفرز من أمواله أيضاً لتعليم البعض الذين يصعب عليهم فهم الديمقراطي­ة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom