Al-Quds Al-Arabi

«بلومبرغ»: التنافس على الخبرات بين السعودية والإمارات سيزداد حدة ويمتحن التحالف القوي بينهما

-

تســاءل الكاتب بوبــي غوش في موقــع «بلومبرغ» عن أثــر التنافس الاقتصــاد­ي المتصاعد بــن الإمارات والســعودي­ة علــى التحالف القوي بينهمــا. فقد ظل البلدان وعلى مدى الســنوات الماضية على خطوة واحدة في السياسة الخارجية. فالعلاقة الشخصية بين ولي عهد السعودية وولي عهد أبو ظبي وكلاهما حاكم فعلي لبلده ســمحت لهما بتوجيه دفة مجلس التعاون الخليجي ووضع الأجندة للعالم العربي.

ويشترك محمد بن سلمان ومحمد بن زايد في المخاوف من إيران. وشكل بلداهما تحالفاً لمواجهة المتمردين الحوثيين، حلفاء إيران في اليمن وفرضا حصارا على قطر. وفي خارج الشــرق الأوســط تعاونا على التوســط في السلام بين إثيوبيا وإريتريا وبحثا عن تحالفات أمنية وعسكرية في آسيا وافريقيا. وفي مرة تعهدا بإقامة شراكة اقتصادية بينهما وفي الخارج.

ويقول الكاتــب إن البلديــن وإن جمعتهمــا المصالح المشــتركة إلا أن هناك عاملاً واحــداً قد يؤدي إلــى التفريق بينهما. ويبحــث الإماراتيو­ن والســعودي­ون عــن طــرق لتنويــع الاقتصــاد والابتعــا­د عــن الطاقة الهيدروكرب­ونيــة وتوســيع مجــالات الســياحة والخدمــات الماليــة واللوجيستي­ة وصناعة البتروكيما­ويات والتكنولوج­يا.

ونظــراً لقلة المواهــب المطلوبة لخدمة هــذه الطموحات فــإن البلدين يتنافسان على جذب الخبرات الأجنبية والاستثمار­ات. ومن المتوقع زيادة التنافس في وقــت تقوم فيه دول النفــط بإنفاق الثــروات النفطية التي جمعتها عبر ســنوات من تصدير النفط والغاز الطبيعي. ويتوقع صندوق النقــد الدولي أن تفرغ خزائنها بحلــول 2034. وأدى وباء فيروس كورونا لتركيز تفكير دول مجلس التعاون الخليجي على أهمية تنويع الإقتصاد.

وفي المنافســة الحالية تتميز الإمارات على الســعودية نظراً لجهودها الأولــى، فدبي وأبو ظبي تقومان بجذب الخبــرات والعاملين الأجانب منذ عقود. وتحولت الإمارات إلى المركز المفضل للشــركات المتعددة الجنســية. ولــم يحصــل التنافس علــى المواهب بين الســعودية والإمــارا­ت إلا في الســنوات الأخيرة، حيث تم تفضيــل الأخيرة لجوها المنفتــح. ويحاول السعوديون زيادة مستوى الرهان، فمن 2024 يطلب من الشركات المتعددة الجنسيات فتح مقار إقليمية لها في السعودية وإلا خسرت العقود والفرص الإســتثما­رية. وهذه إشارة غير لطيفة للشــركات التي تتخذ مراكز لها في الإمارات: انتقلوا إلى الســعودية أو اخســروا فرصاً تجارية بتريليونات الدولارات في الســوق الخليجي. ولتشجع الشــركات على الانتقال بدأت المملكة برمي الجزرة لها من خلال تخفيــف القيود على الحياة الاجتماعية والسماح مثلاً للمرأة بقيادة الســيارة وفتح دور السينما وإقامة الحفلات الموســيقي­ة. وأدت القيــود لجعل مدن مثل الرياض وجــدة غير مرغوبتين للأجانب وللسعوديين المنفتحين. ويتم تقديم مشروع نيوم المفضل لمحمد بن ســلمان على البحر الأحمر كمكان جيد للعمل والسكن. بل وهناك شائعات حول إمكانية رفع الحظر عن تناول الكحول للأجانب.

ويأمل الســعوديو­ن بأن يؤدي هذا المزيج من الضغط للقدوم أو خسارة الفرصة إلى تســريع عمليات نقــل المقار. وفي المؤتمر الاقتصادي الشــهر الماضي قالت شركات مثل «ديلويت» و»بيشت» و»ببيسيك كو» إنها ستنقل مقراتها للســعودية. لكن محللين يلاحظون أن بعض هذه الشركات لديها مكاتب في الســعودية وربما قامت بإعادة تسميتها كمقار في وقت تواصل فيه حضورها الأبرز في الإمارات. وربما حاول البعض تجنب الخلاف حول المصطلح وإدارة عملياتهم من أوروبا. وربما وجدت بعض الشــركات التي تعتبرها الرياض مهمــة لعمليات تنويع الاقتصــاد فرصة للتفاوض حول استثنائها.

وردت الإمــارات بإجراءات أقوى من خلال الســماح للأجانب بحصص كبيرة في الشركات وملكيتها. وربما كانت بعض التصنيفات طريقاً للحصول على الجنســية، من أجل توســيع مســاحة المواهب لديها. وقد تضاف فئات جديدة للحفاظ على التميــز الإماراتي. وســيعتمد الإماراتيو­ن على التميز في الشــبكات لدى أبو ظبــي ودبي حيث يضع حجم الخدمــات الاجتماعية والثقافية التــي تخدم مجتمع الأجانب قوة دفع عليهــم تمنعهم من الانتقال إلى المنطقة. وستســتفيد الإمــارات من صورتها كبلد منفتــح في وقت بدأت فيه الســعودية بتحديث القوانين قبل فتــرة. ولا نزال في المرحلة الأولى من التنافس بين الحليفين بانتظار امتحانات صعبة للشراكة المقبلة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom