Al-Quds Al-Arabi

استمرار الجدل في أوساط المعارضة السورية حول اقتراح «مجلس عسكري انتقالي» ... وروسيا تحسمه بنفي المباحثات بشأنه

- انطاكيا ـ «القدس العربي»:

تواصل الجدل في أوساط المعارضة السورية خلال الأيام القليلة الماضية حول حقيقة اقتراح تشكيل مجلس عســكري يجمع شخصيات من النظام والمعارضــ­ة بقيادة العميد مناف طلاس، نجل وزير الدفاع الراحل مصطفى طــاس، لقيادة المرحلة الانتقاليـ­ـة، والعمل على اســتتباب الأمن وتأمين إجراء انتخابات.

وكان المقدم المنشق عن النظام السوري أحمد القناطري الذي يعمل ضمن فريق طلاس أكد فــي حوار مع «القدس العربــي» أن أكثر من 1400 ضابط منشــق من الرتب والاختصاصا­ت كافة ومن مناطق ســوريا كافة طالبوا «بتشــكيل مجلس عســكري انتقالي برئاســة العميد مناف طلاس كونه الشــخصية الأكثر قبولاً لدى معظم ابناء الشعب الســوري والأكثر قدرة على جمع القســم الأكبر من أبناء الشعب بكافة أطيافه» وذلك عبر عريضة تداولها الضباط، وتشرح صيغة تشكيل المجلس وآلية عمله ومهامه.

إلا أن مصدراً آخر مقرباً من مناف طلاس نفى العمل على تأسيس مجلس عسكري، وقال المصدر الذي يرتبط بقرابة عائلية معه لكنه رفض الإفصاح عن هويته، إن طلاس قد لا يمانع بقيادة مشــروع كهــذا «لكن حتى الآن لا وجود لهكذا مشــروع إلا في الإعــام». وكان عضو منصــة القاهرة جمال ســليمان، أكد أنه طرح الفكرة بصفته الشــخصية علــى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، كصيغة بديلة لجسم الحكم الانتقالي الواردة في وثيقة جنيف والتي بعد ست سنوات لم تر النور، ولا يوجد مؤشر على أنها ســتراه والتي بدونها لا يمكن أن يكون هناك مرحلــة انتقالية، وبالتالي لا يمكن تنفيذ 2254، ولا يمكن أن نصل إلى صيغة حل سياســي ينهي الصراع ويضع سوريا على سكة التعافي.

ونفــى مبعــوث الرئيــس الروســي الخاص إلى ســوريا، ألكســندر لافرينتيف، وجود محادثات مع المعارضة الســورية حول تشكيل «مجلس عسكري»، ووصف لافرينتيف الأنباء التي تحدثت عند ذلك بأنها «تضليل متعمد بهدف نســف المحادثات والعملية السياســية»، وفــق تصريحات أدلى بها أمس الأول لقناة قناة «روســيا اليوم» المرتبطة بموســكو. وكان كثير من المراقبين شــككوا بمصداقية الانباء التــي روج لها عدد من ضباط المعارضة حول وجود مشــروع لإطلاق مجلس عسكري معارض، معتبرين أن التصريحات المرتبطة بالمشروع لا تتناسب مع الواقع الراهن في سوريا، فالحديث عن وجود 1400 ضابط معارض في مجلس عسكري يدير مرحلة انتقالية لما بعد الاســد، يوحي بأن الواقع الميداني والسياسي والتوازنات في سوريا تســير لصالح المعارضة أو أن هناك توازناً للقوى، بينما النظام الســوري يســيطر بالفعل على معظم البلاد عدا المناطق الكردية، وتخلت الولايات المتحدة عن تمويل غرف الدعم للجيش الحر منذ سنوات.

وحاول المعارض الســوري كمال اللبواني حســم الجدل بالموضوع عبر نشــر تســجيل صوتي يقول فيه إنه هو من ألف قصة المجلس العســكري وروّجها في الإعــام، وقال إن طلاس الذي يفتــرض أن المجلس بقيادته، اتصل به متفاجئاً. لكن اللبواني لم يذكر لماذا روّج قصة المجلس العسكري، وهو أيضاً ما أثار تشــكيكاً في الأوســاط المعارضة. ويقــول اللبواني في التسجيل الصوتي إنه فبرك القصة «بدعة أنا ابتدعتها... يعني إحنا طالعنا القصة صــارت حقيقة، وصارت الدول تحكي». وانضم الباحث الســوري ســيد الرفاعي لتأكيد كلام اللبواني من أن «هذا الموضوع شــغل الدنيا في الأيام الاخيرة، وتبين أن مناف طلاس نفسه لا يعرف به.»

واستغرب في تغريدات نشــرها على حسابه في تويتر أن يقبل الروس بدعم هكذا مشروع، وأضاف موضحاً موقفه في طريقة ساخرة أنه في حال كانت المعارضة مســيطرة على 50 في المئة من الأراضي السورية، وينتشر على الأرض ضباط منشــقون، ألا يتوقفوا لأخذ صور «سلفي» على طريق القرداحة 72 كيلو، وأضاف أنه عندما كانت سوريا منتهية بالنسبة للنظام قبل عام 2015 وكان العســكريو­ن المنشقون منتشــرين فعلاً على الارض، رفضت روسيا الأمر .»

الباحثة الأمريكية المختصة بالشــأن الســوري اليزابيث تزوركو وهي زميلة في معهد نيولاينز للاستراتيج­يات والسياسيات في واشنطن، قالت لـ «القدس العربي » إن الخبر عن المجلس العســكري هو أحدث الإشــاعات الكاذبة التي تنتشــر بين المعارضين «كنار في الهشــيم» وتتحدث عن حل محتمل يؤدي إلى تغيير النظام السوري.

وتعلق على ســرعة انتشــار هكذا أخبار: ينبع تداول هذه الاخبار بين الناس بســهولة من عدد من الأسباب: الســبب الأول هو المعرفة المحدودة حول السياســة الدولية المتعلقة بسوريا، مثلاً إشــاعة المجلس العسكري مبنية على توقع غير صحيح، وهو قدرة روسيا على تغيير النظام بسهولة، ومثلاً الإشاعة التي تم تداولها خلال هجوم النظام والروس على إدلب قبل ســنة، عن احتمال تســليح المعارضة من جهة الولايات المتحدة؛ كان مبنياً على توقع غير صحيح عن سياسة واشــنطن التي تركت تسليح المعارضة في 2018 وليس منطقياً أن تجدده بعد ســيطرة هيئة تحرير الشــام على إدلب. السبب الآخر هو أمل السوريين بإســقاط النظام الذي قتل أحبابهم وشردهم، الأمل الذي يجعلهم يصدقون إشاعات عن الفرج القريب، ونشر هذه الإشاعات هو ليس فقط أمراً غير احترافي، لكنه أيضاً أمر غير أخلاقي لأنه يســبب خيبة الأمل بين النازحين المشــردين الذين يعانون من التعب النفسي».

مصادر مطلعة قالــت لـ«القدس العربي» إن قضية المجلس العســكري كان تم طرحها مع الإدارة الأمريكية وروســيا قبل ثلاث ســنوات، وكانت تتضمن تشــكيل المجلس من النظــام والمعارضة على أن يرأســها طلاس الســني إلى جانب شخصيتين علوية ومســيحية. لكن موسكو عملت على طمس الاقتراح في حينه. الاقتراح القديم تضمن إشراك 400 ضابط منشق لا يشــاركون في جبهات المعارضة، ويتواجدون فــي تركيا. المصادر ذاتها رجّحت لـ«القدس العربي» أن يكون تجديد الطرح تم عبر قنوات روســية، ليس بقصد تطويره، لكن لاســتخدام­ه للضغط على النظام لتلبية مطالب روسية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom