Al-Quds Al-Arabi

تشاركي أساسه الواقعية والارتباط الوثيق بالمكان

-

السينمائية التي نريدها. ولدى استعماله كآلة شغل يفتح آفاقاً مختلفة في الموسيقى. لم أفكر بأني «بيانيست أو دجازيست» في الموسيقى التي أكتبها «شي من كل شي».

○ هــل مــن كلمات وجــدت تلحينها صعباً بما أن الكاتب قدّم سرداً حكائياً؟

• فرج: بصراحة لا. ربما بداية وجدت إشكالية في بعض الكلمات كونها صعبة وغير مألوفة على الأذن كما «حباطراش. اخطبوط وغـيـرهـا.» عملت على القصيدة جملة تلو أخـرى وغنيتها لاحقاً بحرية ودون تعقيد. «أخطبوط» مـثـاً وردت فـي أكـثـر الأغنيات هـــــدوءاً وشــاعــري­ــة وهـــي «تـل السمك.» الكلمة كانت منسجمة ومنسابة معها تماماً.

○ الأغنيات الـ11 نقلت لمن هو بعيد بانوراما واضحة نتخيلها ونحن نسمعها عن حيفا ويافا والناس. هل قصدت تقديم تلك الصورة للناس الممنوعين عن المكان؟

• مـــجـــد: لـــم أفـــكـــر لحظة باستعراض فلسطين لمن لا يعرفها. ولأن هذا التفكير لم يكن موجوداً جاءت الصور صادقة كأن أحدهم يُكلم نفسه بما يراه. لو فكرت بما نُريه لسائح يقصد حيفا ستكون رحلة مصطنعة، بخلاف مشاعري وأنا أجوب بلدي برفقة صديقي. عندها سندخل الزوايا الخاصة الـتـي يستحيل أن يـراهـا طـارئ على البلد. إذاً ولأننا خارج تفكير وزارة السياحة جــاءت الصور جميلة وصادقة. وأظن أن المتلقين تواصلوا مع مشاعر الصدق، وراح كل منهم يتخيل حارته في سوريا أو مصر أو فلسطين أو لبنان.

○ أوليس للإحساس حيال فلسطين له خصوصيته؟

• مجد: نعم ولا. بمعنى وجود إحساس مختلف حيال فلسطين بــرأي أننا لا ننظر إلـى فلسطين بصدق. قام الناس خارج فلسطين بوضعها أســطــورة أو أيقونة مركونة على الــرف، بحيث تفقد

ما هو إنساني وحقيقي وفكري فـيـهـا. كـمـا تفقد إمـكـانـيـ­ة فهم تركيبها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.

○ لبُّ السؤال أن تلك الأغنيات قدمت صــورة كانت مفتقدة ومطلوبة عن فلسطين 48؟

• مجد: تمــام. قصدت القول إن هــذه المحــاولـ­ـة تنجح عندما نقوم بها بغير هدف استعراض فلسطين. عندما أضع هذا الهدف جانباً وأعمل من جانب حقيقتي كإنسان، ستصل الصورة الواقعية عن أي مكان.

○ هل كان مجد يتدخل بمرحلة التلحين؟

• فرج: أيهههه، حتى أتعبني.

○ وهل أعلنت التوبة؟

• يضحك قائلاً: أه طبعاً. عشنا الإحـسـاس بأننا شريكين نعمل على المـشـروع نفسه. حتى وإن كان أحدنا مختصا بالكلمة والآخر باللحن، بالنهاية نحن معاً لدينا رأي بكل كبيرة وصغيرة في هذا المشروع. رأي تواصل تشاركياً إلى مرحلة تسويق السي دي. كل ما له صلة بـ»أحلى من برلين» بنيناه معاً من الصفر. وهــذا سمح لنا بالتعاون التام ولم نكن حيال عمل تقليدي يُرسل فيه الكاتب كلامه للملحن ويخرج من المصورة. لمجد أفكاره المهمه على صعيد الموسيقى تصل لحدود اختيار طبقة الصوت في الأغنية. كان عملاً متبادلاً على مـــدار الــوقــت. حظنا جميل فقد كنت مقيماً في حيفا خلال، ونحن جيران.

○ وهل تمّ تسجيل العمل في فلسطين؟

• بل في باريس. هناك أعمل مع فرقة موسيقية تولّت المهمة، وسجلنا الصوت في حيفا، وأنجز الميكست والماستيري­نغ في باريس.

○ »في اسئلة براسي» تشكل فيضاً من أسئلة قد تشغل بال مهاجر ونعرفك في البلاد. فماذا عنها؟

• مـجـد: لـهـذه الأغـنـيـة بنية ســــرديــ­ــة واضــــحــ­ــة وتحــمــل مقومات القصة القصيرة، لجهة الشخصيات، وتطورها الدرامي، والانتقال من فصل لآخــر. وفي الـفـصـل نـفـسـه يُـفـتـح قـوسـان «انــتِ نقلتِ مع صديقك سكنتو بالألمانية». في لحظة التقاط بناء القصة يبدأ رفدها بالمزيد وبحدود عــدم المبالغة. بـدايـة القصة هي بداياتنا كطبقة اجتماعية فقيرة. ولاحقاً تنتقل الصورة إلى طبقة اجتماعية مختلفة كلياً. إنها طبقة روّاد المقاهي ونقاشات السياسة الـذيـن يستهويهم الــبــار. وهـذا ما أتــاح مراكمة قصص صغيرة مُضافة إلى «في أسئلة براسي».

○ مطلع أغـنـيـة «رقـصـة السكران» بهيج جداً. هل كنت في مــزاج عــادي وأنــت تكتب موسيقاه؟

• يضحك فرج ويقول: حاولنا فـي آداء الأغنية اظـهـار المــؤدي وكأنه ليس كلي التوازن.

مجد: عندما أرسـلـت الأغنية إيمــيــل فــي المــــرة الأولــــى لفرج كـان عنوانها «مجد كـيّـال يُفرغ احباطاته». وضع فرج الموسيقى فـبـدت وكـــأن اضــطــراب­ــاً يسود العلاقة بين البيانو وباقي الآلات، وفعلاً تشبه من يسير مترنحاً من السكر. وهــذا مثال قــوي لقدرة الموسيقى في تغيير معنى الأغنية. ولـم يكن في بالي أنـي أكتب عن أحـدهـم وكـأنـه سـكـران وفاشل في كل ما يقوم به. إذاً الموسيقى غيّرت المعنى من إنسان في منزله يسترجع فشله، إلى آخر مترنحاً فـي الـشـارع مــغــادراً الـبـار مطلع الفجر وهو يصيح. إنه فعل التأثير الدرامي للموسيقى.

○ كيف لك في مجتمع شرقي أن تحرّض المرأة على زوجها وتكتب «شو بدك بجوزك» كأغنية؟

• مجد: طرحت الأسئلة وتركت لها الاختيار والاستنتاج. وعلى الأرجح أن المرأة لا تنتظر أغنية مني حتى تقرر ماذا تفعل.

○ عمل مشغول بعناية وموسيقى الأغنيات تُشعر المتلقي بالنقاء تآلفت مع كلام له طابع السخرية. هل هي نتيجة الشغف؟

• فــرج: أولاً شكراً للإطراء. العمل بالنسبة لنا معاً شغل حياة ولا مـكـان للكسل. وهـــذا يعود لطبعنا معاً وتعاملنا مع العمل بجدية مطلقة. «أحلى من برلين» من المشاريع القليلة التي قدمناها فــي حياتنا بحافز الحــب دون سـواه. فما من مال وما من جهة انتاج أو تبني. عملنا براحتنا، دون إضطرار لأي قرار سريع قد لا يكون صحيح فنياً.

○ مـفـروض مـع كامل هذه الجــودة والحــب في العمل أن تكون اتقنت طهي الأرز «وبطل يلبط «. هل حصل؟

• لم أتمكن من اتقان طهي الارز رغم معيار الكاسة بكاسة.

○ تكبدتما مصاريف جمّة لإنتاج «أحلى من برلين» بحلة جميلة؟ فما هي الحقوق المتوجبة لكما بعد نشره على يوتيوب؟

• فـــرج: ثمة دخــل متواضع من خلال المنصات. وصلنا حقنا بمجرد أن الـنـاس تسمع العمل وتحبه. بعد زمن كورونا ستكون لنا جـولـة عـــروض. حالياً نحن مكتفيان بالربح المعنوي والنفسي، فالنجاح ربح حقيقي.

○ ماذا عن غلاف السي دي؟

• فرج: هذا ما صوره ورد كيّال وأعجبنا كثيراً. إنــه مشهد في شارع عبّاس في حيفا.

○ لمـاذا اعتقلت بعد اصدار السي دي؟

• مجد: إنها حملة اعتقالات «شغّالة» منذ سنة في البلد بدءاً من القدس إلى الضفة والداخل. عملياً هم يعتقلون شباب اليسار. الاعتقال لا يتوقف، وجاء دوري.

○ وهل هي المرّة الأولى؟

• مجد «شــو أول مــــرّة»؟ لا «مقضيين معهم» والحمد لله.

○ هل سيحتكر فرج تلحين قصائدك؟ أم ترغبها بصوت آخرين؟

• فرج: أمس باح لي أنه يرغب بـــأن يغني جـــورج وســـوف من كلماته.

مجد ممازحاً: كنت أرغب بحكيم مغنياً لأشعاري، فلم يوافق. فكان الحل مع فرج. في الحقيقة أكتب شعر الأغنية لأنــي أحــب نتيجة العمل النهائية، ومتعة العمل مع فرج تحديداً.

○ لماذا اختيار عنوان «أحلى من برلين »؟

• فــرج: كـل منا يــرى مدينته أحلى مكان في العالم. اخترنا برلين لأنها وجهة الهجرة للفلسطينيي­ن في الداخل. فهو مكان صاخب، وشبابي، وعصري، كله ثقافة وفن والإنكليزي­ة لغة متداولة هناك مما يسهّل خطوات التواصل الأولى.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom