Al-Quds Al-Arabi

الأمم المتحدة: رئيس «بلاك ووتر» المؤيد لترامب كسر قرار حظر الأسلحة لليبيا ودعم حفتر

- ٭ كاتب صحافي جزائري

■ نيويورك ـ رويترز: أظهرت مقتطفات مــن تقرير للأمم المتحــدة أن إريك برنس، الرئيس التنفيذي لشــركة "بــاك ووتر" الأمنية الخاصة ومؤيــد الرئيس الأمريكي الســابق دونالــد ترامــب، ســاعد "على أقل تقدير" فــي التهرب من حظر أســلحة مفروض على ليبيا.

واتهــم مراقبو عقوبــات الأمم المتحدة المستقلون برنس باقتراح عملية عسكرية خاصــة تعرف باســم المشــروع أوبوس، على قائد قوات شرق ليبيا خليفة حفتر في نيسان/أبريل 2019 والمســاعد­ة في شراء ثلاث طائرات من أجلها.

ونفى متحدث باســم برنس الاتهامات الواردة في تقرير الأمم المتحدة الســنوي والذي قُدم يوم الخميس إلى لجنة عقوبات ليبيا فــي مجلس الأمــن، ومــن المقرر أن يُكشف النقاب عنه الشهر المقبل.

وقال المتحدث في بيــان "لم تكن لإريك برنس علاقة على الإطــاق بأي عملية في ليبيا عام 2019 أو في أي وقت آخر".

وكتب مراقبــو الأمم المتحدة في التقرير أنهم "توصلوا إلى أن إريــك برنس اقترح العملية على خليفة حفتر في القاهرة بمصر في 14 أبريل)نيســان( 2019 أو نحو ذلك". وكان حفتر في القاهرة في ذلك الوقت للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

■ إنسانيا، لا يملك المرء إلا أن يبتهج بالعفو الرئاســي المتضمن الإفراج عن بعض ســجناء الــرأي في الجزائــر. ولا يملــك أيّ عاقل إلا أن يهنئهم وعائلاتهم وأصدقاءهم وكل من تألم لسجنهم الظالم. سياسياٍ، يختلف الأمر ويصبح التريث مطلوبا. هي قــرارات صائبة وإنْ تأخرت كثيرا، لكــن المتأخر أفضل من الذي لا يأتي أبدًا! أصلا، ما كان يجب أن يوضع هؤلاء الشبان، وبينهم فتيات، في السجون فيُصاب أحدهم بالسرطان وآخر بانهيار نفسي وثالث بأمراض أخرى قد تلاحقه بقية عمره.

سجن ذلك العدد الهائل من الشبان لم يخدم أحدا أو جهة، ولن يفعل. لم يُفد الجزائر في شيء، ولم يحقق لنظام الحكم أيّ مكسب سياسي أو غيره. ولا يبدو أن صاحب قرار اعتقالهم وترْكهم في السجون طويلا، بعضهم من دون محاكمات، جنى شــيئا من وراء قراره. العكس هــو الصحيح: الكل خاسر. لم تجنِ البلاد من وراء هذا التعنت غير مزيد من الاحتقان والتوتر وفقدان الثقة.

من الواضح أن الاعتقالات، وإنْ طالت أشخاصا بعينهم، إلا أن رسالتها كانت أبعد وهدفها أوسع.. نشــر الذعر وتكميم الأفواه حتى تمر الأجندة السياسية من دون انتقادات وإزعاج.

لكن قرارات الإفراج تنصف المســجوني­ن وتعيد لهــم حريتهم.. تطمئن عائلاتهم وذويهم، وتنشــر شــيئا مــن الطمأنينة الفورية في أوســاط «الحراكيين» والناشطين السياسيين. غير أنها، في المقابل وعلى مدى أبعد، لن تنجز دولة القانــون والحق، ولا يبدو أنها تحمل أيّ ضمانة على تغييرٍ ما في الذهنية السياسية والأمنية التي تُدار بها البلاد.

لماذا؟ لأن هؤلاء جميعا سجنتهم وأدانتهم ما يسميها الجزائريون عدالة التلفون. يمكن اختزال هذا المصطلح في قرار سياسي أمني يُتخذ في مكان ما ثم يُطلــب من القضاة منحه لباس العدالة. هؤلاء الناس اعتُقلوا برغبة سياســية أمنية. وحُكم على مَن حُكم منهم برغبة سياســية أمنية، واُفرج عنهم برغبة سياســية أمنية مماثلة. وراء القرار السياســي الأمني لحظة مزاجية وسياسية وأجندة آنية يعتقد أصحابها أنها الضرورة والصواب.

البُعــد السياســي والأمني طَغَيا فــي اعتقالهم وفــي محاكماتهم وفي الإفراج عنهم. هذه العقيدة مدفوعة، كما هو الحال دائما، بخوف من الآخر وبغياب الثقة في النفس وفي المجتمع من لدن نظام الحكم.

في كل هذا كان القضاء، مع كل أســف، الغائب الأكبر إلا من حيث كونه مجرد أداة تنفيذية لِما يتقرر بعيدا عن مكاتب القضاة وقاعات المحاكم.

لهذا، هــي فرحة ناقصة. يجــوز القول إنها فرحة إنســانية لكنها غير سياسية. فردية أكثر منها عامة لولا القليل من الابتهاج العام العابر.

مرة أخرى، جميل جدا ومفرح جدا أن يعفــو الرئيس عبد المجيد تبون على نشــطاء الحراك. فالعفو الأخير كان من أهم القــرارات التي اتخذها الرئيس تبون بعد عام فــي الحكم. لكن الأهم أن يعمل الرئيس على توفير ضمانات، وتكريســها لكي لا يتكرر هذا النوع من الاعتقالات في المستقبل فيضطر إلى إصدار عفو آخر. ولكي لا يُســجن جزائري بسبب تعبيره عن رأيه السياســي أو انطباعه في منظومة الحكم بطريقة سلمية وقانونية. علما أن منظومة الحكم منبوذة حتى من الذين خدموا، أو يخدمون فيها، إذ ما أن تنفرد بأحدهم حتى تسمع منه من النقد والاستياء والغضب أضعاف ما تسمع من كبار المعارضين المعروفين.

المنتظر الآن والمطلوب تطبيق القانون على بقية سجناء الرأي، وأغلبهم اعتُقلوا أثناء تظاهرات في الشارع أو بعد منشورات سياسية على منصات التواصل الاجتماعي. اعتُقلوا جميعا وســط أجواء موبوءة بالانقســا­م والاستقطاب السياســي في بلد ليس فيه أصلا ما يدعو للانقسام بل على كل أسباب الوحدة والتآزر.

من الأفضل، ولمصلحــة الجميع، البدء بتطبيــق القانون فورا وإطلاق سراح من لا يزالون في السجون، ليس باتصال هاتفي، بل بأحكام قضائية حرة لا سلطان فيها إلا ضمائر القضاة ونزاهتهم.

يحتاج هذا التفاؤل إلى صورة أكبر ســتكون أجمل وذات مغزى عندما ينضوي كل شيء تحت مسعى أشمل يتعلق بالحريات والحقوق.

أمــا إذا كان الهدف مــن وراء العفو الأخير امتصاص شــحنة الغضب والخوف من الدعوات للاحتجاج عشية الذكرى الثانية للحراك، فستكون مجرد أفعال معزولة ومســكنات ينتهي مفعولها بسرعة ليعود الجميع إلى المربع الأول. في هذه الحالة، ســتبقى تلك القــرارات احتفالية وعابرة ما لم تُتبع بما يمنع تكــرار الأخطاء والمظالم التي قادت إليها وتطلبت صدور العفو. منع وقوع الخطأ أفضل دائما من إصلاحه بعد وقوعه.

من المهم أن يقتنع من في أيديهم زمــام الأمور في الجزائر ألَّا نظام حكم في العالم يســتطيع الاســتمرا­ر في ظلمه وطغيانه إلى الأبد. وللناس في أنظمة حسني مبارك وزين العابدين بن علي وبوتفليقة وغيرهم عبرة.

وعلى ذكر نظــام المخلوع بوتفليقة، فرغم كل فجوره وفســاده، امتلك ذكاء عدم اعتقال منتقديه ومعارضيه السياســيي­ن. وقد كان لذلك النظام الكثير من الخصــوم والأعداء الذين ينتقدونه ليــا ونهارا. كما لم يقصّر في منح خصومه أســباب انتقاده وذخيرة مهاجمته. غير أنه سجَّل نقطة لصالحه بأن لم يعتقل أحدًا.

يستطيع الذين جاؤوا من بعده أن يحافظوا على ذلك الإرث و«الذكاء». يستطيعون اســتدراك بعضا مما فات. مرة أخرى، المتأخر أفضل من الذي لا يصل أبدا.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom