Al-Quds Al-Arabi

الانتخابات الفلسطينية هل تُنهي الانقسام؟ وما المشهد السياسي بعدها؟

- أحمد بلال

يترقب الفلسطينيو­ن إجراء الانتخابات العامة التي دعا لها الرئيس محمود عباس، والتي ستعيد تشكيل المجلس التشريعي قبل أن تجري انتخابات رئاسية وأخرى لإعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، فيما يبدو أن السؤال الأهم الذي يهيمن على أوساط الفلسطينيي­ن يتعلق بالمشهد السياسي بعد الانتخابات وما إذا كانت ستؤدي بالفعل إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق المصالحة أم أنها لم تنجح في تحقيق هذه المهمة.

وكـان الرئيس الفلسطيني محمود عباس أصدر منتصف الشهر الماضي مرسوما بإجراء الانتخابات العامة على ثـاث مـراحـل، حيث بموجب المرسوم ستجري الانتخابات التشريعية بتاريخ 22 أيار/مايو 2021 والرئاسية بتاريخ 31 تموز/يوليو 2021 على أن تعتبر نتائج انتخابات المجلس التشريعي المرحلة الأولى في تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني.

وأشير في المرسوم إلى أنه سيتم استكمال المجلس الوطني في 31 آب/ أغسطس 2021 وفـق النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية والتفاهمات الوطنية، بحيث تجـري انتخابات المجلس الوطني حيثما أمكن.

واشتعلت حالة من الجدل في الشارع الفلسطيني حــول الانتخابات منذ صــدور المـرسـوم الرئاسي الخاص بها، كما تصاعت ويترة الدعاية الانتخابية والمنافسة بمجرد أن أعلنت حركة حماس مشاركتها في الانتخابات، فيما أعلنت حركة الجهاد الإسلامي عـدم مشاركتها، وتحفظت الجبهة الشعبية على النتائج التي تم التوصل إليها عبر حـوارات القاهرة المتعلقة بهذه الانتخابات.

وجاء قرار الانتخابات كنتيجة للحوارات التي جرت بين فتح وحماس في تركيا أواخــر العام الماضي، وموافقة حماس على إجراء الانتخابات على التوالي، بعد أن كانت تصر على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في وقت واحـد وبشكل متزامن. إلا أن العديد من المحللين والكتاب انشغلوا في البحث عن التأثيرات المحتملة لهذه الانتخابات على المشهد الفلسطيني وما إذا كانت ستؤدي إلى إنهاء الانقسام أم إلى تعميقه.

ويرى القيادي في حركة فتح بالضفة الغربية منير الجاغوب رداً على أسئلة «القدس العربي» أن «المأمول من هذه الانتخابات أن تنهي الانقسام الداخلي لأنه سيتم تشكيل حكومة واحدة بعد انتخابات المجلس التشريعي، وبالتالي فعلى هذه الانتخابات أن تؤدي إلى تشكيل حكومة واحدة توحد شطري الوطن وتوحد كافة المرجعيات السياسية والاقتصادي­ة والاجتماعي­ة والوزارات والموظفين، وهذا هو المطلوب من الحكومة

إجراءات التسجيل الانتخابي المقبلة التي سيتم تشكيلها بعد الانتخابات».

ويؤكد الجاغوب أن «الانعكاس السياسي الأهم لـهـذه الانـتـخـا­بـات هــو وحـــدة الحـــال والسياسة الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة، فالمطلوب هو وحدة الأرض ووحدة السياسة ووحدة الموقف، وكل هذا سوف يقوي الجبهة السياسية الداخلية وســوف تكون منطلقاً جيداً إذا تم استغلال هذه الانتخابات وإظـهـار الشعب الفلسطيني بشكله المناسب والديمقراط­ي وتوحيد برنامجه السياسي، وكل هذا باعتقادي يمكن إنجازه بهذه الانتخابات».

مـن جهته يتفق الكاتب والمحـلـل السياسي في غـزة إبراهيم المـدهـون مع ما ذهـب إليه الجاغوب المقيم في الضفة، حيث يـرى المـدهـون أن «المشهد السياسي الفلسطيني سيكون على جميع الأحوال بعد الانتخابات أفضل مما هو عليه الآن، وربما يكون أكثر تعقيدا للاحتلال، مع احتمالية معالجة الفجوة وتقليلها، وزيادة التنسيق وفق نظام يراعي القوتين الأساسيتين فتح وحماس، وإيجاد بيئة تعمل على محاصصة تفرزها الانتخابات، خصوصا ان فتح وحماس كقوتين لا تستطيع أي منهما الحسم، ووصلا لنتيجة مفادها أن التعايش وترتيب البيت أهم من إبقاء حالة التنافر والتباعد والتصارع غير المجدي».

ويؤكد المدهون أن «الواقع اليوم هو بيئة نموذجية للاحتلال بوجود سلطتين وجغرافيتين، ومنهجين، فالاحتلال يتهم السلطة أنها لا تمثل الفلسطينيي­ن، ويسعى لتهشيم مؤسساتها واستبدالها بمؤسسة المنسق، ويفرض حصارا قاسيا على غزة».

وأضــاف المـدهـون في حديث خـاص لــ«القدس العربي»: «بعد الانتخابات نحن أمام سيناريوهات مختلفة، ولكن علينا أيضا وضع احتمالية عدم إجراء الانتخابات حاضرا بقوة، خصوصا ان الاحتلال ينظر بخطر لترتيب البيت الفلسطيني، ويحرص ألا يوجد عنوان ومؤسسات موحدة تمثل الفلسطينيي­ن، ويحاول إبقاء واستدامة الانقسام، وللأسف هناك أطـراف إقليمية ودولية قد تعمل على الضغط بهذا الاتجـــاه، كما أن خـوف الرئيس عباس من قوائم البرغوثي ودحـان أيضا قد يكون دافعا له لعرقلة الانتخابات».

ويرى المدهون أن «أهم ما يمكن أن تغيره الانتخابات هو دخــول حماس والجـهـاد الإسـامـي في منظمة التحرير، وإنهاء احتكار حركة فتح للقرار الفلسطيني، وتفعيل دور فلسطينيي الخارج، وتفعيل مؤسسات شعبنا من سفارات وعلاقات بتمثيل موحد، ويمكن ان يتم تشكيل حكومة وحدة تشارك بها حماس بوزراء محدودين، ويتم التخفيف عن قطاع غزة».

يشار إلـى أنّ العديد مـن الكتاب والسياسيين وأصحاب الرأي الفلسطينيي­ن يبدون تشاؤما حيال الانتخابات المقبلة، حيث يرجح بعضهم أن لا تجري أصلاً وأن يتم الغاؤها، أو تجري واحدة دون الأخرى، فيما يعارض آخـرون إجـراء الانتخابات أصلاً على اعتبار أنها تجري تحت الاحتلال وأنها لن تؤدي إلى إنهاء الانقسام بل إلى تعزيزه.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom