Al-Quds Al-Arabi

عن «أنبياء» يوتيوب و«أديان» الفضاء السيبيريّ ... بداية انتصار «الخلق الثاني»

-

يســميها الفيلســوف المعاصر أخيل مبمبي «الخلق الثاني» أي تلك المرحلة من تاريخ عالمنــا، التي لم يعد فيها إنتاج الشــخصيات الإنســانيّة محتاجاً إلى الهــواء والتنفس، والماء والنار، والغبار والرياح، والأشــجار والنباتات والحيوانات والليل والنّهار.

فمع توسّــع هيمنة الشــبكات الســيبران­ية في العالم، صــار متاحاً خلق الشــخصيات وبناء صيرورة )تواجدهــا( في الحلول التقنية والشاشــات التفاعلية وتطبيقات التواصل الاجتماعي المتعددة والمتقاطعة.

لقد أصبحت هذه الأشــياء في زمن «الخلــق الثاني» كمــا بوتقة حقيقية تصاغ فيها الرؤى والمعتقــد­ات، وتصنع الأوهام الجمعيّة وتطلق منها الأديان التكنولوجي­ــة المعاصرة وينبعث علــى أثيرها أنبياء الصــورة الجدد، بدءاً بالخلق نفســه، بدون طين وماء، ومن ثمّ ابتداع أشــكال جديدة من التّجسد، والتفرّد، والتّجلي، والتّناســخ، والصعود، والخلود وحتى الموت الافتراضي عبر عمليّات شــديدة التعقيد تجرى حصراً في سماء الذكاء الاصطناعي دون شهود، وبسرعة لم تعد العقول البشريّة بقادرة على إدراكها.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom