Al-Quds Al-Arabi

المغرب: أكبر النقابات التعليمية تعلن رفضها إدراج تراث اليهود في المنهاج الدراسي

- الرباط ـ «القدس العربي»:

ما زالت قضيــة إدراج التــراث اليهودي في المناهج التعليمية المغربية تثير ردود فعل مختلفة. وفي هــذا الصــدد، وجهت «الجامعــة الوطنية للتعليم» (أكبر نقابة تعليمية في المغرب( رسالة قوية إلى وزير التربية الوطنية، أعربت فيها عن رفض تجنيد نساء ورجال التعليم واستخدامهم بأي شكل من الأشكال لتمرير المشاريع التطبيعية مع الكيــان الصهيونــي، رافضــة تزييف وعي الأطفــال المغاربــة وتحريف التاريــخ الحقيقي للصراع ضــد الصهيونية باعتبارها شــكلاً من أشكال العنصرية والاستيطان.

وفي الرســالة التــي اطلعت عليهــا «القدس العربي» قالت النقابة التعليمية إن الوزير سعيد أمزازي سبق أن كشف، خلال مباحثاته الهاتفية مع أحد وزراء إســرائيل، تفاصيل الشراكة التي تعمــل وزارة التربية الوطنية على إقامتها معها، واعتبرت أن ذلك «ســيحول منظومتنا التربوية والتعليميـ­ـة وبلادنــا إلى مرتــع لتطبيع عقول بنات وأبناء شــعبنا من تلاميذ وطلبة ومتدربين ومدرســن من الأولي إلى العالي... عبر اعتماد أخطر أشكال التطبيع، وهو التطبيع التربوي».

وقالــت إن الوزير تحدث عن إدراج ما ســمي بـ«تراث اليهود» في المنهاج الدراســي المغربي، انطلاقاً من الموسم الدراسي المقبل، مباشرة بعد قرار إعادة العلاقات مع إســرائيل». كما أشارت إلى أن الخطوط العريضة للبرامج المشــتركة في مجال التربية والتعليــم، تتضمن توأمة مدارس ثانوية، وإجراء مســابقات تعليميــة بالعربية، والعبرية، وإقامة عروض موســيقية وفنية في عيد «الميمونا» وتبادل الوفود الطلابية، وتنظيم جولات دراســية في فلســطين المحتلة والمغرب لتعميق العلاقات الدبلوماسي­ة.

قيم التسامح

كما جاء فــي الرســالة أن «الجامعة الوطنية للتعليــم- التوجــه الديمقراطي» إلــى جانب الهيئات المغربيــة المناهضة للتطبيــع والمدعِّمة لنضال الشــعب الفلســطين­ي، ترفض «أي شكل من أشكال التطبيع مع إســرائيل، انطلاقاً من أن القضية الفلسطينية بالنسبة إلى الشعب المغربي هي قضية وطنية. كمــا أن الكيان الصهيوني هو كيان اســتعماري اســتيطاني عنصري برعاية إمبريالية».

وسجلت أن توظيف قيم التسامح هو محاولة لتمرير مشــاريع مناقضة لها، من إخفاء الطابع العنصري للصهيونية، وبأن للكيان الصهيوني الحق في بناء المستوطنات وتهجير الفلسطينيي­ن وأسرهم وقتلهم وتدمير القرى والمدارس والمدن المغتصبة. كمــا أن التطبيع هو شــرعنة لجرائم الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني ومنها الاحتلال والاســتيط­ان وبناء الجــدار العازل، وكلها جرائم ضد الإنســاني­ة في القانون الدولي لحقوق الإنسان، وفق ما جاء في الرسالة.

واســتطردت النقابة الوطنية للتعليم قائلة: «وجب أن نكون ونبقى كنســاء ورجال التعليم وتلاميــذ وطلبــة ومتدربــن... فــي مختلــف المؤسســات التعليمية وخارجها في المغرب، في مواجهة كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني الذي شيد على الإرهاب والعنف والإجرام، وهو مدين بوجوده إلى منظمات إرهابية قاتلة، ومنها تكون جيش الاحتلال فيما بعد.»

وذكّــرت في رســالتها بالإبــادا­ت الجماعية البشــرية والثقافية والتراثيــ­ة.. ومجزرة دير ياســن واغتيال وســيط الأمم المتحدة الكونت برنادوت العام 1948 ومذابح قبية واللد والرملة، وصبرا وشاتيلا في بيروت العام 1984 ومجزرتي قانا في جنوب لبنان ومجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل، وانتهاء بحــوادث القتل والاغتيال والهــدم وتجريف الأراضــي، والحفريات تحت المسجد الأقصى بقصد هدمه وبناء هيكل سليمان المزعوم، وقصف غزة بالفوسفور الأبيض المحرم دولياً.

وأعربــت النقابة عن اســتنكاره­ا مشــاريع الوزيــر المغربي في قطاع التربيــة والتعليم في المغرب وخارجه باسم الدولة والحكومة المغربية مع الكيان الصهيوني. كمــا أكدت رفضها تجنيد نساء ورجال التعليم واستخدامهم بأي شكل من الأشكال لتمرير المشاريع التطبيعية، وكذا رفض تزييف وعي الأطفــال المغاربة وتحريف التاريخ الحقيقي للصــراع ضد الصهيونيــ­ة باعتبارها شكلاً من أشكال العنصرية.

وطالبت بجعل حد لأي تطبيع تربوي وثقافي مع الكيــان الغاصب، وشــددت علــى مقاطعة المؤسســات الأكاديمية للكيــان الصهيوني على كافة المســتويا­ت، لتواطؤها في إدامة الاحتلال وأشــكال الاضطهــاد الصهيونيــ­ة الأخرى ضد الشــعب الفلســطين­ي؛ داعيــة إلــى مواجهــة ومناهضة التطبيــع والمطبّعين وتحصين الكوادر التربوية من محــاولات الاختراق التي تقوم بها الدعايــة الصهيونية، وبتعميــم ثقافة مناهضة التطبيع في أوساط التلاميذ والطلبة والمتدربين، وتجسيد مبادئ التضامن مع الشعب الفلسطيني والتعريف بقضاياه.

وورد فــي الرســالة أيضــاً التنصيص على رفض إعــادة تكييف مناهج التعليم للتســاوق مع الإيديولوج­ية الصهيونية؛ مشيرة إلى أن ما يجب التأكيد عليه في مناهج التعليم في المغرب هو إدمــاج التعريــف بخطــر الصهيونية على البشــرية عامة، وليس على الشعب الفلسطيني وحده، والتعريف في المقابل بنضالات الشــعب الفلســطين­ي ضد الصهيونيــ­ة وبأوضاع أطفال فلســطين وبواجب التضامن الإنســاني معهم، وتنقيــح المقــررات مــن كل أشــكال العنصرية واشاعة ثقافة حقوقية كونية.

في السياق نفســه، كتبت مدرســة مغربية، اسمها السعدية الفاضلي، تدوينة على صفحتها في «فيســبوك» عبرت فيها عن رفضها المساهمة في المخطط الذي يعتزم وزيــر التربية الوطنية المغربي تنفيــذه. وأكدت أنهــا موظفة في خدمة أطفــال الشــعب، وليســت في خدمــة حكومة إسرائيل الصهيونية، وقالت: سأخبرهم )تقصد التلاميــذ( بالحقيقــة. لــن أحمّلهم مســؤولية تحرير فلسطين، لكن من الإجرام تشويه وعيهم وتكييفه بما يناسب المنبطحين، وتصوير الطفل الفلسطيني الحامل للحجارة عدواً لهم.

كمــا أوردت المدرســة مــا يلي: خــرج علينا السيد امزازي وزير التعليم، بتدوينة تكاد تملك جناحين للطيران فرحاً بما حققه من «إنجازات» وما ســيحقق من خلال لقاء عبر الإنترنت بوزير التعليم الصهيونــي. ونقل إلينــا بحبور تأكيد نظيره علــى «أهمية التعاون فــي قطاع التعليم لإبراز التاريخ العريق الذي يربط بين البلدين.»

وأضافت: نعــم، هكذا تحدث الســيد الوزير عن «بلدين» كما لو كانت «إســرائيل» أيضاً بلداً ككل البلــدان و«عريقة» أيضــاً تضرب جذورها في التاريخ، وهي التي يوجد في فلسطين شيوخ مفاتيح بيوتهم أقــدم منها. هكذا بكل بســاطة، يريد وزيــر التعليــم تجنيدنا كرجال ونســاء للتعليم لنشــارك في عمليــة قيصرية نجعل من خلالها التاريخ يلد رغماً عنه «عراقة» صهيونية و«مجداً» لقيطاً ونربيه مع أطفالنا.

واستطردت قائلة: نعم يا سادة، تحدث السيد الوزير عن «مشــاريع مشــتركة» مع الصهاينة، وطبعــاً لن ينفذها الوزير وحــده، بل يريدنا أن نكون نحن وتلاميذنا وأبناؤنا أدواتها؛ فالسيد الوزير نقل إلينا رغبة رومانسية أخرى عبر عنها نظيــره متمثلة في تبادل الزيــارات بين «تلاميذ البلدين» وترســيخ «قيــم التســامح والعيش المشــترك». طبعاً، فالمطلوب منا هو ترسيخ قيم مســامحة الصهيونيــ­ة على جرائمهــا في وعي أطفالنا، وتفريخ جيل مــن «الواقعيين» المنقلبين على أدبارهم بدعوى ضرورة البحث عن أراضي المغرب الضائعة في تدوينات الحمقى من رؤساء الــدول. وطبعــاً هــذه الرغبــة الصهيونية في مضاجعة وعي أطفالنا البــريء يحكمها اعتقاد راسخ لدى هذا الصهيوني بأننا هنا في فصولنا رهن إشــارة جده هرتزل ولا أخلاق لنا غير رقم التأجير.

ووجهت صاحبة التدوينــة كلامها إلى وزير التعليم مؤكدة: «أنا كمدرسة، لن أكون أبداً جزءاً من مشاريعكم المشــتركة مع الكيان الصهيوني. لن أقــول للأطفال أبداً بــأن تاريخاً يربط تاريخ أجدادهم بالصهيونية. لم يكن مقاوم الاستعمار الفرنسي موحى وحمو الزياني يعرف هرتزل. لم يكن عبــد الكريم الخطابي يعرف هرتزل، بل كان يعرف جمال عبد الناصر عدو الصهيونية».

وتابعت موضحة: «سأســتغل فتح هذا الملف في المؤسســات التعليمية لأخبــر التلاميذ بأن إســرائيل لا تمثل الديانــة اليهودية أبــداً، بل تستغل الديانة اليهودية لإعطاء شرعية لنفسها ككيان احتــال. وأن قبــول الديانــة اليهودية يدخل في ســياق قبــول كل الديانــات الأخرى وقبول الاختــاف العقائدي عامة، ولا يعني أبداً التســامح مع الحركة الاســتعما­رية الصهيونية المبنية على ســرقة أرض الآخرين، وبالتالي آخر مــن يمكن التنســيق معه للدفاع عنــه هو كيان عنصري كإسرائيل».

في الاتجاه ذاته، ندد الأمين العام «للمرصد المغربــي المناهــض للتطبيع» عزيــز هناوي، بالاتفاق الذي تم بين وزيــري التعليم المغربي والإســرائ­يلي، حــول إطلاق برامــج لتبادل الطلاب و»توأمة مدارس ثانويــة». مؤكداً أن هنالــك محاولــة لتمرير أجندات الاســتعما­ر الثقافــي ومخططات الصهينة بغســيل أدمغة تلاميذ المدارس العمومية.

وقال في تدوينة على حسابه في «فيسبوك» إن «الهرولــة عندمــا تتجــاوز التطبيــع إلى الصهينة التعليمية.. الأمر لم يعد «مجرد مكتب اتصال» تحت غطاء تغريدة ترامب والصحراء، بل الحكاية يبــدو أنها عملية قرصنة شــاملة لتاريخ وهويــة وموقع وموقــف المغرب عبر أدوات يتم تنصيبها خارج العملية الانتخابية الديمقراطي­ــة والمبتــور­ة من رحم الشــعب، ليتم عبرها تمرير أجندات الاســتعما­ر الثقافي الفرنكفوني ومخططــات الصهينة التطبيعية بغسيل أدمغة تلاميذ المدارس العمومية».

الرافد اليهودي

وســبق للوزير ســعيد أمــزازي أن قال إن «ســياق إدراج التعبيــرا­ت الثقافيــة للرافد اليهودي وتاريخ اليهود المغاربة ضمن البرامج الدراســية يأتي للتأكيد على انخراط المدرسة المغربية في تثبيت الهويــة الوطنية، متنوعة المقومــات، والموحدة بانصهــار كل مكوناتها» وأوضح فــي تصريح لصحيفة «هســبريس» أن الــوزارة ارتــأت أن يكــون الإدراج الأول مقتصراً على الدولة العلوية وعهد الســلطان ســيدي محمد بن عبد الله ضمن استراتيجية استشــرافي­ة دقيقة، مشــيراً إلى أن الهدف في هذه المرحلة «التذكير بقيم التعايش والتسامح التي تميز بلادنا وترســيخها، ومنهجيتنا هي إدراج الرافــد اليهودي في المناهج الدراســية للمنظومــة بغيــة ملاءمتهــا مــع مقتضيات الدســتور وتثميناً لزيارة جلالــة الملك لبيت الذاكرة .»

وقــال أنــدري أزولاي، مستشــار العاهل المغربي، السبت، إن «الطريق من الصويرة إلى بني ملال ومن بني ملال إلى باقي جهات المغرب الأخرى، أصبحت اليوم مشــرعة أمام شراكة الجيل الجديد من أجل ترسيخ وتقاسم دروس وعبر وجوهــر تنوعنــا الثقافــي والروحي وذاكرتنا التاريخية المشتركة .»

وبمناســبة التوقيــع على اتفاقية شــراكة بين إدارة التعليم في جهــة بني ملال خنيفرة و»جمعيــة الصويــرة موغــادور» و»مركــز الدراسات والأبحاث حول القانون العبري في المغرب» اعتبر المستشار الملكي «أن الأمر يتعلق بمنعطــف حقيقي يجســد الزخــم التاريخي الذي يشــهده المغرب الذي اختــار الاعتراف وتعليم وتعزيز عمق وشرعية تاريخنا المتناغم وذاكرتينا المتواشــج­تين» قبل أن يشــير إلى الأثر الاســتثنا­ئي الوطني والإقليمي والدولي للزيــارة التاريخيــ­ة والرمزية التــي قام بها العاهل المغربــي محمد الســادس إلى متحف «بيــت الذاكرة» يوم تدشــينه فــي 15 كانون الثاني/يناير 2020 في الصويرة.

 ??  ?? اليهود في المغرب
اليهود في المغرب

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom