Al-Quds Al-Arabi

مستوطنة مستوطنة... حتى «السيادة»: متى كان الطريق إلى الصهيونية ينتظر القانون الدولي وإذن «الأغيار»؟

- أيال زيسر

قبل ســنة بالضبط وقفت إسرائيل أمام تنفيذ حلم بسط الســيادة على أجزاء واسعة من يهودا والسامرة، بتأييد أمريكي وبموافقة صامتة مــن جانب بضع دول عربيــة. غير أن إســرائيل اختارت ألا تســير في هذا المســار، وبــدلاً من أن تعلــق في مواجهــة محتملة مع الفلسطينيي­ن والأســرة الدولية، فضلت جني مرابح فورية، مثل «اتفاقات إبراهيم.»

لقد تأجــل تحقيق حلم الســيادة، أو لعله «أفلــت» مثلمــا وصف ذلــك أرئيــل كهانا في «إســرائيل الأســبوع»، ويبدو أنه مع دخول إدارة بايدن ســتكون هنــاك حاجة إلى جهود عظيمة، وربما حتى معجزة، لدفعه إلى الأمام. هذا مــا أفادت به تصريحــات وزير الخارجية الجديد أنتوني بلينكــن، والتي تراجع فيها أو للأســف، تحفظ على الاعتراف الــذي منحته إدارة ترامب لســيادة إســرائيل في الجولان. وأضــاف بأنه بخــاف التواجد والســيطرة العملية لإســرائيل، اللذين تؤيدهما الولايات المتحــدة بالفم الملآن، فســيتعين على مســألة الســيادة أن تلقى جواباً في مباحثات قانونية وغيرها حين تقف سوريا ذات يوم على قدميها من جديد.

ولكن يخرج الحلو من المر، إذ ينبغي أن نفهم من هذه الأقوال بأن الإدارة الأمريكية الجديدة تعترف أيضاً بالواقع على الأرض، ســواء في هضبة الجــولان أم في يهودا والســامرة، ولا تعمل على تغييره.

بعد كل شــيء، تعدّ الســيادة مهمة كشعار ورمز لســكان يهودا والسامرة ، وفيها ما يعزز إحساســهم بالأمن. ولكــن في كل مــا يتعلق بالحياة اليومية وتنشيط البناء والاستيطان، فإنها لا تقدم ولا تؤخر. مشــروع الاســتيطا­ن اليهــودي في يهودا والســامرة وفي الجولان قام وتطور بلا ســيادة إسرائيلية رسمية على الأرض.

تحســن إســرائيل صنعاً إذا ما عادت إلى طريق الصهيونية منــذ الأزل، طريق بناء بيت إثر بيت ومستوطنة إثر مستوطنة دون انتظار الإذن أو الاعتراف الدولي. هذا ســيأتي بعد أن تتقرر الحقائق علــى الأرض، ومرة أخرى، لن يكون ممكناً تغيير الواقع الذي خلقته إسرائيل بأفعالها.

يجــذر بالذكر أنــه على الرغــم من دخول الرئيس ترامب إلــى البيت الأبيض لم تعترف أي دولة، ولا حتى الولايات المتحدة، بســيادة إســرائيل على القدس، لا على شــرقي المدينة ولا على شــطرها الغربي. وبــن غوريون هو الذي قرر منــذ كانون الأول منذ 1949 اعتراض الأمم المتحدة التي قضت، كما يذكر، بأن تصبح القــدس مدينة دوليــة، وأمر بنقــل الوزارات الحكوميــة إليهــا. وبالمناســ­بة، لــم يعترف أحد بإنجــازات إســرائيل الإقليمية في حرب الاستقلال. وبعد ســنوات طويلة منها، طالبت دول عديدة، بما فيهــا الولايات المتحدة أيضاً، بانســحاب إســرائيلي إلى خطوط التقسيم كأساس لحل وسط يتحقق مع العالم العربي. ولكن بن غوريون اصــر على موقفه، والنهاية معروفة.

وبالتالي، ليس مهماً مــا يقوله الأغيار، بل ما يفعله اليهــود. وقبل ذلك، مهــم بالفعل أن

يتقرر ما الــذي يريده اليهود فــي واقع الأمر: وجود وســيطرة علــى الأرض كلهــا، أم على كتــل اســتيطاني­ة ومناطــق ذات أهمية أمنية فحســب؟ وهل تسعى إســرائيل لمنح المواطنة للســكان الذين يعيشــون في هذه المناطق، أم إلى حل آخر بالتعاون مع الأردن أو مع السلطة الفلسطينية؟

ينبغــي لنا فــي هــذه الأثنــاء أن نتوجه للتطعيم، وينبغي مواصلة البناء، إذ إن طريق الصهيونية وبعدها دولة إســرائيل كان دوماً بالأفعال وليس بالتصريحات والأقوال.

إسرائيل اليوم 2021/2/18

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom