Al-Quds Al-Arabi

قيادة فتح تلوّح بعصا «الأنظمة الداخلية» في وجه من يشق الصف واتصالات مع فريق البرغوثي وترتيبات لزيارته مجددا في السجن

- غزة ـ «القدس العربي» من أشرف الهور :

في الوقت الذي تســتمر فيه الاتصالات داخل المســتوى القيادي الأول لحركة فتح، لتشــكيل قائمــة انتخابيــة قوية، بما في ذلــك الاتصالات مع الأســير مروان البرغوثي، أحــد قادة الحركة وعضو لجنتهــا المركزية، تلوح قيــادة التنظيم بعصا "الأنظمة الداخلية" ضد كل من يريد شــق الحركة، لإبعاد شــبح الخســارة، علــى غرار ما واجهته في الانتخابات البرلمانية السابقة.

وتماشــيا مع جهود الحركة لتوحيد صفوفها، قطع اللقــاء الذي عقده الرئيــس محمود عباس مع الدكتور ناصر القدوة، عضو اللجنة المركزية، الطريق أمام كل التكهنات التي كانت تشــير إلى أن القدوة يتجه لخوض الانتخابــ­ات البرلمانية بقائمة متفردة.

وعقد اللقاء مساء السبت الماضي، بعدما أحجم القدوة عن حضور اجتماع اللجنة المركزية الأخير الذي عقد الأسبوع الماضي، وحضر اللقاء عدد من أعضاء اللجنة المركزية.

ورغم أن تقارير تحدثت عن اســتمرار الخلاف بين القــدوة والموقف التنظيمي، إلا أن مســؤولا فــي الحركة أكد لـــ "القدس العربــي"، أنه لو لم يكن موضــوع الخلاف في وجهــات النظر حول الانتخابــ­ات قد حــل نهائيا بتدخــل أعضاء من اللجنة المركزية، لما عقد الاجتماع. ويشــير إلى أن الاجتماع أكــد على دعم القــدوة لقائمة الحركة، والدخول على خط المشاركة في اختيار أعضائها بصفتــه التنظيمية. وأشــار الى ذلك مســؤول الإعلام فــي مفوضية التنظيم لحركــة فتح منير الجاغوب، حــن قال إنه تم خلالــه الاتفاق على وحدة الحركة والالتزام بقراراتها.

وعلمــت "القدس العربــي" أيضــا، أن الأيام الماضية شــهدت عقــد لقاءات من قبــل فريق من اللجنة المركزية، مع العديد من الكوادر التنظيمية، من بينهــا مقربون من البرغوثــي، جرى خلالها البحث المعم في ملف الانتخابات، والاستعداد­ات التــي تجريها قيــادة الحركة للدخــول بقوة في المنافسة الانتخابية.

وأطلعــت القيــادات المكلفة بهــذه المهمة من التقتهم، سواء قيادات ميدانية في قطاع غزة، أو تلك التي جرى الاجتمــاع بها في الضفة الغربية، ومن بينهم قيــادات مقربة مــن البرغوثي، على الخطط التي ســتنتهجها حركة فتــح في اختيار مرشحيها، الذين سيشــاركون في قائمة الحركة في الانتخابات التشريعية المقبلة، وهو أمر جرى نقاشــه أيضا بشــكل مســتفيض مع البرغوثي نفسه، حين التقاه عضو اللجنة المركزية للحركة حسين الشيخ في معتقله.

ويتركز نقــاش قادة فتح مع القيادات الميدانية وأعضاء مؤثرين في المجلــس الثوري، وغيرهم من القيادات الفاعلة في المنظمات الشعبية، على البحث في كل التفاصيل التي تضمن ذهاب حركة

فتح في قائمــة انتخابية موحدة، تجمع عليها كل الأطر والهيــاكل، بهدف تحقيق أعلى نســبة من أصوات الناخبين، وضمان عدم تشتيت "الصوت الفتحاوي".

وحســب قيادات فتحاوية، فإن الشيخ توصل إلى العديد من نقاط الالتقاء مع البرغوثي، حول كيفية مشــاركة فتح فــي الانتخابــ­ات واختيار القائمة والمرشــحي­ن، حيث لم يكــن هناك خلاف جوهــري فــي التفاصيــل، بخلاف مــا يروجه البعض، وهو ما أكده البرغوثي في رسالته للجنة المركزيــة والرئيــس عباس، بضــرورة الذهاب بقائمــة موحدة تمثــل الحركة فــي الانتخابات البرلمانيـ­ـة المقبلة. وعلمت "القــدس العربي" أن قيادة الحركــة ممثلة في اللجنــة المركزية تدعم ترشــح مروان كما في المرة الســابقة على رأس القائمــة الفتحاوية المشــاركة فــي الانتخابات التشــريعي­ة، لمــا له مــن حضور بــن الجماهير الفلســطين­ية التي عرفته جيدا قبل اعتقاله ومع بداية اندلاع "انتفاضة الأقصى" عام 2000، والذي كان أحد قادتها الميدانيين.

وفي إطــار تلك الحوارات القائمــة، يقوم وفد قيادي مشكل من ثلاثة أعضاء من اللجنة المركزية قدموا من الضفة إلى غزة، بمهمة عمل، بدأت بعقد لقاء موســع لكل الــكادر التنظيمي فــي القطاع، اســتمعوا فيه لمداخلات حول الشــكل الأســلم لخــوض الانتخابات، ووضعــوا الحاضرين في صورة آخــر التحضيرات المركزيــة التي تجريها الحركــة لخــوض الانتخابات، بما فيهــا معايير انتقاء المرشحين.

وعلمت "القدس العربي" أن قيادة فتح تستعد حاليا لاختبار من يمثلون الحركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، كما تستعد لإقرار القاعدة التي سيتم على أساسها اختيار المرشحين.

وعقــب الاجتماع المهم للجنــة المركزية لحركة فتح برئاسة الرئيس محمود عباس، قبل أكثر من أسبوعين، بعث جبريل الرجوب أمين سر اللجنة، الذي كلــف بمهمة إجراء حوارات مع قيادة حركة فتح في الســجون، وبالأخص مع عضوي اللجنة المركزيــة للحركة الأســيرين مــروان البرغوثي وكريم يونس، برســائل طمأنــة لقاعدة الحركة، وللطامحــن في التنافس، وكذلــك لمن اعترضوا على شــكل القوائم الانتخابية السابقة، أكد فيها أن اختيار المرشحين ســيكون وفق مجموعة من الأبعاد التي تم التوافق عليها في اجتماع اللجنة المركزية، وهي الجغرافي، والتاريخي، والديني، و"الجندر"، والبعــد الأكاديمــ­ي، والاقتصادي، والنقابــي، والاجتماعي. وأعلــن أيضا أن حركة فتح ســتصطف وراء قائمة مرشحي الحركة بعد أن تقرها اللجنة المركزية. وشدد على أن الهامش الأوسع سيكون للوطنيين والمؤهلين ومن تنطبق عليهم المعايير، ولن يكون فيها مجال لـ"الوجوه الكالحة" التي تسعى لإعادة إنتاج نفسها وفشلت في العديد من المواقع القيادية.

وتماشــيا مع هذه التوجهات، وتحت شــعار "التعلــم مــن دروس الماضي"، تحــدث محمود العالول، نائــب رئيس حركة فتــح، عن المعايير التي ستشــرع حركــة فتح في وضعهــا من أجل انتقــاء مرشــحيها، موضحا أن معاييــر انتقاء المرشحين سيكون أساسها "أخلاقيا".

وقال "علينــا أن نختار أفضل الناس وأكثرهم تواضعاً وجذبــاً للجمهور، وعلى هذا الأســاس ســنبني قائمتنا"، لافتــا إلى أن قيــادة الحركة ســتكون منحازة لبعــض الفئات، ومــن أبرزها الشباب والمرأة.

لكن رغم ما يتردد بقوة من مقربين من مروان، بأنه من المحتمل أن يشــارك في الانتخابات، في حال اختلف على شكل القائمة الفتحاوية، بقائمة أخــرى، إلا أن هناك مســؤولين فــي حركة فتح يشككون في الأمر، لما لذلك من آثار سلبية ستترك على شــكل التنظيــم، وســتنعكس على حضور الحركة وممثليها في البرلمان المقبل، وكذلك بسبب "الأنظمة واللوائح الداخلية"، التي تمنع أي عضو من الحركة من المشــاركة في هكذا أمر، التي تصل لحد الفصل النهائي من الحركة.

وقد فجر مســؤول في حركة فتح، من المقربين من مروان البرغوثــي، مفاجأة من العيار الثقيل، حين أعلن رسميا أن الأخير ينوي الترشح لمنصب الرئيس، وأن هناك احتمالا بأن يشكل أيضا قائمة انتخابية بخلاف تلك التي تعمــل قيادة الحركة على تشــكيلها حاليــا. وقال حاتم عبــد القادر، وهو عضو فــي المجلس الثــوري لحركة فتح في "حال عدم وجود أســماء ذات كفاءة ونزاهة في القائمة الرســمية فمن حق القيــادات الفتحاوية الأخرى تشكيل قائمة أخرى"، مطالبا بأن يشترك البرغوثــي وفريقه فــي اختيار قائمة مرشــحي حركة فتح "من أجل الحفاظ عليها".

ومنذ اللحظة الأولى لبدء الحديث الفعلي عن إجراء الانتخابات، خاصة بعد صدور المرســوم الرئاســي الذي حدد يــوم 22 مايو/ أيــار المقبل للاقتراع لاختيــار أعضاء المجلس التشــريعي، أبلغت قيــادة الحركة خلال اجتماعات شــملت كل الأطــر التنظيميــ­ة والحركيــة فــي الأقاليم والمؤسســا­ت، أنه سيتم التعامل وفق الإجراءات التنظمية مع كل من يترشــح علــى قوائم أخرى ســواء مســتقلة أو مهنية، حال لم يتم ترشــحه على قائمــة الحركــة المركزية، باعتبــار أن ذلك يخالف قرارات وأنظمة الحركة الداخلية. ودعت جميع أطرها للمشــاركة في حملات التحشــيد، وتحديث الســجل الانتخابي، استعدادا للمعركة الانتخابية.

وفــي قطاع غــزة، حيــث تتمتع حركــة فتح بقاعدة جماهيرية عريضة، لا تلاقي فكرة ترشح أعضاء بارزين في الحركة، وعلى رأســهم الأسير البرغوثي قبولا بين القواعــد والأطر التنظيمية التي ترفض مثــل هكذا أفكار، كونها تأتي بمردود ســلبي علــى تمثيل الحركــة، خاصــة وأن أطر الحركة في غزة تأمــل بتحقيق نجاح في المجلس التشــريعي لتغيير أوضاع القطــاع، بما يضمن تمكن الحركة من المشــاركة من جديــد في إدارة القطاع.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom