Al-Quds Al-Arabi

ليبيا: محاولة فاشلة لاغتيال العملية السياسية؟

-

■ تعــرّض موكب وزير الداخلية الليبي فتحي باشــاغا لمحاولــة اغتيال بعــد أن قامــت مجموعة مســلّحة بهجوم فاشل على موكبه عبر إطلاق نار كثيف أدى، حسب أنباء، لمقتــل أحد مرافقيــه الأمنيين، الذيــن تمكنوا مــن الرد على إطلاق النار وقتل وجرح بعض المهاجمين واعتقال الباقين، وقــد حصل الهجــوم بعــد انتخاب ســلطة تنفيذيــة ليبية جديدة وبــدء رموزها بمباحثات داخليــة وخارجية لتنفيذ خارطة الطريق الأممية والوعود التي قاموا بإعلانها.

يعتبــر باشــاغا، المنحــدر مــن مدينــة مصراتــة، أحــد الأشخاص المتصدرين للمشــهدين السياسي والأمني في العاصمــة والمنطقة الغربية، فهو يتمتع، منــذ تعيينه وزيرا للداخليــة فــي حكومة الوفــاق، بنفوذ ضمن التشــكيلا­ت الأمنيــة في العاصمــة، وكانــت التوقعات تشــير إلى فوز القائمــة التــي تضمّــه، إضافة إلــى عقيلة صالــح، المنحدر من قبيلــة العبيدات النافــذة في المنطقة الشــرقية، والذي يتولى رئاسة مجلس النواب في طبرق، وأسامة الجويلي، المنحدر من الزنتان وترأس مجلسها العسكري منذ الثورة.

غيــر أن هــذه القائمــة «التوافقيــ­ة» القائمــة تراجعــت أمام القائمة التي يرأســها محمد يونــس المنفي )من قبيلة المنفة، في المنطقة الشــرقية، التــي ينحدر منها عمر المختار، قائد المقاومــة الليبية ضد الاحتلال الإيطالــي( والذي فاز بمنصب رئيس المجلس الرئاسي، وعبد الحميد دبيّبة، الذي فاز برئاسة الحكومة، وهو رجل أعمال من مدينة مصراتة، إضافة إلى نائبي المنفي، عبد الله اللافي وموسى الكوني.

انتخــب المشــاركو­ن الليبيــون فــي «ملتقــى الحــوار السياســي الليبــي» الــذي عقــد بإشــراف الأمم المتحــدة

وبتعاون دولي، رئيســا من المنطقة الشــرقية، ونائبين من الجنوب والغــرب )أحدهما، الكوني، مــن قبائل الطوارق( وهي شــخصيات لــم يُعرف عنهــا انخراطها المباشــر في الصراع العســكريّ الليبي بــن حكومة «الوفــاق» وقوات الجنــرال خليفة حفتــر، وهو ما يمكن أن يســاعدها في مد الجســور السياســية بين الأطراف المتنازعة، وإعادة لحمة البلاد الجغرافية والقبلية والإثنية.

لقــي انتخاب قيــادة المرحلة الانتقاليـ­ـة الجديدة ترحيبا دوليا وإقليميــا وداخليا، وفرض التوافــق الداخلي الليبي توافقا إقليميا ودوليا مشــابها، ولــم تكتف بعض الجهات الدولية الكبرى بالترحيب فحسب، بل إن بعضها هدّد، كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية بـ«محاســبة من يهددون الاســتقرا­ر أو يقوضون العملية السياسية» وتعهد الرئيس التركــي رجب طيــب اردوغــان بـ«مواصلة الدعــم للحفاظ علــى وحدة ليبيا والمســاهم­ة في إحلال الاســتقرا­ر والأمن والرفاه لشــعبها» كما تلقت الســلطة الجديــدة ترحيبا من جامعة الــدول العربية وقطــر وتونس والجزائــر والمغرب والسعودية ومصر والكويت والبحرين والإمارات والأردن.

العمليــة، بغض النظر عن تفاصيلهــا، هي محاولة أولى لخلــق آليّــة عنــف، يمكــن إذا تفاعلــت وتكــرر أمثالها، أن تؤدي فعلا إلى هز العملية السياســية الجارية، عبر تهديد الاســتقرا­ر، وكانت العملية، لو نجحت فــي اغتيال الوزير، الــذي كان يــزور «مقر قــوة إنفــاذ القانون» (والمؤسســة الوطنيــة للنفط( ســتضرب فعــا معاني القــوة والقانون الكامنين في نشــوء سلطة سياسية جديدة، ويكون ضرب الاستقرار مقدمة لضرب مجمل العملية السياسية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom