التسجيل الكبير للفلسطينيين في الانتخابات يعكس الرغبة في التغيير وتحقيق الوحدة
مــع استكمال أولـــى المـراحـل الـعـمـلـيـة لإنجــــاز الانــتــخــابــات الـفـلـسـطـيـنـيـة، تــتــجــه أنــطــار الفلسطينيين إلى المراحل المقبلة، التي تشمل الطعون ونشر القوائم، استعدادا للمعركة الديمقراطية، الــتــي اتـفـقـت جـمـيـع الفصائل الفلسطينية، أن تكون بوابة لإنهاء الانقسام المستمر منذ 15 عاما.
وبـــشـــكـــل يـــعـــكـــس رغـــبـــة الفلسطينيين فـي المـشـاركـة في الانــتــخــابــات الــتــي غــابــت عن المشهد السياسي طـوال سنوات الانقسام، ارتفعت نسبة المسجلين للمشاركة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة إلـى 93.3 في المئة، في نهاية عملية التسجيل التي انتهت منتصف ليل الثلاثاء المـاضـي، وهــي نسبة لـم تسجل فـي دول اعــتــادت على العملية الديمقراطية الدورية.
وحسب الترتيبات المعدة مسبقا، بدأت اللجنة عملية تنقيح بيانات المسجلين، والاســتــعــداد لمرحلة النشر والاعتراض التي ستنطلق في الأول من اذار/مـــارس المقبل، وتستمر لمدة ثلاثة أيام.
وبمـــــا يــعــكــس يــقــظــة لجـنـة الانتخابات، ودأبها على أن تسير العملية بـــدون أي اخـتـراقـات، كشفت عن قيام أشخاص ليسوا موظفين لديها، باختراق التطبيق الإلكتروني الخــاص بالتسجيل للسجل العام الانتخابي، وغيروا عــنــاويــن بــعــض المـسـجـلـن في السجل.
وقــال المـديـر التنفيذي للجنة الانتخابات المركزية هشام كحيل، إن اللجنة اكتشفت هذا الاختراق، وقامت بالاتصال بأرقام الهواتف التي غيرت العناوين أواخر ساعات مساء الثلاثاء الماضي، وأعـادت الأمور إلى ما كانت عليه، لافتا إلى أنه «جرى إحالة هذه الأرقـام إلى النائب العام وجهات الاختصاص من أجل اتخاذ المقتضى القانوني بحقهم».
وأكد أن السجل العام للناخبين موثوق، وتمت معالجة الاختراق الذي سجل، إضافة إلى أن لجنة الانتخابات ستقوم بنشر أسماء اللاجئين وأماكن اقتراعهم مطلع الشهر المقبل، وأنه سيكون بإمكان كل مواطن التأكد من مكان اقتراعه وتـغـيـيـره إن رغـــب بــذلــك وفـق القانون.
وقــد لاقــت العملية انتقادات حـادة من الفصائل الفلسطينية، التي شددت على ضرورة أن تسير عملية الانتخاب بكل مراحلها بدون أي خروقات.
وفـي هـذا السياق، قـال رئيس الـــوزراء محمد اشتية، إن نسبة تسجيل الناخبين ممن يحق لهم الاقتراع في الانتخابات التشريعية والرئاسية المقرر إجراؤها تباعا في الثاني والعشرين من أيار/مايو،
والحادي والثلاثين من تموز/يوليو المقبلين، والـتـي تجـــاوزت حاجر الـ93 في المئة تعكس توق الناخبين وتعطشهم، لا سيما فئة الشباب للمشاركة في الحياة السياسية، وممارسة حقهم باختيار ممثليهم ورســـم مــامــح مستقبلهم عبر المشاركة في العملية الديمقراطية التي تقوم على أسس من الحرية، والتعددية السياسية، والشراكة الوطنية.
وأعرب اشتية في بيان، أصدره عن سعادته ببلوغ هذه النسبة غير المسبوقة بين الــدول التي تعتمد السجل الانتخابي بـدل السجل المدني في التحضير لانتخاباتها، مشيدا بجهود لجنة الانتخابات المركزية التي تمكنت من بلوغ هذه النسبة مع الحفاظ على الإجراءات والتدابير الوقائية التي اتخذتها الحكومة للحد من انتشار فيروس كـورونـا، كما وجـه شكره للقوى الوطنية والأحــــزاب السياسية ومنظمات المجتمع المـدنـي التي أسهمت في تشجيع المواطنين من أصحاب حق الاقتراع وحثهم على إدراج أسمائهم في سجل الناخبين.
ودعــا اشتية جميع المواطنين الذين سجلوا أسماءهم في سجل الناخبين للمشاركة في العملية الديمقراطية وعدم الاستنكاف عن ممارسة حقهم في تحديد ملامح مستقبلهم، ومستقبل شعبهم، الذي يناضل من أجل بلوغ الحرية والانعتاق من الاحـتـال، وإقامة الــدولــة المستقلة عـلـى خطوط الـرابـع مـن حزيران/يونيو عام 67 وعاصمتها الـقـدس، مـع حق اللاجئين بالعودة وفق القرار 194 باعتبار أن الممارسة الديمقراطية هي جزء من العملية النضالية.
نحو التغيير والوحدة
وانـطـلـقـت عملية التسجيل للانتخابات، فـي أعـقـاب نجاح حـــوارات الـقـاهـرة الـتـي عقدتها الفصائل الفلسطينية الأسبوع قبل المـاضـي، وتم خلالها وضع خريطة طريق لإنجاز الانتخابات، حيث قال نائب رئيس حركة فتح محمود العالول، إنه جرى في تلك اللقاءات التفاهم على كل القضايا الخلافية حول الانتخابات، مؤكدا على استمرار الحوار مع الفصائل، وكذلك البحث في التحالفات، كذلك أكد على إصرار حركته على إجراء الانتخابات التشريعية، وأنها ستبذل كل جهد لذلك، ولن تقبل بعرقلتها، لافتا إلى أن الانتخابات تشكل المدخل الأساسي لاستعادة الوحدة، وتعزز الشراكة الوطنية والحكم الحقيقي، وتـدرأ مبررات من يسعى التهرب من التزاماته تجاه قضيتنا بحجة الانقسام.
مـن جهته قــال الناطق باسم حـركـة حـمـاس حـــازم قـاسـم، إن تحديث السجل الانتخابي بنسبة كبيرة، «دليل على الرغبة الشعبية العارمة لممارسة حقها في اختيار
من يمثلها في المجلس التشريعي والــرئــاســة والمجــلــس الـوطـنـي، واستعدادها لحماية خياراتها» مشيدا بوعي الشعب الفلسطيني بـ»ضرورة المشاركة الإيجابية في العملية الانتخابية، وأنها ستكون عملية جادة».
ويأمل الفلسطينيون أن تستمر الأجـــواء الإيجابية الحالية بين الفصائل، خاصة حركتي فتح وحماس، وأن تؤسس هذه الأجواء إلــى المرحلة التي ستتلو نتائج الانـتـخـابـات البرلمانية المقبلة، والتي اتفق أن تكون مقدمة لإنهاء الانقسام، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، تعيد اللحمة بين الضفة وغـــزة، وتـضـع الخـطـط الـازمـة للتصدي للاحتلال وممارساته، وتحــل جميع المـلـفـات الخلافية العالقة، وهو شكل غاب عن المشهد منذ بداية الانقسام، حين استفردت حركة حماس بحكم غزة، وقامت حركة فتح بحكم الضفة الغربية.
وقـــد أكـــد عـلـى ذلـــك جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، والذي قاد وفد الحركة في حوارات القاهرة، حين قال إن الاتفاق بين الفصائل ينص على أن يتوج إجراء الانتخابات التشريعية بتشكيل حكومة ائـتـاف وطني تتولى تنفيذ آليات متفق عليها بشأن إنهاء الانقسام الداخلي.
وأوضح أن الحكومة المنشودة ستتولى العمل على مسار وحدة كافة مؤسسات وأجهزة الدولة،
ســواء الأمنية أو المدنية، ورسـمِ سياسة وطنية مــوحــدة ترتكز على العدالة والمـسـاواة في كافة المحافظات الفلسطينية.
فيما أكـد حسام بــدران عضو المكتب السياسي لحركة حماس، مـا أعلنه الــرجــوب، مشيرا إلى التوافق الفلسطيني على تشكيل حكومة وحـــدة وطنية مـن أجل التقدم للأمام نحو تمتين الجبهة الـداخـلـيـة الفلسطينية، وقــال «الموقف الفلسطيني العام يتحدث عن ضرورة وأهمية تشكيل حكومة وحــدة وطنية أو ائـتـاف، بغض النظر عن نتيجة الانتخابات».
وفـي هـذا السياق، قـال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حــمــاس، صـالـح الـــعـــاروري، إن الأجسام المنتخبة ستوكل إليها مهمة معالجة جميع آثار الانقسام، وذلك بعد أن وصف حوار القاهرة بـأنـه مـن أنجــح محطات الحــوار التي أجريت في مصر خلال الفترة السابقة.
تخوف من التدخل الإسرائيلي
لـــكـــن مـــــا يـــتـــخـــوف مــنــه الفلسطينيون، هو تدخل سلطات الاحـتـال في ملف الانتخابات، من خلال التضييق على المواطنين أو المــرشــحــن، واعــتــقــال قــادة مــن الــفــصــائــل، بــهــدف تعطيل الانتخابات التي ستكون مدخلا لإنـــهـــاء الانـــقـــســـام، حـيـث قـال القيادي في حركة حماس الأسير المحـرر الشيخ عمر البرغوثي، أن الاعتقالات التي يشنها الاحتلال بحق قيادات فلسطينية في الضفة الغربية، لن تُثني أحدا عن العملية الانتخابية، وأكــد على ضــرورة الاتفاق على خطة وطنية موحدة لمـواجـهـة اســتــهــداف الـقـيـادات الفلسطينية، من أجل حماية إرادة المواطن وما يعبر عنها.
يـــشـــار إلــــى أن الــفــصــائــل الفلسطينية أعـلـنـت فــي ختام حـــوارات الـقـاهـرة، اتفاقها على آليات إجــراء الانتخابات العامة وأكدت الالتزام بالجدول الزمني لإجـــراء الانتخابات فـي القدس والـضـفـة الـغـربـيـة وقــطــاع غـزة واحترام نتائجها.
وأوضــح البيان أنه تم الاتفاق عــلــى تـشـكـيـل مـحـكـمـة قضايا الانتخابات بالتوافق من قضاة من القدس والضفة الغربية وقطاع غـزة، على أن تتولى هذه المحكمة حـصـراً دون غيرها مـن الجهات القضائية متابعة كـل مـا يتعلق بالعملية الانتخابية ونتائجها، وأن يصدر الرئيس الفلسطيني مرسوماً رئاسياً بتشكيلها وتوضيح مهامها اســتــنــاداً لـهـذا الـتـوافـق وطبقاً للقانون.