Al-Quds Al-Arabi

بوار ينذر بخطر

-

محنته تتفاقم

تقــدم محمد كمــال المحامــي، وكيلا عن 151 مــن بينهم وزير ســابق، ببلاغ للنائب العام المستشار حمادة الصاوي طالب فيــه بالتحقيــق مع الإعلامــي تامر أمــن، واتخاذ الــازم قانونا، لارتكابــه جريمة التنمر والســب والقذف عبر القنــوات الفضائية في حق الصعايــدة. ووفقاً لعبده الجهيني في "فيتو" ذكر البلاغ أن المشكو في حقه قام بإثارة الفتن وتعكير الصفو العام من خلال هجومه غير المبرر على الصعايدة، واتهامهم بأنهم ســبب في الزيادة الســكانية. وأوضــح البــاغ أن ما قام بــه تامر أمــن، جريمة في حق الصعايدة الذين قامت على أيديهم النهضة، وبســواعده­م شيدت المباني واشــتغلت المصانع. وتابع البلاغ أن ما ذكره المشكو في حقه في حق الطبقة البسيطة التي تمثل ركنا من أركان المجتمع يقوم عليها كامل بنيان المجتمع، إذا ما اختلت ينهار المجتمع ويفقد توازنه. وأشــار البلاغ إلى أن ما تحدث به يعد تنمرا على ظروف أبناء الطبقة البســيطة الكادحة، لا يقبــل جميع أطياف المجتمع، كمــا أن القانون نص بأنه لا يجوز لأي شخص أن يتعرض للحياة الخاصة للمواطنين.

ممارسات خطيرة

يثــور في مصــر جدل ســاخن الآن علــى خلفية بعض الممارســا­ت الإعلاميــ­ة الحــادة، التي بــدأت تأخذ منحى خطيراً، في ظل تزايــد تأثيرها في الــرأي العام المضطرب والمتوتر في الأساس. وحســبما يرى ياسر عبد العزيز في "المصــري اليوم"، يقف وراء معظم تلك الممارســا­ت الحادة مذيعــون ومذيعات من النجوم الأكثر شــهرة وانتشــاراً وتمتعاً بالدخول الكبيرة، ويبــدو أن ثمة علاقة طردية بين الممارسة الحادة من جانب، والرواج و«النجاح» من جانب آخــر؛ وهو الأمر الذي ينذر بكثير مــن المخاطر على صناعة الإعــام والرأي العام في آن. لا يوجــد مجتمع لا يعاني من ممارســات إعلامية حادة، يرتكبها بعض النجوم تحديداً، حيث تحدث تلك الممارســا­ت في معظم الدول، سواء كانت متقدمة أو نامية. ســيمكننا اســتخلاص العبــر من بعض الوقائع التي حدثت في نظــم إعلامية مختلفة في ما يخص تجــاوزات الإعلاميين تحديداً، كما ســيكون مــن المهم جدا معرفة كيفيــة تصرف وســائل الإعــام والمجتمعات التي ينتمــون إليها، معهم فــي حال وقوعهم في الخطأ. تشــير وقائع عديدة تجســد أخطاء ارتكبها إعلاميون وإعلاميات في بيئــات إعلامية مختلفة إلى جملة مــن الحقائق؛ أولاها أن المذيعــن، مهمــا كانوا نجومــاً، يرتكبــون الأخطاء في معظــم دول العالم، وفى أفضل النظــم الإعلامية، وثانيتها أن معظم تلك الأخطــاء ينطلق من خلط الإعلامي بين الرأي والخبــر، أو بين موقفه ومــا يجب أن يقولــه للجمهور، أو بين دوره كناقل للأخبار والأحداث، وميســر للنقاش العام إزاءهــا، وكونــه زعيماً سياســياً، أو مفكــراً أو قاضيا، أو محتكراً للحقيقة. تشير تلك الوقائع أيضا إلى أن معظم هذه الأخطاء ينطوى على جرائم، وإن حرص بعض المجتمعات على أن عدم المساس بحرية الرأي والتعبير يؤدي إلى عدم توقيــع عقوبات قضائية بحق هــؤلاء الإعلاميين في بعض تلك الوقائع، لكن ما لا يمكن تجاهله في معظم هذه الوقائع، إن لم يكن كلها، أن وســائل الإعلام الكبيرة التي يعمل فيها هؤلاء الإعلاميون تتخذ إجراءات عقابية حاســمة في حق المخطئين، وترسي معايير وتدابير فعالة للحد من أخطائهم، ليس من بينها عودتهم للعمل بالأسلوب ذاته، عقب انقضاء العقوبة.

لا عزاء للإعلام

ويواصل ياسر عبد العزيز، أما في مصر، فثمة مذيعون ومذيعــات يرتكبون الأخطاء الكبيــرة، ويتعرضون إلى أشــكال من النقد والمحاســب­ة، لكنهم يعودون إلى العمل ســريعا، ويقعون في أخطاء أخرى مشــابهة، ويفجرون المزيد من المشكلات، والسبب يكمن بوضوح في أن الأقنية التي يعمل فيها هــؤلاء الإعلاميون تضمــن لهم عروضا جديدة للعمــل، كلما أثبتوا القدرة علــى تفجير الأزمات. وبســبب ذلك، يكرر المجال الإعلامي المصري سلســلة من المخالفات المريعة التي تُعرض على أقنية الإعلام الوطني؛ ومنهــا إذاعة مكالمــات هاتفية خاصة بغــرض الحط من شــأن شــخصيات سياســية بعينها، وتوجيه الشتائم والاتهامات المرســلة لجماعات وشــخصيات على الهواء مباشرة، وصولًا إلى توجيه الشــتائم للجمهور ووصفه بأنه «خانــع وأبله ومُفرّط في حقه»، فضلًا عن التســبب في أزمات دبلوماسية مع بعض الدول، عبر إهانة السفراء والشــخصيا­ت القياديــة، وطرد بعــض الضيوف على الهواء، وغيرها من المخالفات المشــهورة في تاريخ العمل الإعلامي. لكــن الرابط فــي كل المخالفات التــي يرتكبها الإعلاميون المصريون في هذه الممارسة الحادة والهوجاء هو الاســتمرا­ر والتصاعد مــن جهة، وعــودة الإعلامي المخطــئ إلى العمــل دومــاً بالطريقة ذاتهــا التي فجرت الأزمات من جهة أخرى. تقوم بعض وســائل الإعلام التي ينتمي إليها إعلاميون ارتكبوا تلك الأخطاء بتقديم اعتذار أحيانًا، لكن الإعلامي المخطئ عادة مــا يعود إلى ارتكاب الأخطاء ذاتها، وبشــغف أكبر. والأخطر من ذلك أن أهمية المذيــع المخطئ ورواج برنامجه وســعة انتشــاره تزداد بوضوح كلما كان الخطــأ الذي يرتكبه أكبر وأكثر فداحة، من دون محاسبة ناجعة للإعلاميين المتجاوزين، وتغيير طريقة عملهم الخاطئة، ستظل أخطاء الإعلام تتفاقم، ولا عزاء للجمهور، ولمهنة الإعلام.

لماذا يكرهونه؟

انتاب الحــزن والغضب طارق الشــناوي في "المصري اليوم"، بســبب الهجوم الواســع الذي تعرض له الإعلامي عمرو أديــب مؤخراً: "هكذا رأيت البعض على السوشــيال ميديا يُكثر مــن الدعاء ليس من أجل شــفاء مريض، ولكن لكي تفتح الســماء أبوابها وتنتقم من إنســان بأن تقضي عليه. عبر التاريــخ القريب كان النــاس يختلفون، وربما يتجاوزون، أثناء تبادل الكلمات التي تتحول إلى لكمات، إلا أنهم عند المرض أو حتى بمجرد عدم القدرة على الرد تتوقف تماما المعركة، وإذا لم يســتطع المنافس أن يدعو بالشــفاء للخصــم فهو علــى الأقل يكتفــي بالصمــت، ويتوقف عن المشاركة في توجيه ضربات عشوائية، حتى فضيلة الصمت باتت مستحيلة، الأمر ليس له علاقة برأيك في مذيع تروقك طريقته أمام الكاميرا، أو ترفضها، تُمسك عليه تناقضات، أو تفوتها له، صوته العالي يزعجك، تختلف معه في استخدام أسلوب تلقين الجمهور، لا بأس قل رأيك، وانتقد، فهذا حقك الطبيعي أو أَدِرْ مؤشــر )الريموت كونترول(، لديك عشرات من البرامج المنافســة، واختر المذيع الذي يحلو لك، فلا أحد يمنعك من ممارســة هذا الحق. الكراهية الســوداء ليست أبداً من بــن الاختيارات الممكنة، انتظرت بعد الحادث الذي تعرض له عمرو أديــب أن أرى الروح المصرية التي تعودنا عليها، وهي تدعو بالشــفاء للجميع، ولكــن كان من بين ما قرأت كلمات أخرى لا تعبر ســوى عن تفشــي الســواد في قلوب العديد من طبقات المجتمع. ما الذي حدث فصارت تلك المشاعر المرضية تسيطر على الموقف؟ أعلم طبعاً أن أصحاب الصوت الصاخب والقلوب الســوداء هم الذين يملكون مع الأسف القسط الأكبر في التعامل مع الوسائط الاجتماعية، إننا كمجتمع صرنا نعيش في بحيرة من التردي الأخلاقي. اختتــم الكاتــب كلامــه غاضباً: إنهــا رصاصــة في قلب الإنسانية، قبل أن تُوجه إلى قلب المذيع عمرو أديب".

المشهد السياسي المصري

مســاء الأربعاء الماضي، ســأل عماد الدين حســن في "الشــروق"، خبيــرا قريبا جــدا من الحكومة عــن قراءته لتصريحات الرئيس عبدالفتاح السيســي في الإسماعيلي­ة صباح الثلاثاء الماضي، بشــأن قبولــه للمعارضة الهادفة. الخبيــر مطلع بدقــة على المشــهد السياســي المصري منذ ســنوات، ويعرف واقع المعارضة المصرية. هو قال لي الآتي أنقلــه مع بعض التصرف. أولا: المعارضة ليســت منحة من الدولــة أو الحكومة أو النظام أوالمؤسســ­ات والأجهزة، بل هي عمل نضالي طويــل ومتراكم، وتضحية مســتمرة من المعارضة من خلال تحركاتها وســط النــاس. ثانيا: يجب أن تخرج القوى السياســية عموما من حالة التمحور حول الفراغ السياســي، بمعنــى أنه «يجــب أن لا نظل مقتنعين بأننــا ندرك مــا لا نريد، ولكــن الأهم أن ندرك مــا نريد»، وبالطبع مــا نحن قادرون على تحقيقه فــي إطار الظروف الموجودة. ثالثا: عقب ثــورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، حدث انفتاح سياســي كبير، بإســقاط الحــزب الوطني، لكن النتيجــة الفعلية كانت هي ســيطرة جماعة الإخوان، وحينما تم إســقاط الإخوان فــي 30 يونيو/حزيران 2013، انكشــفت النخب والأحزاب والتيارات السياسية، بسبب عدم وجود مشروع سياسي شــامل لديها، قادر على جذب قاعدة جماهيرية. وينبغي أن لا يتحجج أحد بحصار الأمن للأحزاب، فطوال عامين ونصف تقريبــا من 25 يناير 2011 وحتى 30 يونيــو 2013، كانت الحريات كاملــة، بل منفلتة وزاد عدد الأحزاب عن المئــة، وطوال العامين ونصف العام لم تتمكن كل الأحزاب المدنية من بناء أي قاعدة جماهيرية، بل انشــغلت بمعــارك وصراعات معظمهــا عبثية، وتركت الســاحة خالية للقوى الدينية المتطرفــة، التي تمكنت من الســيطرة على مجلس الشــعب والشــورى، بل رئاســة الجمهورية، ولولا ثورة 30 يونيو/حزيران، لتحولت مصر لإيران أو أفغانســتا­ن أخرى. رابعا: المعارضة الطبيعية لا تكون إلا هادفة، بمعنى أن تكون لها أهداف واضحة، وطرق نضال سياسي مشــروعة، للوصول إلى نتائج محددة، مثل الوصــول للحكم عن طريق صناديق الانتخاب، وتشــكيل الحكومة، وهذا لن يتم إلا عبر ســلوك طريق سياسي طويل الأمد، وليس بمكتســبات استباقية. خامسا: فكرة الوصول للجمهــور لم تعد قاصرة على وســائل الإعلام التقليدية أو الندوات والمؤتمرات الجماهيرية، بل صارت متاحة بصورة غير مســبوقة عبر شــبكات التواصــل الاجتماعي. وصار بإمكان شــخص واحد أن يصل للملايين، فما بالك بالحزب الذي يفترض أن يكون مؤسســة سياسية كبرى تضم آلاف الكوادر المدربة والخبيرة في جميع المجالات. والســؤال هل تملك الأحزاب المصرية ذلك؟

المعارضة الهادفة

ما زلنا مع عماد الدين حســن وما قاله الخبير: سادسا: المعارضــة الهادفة يُقصد بها القدرة علــى طرح رؤى قابلة التنفيذ، وهــذا لا يحدث إلا إذا كان هناك فهم ورصد حقيقي للواقع، وتصور واضح وعملي للحلــول، وفقا للإمكانيات المتاحة، وليس للأحــام أو الأوهام، وأظن أن هذا ما قصده الرئيس السيسي خلال حديثه في الإســماعي­لية. في هذه النقطة يقول الخبير: لا يصح أن يخرج معارض لينسف كل ما تحقق على أراض الواقع، مثل الإنجازات الكبرى الشاملة في البنية التحتية، خصوصــا الكهرباء والطرق والكباري والمــدن الجديدة. من حق المعــارض أن يختلف حول طرق وآليــات التنفيذ، لكن عليه أن يرى الأمــور بواقعية أيضا. ســابعا: ســألت هذا الخبير المؤيد لوجهــة نظرالحكومة: لكــن المعارضة ـ وأقصــد بها المدنية ـ تتهــم الحكومة بأنها تكبلها بكل القيــود، ثم تطلب منها أن تكون جماهيرية، وأن أي خلاف معها، فــإن الحكومة تتهمهــا بالعنف والإرهاب وأنها إخوان.. متى يكون هنــاك هامش حقيقي تتحرك فيه المعارضة المدنية الجادة؟ الخبير قال لي: الدولة متوجســة من بعض المعارضة؛ لأن من يدمن التشــكيك في مؤسسات الدولة، خاصة القضائية، فهو لا يمارس نوعا من المعارضة، بل يفتح البــاب لحالة من الارتباك المجتمعي الشــديد؛ لأن مواجهــة الإرهاب مثلا تتــم بالقضاء، إضافــة إلى الأمن، والدليل أنــه تم تقديم قتلة النائب العام الأســبق للقضاء، وبرَّأ بعضهم، والخلاصة أن التشــكيك في الإنجاز الواضح يعتبر خداعــا للجمهور. ثامنا: وبشــأن فكــرة التضييق الحكومــي التي يتحدث عنها بعــض المعارضين، فإن ثقافة المعارضة في مصر، أصبحت ثورية، بمعنى أن الحد الأدنى، أصبح هو الإســقاط والإزاحــة الكاملــة، وبالتالى فإن رد الفعل المقابل أصبح متوجســا من الأنظمة القائمة، واختفت ثقافة معارضة الإصلاح التي تهدف لتبادل سلمي للسلطة، فتحول الأمر من صراع سياسي لصراع وجودي، وزاد معدل الاســتقطا­ب وإلغاء الآخر، وهنا مكمن الخطر. انتهى كلام الخبير الــذي يعبر إلى حد كبير عن وجهــة نظر الحكومة، والحوار ممتد ومستمر بشأن هذا الموضوع شديد الأهمية.

نقمة أم نعمة؟

أكد الدكتور محمود خليل في "الوطن" أن تنظيم الأســرة ثقافة وليس إعلاماً. واستشــهد الكاتب بأنه منذ الستينيات من القرن الماضي وثمة تحذيرات رســمية من مخاطر الزيادة الســكانية على جهود التنمية. في كل الأحوال كانت وســائل الإعــام تتلقف التحذير الرســمي وتعيد إنتاجه في شــكل رســائل إعلامية تســتمر لفترة من الوقــت، وتحاول توعية المتلقــى بمخاطر كثرة الإنجــاب، وتأثيراتها الســلبية على مســتقبل الفرد والمجمــوع. تحدث الرئيــس عبدالناصر عن «تنظيم الأســرة» فتمدد الحديث عنهــا داخل الصحف، وفي الإذاعة والتلفزيون، ووصل الأمر إلى الأزهر فأصدر الشــيخ محمود شــلتوت كتيباً يؤكد فيه أن الدين لا يمانع في تنظيم الإنجاب. الأمر نفســه تكــرر أيام الرئيس الســادات، ثم في عصر مبارك، ونشط صناع الإعلام في تدشين حملات إعلامية مطوَّلة، تستهدف توعية الناس بأهمية تنظيم الأسرة. لم تؤدِّ هذه الجهــود الإعلامية المتصلة التى انفجرت جهودٌ شــبيهة بها فــي الوقت الحالي، إلى حل واحدة مــن أخطر المعضلات التي نواجهها كمصريين، والمتمثلة في نمو الســكان بشكل لا يتعادل مع نمو الموارد، الأمر الذي يخلق مشــكلات معيشــية لا تنتهي، في الصحة والتعليم والنقل والمواصلات والإسكان والتوظيف وخلافه. المسألة ليســت إعلاماً قدر ما هي ثقافة. وثقافة المصريين بمكوناتها الدينية والاقتصادي­ة والاجتماعي­ة والسياسية لا تجد غضاضة في كثرة الإنجاب.

القنبلة السكانية

حين تتحــدث بما يجول فــي عقلك ويتشــبث به قلبك، فإن كلامك يجد صدى لدى ســامعه، أما إن تحدثت بعكس ما يجول في عقلك وقلبك، فإن كلامك والعدم ســواء، حتى لو صحت وبكيت، ونفــرت العروق في جبهتك. تقول أمينة خيــري في "المصري اليوم"، تخيل معــي رجل دين يتحدث عن قيم وأفكار تقف على طرف نقيض مما نشأ عليه وتعلمه على أيادي مشــايخ ســبقوه، وآمن به وروج له على مدار عقود، ســواء من أعلى المنبر، أو بعد نزوله منه. هل ستجد كلماته قلوباً وعقولاً مســتقبلة، أم متشــككة أم متسائلة؟ هذه المعضلة هي واحدة ضمــن آلاف المعضلات التي تنجم عن الخلطــة الجهنميــة، الديــن بالسياســة، بالاقتصاد بالفيزياء، بالاجتمــا­ع بالخلفة بالعيــال، بالتكاتك بالفقر وهلم جرا. للمرة المليون بعــد التريليون، إن أردناها دولة مدنية )والمدنيــة تختلف عن الكافرة أو الفاســقة( فلتكن، وإن أردناهــا دولة دينية فلنعلن ذلــك صراحة، حتى يهدأ الجميع فتهنأ جماعات الإسلام السياسي والتكفير والهجرة و"داعش" وأبناء عمومته، وكل من تربى في كنفه، ويتوقف أولئك الذين يبحون أصواتهم مطالبين بفصل هذا عن ذاك، مع تعرضهم للســب والشــتم، من قبل أتباع نسخة الدين، التي هبــت علينا في ســبعينيات القرن الماضــي. القنبلة الســكانية آخذة في الانفجار في وجــوه الجميع، لكن أكثر المتضررين ليست الشظايا السكانية الناجمة عن الانفجار. أكثرهم تأثراً هــم الفرق الممولة لعمليات ضخ العيال، وعلى رأســها الدولة، ومعها دافعو الضرائب ممن اكتفوا بطفل أو طفلين، لكــن فوجئوا بأموال ضرائبهــم تخصص لدعم من اختاروا أن يتخذوا من عيالهم أرقامــاً تدر بضعة جنيهات إضافية، أو من تعرضوا للنصب الفكري والاحتيال الثقافي، وآمنوا بــأن الله لا يطلب من عبده المؤمــن إلا ضخ أكبر كم ممكن من العيال، بدون النظر إلى الكيف. أقدر تماماً وأحترم جهود وزارة الأوقاف الثمينــة، التي تقابل بحروب ضارية بعضها تحت الحــزام والبعض الآخر فوقــه. لكن معضلة القنبلة الســكانية وعمليــات ضخ العيال بــدون هوادة، ليســت فقط خطبة جمعة، أو تنويهاً توعويــاً، أو برنامجاً تلفزيونياً. إنها معضلة فكر تحجر وتكلس وصدأ منذ عقود، قام بها البعض مع ســبق الإصــرار والترصد. هذا التحجر يحتاج في رأيي المتواضع ذراعين علاجيتين: الأول جراحية موجعة نســبياً، لكنها تؤتــي نتائج ســريعة ومضمونة، والثانية باطنية تعمــل على مداواة المــرض بالعلاج على المدى الطويل. وهذه الأخيرة آثارها تدوم وتعمل على علاج المــرض وليس العرض. من يقرر أن ينجب أربعة وخمســة وســبعة عيال عليه أن يتحمــل مســؤوليته­م، وحيث أن الإنجاب حرية شــخصية، فليكن أهلاً لها. والقانون يحمي الحريات الشــخصية، بما في ذلك من قرر الاكتفاء بطفل أو طفلين، ثم فوجئ بأموال ضرائبه تخصص لتمويل صاحب الخمس عيال. وفي الوقت نفســه، تعمــل الذراع العلاجية على تعديل المنظومة الفكرية للإنجاب عبر التعليم، وتمكين المرأة، واحترام التخصصات فــي الدين والعلم والاقتصاد والاجتماع.

أهلها يتعذبون

نتوجه نحو "الأخبار" إذ اهتم محمد حســن البنا بأزمة يعانــي منها كل من يقتــرب من وســط العاصمة: "تخطط الحكومة لإعادة القاهرة إلى ســابق رونقها وعبق تاريخها وحضارتها، خاصة مع إنشــاء معجزة العصــر، العاصمة الإداريــة الجديــدة. العاصمــة الجديدة تضــم الوزارات والمصالح الحكومية، ومؤسسات الدولة المختلفة، وبالتالي ينقــل إليها أغلب موظفــي الحكومة. لهــذا نتوقع أن تعود القاهرة المدينة التاريخيــ­ة الجميلة. وحتى يتم ذلك ينبغي للمســؤولي­ن عن القاهرة عدم تركها تغرق في فوضى يكون من الصعب تنفيذ مخطــط تطويرها. أقول هــذا بناء على شــكوى تلقيتها من المواطــن الدكتور محمد عبــد العظيم حســن، عن العتبة الخضراء يرجوني رفعهــا إلى محافظ القاهــرة، أو نشــرها في مقالــي. والشــكوى تتلخص في نقطتين: النقطة الأولى، بخصوص المرور في ميدان العتبة. فمنذ أشــهر كان الباعة الجائلون لا يجــرؤون على النزول إلى حرم الشــوارع الموجودة في ميدان العتبة، أما الآن فهم توغلوا واســتقطعو­ا نصف حرم الشوارع، بل يمكن القول ثلاثة أرباع الحــرم، ما يجعل المرور في هذه الشــوارع في منتهى الصعوبة. وقد قمت بالشكوى للسادة رجال الشرطة الموجودين في هذه الشــوارع فقالوا لي إنهم شــرطة مرور وليسوا شــرطة مرافق. فالرجاء من اللواء الفاضل محافظ القاهرة، أن يتفضل بزيارة ميدان العتبة لكي يرى بنفســه ســيرك المرور في هذا الميدان، ويتخذ ما يراه مناسبا لفض هذا السيرك.

خذلتنا يا منير

ما زال المطرب الشهير يواجه الهجوم بسبب ما تردد عن ترحيبه الســفر لفلســطين المحتلة، ومن بين الغاضبين منه أحمد أبــو المعاطي في "الأهرام": "لا أعرف على وجه اليقين، مــا إذا كان الفنان محمد منير، قد تراجــع بالفعل عما أعلنه من قبل، حــول جولة غنائية جديــدة، تتضمن إحياء أربع حفلات موســيقية في القدس وحيفا ورام الله، وتنتهي في غزة؟ أم أن الأمــر لا يعدو أكثر من خطــوة تكتيكية، نفذها الذين خططوا لتلك الرحلة المشؤومة، فطلبوا منه أن يلتزم الصمت قليلا، حتى تهدأ العاصفة، وينتهي طوفان الغضب الــذي انفجر على وقع تصريحاتــه الصادمة، حول جولته الغنائية الجديدة في إسرائيل؟ بدت الصدمة أقرب ما تكون إلى ضربة برق صاعقة، وقد توقع كثير من عشــاق منير، أن يخرج النجــم الكبير، ببيان يكذب فيه ما نشــرته الزميلة "المصرى اليوم"، أو حتى يخفف من وطأة الصدمة، لكنه بدلا من ذلك، أطل على فضائية "أون" ليقول في اتصال هاتفي مع لميس الحديدي، إن الموضوع لا يزال تحت الدراســة. يعرف الكينغ محمد منير أكثر من غيــره، ماذا يعنيه لأجيال عدة، وكاتب هذه الســطور مــن بينهم، تربت على مــا قدمه من أعمال، خالفت الذوق الموســيقي الســائد، وعانقت سحب الأحــام المحملة بقيم العــدل والحرية والإنســان­ية، حتى تحول إلى أيقونتهم الخاصة، فهل كان منير في كامل لياقته الذهنية، وهو يقول قبل أيام، أنه سعيد للغاية بتلك الرحلة، لأنه لن يدخل بسببها السعادة، على قلوب الآلاف من عشاق فنه في الأرض المحتلة فحسب، لكنها سوف تجعل منه أيضا مندوبا للسلام، على نهج الرئيس الراحل أنور السادات".

راجع نفسك

ويواصل أحمد أبو المعاطي في "الأهرام" تقريعه للمطرب الشهير: "تســاءلت في نفســي وأنا أدقق في ما قاله منير، ترى كيف كان سيســتقبل الخال عبد الرحمن الأبنودي، لو كان حيا بيننا اليوم، مثل تلك التصريحات المفزعة، وقد كان منير من أحب الناس إلى قلبه؟ قبل أيام تســاءلت صحيفة عربيــة كبيرة تصدر فــي لندن: من أي باب ســوف يدخل محمد منير فلســطين، وبأي ختم ســيعبر؟ فهل يعرف منير أن الإجابة ستكون، على جثامين ملايين من العشاق، الذين تابعوا بإعزاز ومحبة كبيرين، مسيرته الفنية المبدعة، التى تزيد اليوم على أربعة عقود، غرّد خلالها منفردا في ســماء الأغنيــة، ليجذب بأعمالــه الملهمة ملايين مــن المحبين، في مختلف ربوع الوطن العربي. قبل ســنوات قال محمد منير في حوار مع إحدى الصحف المصريــة، إن أزمة الأغنية في مصر، ترجع إلى عقول مطربيها، ولعله الآن وقد شارف على الســبعين، أصبح في أمس الحاجة، إلى مراجعة صادقة مع

نفسه، قبل أن يقدم على تلك الخطوة المشؤومة، فهي كفيلة وحدها بتدميــر كل ما بناه من تاريخ حافــل بالغناء الجاد والهادف، فهل يقدم الكينغ على الاعتذار الصريح والمباشر، عن تلك الدعوة المشــبوهة، فيرفع تلك الغمة التي اعتصرت أرواح عشــاقه ومحبيــه؟ أم يتحــول بعد كل هــذا العمر الجميل، إلى خيبتنا الأخيرة؟".

ارتفعت أســعار الأسمدة مؤخر ا بشــكل مغالى فيه أدى إلى كارثــة حقيقية على رؤوس الفلاحــن، وبمثابة ضربة موجعة لهــم تزيد مــن معاناتهم الشــديدة خاصة صغار المزارعــن الذين يمتلكون أو يزرعون في مســاحات قليلة. صحيح كما يقــول ودي زين الدين في "الوفــد" قد لا تؤثر هذه الزيادة على أصحاب المســاحات الواســعة والكبيرة مــن الأراضي الزراعيــة، لكنها مصيبــة حقيقية حلت على رؤوس صغار المزارعين. بدأ تطبيق بيع الأســمدة بالأسعار الجديدة التي باتت تشكل عبئاً كبيراً على المزارعين الصغار، وصحيح أن معظم هذه الأســمدة مستوردة من الخارج، إلا أن ذلك ليس مبررا لارتفاع أســعارها بهذا الشــكل المغالى فيه.. زيادة الأســمدة تجعــل الفلاح أمــام موقفين لا ثالث لهمــا، الأول أن يمتنع عن تســميد الأرض، وبالتالي يكون المحصول هزيلاً، ويتعرض الفلاح لخسائر فادحة ولا يعطي المحصول ثمــن التكلفة التي صرفها طوال فترة النمو وحتى الحصــاد.. والثاني، هجــران الفلاح لــأرض وتبويرها.. وفي كلتا الحالتين هناك خســائر، بل وكوارث لا تحل فقط على المزارع، بــل على الجميع. المفروض على وزارة الزراعة أن تنتهج سياســة زراعية جديدة تواكــب الواقع الجديد الذي تعيشــه البلاد، والسياســة الزراعية الحالية تحتاج إلى مواكبة التطورات الجديدة في البلاد، وهذه السياســة تجعل الدولة تلجأ إلى الاســتيرا­د من الخارج لاســتكمال الغذاء الذي تحتاجه سنوياً.. لو أن هناك تجديداً في الفكر الزراعي، لاختلفت الصورة الآن، المزارع الذي يمتلك مساحة قليلة من الأرض، أو يؤجرها للعمل فيها، لم يعد يحتمل أبداً الارتفاعــ­ات الباهظة في الصرف علــى المحصول منذ وضع البــذرة، وحتى إنتــاج المحصول. البــذرة غالية وتكاليف الري باهظة، والسماد يرتفع بشكل جنوني، وحتى السماد البلدي زاد سعره بشكل خطير، ما جعل الفلاح يصاب بحالة حزن شــديدة. والحقيقة أن سعر توريد المحاصيل الزراعية بلا استثناء زهيد، والرابح الوحيد في هذا الأمر هم التجار الجشعون الذين يشترون الإنتاج بسعر بخس، ويعرضونه على المواطنين بأثمان باهظة، ولا أحد في الحكومة حتى الآن يحاسب هؤلاء التجار الجشعين المحتكرين، الذين يمصون دماء الفلاح والمواطن على الســواء. ونجد ارتفاعاً جنونياً فى أســعار المنتجات الزراعية. هذه السياسة طاردة للفلاح من الأرض الزراعيــة، ولابد من ضرورة إعــادة الفكر مرة أخرى مع السياســة الزراعية الحالية، التي لم تعد تواكب الواقع المعاش حاليا، فما أصعب ما يعانيه الفلاح وأسرته، ويرحم الله المقولة الشــهيرة التي كان المصريون يتغنون بها «ما أحلاها عيشــة الفلاح». مصر بعــد ثورة 30 يونيو/ حزيران، تحتاج إلى تغيير في السياســة الزراعية، وبناء الدولــة الحديثة لا يتحقق إلا بتطوير السياســة الزراعية، وتوفير الراحة للفلاح الشــقيان بطبيعــة الحال، بدلا من زيادة الأسعار في كل ما يتعلق بشؤون الزراعة، ما يتسبب في تبوير الأراضي أو تصحرها.

فرصة للطرفين

بداية مبشرة لمجلس النواب من وجهة نظر مجدي حلمي في "الوفد": "عدد كبير من الأســئلة، وطلبات الاحاطة تقدم بها النواب.. لاقت بعضها استجابة من الحكومة، والبعض الآخر محل دراســة، وطلب الإحاطة والأسئلة من الأدوات البرلمانية الرقابية، إلى جانب الاستجواب وطلب المناقشة وهما أدوات النائب طــوال فترة عضويته في البرلمان، في ممارسة دوره الرقابي. والأهم في انطلاقة البرلمان المصري أن علاقــة جديدة مع الحكومة وذهاب أغلــب الوزراء إليه لإلقاء بيانات حول خطط عملهم، وما تلاها من مناقشــات ســاخنة، ونتمنى أن يذهب جميــع الوزراء إلــى النواب ليطلعوهم علــى ما يتــم التخطيط له. فمجلــس النواب وفق الدســتور له دوران مهمان الأول الرقابة على السلطة التنفيذيــ­ة، والثاني هو التشــريع أي ســن القوانين، وله دور ثالث يجب أن يتم تفعيلــه وهو تلقي مظالم المواطنين من خلال آلية إلكترونية ســهلة، يســتطيع كل مواطن أن يتقدم بمظلمتــه إلى النواب لطرحها علــى الوزراء. ولأننا في مصــر لا يوجد لدينا نظام أمين المظالم بالمفهوم القانوني «امبودســما­ن» ووفق المعايير الدوليــة؛ فمن حق البرلمان أن يقوم بهــذا الدور، خصوصا مع غيــاب المجالس المحلية منذ أكثر من 10 ســنوات، وســيكون البرلمان الحالي أول برلمــان يفعل هذه الوظيفــة، خاصة أن وســائل التواصل الآن أصبحت أســهل مما كانت عليه قبل سنوات، والبرلمان الحالــي انطلق انطلاقة مثالية وقويــة، وخاض في قضايا صعبة، ويطرح قوانين هربت منها جميع البرلمانات السابقة، ومنها على سبيل المثال قانون العلاقة الإيجارية في المساكن القديمة، وإقرار قانون المرور الجديد، الذي نتمنى أن يطبق بحزم وقوة فور التصديق عليه من قبل رئيس الجمهورية. وهذه الانطلاقة تعطــي الناس انطباعا بأن النواب جادون فــي أداء دورهم، وعليهم الحفاظ على هــذه الجدية، حتى يعرف الناخبون أن أصواتهم لم تذهب سدى".

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom