باسيل يتبنّى طرح «حزب الله» بتوسيع الحكومة: إما أن تثبّتوا الثلث المعطّل أو ردّوا للرئيس صلاحياته
اختار رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باســيل أمس الأحد للرد على الرئيس المكلّــف بتشــكيل الحكومــة ســعد الحريري الذي كان كشــف المســتور في ذكرى اغتيال والــده، وعرض لوقائــع محادثاته مع رئيس الجمهورية ميشــال عون وبيده لائحة ملوّنة بأســماء اقترحها عون للتوزير دحضاً للقول إنه يعتدي على حقوق المســيحيين، مؤكداً أن المشكلة هي في الثلث المعطّل.
وبدا أن باســيل تولّى الــرد على الحريري نيابــة عــن رئيــس الجمهوريــة مــع العلم أن أكثــر من بيان صــدر عن رئاســة الجمهورية في الســابق حول عدم علاقته بإدارة معركة تأليــف الحكومة وعدم وقوفه وراء التعطيل. وأوضــح رئيس التيــار البرتقالــي «أننا قمنا بــكل التنــازلات لدرجــة عــدم المشــاركة في الحكومــة، وقلنــا إننا نعطي الثقــة للحكومة إذا تألفّــت بمعايير واحدة. وإذا لا، تســتطيع أن تأخذهــا مــن دوننا، لكن لا يســتطيع أحد إجبارنــا على إعطاء الثقــة لحكومة لا تحترم معاييــر الدســتور والشــراكة وإلا يعتبرنــا معطّلين».
وقال «قبلنا بأي حل يحترم الميثاق ويلتزم بالدســتور ويصــون الحقــوق. لكــن فهموا تســاهلنا ضعفــاً والســكوت عــن التطــاول اليومي علينا انكســاراً، في معركة الدفاع عن الحقــوق لا يجرّبنا أحد ويعتقــد أننا تغيّرنا. ولا أحد يستسهل السطو عليها أو يستنسخ تجــارب فاشــلة. لــن ندعكــم تعيــدوا الزمن 30 ســنة إلى الــوراء». وأضــاف: «أولاً، نريد حكومة لأن ليس من المعقــول أن يكون العهد بصدد ترك حاله من دون حكومة!
- ثانيــاً، نريــد حكومة بســرعة لأنه ليس من المعقول أن يكون العهد في صدد خســارة الوقــت المتبقّــي لــه. بالعكس، من يســوّقون هذا الشــيء، هم يعملون ليخسر العهد أيّاماً أكثر دون حكومــة حتى ولو انهار البلد أكثر. يقولــون علنــاً أن العهد يجب أن يخســر أكثر ولو انهار البلد أكثر. فليست مشكلة أن ينهار البلد، المهم أن يسقط ميشال عون.
«الحريري ليس عنواناً للإصلاح»
- ثالثــاً، نحــن بتنا نريد حكومة برئاســة الحريري، رغم قناعتنا انّه غير قادر أن يكون عنوانــاً للإصــاح ولذلك لم نســمّه. لكن بعد أن تمّت تســميته خلافــاً لرغبتنا، باتت هناك مصلحة ليشــكّل حكومة ويتحمّل المسؤولية مع الرئيس من بعد ما هرب منها في تشرين/ اكتوبــر 2019». واعتبر باســيل أن «ما يؤخّر الحكومــة هــو أســباب خارجيــة وأســباب داخليــة» وجدّد التأكيــد أن «من دون رضى رئيــس الجمهوريــة وموافقتــه لا تتشــكّل الحكومــة، وبــدون رضــى رئيــس الحكومة المكلّــف وموافقتــه لا تتشــكّل الحكومــة. ليس أحــد يشــكّل الحكومة والثانــي يصدّر مرســومها! عندمــا يقــول رئيــس الحكومــة المكلّــف لرئيس الجمهورية: أنا أشــكّل وانت توقّــع، يكــون يضــرب وحــدة البلــد وينحر الدســتور. وبعدهــا يبكــون علــى الطائــف. ينحرونه ويبكون عليه!
رئيــس الجمهورية ليس رئيس كتلة نيابية حتّــى نقول لــه، أعطني أســماء وأنــا أختار منها! إذا هو شــهم وصدّق وأظهر له مسودّة أســماء أوليّــة عــن كل الــوزارات والطوائف ليبيّــن أي نوعية وزراء يفكّــر بها ليس معناه أن تصبح في الإعلام.»
واتهــم باســيل الحريــري بالتحايــل في توزيع الحقائب من خلال الاحتفاظ بوزارتي الداخليــة والخارجيــة وترك الدفــاع لرئيس الجمهورية والمالية للشيعة، كما اتهمه بتقديم اقتــراح يناقــض الآخر فــي كل زيــارة، وكلّه تحت ســتار الاختصــاص كأن الاختصاص وكالة حصرية لأحد وهو وحده يفهم فيها .« وسأل «لماذا هذا التعاطي غير السوي بالعدد، بالوزارات، بالأســماء... بمعيارين ومكيالين. دولــة الرئيس متفاهــم مع الثنائي الشــيعي ونحن نشــجّع. إنما هذا تحــت الطاولة. فوق الطاولــة يتهجّــم علــى التيــار وعلــى رئيس الجمهوريــة ليغطــي ويعــوّض لشــارعه عن تفاهمه مــع محور المقاومة. لكن البعض يفكّر بترجمة هذا التفاهم السني الشيعي بتحالف رباعي جديد ويعزل المســيحيين. هذا الشيء لن يحــدث مجدداً لأننــا لا ننعزل ولأن حزب الله لا يلعب تحت الطاولة.»
الثلث المعطّل
واعتبر باســيل الثلث المعطّــل حقاً لرئيس الجمهورية لوحده حســب محاضر الطائف، كتعويض لرئيس الجمهوريّة عن الصلاحيّات المأخــوذة منه وضمانــة لــدوره الميثاقي في النظــام. إما ثبّتــوا له هــذا الثلــث او ردّوا له صلاحيّــات أو تفضّلــوا على نظــام جديد.» ولفت إلــى «أن الســنّة عبر رئيــس الحكومة لديهــم صلاحيّــات أكثر من الثلــث الضامن، وباستقالته تسقط الحكومة. الشيعة عندهم الثلــث الضامن بالممارســة، ولأنّه بخروجهم مــن الحكومــة تفقــد ميثاقيّتهــا، وتســقط. الــدروز يقولون انّــه بحكومــة 18 وباحتكار التمثيــل لوليــد جنبــاط وباســتقالة وزيره تســقط الحكومــة ميثاقياً. لماذا المســيحيون مجموعــن: أرمــن، وكاثوليــك وارثوذكــس وموارنــة، تريــدون أن تمنعــوا عنهــم الثلث الضامن ؟».
وقال «نحن فــي هذه الحكومــة بالذات لا نريد الثلــث، لأن من جهة، هــذه آخر حكومة في العهد وأكيد لا نريدها أن تســتقيل، ومن
جهة ثانية، لأن الرئيس القوي عندما يمارس دوره عــن حق في جلســات مجلــس الوزراء لا يحتــاج للثلــث بعدد من الأمــور، ومن جهة ثالثة، لأن ببعض الأمــور الأخرى نعرف انّنا وحزب اللــه يكون لدينا الثلــث نظرياً ولدينا ثقــة انّ حزب الله يلتــزم بكلمته عندما نكون متفقين معه.
ثالثاً وأهم شي: لا الرئيس ولا نحن طالبنا بالثلــث زائــداً واحــداً، ونحنــا لا نكــذّب ولا نخبّئ، ولو أردناه، نقولها على رأس الســطح ونعمــل معركــة عليها تشــرّفنا لأنّهــا حقّنا. إنمــا فــي حكومــة اختصاصيين مســتقلين وغير حزبيين، الرقم نظــري وليس له معنى! وهذه حكومة حسان دياب أكبر دليل». ودعا «الــى التوقّــف عن الافتــراء في قصــة الثلث زائــداً واحــداً والكــذب على عواصــم العالم انّنــا نريــده لنتحكّم في الحكومــة قبل العهد وبعــده، وحتــى يكون جبران باســيل رئيس جمهورية .»
وقف العدّ
ورأى باســيل» «أن المناصفــة الحقيقيــة باتــت مــن البديهيّــات ولــم تكــن المناصفــة العدديّة مشــكلة فــي الطائف أو بعــده، إنما المشــكلة كانت بالمناصفــة الحقيقية. ونحن تربّينــا علــى مبــدأ انّ المســلمين اللبنانيــن يحفظــون للمســيحيين دورهــم الكامــل ولو صــاروا 1 لأن عندهــم قناعة انّ هــذه ميزة التنوّع في لبنــان وأن المســيحيين اللبنانيين اختــاروا لبنان الكبيــر للعيش مع المســلمين بــدل الوطن الصغيــر، لأن المســلمين يعطون هــذه القيمــة المضافــة للوطــن الكبيــر. إنما ليس هذا الذي عشــناه مــن 1990 لغاية 2005 سياســة وقف العدّ ترجمت بماذا؟ بمرسوم التجنيــس ســنة الـــ 94 الــذي أدّى إلــى أوّل خلــل ديموغرافي مفتعل بأكثــر من 200 ألف عائلة وملف ودفع ثمنه دولارات؟ او بقوانين الانتخاب؟ او بالحكومات غيــر المتوازنة؟ او بــالإدارة؟ او بالاقتصــاد؟ أو بالــكلام الذي مازال يطنّ بآذاننا انّ عون والجميّل والتويني متطرفون، وأن المسيحيين المعتدلين هم الذين نأتي بهم على لوائحنا».
وقــال «نحــن وحدويــون لأن الوحــدة الوطنيــة تخلــق مــن الشــراكة الفعليــة. امّا الظلم والتعــدّي على الحقوق فيبرّروا صدور اصــوات الفدراليّة وحتّى التقســيم ونحن لا نريدها. أوقفــوا التعدّي! الطائفــي هو الذي يتعــدى على حقوق غيره وليــس الذي يدافع عــن حقوقــه. هناك مُعتــدي وهنــاك مُعتدى عليــه؛ الرئيس اليــوم هو في موقــع الُمعتدى عليــه. المطلــوب هو اســتئصال مــا تبقى من دور لرئاســة الجمهورية وعــدم تكرار تجربة الرئيس القوي.
فــي المقابــل، الرئيــس بشــار الأســد قال لي مرة، نحــن مصلحتنا في ســوريا، بعدما تعلّمنــا مــن أخطائنا فــي لبنان، انّــه لو بقي مســيحي واحد في لبنان يجــب أن يكون هو الرئيــس وصلاحيّاته قويّــة؛ ومصلحتنا في لبنان وســوريا والمنطقة انّ يبقى المسيحيون بدورهــم وبخصوصيّاتهــم مــن دون أن يذوبــوا، لأنهــم إذا رحلوا نفقد التنــوّع، واذا فقدناه يقوى التطرّف ويســهل ضربنا اكثر. الســوريون تعلّموا مــن تجربتهــم وأزمتهم، وبعض اللبنانيين لم يتعلّموا بعد».
وطــرح باســيل مبــادرة عناوينهــا هــي» أولاً أن يتــم رفع عــدد الوزراء مــن 18 إلى 20 ليس لنأخــذ وزيراً مســيحياً اضافياً لرئيس الجمهوريــة، نحن نقبــل أن يأخــده «المردة» إنمــا ليــس رئيــس الحكومــة، وأفضــل إذا يرفعــون العــدد لـــ 22 او 24 ليحترمــوا مبدأ الاختصاص، ولا يستلم وزير واحد وزارتين لا علاقة لهما ببعض.
ثانياً، بالنســبة للحقائب، نحــن في التيار اصرارنا فقط على العدالــة والتوازن بتوزيع الحقائب بكل فئاتها.
ثالثــاً، بالنســبة إلى التســمية نريــد مبدأ واحداً يطبّق على الــكل ونحن نقبل بما يقبل حزب الله ان يطبّــق عليه. عندما يقول رئيس الحكومــة المكلّف انّ تســمية الوزراء الســنّة من حقه حصراً، ويأخذ من الاشــتراكي اسم وزيــره، وينتظر من الثنائي الشــيعي إعطاءه وزراءهم، إذا يكون يقبل انّ تشكيل الحكومة يخضــع لمبدأ فدراليــة الطوائــف والأحزاب، وإذا كان الأمر كذلك فالمبدأ الســائد يجب أن يُطبّق على المســيحيين من رئيس الجمهورية لــكل كتلــة راغبــة فــي المشــاركة. وإذا طرح رئيــس الحكومــة انّ يتــم اتفاق على اســماء وزراء مســيحيين على قاعــدة وزير ملك، فلا مانع لكن هذا الشيء بيطبّق كذلك على وزراء مســلمين». وختم «اذا كنتــم لا توافقون على هذا الطرح فلدينا طرح ثان أســهل وأفعل. لا تدخلونا في الحكومة، وخــذوا الثقة منّا في المجلس النيابي مقابل شروطنا بالإصلاح.»
المستقبل: باسيل ما زال في لالا لاند
فــي المقابــل، ردّ «تيــار المســتقبل» علــى مــا ســمّاها «مطالعة باســيل المطوّلــة حول الحكومــة والدســتور والمعاييــر» ورأى فيها «تكــراراً لمواقف لا تحمل جديداً ولا تفتح ولو ثغرة صغيرة في جدران العرقلة والتعطيل». واعتبــر التيــار «أن مطالعة باســيل تضمنت كل مــا ينطبق عليــه جملة وتفصيــاً، فرمى مــا عنده وفيه من أســباب الفشــل والعرقلة وتعليق العمل بالدســتور والــكلام عن الغدر والطعــن بالظهر وقلــة الوفاء علــى الرئيس ســعد الحريــري، لتحميله مســؤولية الخلل الذي يعانيه العهد وفريقه السياسي».
وقال «الشــخص ما زال يقيم في لالا لاند، ويفــرض علــى رئاســة الجمهوريــة الاقامة الجبرية فــي الانكار للمتغيرات التي نشــأت بعــد 17 تشــرين، ويعتبــر اســتقالة الرئيس سعد الحريري وتجاوبه مع الحراك الشعبي ضرباً من ضروب الغدر السياســي. لقد غاب عــن جبــران أن مقتضيات الصــدق والوفاء، فــي قامــوس الرئيــس الحريــري، تتصــل بمقــدار الوفــاء للمصلحــة الوطنيــة العليــا وقضايــا المواطنين ومطالبهــم الملحّة، وليس بمقــدار الوفاء للعلاقــات الخاصة والمصالح الشخصية».
وأســف «أن يشــهد اللبنانيــون من خلال الطحن الكلامي لباســيل، انتقال قرار رئاسة الجمهوريــة من قصر بعبدا إلى ســنتر ميرنا الشــالوحي، وأن يســتمعوا لرئيــس الحزب الحاكــم كما لو كان الناطق الحصري باســم العهــد القوي. لكن المختصر المفيد لكل ما قيل من عجن: مع جبران فالج لا تعالج».
وختم «في كل الأحــوال، ما يعني الرئيس الحريــري هو ما يصدر عن رئيس الجمهورية بالمباشــر وليس بالواســطة، ومــا قيل يبقى أضغاث أحلام، مع الاشــارة إلــى أن أحداً لم يعرض على الوزير جبران باســيل الاشتراك في الحكومــة، ومحاولتــه إيهــام اللبنانيين بوجــود ضغــوط عليــه للمشــاركة، مجــرد رواية تثير الضحك. كلمة أخيرة، إن المحاولة الجاريــة لتأجيــج العصبيــات الطائفيــة، لــن تنجــح يا جبــران مهما ســعيت إلــى دقّ الأسافين بين المسلمين والمسيحيين. ويكفينا ان تكــون مقاربــة البطريركيــة المارونية خير شــاهد وضامن للوحدة الوطنيــة، وخير من يتصدّى لأبواق التحريض».
وردّ عضــو الحــزب التقدمي الاشــتراكي النائب هادي ابو الحســن عبر «تويتر» قائلاً «لم نؤمــن يوماً بمعاييركــم وبدعكم، كنا ولا زلنا من الرافضين لهذه الاجتهادات ولتجاوز الدســتور، كل الكلام الذي ســمعناه اليوم لا أهمية لــه أمــام آلام الناس وجوعهــم وأمام صرخــات أهالي الضحايا فــي انفجار المرفأ وأمام قلق الشــباب على مستقبلهم، كلامكم كمــن يعيــش فــي كوكــب آخــر ويخطب في الخـواء والعدم!».