Al-Quds Al-Arabi

اليمن: منظمات حقوقية تنتقد الصمت الغربي على القصف الحوثي للمدنيين في مأرب

- تعز ـ «القدس العربي» من خالد الحمادي:

انتقــدت العديــد مــن المنظمــات الحقوقيــة ومنظمات المجتمع المدني في اليمن، أمس، الصمت الغربــي إزاء القصف الحوثي علــى المدنيين في مدينة مأرب، وقالت إنه يكشف عن «زيف التباكي الغربي» علــى القضية الإنســاني­ة والخوف من ســقوط مدنيين عندما حاولت القوات الحكومية تحرير مدينة الحديدة في العام 2018، بينما تشن ميليشــيا جماعة الحوثي حالياً قصفاً عنيفاً على المناطق الآهلة بالســكان ومخيمات النازحين في مدينة مأرب، دون أن يتحرك ساكن للدول الغربية أو للأمم المتحدة.

اتفاق ستوكهولم

وذكرت في بيانات مســتقلة أن الدول الغربية والأمم وقفت «ســداً منيعاً» في العــام 2018 أمام تقــدم القــوات الحكومية نحو مدينــة الحديدة، والتــي كانت قــد وصلت إلــى أطــراف المدينة، وأصبحت قاب قوسين من الســيطرة على مدينة الحديدة بالكامل، غير أن الــدول الغربية والأمم المتحدة مارســت ضغوطاً كبيرة علــى الحكومة اليمنيــة الشــرعية وأجبرتها علــى التراجع عن عملية تحريــر مدينــة الحديدة، بوعــود زائفة لتحريرها بدون قتال، ودفعت بالحكومة وجماعة الحوثي إلــى التوقيع على اتفاق ســتوكهولم في كانــون الأول/ ديســمبر عام 2018 بشــأن وقف العمليات العســكرية في الحديدة، والذي لم يتم تنفيذ أي منه على أرض الواقع إلا ما يتعلق بحفظ مصالح الحوثيين هناك وضمان ســيطرتهم على هذه المدينة الســاحلية التي تحتضن أهم الموانئ اليمنية على البحر الأحمر، وهو ميناء الحديدة.

واســتغربت الصمت الرهيب الذي تمارســه المنظمات الإنسانية الدولية ووكالات الأمم المتحدة والــدول الغربية حيال القصــف الحوثي المكثف الراهن على الأحياء الســكنية، بما فيها مخيمات النازحين فــي مدينة مأرب، التــي أصبحت الملاذ الآمن لنحو ثلاثة ملايين من النازحين الهاربين من ويلات وعمليات القمع الممنهج في مناطق سيطرة الحوثيين في العاصمــة صنعاء والعديد من المدن الشمالية الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي.

وكشــفت تقارير إعلامية وحقوقية أن وكالات الأمم المتحــدة التي تتخذ مــن العاصمة صنعاء، التي تســيطر عليها جماعة الحوثي، مقراً لمكاتبها

في اليمن، أصبحــت تعمل لصالح جماعة الحوثي أكثر مما تعمل لصالح أعمال الإغاثة الإنسانية في اليمن، من خلال التخادم المشــترك بين الجانبين، حيث تقوم هــذه الوكالات بما يشــبه )غســيل الأموال( بتحويل الدعم الدولي المخصص للأعمال الإنســاني­ة إلى دعم المجهود الحربــي للحوثيين وتمويــل العمليــات القتالية للحوثيــن بطريقة غير مباشــرة، في مقابل منح الحوثيين امتيازات لهذه الوكالات والســماح لهــا بالعمل في مناطق سيطرتها.

ووصل الحــد إلى درجــة تســخير الرحلات الجوية التابعة للأمم المتحــدة عبر مطار صنعاء لتهريب القيادات الحوثية مــن وإلى اليمن، وكذا تهريب الخبراء العســكريي­ن الإيرانيين والتابعين لحزب اللــه اللبنانيــ­ن إلى عاصمــة الحوثيين صنعاء، ومنهم الســفير الإيراني الحالي بصنعاء وسفراء جماعة الحوثي في كل من سوريا وإيران ومندوبيهم في العديد من العواصم الغربية.

نداءات استغاثة

وأطلقــت العديــد مــن المنظمــات الحقوقية والإنســان­ية اليمنية نداءات استغاثة لوضع حد للكارثة الإنســاني­ة التي قد تطال مدينة مأرب إثر القصف الحوثي المكثف عليهــا، وطالبت المجتمع الدولي بضــرورة اتخاذ مواقف مماثلة لما اتخذته بشأن مدينة الحديدة قبل نحو ثلاث سنوات.

وحملت هــذه المنظمات، في بيانــات متعددة، جماعة الحوثي «المســؤولي­ة الجنائية والقانونية والإنســان­ية عن كل ذلك إن لم تتوقــف فوراً عن الهجوم على مأرب .»

وأوضحــت أن الهجوم الحوثــي الراهن على مأرب «يمثل إهــداراً لحق الحيــاة، وبأن ملايين المدنيــن لــن يكونوا فــي مأمن من خطــر القتل والخطف والتعذيب والتهجير إلا بعد نزع ســاح المليشيات الحوثية واستعادة مؤسسات الدولة.»

وحــذرت هذه البيانات «من تضاعف المأســاة الإنســاني­ة على نحــو مدمر ومفــزع، فالمدنيون والأطفال الذين خذلهم المجتمع الدولي وتعرضوا للتهجير القسري من منازلهم ومدنهم قبل سنوات، معرضون اليوم من جديــد لخطر القتل والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب الأكثر إرهاباً، وإن تجاهلهم مرة أخرى سيســهم في أن يعيش المزيد منهم فــي قلب الجحيم، ولن يجــدوا مكاناً يأووا إليه لإنقاذ حياتهم من احتدام الحرب.»

وأطلق بيان مشترك لتحالف النقابات اليمنية نداء اســتغاثة لــأمم المتحدة ولــكل المنظمات الحقوقية والإنســان­ية مــن أجل «إنقــاذ ملايين الأطفال والنســاء من خطر المــوت )...( واتخاذ إجراءات ملموســة وعاجلة لمنــع الهجمات على مــأرب... وحماية المدنيين بأكبر قدر من الســرعة والمسؤولية».

وتزامنت هــذه البيانات النقابيــة اليمنية مع توجيه 34 منظمة حقوقية محلية وإقليمية خطاباً عاجلاً أمس إلى الممثــل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشــؤون الخارجية والسياسية الأمنية جوزيب

بوريــل، لحث الاتحــاد الأوروبي علــى التدخل العاجل لوقــف التداعيات الإنســاني­ة الخطيرة الناتجة عــن هجوم جماعة الحوثــي على مدينة مأرب.

وقالت المنظمــات في خطابها الذي تســلمت «القدس العربي» نسخة منه، إن «جماعة الحوثي صعّــدت في الأســبوعي­ن الأخيرين مــن حملتها العســكرية للســيطرة على مدينة مأرب، وزادت من هجماتها العشوائية دون الالتفات إلى المبادئ الأساســية للقانون الدولي الإنســاني والمخاطر المترتبة على السكان المدنيين.»

وعبرت هــذه المنظمات عن قلقهــا من مخاطر وقوع كارثة إنســانية وشــيكة قد تحــل بمدينة مأرب جــراء الهجوم العســكري الحوثي عليها، حيــث تضم أكثر من 90 مخيمــاً للنازحين يقطنها أكثــر من 2 مليون نازح، منهم 965 ألف طفل و429 ألــف امرأة، فــرّوا من المحافظــا­ت القريبة خلال سنوات الصراع المسلح إلى مأرب التي كانت تعد

مكاناً آمناً نسبياً.

وقالــت فــي خطابهــا المشــترك: «إن هجوم جماعة الحوثي على مأرب تسبب بعرقلة وصول المساعدات الإغاثية إلى النازحين، عدا عن تهديد حياتهم على نحو مباشــر، وقد يجبرهم الهجوم كذلك على الفرار بشــكل جماعي من المدينة دون ممرات آمنــة، وبلا أي ضمانات بعــدم تعرّضهم لعمليات انتقامية حال ســيطرت جماعة الحوثي على مأرب قبل أن يفرّوا منها».

 ??  ?? آثار الدمار في مخيم للاجئين في الحديدة جراء الحرب الدائرة في اليمن
آثار الدمار في مخيم للاجئين في الحديدة جراء الحرب الدائرة في اليمن

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom